التعليم هو كلمة السر لمن يريد أن يضع مصر الثورة علي طريق النهضة الحقيقية.. فخلال الثلاثين عاما الماضية تراجع مستوي التعليم تراجعا يبدو أنه كان متعمدا!!.. والدليل علي ذلك بالأرقام.. فمنذ أربع سنوات تم انشاء الهيئة القومية لجودة التعليم التي وضعت شروطا للجودة تحقق الحد الأدني لتشجيع المدارس الحكومية والخاصة علي الارتقاء بنفسها والتقدم للحصول علي شهادة بجودة العملية التعليمية.. وجاءت النتائج مفزعة فوفقا لآخر احصاء يبلغ عدد المدارس الحكومية "ابتدائي واعدادي وثانوي" 25132 مدرسة.. والخاصة 3371 مدرسة بمجموع 28503 مدرسة.. من بين هذا العدد الهائل بلغ عدد المدارس التي رأت أنها مؤهلة للجودة وتقدمت للحصول علي الشهادة 2590 مدرسة فقط تمثل أقل من 10% من عدد المدارس.. لكن المفاجأة أن من تحصل بالفعل علي الشهادة بلغ 1500 مدرسة فقط نسبتها الي عدد المدارس المتقدمة يساوي 60% لكن الأهم أن نسبتها الي العدد الاجمالي للمدارس لا يتعدي 5%.. والمحصلة النهائية ان 5% فقط من المدارس يتوفر بها الحد الأدني للجودة!! من هذه الأرقام المفزعة وتحليلاتها ودلالاتها يجب وضع التعليم في مكانه الصحيح وبذل جهود جادة ليكون لدينا تعليما حقيقيا والا سنظل نحرث في المياه!! يقول د. مجدي قاسم رئيس الهيئة القومية لضمان جودة التعليم بأن هناك مجهودا جبارا يبذل من قبل وزارة التربية والتعليم والمدارس التابعة لها ومن قبل الهيئة القومية لضمان الجودة في سبيل الارتقاء بمستوي التعليم ليصل الي الحد الأدني من الجودة. وان توفير هذه الثقافة والسلوك لكل من يشارك في العملية التعليمية يحتاج الي وقت لتصحيح الأوضاع داخل المؤسسات التعليمية وتوفير المعايير التي وضعتها للارتقاء بمستوي الطلاب المهاري والتعليمي. يضيف أن خطط الدولة لضمان جودة التعليم بدأت منذ 4 سنوات بإقامة هذه الهيئة ووضع معايير بواسطة الخبراء تشمل الامكانيات البشرية والمادية وأمن وسلامة المباني وانخفاض كثافة الفصول والتناسب بين الفصول والمعامل واعداد الطلاب بما يضمن الكفاءة التعليمية باعتبارها الهدف النهائي والأهم مع ضرورة مواءمة كل ذلك مع المناهج التعليمية وسلامة المناخ التربوي من حيث علاقة المدرس بالطالب ودعم المدرسين للطلاب المتفوقين ولمن لديه صعوبات في التعلم. يضيف بأن وزارة التربية ولتعليم تتولي تقديم طلبات المدارس التابعة لها التي تتوفر بها المعايير الكافية للحصول علي شهادة الجودة.. أما المدارس الخاصة فهي تتولي مسئولية تقديم الطلب للهيئة.. وهذه الطلبات تشمل ملء النماذج التي أعدتها الهيئة وبياناته تحدد امكانيات المدارس البشرية والمادية وأساليب التقويم والتعليم ونتائج امتحانات الطلاب خلال 3 أعوام سابقة علي تاريخ التقدم.. بعدها يتم تشكيل لجنة من خبراء الهيئة لدراسة هذه النماذج والقيام بزيارة ميدانية للمدرسة وللتحقق وتحديد نقاط القوة والضعف في المعايير والشروط وبناء عليه يتم منح المدرسة شهادة الضمان واعتماد الجودة بها أو منحها فرصة أخري لا ستيفاء الحد الأدني لهذه المعايير. يضيف ان الهيئة تلقت طلبات الجودة من 2590 مدرسة علي مستوي الجمهورية خلال الثلاث سنوات السابقة حصلت عليها 1500 مدرسة أي ما يعادل 60% تقريبا من المتقدمين وهي نسبة معقولة في بداية سياسة الجودة حتي يتم القضاء نهائيا علي معوقات الحصول علي تلك الشهادة في جميع المدارس من زيادة أعداد الطلاب وقلة المدارس وقلة عدد المدرسين وارتفاع نسبة الغياب خاصة في المدارس الثانوية عشرات الآلاف يؤكد د. محمود كامل لناقة الأستاذ بجامعة عين شمس ورئيس الجمعية المصرية للمناهج والتدريس ان الحالة العامة لمصر وظروفها وقدرات وزارة التربية والتعليم لا توفر شروط الجودة حيث ان عشرات الآلاف من المدارس المصرية قديمة وضيقة المساحة لا تستوعب الأعداد المتزايدة من الطلاب والتلاميذ فحتي المساحات المخصصة للأنشطة تمت سرقتها وتحويلها الي فصول!! يضيف أن هذه الأسباب وقفت حائلا أمام تقدم معظم المدارس للحصول علي الجودة.. ومن تقدم هناك من حصل علي شهادة الاعتماد.. وهناك العديد الذين لم يوفقوا.. ولكن ذلك لا يعني الشعور باليأس وعدم السعي والمحاولة لتحسين الأوضاع والوصول لطالب متعلم تعليما جيدا. وذلك بتعاون جميع الأطراف من الوزارة والمدرسة ومجلس الأمناء وتبرعات رجال الأعمال لزيادة مساحات المدارس وعدد الفصول وإقامة المعامل والاهتمام بالأنشطة المختلفة والأهم زيادة عدد المدرسين. يؤكد ان المعايير التي وضعتها الهيئة في بداية تطبيق خطط الجودة والاعتماد كانت قاسية وتم تخفيضها بما يتناسب مع طبيعة المجتمع المصري دون التفريط في جودة التعليم.. فشهادة الجودة لا تهتم فقط بالمباني والأنشطة والمعامل لكن القياس الفهم والاستيعاب.. والامتحانات التي يضعها الخبراء في الإملاء والقراءة والرياضيات توضح جودة التعليم من عدمه.. وبناء عليها يتم منح شهادة الجودة أو اعطاء فرصة أخري لتوفيق الأوضاع وتحسين المستوي. يقول إن حصولي حوال 6% من المدارس المتقدمة علي شهادة الجودة تعتبر نسبة طبيعية جدا وحتي لو كانت 40% فقط لأن الحصول أو محاولة الحصول علي الشهادة يمثل في حد ذاته مجهودات جبارة تبذل من قبل المدارس والهيئة القومية للجودة التي تقوم بدور توجيهي وارشادي وتثقيفي وتدريبي وحل المشاكل التي تعوق توفير الجودة التعليمية.. عن طريق خبراء ذوي قدرة تأهيلية متميزة. تقول فكرية شعبان مدير ادارة مصر القديمة التعليمية سابقا: ان معايير الحصول علي شهادة الجودة التعليمية تتضمن القدرة المؤسسية والعملية التعليمية ولكل منهم عشرة بنود لكل بند درجات معينة ولابد من الحصول عي 65% من هذه الدرجات والتي تعني توافر الجودة. تضيف ان القدرة المؤسسية تعني ادارة المؤسسة التعليمية وقدرتها المالية والمشاركة المجتمعية وكيفية الاستفادة من الامكانيات المتاحة.. أما العملية التعليمية فتقوم علي المدرس والطالب والعلاقة بينهما ومستوي كل منهما والنتيجة النهائية لمستوي الطالب التعليمي والثقافي وارتفاع قدراته التكنولوجية والرياضية والفنية وغيرها. تؤكد أن الجودة التعليمية تتطلب أيضا قيام المدرسة بدور ايجابي في المجتمع المحيط بها ومشاركة أولياء الأمور والشخصيات العامة ورجال الأعمال في رعاية المدرسة والطلاب وحل المشاكل داخل المدرسة وخارجها. تري ان المدارس خاصة في القري والمراكز تحتاج لوقت وامكانيات للوصول لجودة تعليمية.. كما ان قلة عدد المدرسين ذوي الخبرة والقدرة علي التعامل الصحيح مع التلاميذ تقف حجر عثرة أمام تطوير التعليم وجودته. نظام الفترتين يوضح سعيد محمد عبدالقادر مدير مدرسة السيدة خديجة الابتدائي بالعجوزة ان مدرسته لم تتقدم حتي الآن للحصول علي الجودة رغم تميزها في الإدارة وهيئة التدريس والمباني والتلاميذ وذلك بسبب نظام الفترتين الدراسيتين بالمدرسة لأن من شروط الجودة ألا تزيد كثافة الفصل عن 45 تلميذا وان تكون فترة واحدة. ولكن الفصل في مدرسة السيدة خديجة 60 تلميذا.. وهذا الشرط يحول دون حصول معظم المدارس في جميع المحافظات علي تلك الشهادة. تؤكد نجاة أبوشتية مدير عام إدارة الوايلي التعليمية ان كل الإدارات تضع خططا حاليا لإدارج جميع مدارسها في جدول معين وقائمة انتظار للحصول علي شهادة جودة التعليم.. وذلك بتجهيز المدارس المواصفات والمعايير التي وضعتها هيئة الجودة خاصة بعد ان قامت الوزارة بصرف "سلفة اللامركزية" من ميزانيتها لجميع الإدارات التعليمية للانفاق منها علي ما تتطلبه الجودة. تضيف ان هناك بنودا لصرف هذه المبالغ بالمدارس منها 50 جنيها لكل فصل للصيانة وطالب الحوائط وإصلاح وصيانة المرافق ودورات المياه.. والتي تمثل جزءا من مقومات الجودة بالاضافة الي الاهتمام بالأنشطة المختلفة كالرياضة والرسم الموسيقي وغيرها.. أما سلامة مباني المدارس فهي مسئولية هيئة الأبنية التعليمية التي تقوم بدورها أيضا في هذا المجال حسب امكانياتها. تؤكد ان أهم عنصر للجودة هو الناحية التعليمية من حيث انضباط اليوم الدراسي والالتزام برعاية جميع التلاميذ تعليميا ونفسيا ورعاية الضعفاء دراسيا.. موضحة ان معظم المدارس التابعة لإدارة الوايلي من المدارس القديمة ورغم قلة الكثافة بالفصول وعدم وجود نقص في المدرسين لكن لديها عجز في مدرسي الأنشطة والأماكن المخصصة لها وقد حصلت 8 مدارس حكومية منها علي شهادة الجودة و10 مدارس خاصة من مجموع مدارس الإدارة وعددها الكلي 105 مدارس. يوضح سيد قابيل مسئول الجودة بإدارة الوايلي انه تم ادراج 80% من المدارس علي مستوي الجمهورية في جداول لإعدادها وتوفير معايير الجودة بها بقدر الامكانيات المتاحة. يري ان حوالي 20% من جملة المدارس غير مؤهل للحصرل علي الجودة نتيجة لقدم مبانيها وضعف امكانياتها.. ومنها المباني المؤجرة من الغير والتي يصعب تطويرها أو عليها أحكام لاستردادها.. وان إدارة الوايلي التعليمية هي الإدارة الأولي علي مستوي باقي الإدارات في الحصول علي شهادات الجودة بعدد 18 مدرسة حكومية وخاصة. "المساء" زارت إحدي المدارس الحاصلة علي شهادة الجودة وهي مدرسة المستقبل التجريبية بالقاهرة للتعليم الأساسي والإعدادي.. تقول ميرفت غلوش مديرة المدرسة: تقدمنا للهيئة للحصول علي شهادة الجودة عام 2008 بعد ان جاء دورنا في خطة ادارة الوايلي وسددت الوزارة رسوم الحصول علي الشهادة وقدرها 25 ألف جنيه.. وقامت الهيئة بتشكيل لجنة من الخبراء للتأكد من توافر المعايير والشروط.. واستمرت زيارات اللجنة أربعة أيام وأجرت تحقيقاتها مع المدرسين والعاملين والطلاب والمجتمع المحيط بالمدرسة وأولياء الأمور ومجلس الأمناء.. وعاينت كل شبر في المدرسة من مباني ومرافق وملاعب وحجرات للأنشطة وأجهزة الحاسبات.. كما اجرت اختبارات دقيقة للتلاميذ والطلاب وتأكدت من المستوي التعليمي والتربوي والنفسي لهم.. تؤكد ان مجهودات جميع العاملين بالمدرسة توجت بعد عام واحد من التقدم للهيئة بالحصول علي شهادة اعتماد جودة التعليم.. مع استمرار المتابعة والزيارات والتقارير الدورية والسنوية من الهيئة عن المدرسة والتي تؤيد تحسن المستوي عن وقت الحصول علي الجودة.. ومن المعروف ان فترة صلاحية الشهادة خمس سنوات تتجدد بعدها نفس الاجراءات.