لا شك أننا فى الفترة السابقة بكل عيوبها ومميزاتها امتلأنا كلامًا وحديثًا وجدلًا فاق كل التوقعات حول المرحلة الانتقالية والانتخابات والدستور وأداء مؤسسة الرئاسة والحكومة، ومن ثمّ وجب علينا أن نهدأ قليلا ونستريح بعض الشىء من الكلام، فالصمت باب من أبواب الحكمة، وعلينا الاتجاه إلى التفكير فى العمل والإنتاج حتى لا تغرق السفينة بنا جميعًا. ويجب أن نتحدث عن الفترة السابقة كفترة انتهت وبدأت فترة جديدة لبناء دولة المؤسسات، فهناك انتخابات تشريعية يجب أن يستعد لها الجميع، وليس أمام المعارضة المصرية إلا خيار واحد بعد موافقة الشعب على الدستور وهو السعى إلى إثبات نفسها فى مجلس الشعب القادم، وأن تحاول أن تكتشف حجمها الحقيقى فى الشارع المصرى، مع العلم أنها قد أدركت حجمها جيدًا فى مرحلة التصويت على الدستور المصرى بمرحلتيه الأولى والثانية، وأن تشرذم وانقسام المعارضة السياسية فى مصر هو العامل الرئيسى فى عدم قوتها ووحدتها على خلاف التيار الإسلامى، حيث إن نزعات الانفرادية والغرور وتضخم الذات، هى التى أدت فى النهاية إلى تفتت المعارضة وعدم قدرتها على إحداث التوازن المطلوب على الساحة السياسية فى مواجهة قوى التيار الإسلامى. وعلى المعارضة المصرية أن تحترم الإرادة الشعبية للشعب المصرى، وألا تقف ضد الصندوق الانتخابى الذى أقر الدستور، وأى ممارسات خارجة عن الإرادة الشعبية معناه أن المعارضة السياسية فى مصر تحكم على نفسها بالإعدام السياسى وعليها أن تكثف من جهودها فى الشارع المصرى إذا أرادت أن تثبت وجودها بالفعل على الساحة السياسية فى مصر. إن مصر تحتاج إلى الاستقرار فى الفترة القادمة لتدور عجلة العمل والإنتاج، وعلى المعارضة أن تثبت نفسها خلال انتخابات مجلس الشعب القادمة وأن تسعى إلى خلق قواعد شعبية لها فى الشارع المصرى، بدلًا من أن تعتمد فقط على الإعلام والمؤتمرات فهذا لا يكفى للتواصل مع الجماهير. فالشعب المصرى ذكى وواع بطبعه ويعلم جيدًا المخلصين للشعب ومن يخاف على مصلحته، ويعلم أيضًا من هم غير المخلصين لهذا الوطن والذين يسعون إلى تحقيق مصالحهم الشخصية دون النظر إلى مصلحته التى يجب أن تكون على أولويات أى نخبة سياسية فى مصر، خاصة بعد قيام ثورة يناير وانتخاب رئيس شرعى لمصر من الثورة. وعلى الجميع البعد عن لغة الإقصاء والتخوين والسباب، وأن يعلم الجميع أن هناك أربعة أعوام يجب أن تكون مصر فيها فى حالة استقرار، وأن يكون الظرف الاستثنائى الحالى الذى يملك السلطات فى طريقه للنهاية خلال المرحلة القادمة. وعلى من بيدهم الأمر والسلطة أن يستفيدوا بكل الخبرات والإمكانيات البشرية المصرية وهى كثيرة، لدفع عجلة التنمية والإنتاج التى تحتاج إليها مصر فى هذه الآونة، وعلى المعارضة الرشيدة أن تكون على قدر المسؤولية وتكون عنصر بناء لا معول هدم.