أرسل (.....) إلى افتح قلبك يقول: أنا رجل متزوج منذ 15 عاما، مشكلتى هى أنى لم أقتنع بزوجتى منذ أول أيام الخطبة، ولكن بإصرار من الأهل وببعض التغاضى منى تزوجنا، تم الزواج ومرت الأيام ورزقت بالذرية ولله الحمد، إلا أن حياتى معها كانت مليئة بالمشاكل وعدم التفاهم، صبرت وتحملت من أجل أبنائى لأنهم أمل حياتى. فكرت بالزواج من امرأة أخرى لعلى أستقر معها بعيدا عن مشاكل بيتى الأول، وبالفعل خطبت، ولم أقصر مع زوجتى الأولى بتاتا على الرغم من عدم التفاهم بيننا، فقد جددت لها المنزل وأحضرت لها سائقا وخادمة تعينها على خدمة البيت، واشتريت لها سيارة جديدة حتى أعزها أمام نظيراتها من النساء وأثبت لها أن زواجى الثانى ليس انتهاء لعلاقتى بها وبأبنائى. تزوجت من الثانية وسافرنا لشهر العسل، ورتبت لزوجتى الأولى مع الأبناء سفرة بسيطة أثناء فترة غيابى وأخبرتها بأنه عند رجوعى سأسافر بهم لنفس البلد الذى سافرت له بزوجتى الجديدة، تزوجت بعدما ظننت أنها قد اقتنعت، وسلمت أمرها لله بعد الاتفاق الذى دار بينى وبينها بأن حقوقها وحقوق الأبناء محفوظة، ولكنى وبعدما عدت من شهر العسل وجدت مفاجأة فى انتظارى، فوجئت بخروجها من المنزل وأخذها للأبناء الصغار معها، وتركها للكبار وحدهم بالمنزل، وبالطبع هربت الخادمة هى الأخرى وتركت البيت. حاولت معها أن ترجع ولكن بدون جدوى، توسل إليها الأبناء وطلبوا منها أن ترجع، ولكنها كانت تصرخ بوجههم وترفض بحدة، والآن وبتحريض من أخوانها الكبار والمتعلمين قامت برفع دعوى طلاق، وإحضارى للمحاكم بحجة أنى أسئ معاملتها.. وأنا والله لم أسئ معاملتها طول فترة زواجنا، فيما عدا المشاكل الاعتيادية كالتى تحدث بين أى زوجين، وعلى الرغم من عدم اختيارى لها أو قبولى بالزواج منها إلا أننى لا أرضى لها بالطلاق أو بأى إهانة لأنها ستبقى وستظل أم أولادى. أصبحت الآن أزور أبنائى الكبار يوما بعد يوم، لأشعرهم بأنى لم أبتعد عنهم، ولأطهو لهم طعامهم وأنظف لهم البيت، وأخدمهم على ما فى هذا من مشقة كبيرة بالنسبة لى...أنا أحب أولادى بشدة، ولا أريد مفارقتهم، وأخشى عليهم الضياع والشتات، وزوجتى مصرة على الطلاق بمنتهى القسوة، وأنا لا أعرف ماذا أفعل؟. وإليك أقول: أصدقك يا سيدى فى أنك فعلا لا تريد طلاقها، ولا تريد لها أو للأولاد الإهانة و(بهدلة) المحاكم والقضايا، ولكن وعلى الرغم من صدق نيتك إلا أن هذا هو ما وصلها بالفعل، فرؤية كل منكما لما حدث مختلفة تماما.... أنت ترى أنك ضحيت من البداية بزواجك بمن لم تقتنع بها وترضاها، وبتحملك الحياة معها لمدة 15 سنة كاملة بكل ما فيها من خلافات وتناقضات ومشاكل، وبالتزامك بعلاقتك بها دون سواها كل هذا العمر بالرغم من أنك غير سعيد أو حتى مرتاح فى هذه الزيجة، كل هذه الأمور شاقة ومضنية، وتستحق أن تكافئ نفسك عليها بأن تنقذ ما تبقى من سنوات شبابك مع أخرى تشعر معها بكل مباهج الزواج الحقيقية....من حقك. لكنه وفى الحقيقة أن كل ما سبق هذا لا يعنيها هى _أم أولادك_ بل إنها ترى الأمور من زاوية مختلفة تماما، دعنى أحاول أن أفسرها لك كامرأة تفهم أحاسيس مثيلتها، هى ترى أنها هى الأخرى ضحت بعمرها وأحلى سنوات شبابها لإنجاح حياتها معك، وتربية أولادك، ورعاية بيتك، والحفاظ على كيان أسرتكما معا، فهى ليس ذنبها أنك لم تكن تريدها من البداية، لأنه فى الأحوال العادية كان يجب أن تشكر لها كل هذا الجهد معك ومع أولادك بعد هذه السنوات الخمس عشرة، لا أن تكافئها بمفاجأه من العيار الثقيل وهى زواجك من أخرى!!. من قال لك إنها هى الأخرى كانت راضية عنك وعن كل شئ فى زواجكما؟، من قال لك إن مشاعرك السلبية تجاهها لم تتسرب إليها، وأنها لم تعرف أمر حقيقة يمكن لزوجة أن تعرفها، وهى أن زوجها لا يحبها ولا يريدها ولم يكن يوما مقتنعا بها؟، من قال لك إنها كانت تشعر بالراحة والرضا فى هذه العلاقة طيلة هذه السنوات؟، فربما كان هناك ما ينقصها أو يؤلمها ولكنها قررت أن تتحمل وتكمل من أجل اعتبارات كثيرة على رأسها مصلحة الأبناء واستقرارهم؟....هى تشعر بأنها بذلت وأعطت وضحت، وقدمت أفضل سنوات عمرها، وفى المقابل جئت أنت لتقول لها ببساطة (عفوا) لم تكونى أبدا كافية أو مشبعة بالنسبة لي، لهذا قررت أن أكمل حياتى بغيرك حتى أعوض ما فاتنى معك طوال هذه الوقت!!. بل والأكثر من ذلك، هل تعرف كيف تفكر هى بك الآن؟، اعذرنى فيما سأقول لكنى أعرف تماما كيف تفكر النساء فى مثل هذه الأوقات، تفكر فى أنك شخص أنانى، تريد الحصول على كل شئ، تريد أن تربح كل شئ، الزوجة الجديدة، والحياة الحلوة الممتعة، وأيضا أولادك وبيتك القديم، وزوجتك القديمة التى هى عمود هذا البيت لهذا يجب الاستمرار معها والحفاظ عليها، ضمانا لاستمرار الوضع على ما هو عليه لا حبا فيها أو رغبة فى شخصها، قد تقول إنك أبدا لم تكن أنانيا، وأنك أبدا لم تفضل نفسك على أولادك بدليل استمرارك معها طوال هذه السنوات دون التفكير فى الزواج مرة أخرى، سأقول لك نعم... هذا تفكيرك أنت ووجهة نظرك أنت والتى قد تكون صحيحة بالنسبة لك كطرف فى الموضوع، لكنى وكما قلت سابقا ليس هذا هو ما تراه هى، ولا ما كانت تنتظره، ولا هو الأمر الذى يسهل تقبله والتعايش معاه هكذا ببساطة بالنسبة لها. تقول إنك لم تقصر مع زوجتك الأولى منذ أن خطبت للمرة الثانية، وتدلل على ذلك بأنك أحضرت لها سائقا وخادمة، وجددت لها بيتها، واشتريت لها سيارة جديدة...و...و...كل هذه أشياء عظيمة وكبيرة فعلا، من المؤكد أنك تحمد وتشكر عليها، لكن من قال لك إن جرحها بزواجك من أخرى هذا تداويه الماديات؟، كثير من الرجال من يعتقد ذلك، وأنا أرى أن أغلبهم يلجأ إلى هذا الأسلوب كنوع من أنواع التعويض عن بعدهم عن البيت والزوجة، أو كنوع من أنواع إظهار التقدير والتمسك والرغبة فى الاستمرار كما فعلت أنت، وهو شئ جيد ولكنه وللأسف غير كاف، بل وغير مجد من الأساس عند كثير من السيدات، فزوجتك واحدة من اثنتين، إما أنها من النوع الحساس العاطفى الذى لا يرى أن المادة مهما زادت قادرة على تعويضها عنك كزوج لها وحدها، وكأب لأولادها، بلا منازع وبدوام كامل، وليس (بعض الوقت) كما أصبح الحال الآن، وإما أن تكون من النوع الآخر الأكثر واقعية وعقلانية، الذى يفكر فى البدائل والذى قد يرضى بامتيازات مادية إضافية، وبعض الرفاهيات الجديدة فى مقابل الرضا والتنازل والصمت، وفى هذه الحالة ربما هى حاولت أن ترضى عنك بمقابل فعلا، ولكنها لم تستطع لأنها وجدت أن أى مقابل سيكون زهيدا فى مقابل خسارتها فيك. هناك نوع من القرارات والاختيارات التى تغير الحياة، إلى الأبد، ولا تعود إلى ما كانت عليه قبلها أبدا، الزواج مرة أخرى من هذا النوع، فأنت فعلت ذلك استخداما لحقك، وإسعادا لنفسك، ورفعا للمعاناة من على كاهلك، لكنك ظننت أن الواقع سيفرض نفسه، وأن شيئا لن يحدث بعدها، فأنا متأكدة من أن هذا هو مالم تخطط له، وتتمناه من أجل بيتك وأولادك، ولكن سيدى دعنا نترك الأمنيات والخيال جانبا، حتى نتمكن من إنقاذ ما يمكن إنقاذه، لقد قررت زوجتك الانفصال، وقامت برفع قضايا وقضى الأمر، وطالما أنها قامت بتصعيد الأمور إلى هذا الحد. فهذا لا يعنى غير أنها جادة فيما تريد، وأنها تريد الانفصال فعلا وستحصل عليه آجلا أو عاجلا، إما انتقاما لكرامتها، أو انتقاما منك أنت شخصيا، أو حتى عدم رغبة فى أن تشارك زوجها أخرى، لها أسبابها والتى ستفرض نفسها شئنا أم أبينا، لهذا أنا أرى أن تنفذ لها رغبتها بهدوء حفظا لماء الوجه، وحفاظا على احترام العلاقة بينكما أمام أبنائكما، وابقاء لبعض المشاعر والذكريات الطيبة بينكما، دعنا نكون واقعيين، الطلاق سيحدث سيحدث، أنت استخدمت حقك فى الزواج من أخرى، وهى استخدمت حقها فى رفض هذا الوضع وطلب الطلاق، لهذا كل ما يجب عليك فعله الآن هو تدبير شئون معيشة أولادك بحيث لا تفقد الصلة بهم أبدا، وبحيث لا تشعرهم بأنهم فقدوا الأم والأب مرة واحدة، فسواء كانوا سيعيشون معها أو معك أو بمفردهم لا يجب أبدا أن يشعروا بأنهم أصبحوا بلا أب، وبلا سند، وبلا كبير يحميهم ويراعيهم ويحبهم لمجرد زواجك بغير أمهم، فعلاقة الأبوة والبنوة لا تنتهى ولا ينبغى لها أن تهتز حتى بانفصال الأبوين، هذه هى الطريقة الوحيدة التى يمكن لك بها أن تقلص خسائرك، وتلم شتات أمرك، انس البيت القديم، وزوجتك الأولى، وركز كل همك فى علاقتك بأولادك، وتقويتها والاستمرارية فيها على النحو الذى يرضيك ويشبعهم، بصرف النظر عن أى شئ آخر. نقطة أخيرة... قد تتغير الأمور فى المستقبل، فربما تشعر زوجتك مع الأيام أنها لم تربح شيئا من هذا الانفصال، أو أن أولادها خسروا الكثير جراء هذا الاختيار، أو أنها فعلت ما تريد ثأرا لكرامتها وانتهى الأمر، وأنها يمكن لها أن تعيد التفكير من جديد، لا تقطع (شعرة معاوية)، حافظ على علاقة محترمة كريمة بينك وبينها دائما، لعل القلوب تلين، وتتغير الأفكار، ويجد فى الأمور أمور. للتواصل مع د. هبة وافتح قلبك: [email protected]