لماذا أصبحت وزارة الإسكان وكرا للفساد والمفسدين؟ ولماذا عجزت الأجهزة الرقابية عن وقف هذا المسلسل من الفساد؟.. إذا حاولنا الوصول لإجابة من داخل مجلس الشعب الذى يمثل رأس السلطة الرقابية والتشريعية، فسنجد أن أصابع الاتهام تشير كلها إلى أن البرلمان هو أهم أسباب استمرار الفساد فى تلك الوزارة.. فبرغم أن وزارة الإسكان ووزيرها سواء الحالى أو السابق، حظيت بالنصيب الأكبر من مساءلة النواب، لكنها تبقى مساءلة على الورق لم تتعد هذا الحيز لترى التنفيذ داخل المجلس، للدرجة التى نستطيع أن نقول معها، إن رقابة مجلس الشعب على أعمال هذه الوزارة، كانت معطلة مما أدى لانتشار وتزايد الفساد داخلها. فعلى مدار الدورات البرلمانية الأربع فشل النواب فى مناقشة أى استجواب من استجوابات الأراضى التى بلغ عددها خمسة، للنواب جمال زهران، ومحمد عامر، وفريد إسماعيل، وسعد الحسينى، وعلاء عبدالمنعم، والتى تكشف أسباب تركز الفساد ب«الإسكان»، ومنها أن الوزارة تتحكم فى أهم ثروة بمصر، وهى الثروة العقارية التى فتحت الباب للانحراف، خاصة مع تزايد الأسعار وضعف الرقابة، مع وجود وزير لا يسمع لمن حوله، وعلى حد قول النائب محمد عامر «الوزير تأخذه العزة بالإثم وعندما يتكلم أحد عن واقعة فساد فى وزارته يشخصن المسألة».. ويضيف عامر أن وزير الإسكان الحالى رجل شريف ونزيه، إلا أن ضعف الرقابة هو أشد وطأة من الانحراف مشيرا إلى أن مليارديرات مصر كونوا ثرواتهم من خلال أراض، حصلوا عليها بأسعار زهيدة وباعوها بالملايين دون أن يبذلوا أى جهد. عامر قال إن هناك عددا آخر من الفاسدين فى نفس الطابق الذى يوجد به مكتب الوزير بل فى مكتبه، وقد يكونون أكثر فسادا من أشرف كمال، ولكن مازال ذكاؤهم يحميهم، مشيرا إلى أنه تقدم للوزير المغربى بسؤال الدورة الماضية وجدده الدورة الحالية، حول أسماء الذين تم تخصيص أراض لهم منذ عام 2000 وحنى 2008 ولم يصله أى رد حتى الآن. لكن ماذا عن أوراق الاستجوابات المقدمة لوزير الإسكان، وهل تحمل فعلا ملفات فساد حقيقى؟.. إذا تفحصنا أوراق بعض الاستجوابات وليس كلها، سنجد أن رائحة الفساد تفوح من كل كلمة منها، فمثلا الدكتور فريد إسماعيل نائب الإخوان كان قد اتهم الحكومة بالخيانة بسبب ما أسماه بيع أرض ملايين الأمتار من طابا لليهود بأبخس الأسعار، بقيمة جنيه ونصف للمتر، وطالب بمحاكمة المسئولين عن هذه الجريمة ورغم أن رئيس الوزراء نظيف غضب وقتها من توجيه اتهام الخيانة للحكومة، فإن النائب قام بتقديم ما لديه من مستندات وأدلة تؤيد اتهاماته وانتظر النائب أن يناقش استجوابه دون جدوى، وحتى الآن وبعد مرور أربع سنوات مازال النائب ينتظر. وعلى قائمة الانتظار أيضا يجلس النائب الإخوانى المهندس سعد الحسينى الذى تقدم منذ بداية دورة 2005 باستجواب حول ضياع 60 مليار جنيه فى تخصيص أراض لأصحاب الحظوة والمكانة، مثل هشام طلعت مصطفى، ووزير داخلية سابق، وأحمد عز، ومحمد فريد خميس، وإبراهيم نافع، وحسن حمدى، والفطيم، ومحمد أبوالعينين، ثم تقدم بقائمة جديدة لأسماء أخرى عندما قام بتجديد استجوابه، ورغم ذلك لم يدرج للمناقشة.. النائب سعد الحسينى يتساءل: كيف تفتح لجنة الإسكان بمجلس الشعب ملف الأراضى المنهوبة، ورئيسها حصل على 8 آلاف فدان ثمنها 30 مليارا دون أن يدفع شيئا؟.. مؤكدا بشكل قاطع أن هذه الاستجوابات لن ترى النور، لأنها تفتح النار على أعضاء فى لجنة السياسات، ووزراء حاليين وسابقين، ومن يشكلون مراكز قوى أيضا من النواب الذين تصدوا لفساد الإسكان. ومازال النائب المستقل علاء عبدالمنعم، صاحب الاشتباك الحاد والمستمر على مدى الدورات الماضية مع وزير الإسكان السابق إبراهيم سليمان، والذى مر بمراحل عديدة بدأت بطلب إحاطة حول الفساد فى هيئة المجتمعات العمرانية وإهدار المال العام بها، ثم تحول الطلب إلى استجواب اتهم فيه النائب رئيس الوزراء بالتستر على الفساد فى وزارة الإسكان، قام بعده النائب بالتقدم ببلاغ لجهاز الكسب غير المشروع ضد إبراهيم سليمان، متهما إياه بالتربح واستغلال النفوذ، وأخيرا وخلال هذه الدورة تقدم عبدالمنعم ومعه 64 نائبا من المستقلين والمعارضة والإخوان ببلاغ للنائب العام ضد وزير الإسكان السابق. وسجل معارك النواب مع وزير الإسكان ووزارة الإسكان، حافل ومغر حتى لنواب الوطنى الذين تقدموا بطلبات إحاطة حول تخصيص الأراضى ومعاييرها، سواء بالنسبة لمدينتى أو الرحاب أو فى المدن الجديدة، ولكن حتى هذه الطلبات المقدمة من صفوف الأغلبية لم تر النور وكأن الفساد داخل وزارة الإسكان له من يحميه تحت سقف البرلمان، لدرجة أن تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات حول هيئة المجتمعات العمرانية فى عهد الدكتور إبراهيم سليمان، لم تكن تناقش نهائيا داخل المجلس. لمعلوماتك... ◄47 نائباً تقدموا ببلاغ إلى النائب العام حول مخالفات الوزارة ◄النائب محمد عامر تقدم بسؤال عاجل لوزير الإسكان أحمد المغربى يطالبه فيه بكشف أسماء الشركات والهيئات والأشخاص من رجال الأعمال الذين حصلوا على أراضى الوزارة من عام 2000 حتى الآن. ◄النائب فريد إسماعيل اتهم وزارة الاستثمار بالتواطؤ عن طريق الشركة القابضة للإسكان والسياحة والسينما فى صفقة بيع أراضى ميدان التحرير لشركة أكور المملوكة لأحمد المغربى. ◄النائب سعد الحسينى اتهم الدكتور محمد إبراهيم سليمان، وزير الإسكان الأسبق بإهدار ما يقرب من 60 مليار جنيه على الدولة، قيمة أراض تم توزيعها على المحاسيب من وزراء سابقين ورجال أعمال بثمن بخس وبشروط مجحفة. ◄النائب جمال زهران اتهم فى استجوابه وزارة الإسكان ممثلة فى هيئة المجتمعات العمرانية بتسهيل الاستيلاء على 16 مليون فدان من مافيا الأراضى بقيمة إجمالية قدرها المستجوب ب800 مليار جنيه.