إذا تأملت تصريحات المتنافسين فى انتخابات نقابة المحامين، لن تجد كلاماً جاداً أو حتى هازلاً حول رفع الأداء المهنى للمحامين، ولا حول رفع المستوى المادى للمحامى الغلبان، ولا الكيفية التى يمكن بها الفصل بين المحامى الأجير فى مكتب وصاحب المكتب المحامى الكبير وكلاهما عضوان فى نقابة واحدة..ناهيك عن ضرورة أن تكون هذه النقابة لممارسى المهنة وليس لحاملى شهادات كليات الحقوق.. لن تجد سوى كلام عن فلان الحكومى وفلان الناصرى والثالث الإخوانى، إنه صراع سياسى بين تيارات متناحرة، هدف كل منهما السيطرة على نقابة مهنية، أى تضم العاملين فى مهنة، والطبيعى أن يكون فيهم كل التيارات، والطبيعى أن تدافع النقابة عن المصالح المالية والمهنية للجميع، أيا كان موقفه السياسى، معارض أو مؤيد. وسأعطيكم مثالا واحدا، فقد برر ممدوح إسماعيل محامى الجماعات الإسلامية الذى يحسب نفسه على التيار السلفى ترشحه على قائمة الإخوان لموقع اليوم السابع بأنهم الأقرب، وبالطبع يقصد الأقرب بالمعنى السياسى وليس المهنى وطوال الحوار لم يكن هناك اهتمام بالمصالح الفئوية لأعضاء النقابة. هذه بالضبط هى مأساة النقابات المهنية والعمالية فى مصر، الصراع السياسى بين مختلف التيارات السياسية، وعلى رأسها السلطة الحاكمة، والذى حول النقابات إلى ساحة معركة، فى حين أن هذه المعارك مكانها الطبيعى هو الأحزاب السياسية، ولأنها انتقلت إلى النقابات انهارت المهن فى بلدنا. لنبدأ من البداية هناك حق مغتصبا وهو حق تكوين النقابات، وهو الحق الذى أقرته المواثيق الدولية.. فقد كانت نقابة المحامين على سبيل المثال ثلاث نقابات (محامو المحال المهنية والشرعية والأهلية) وهو ما كان موجودا فى النقابات العمالية والمهنية، مثل التجاريين والمعلمين وغيرهم .. لكن بعد حركة 1952 حسب ما جاء فى كتاب خالد على المحامى "النقابات المهنية .. محاولة للفهم" قررت السلطة الحاكمة أن تكون هناك نقابة واحدة لكل مهنة. بل وجعلت العضوية فى النقابات المهنية إجبارية. وكانت هناك اشتراطات مثلا فى نقابة الصحفيين برفض عضوية أى صحفى لا يكون عضوا فى الاتحاد الاشتراكى. كما ستجد فى قوانين كل النقابات وقتها ديباجة تفرض على أعضائها أيديولوجية السلطة الحاكمة وقتها، مثل نقابة الصحفيين التى على أعضائها نشر وتعميق الفكر الاشتراكى والقومى.. وفى ذات الوقت تحرم على النقابات الانخراط فى حملات انتخابية. أى أن المسوح الوحيد هو تبنى إيديولوجية السلطة الحاكمة دون غيرها، وبالطبع تجاهل أن هذه نقابات مهنية، تضم الاشتراكى وغير الاشتراكى.. وهذا جعل النقابات كيانات غير نقابية ملحقة بالجهاز السياسى للسلطة وقتها. فى حين أن مؤتمر العمل الدولى عام 1952، كما جاء فى كتاب خالد على، حدد أن النقابات منظمات مهنية معنية بقضايا العمل وعلاقاته. ولها الحق إذا أرادت فى أن تعمل بالسياسة، ولكن فقط لتحقيق مصالح أعضائها. ورفض المؤتمر تماما أللثكنات لأحزاب فى شئونها أو السيطرة عليها حتى لا تحيد عن طبيعتها الأهلية، أى كونها تجمع لأعضاء مهنة واحدة وليس تجمع لصحاب فكر سياسى واحد. وكان هذا بذرة الفساد التى نعانى منها حتى الآن .. ففى أزمة مارس 1954 كانت قرارات حل نقابتى المحامين والصحفيين جاهزة لأنهما طالبا بعودة الجيش للثكنات .. وفى 1958 صدر القرار الجمهورى الذى يشترط عضوية الاتحاد القومى ومن بعده الاتحاد الاشتراكى لمن يرغب فى الترشح لعضوية مجالس الإدارات النقابات المهنية والعمالية. واصدر السادات قرارا بأن جميع رؤساء النقابات مستشارين له، كما حاول مرارا فى صراعه فى التيارات السياسية اليسارية أن يحولها إلى نوادي، مثلما حاول مع نقابة الصحفيين. أما الرئيس مبارك فقد استخدم تكتيكا مختلفا فى صراعه مع التيار الديني(إخوان وغيرهم)، وهو التفجير من الداخل.. وكانت النتيجة فرض الحراسات على نقابات مثل المهندسين والمحامين، كما غير قانون النقابات الفنية بما يتيح الترشح اللانهائى لرئيس الاتحاد وتقوية سلطاته. لكن كل هذا لم يخفض من تواجد الأخوان فى النقابات، فقد استغلوها كمنبر سياسى ضد السلطة الحاكمة، ومعمل لاختيار الكوادر وتربيتها. وبسبب نجاحهم فى الدور الخدمى إلى حد بعيد، ترسخ وجودهم، رغم أنهم لا يملكون رؤية لحل المشاكل الأساسية، ولم تجد السلطة حلا لاستعادة هذه النقابات إلا إصدار 100 ، الذى وضع شروطا تجبر الأعضاء على المشاركة فى الانتخابات، ومع ذلك ظل الصراع بين السلطة وبين مختلف التيارات السياسية فى النقابات قائما وهذا ما يفسر وجود نقابات تحت الحراسة مثل المهندسين. وهذا يوصلنا إلى الاعتراف الذى قاله خالد على فى كتابه وهو أن النقابات فقدت دورها بسبب السلطة، وبسبب محاولة بعض القوى السياسية أن تجعلها بديلا عن تنظيماتها. وبجملة واحدة فالصراع السياسى بين السلطة ومعارضيها أدى إلى تدمير النقابات، وضاعت مصالح الأعضاء الحقيقية من رفع الأجور والتدريب المهنى والعلاج وغيرها. هنا لابد أن نستمع إلى الزميل الكبير رجائى الميرغنى عضو مجلس نقابة الصحفيين الأسبق، فمفهومه للدور السياسى للنقابات يكون فى القضايا السياسية محل الإجماع القومى، مثل الحريات العامة ورفض التطبيع، ويرفض أن يكون هذا الدور على أساس حزبى. لكن هذا يختلف تماما عن الواقع، حسب رصد الميرغنى، فالخلط بين العمل السياسى والنقابى أضر الاثنين، لقد وصل الإفساد إلى درجة أن الأعضاء الناخبين يختارون حسب أولويات سياسية، وليس حسب مصالحهم النقابية. وهذا حسبما يقول الميرغنى يعكس حالة الفقر السياسي، فالتيارات لا تعبر عن وجودها من خلال أحزابها وتنظيماتها، ولكن من خلال النقابات. وهذا سبب كوارث أخطرها تصادم الإرادات والتكتلات، التى أصبح لكل منها كوته، بين الوطنى والإخوان والناصريين واليسار، الذى أدى إلى ضعف دور النقابة كنقابة واقتصارها على خدمات "فكه" من علاج ومعاش ومساكن وخلافه وليس خدمات مهنية نقابية حقيقية، معهد للتدريب، أو حتى آلية لتطبيق ميثاق الشرف وغيره الكثير. من الممكن الاختلاف مع رأى الميرغنى فيما يتعلق بما يسميه القضايا القومية، فالنقابة تجمع مهنى وليس سياسيا، وبالتالى من المستحيل أن يكون هناك إجماع حول قضية سياسية، ولكن يمكن أن تكون هناك أغلبية .. ومع ذلك يظل رأى الميرغنى شجاعا لأنه يكشف جانبا من كارثة التدمير التى أصابت نقاباتنا. الآن نسمع لرأى الذين يتصدرون المشهد النقابى على أساس سياسى، ومنهم الزميل صلاح عبد المقصود عضو جماعة الأخوان وعضو مجلس نقابة الصحفيين، فهو يرى أن الأفضل أن يتولى العمل النقابى شخصيات لها خلفية سياسية.. دون أن يوضح لماذا، ولكنه يعود ويقول إن مجلس النقابة يضم كافة ألوان الطيف السياسى ويضم أيضا من ليس لهم علاقة بالسياسة؟ لماذا تنشغل نقابة مهنية بالدفاع عن الإخوان؟ عبد المقصود يجيب مشيرا إلى أن النقابة عليها مساندة فئة من المواطنين، وخاصة أنهم الأكثر تعرضا للظلم والاستباحة ويضرب مثلا بإلغاء ترخيص مجلة الزهور الإخوانية بعد 24 ساعة من صدوره. المثل الذى يقوله عبد المقصود صحيح لأن دور نقابة الصحفيين هو الدفاع عن حرية الإصدار لأن هذا فى مصلحة أعضائها، ولكن ليس دورها أن تكون ساحة للدفاع عن الأخوان أو غيرهم، فليس كل أعضائها إخوان. عبد المقصود ينتقل إلى منطقة أخرى وهى إيمانه بأن الإخوان فى النقابة تحركوا فى قضية أجور الصحفيين منذ المجلس الماضى ووضع ممدوح الولى عضو المجلس السابق مع محمد خراجة لائحة أجور بالاشتراك مع احمد النجار وياسر رزق وقتها. كما أن مشروع العلاج والخدمات نهتم به جدا، ناهيك عن مقاومة قانون 93 لسنة 1995 وتعديلات نصوص العقوبات والنشر. عبد المقصود يختتم دفاعه عن الأخوان بالتأكيد على أنهم لم يتوانوا عن مساندة أى زميل من أى تيار آخر، ولكن الحزب الوطنى يثير الشكوى من سيطرة الإخوان فى النقابات التى ليس له فيها تواجد ولا يستطيع إحداث تأثير على أعضائها. وبالطبع ما يقوله عبد المقصود غير صحيح، فعندما يحدث صدام بين صحفيين وإدارة صحيفة معارضة لا تسمع لهم صوتا، وعندما يحدث صدام مع مؤسسة دينية لن تجدهم، وعندما يحدث صدام بين صحفى وبين الأخوان سيناصرون جماعتهم، ناهيك عن أنهم فى النقابة لم يعتصموا أو يتظاهروا من أجل أجور الصحفيين أو مرضهم. يحيى قلاش عضو مجلس نقابة الصحفيين لأكثر من 16 عاما يؤكد بحسم على الدور السياسى للنقابات، بالأخص نقابة الصحفيين التى رفضت عام 1940 أن يتم حظر اشتغال أعضائها بالسياسة، فالرأى سياسة. هذه الافتتاحية من جانب الزميل الناصرى قلاش تتجاهل أن النقابة هى نقابة أراء وليس رأى واحد فقط، أى من ضمن أعضاء النقابة من ينتمى للسلطة الحاكمة، ومن ضمن أعضائها من هو بهائى الديانة، لأنها ببساطة تجمع لبشر يعملون فى مهنة واحدة. ربما لهذا يعود قلاش ويعترف أن هناك ممارسات تتم لصالح تيار، ولكن هذا يتم علاجه سريعا. وصحيح حسب كلام قلاش أن هناك ممثلين لتيارات وأحزاب وتحدث اختلافات فى وجهات النظر، لكن فى النهاية كما يؤكد الفيصل يكون مصلحة أبناء المهنية. وإن كانت هذه النتيجة لم تتحقق على أرض الواقع بدليل الحالة المزرية التى وصل إليها الصحفيين، من أجور متدنية وعلاقات عمل بشعة وغيرها.. إلا أن قلاش يكشف رأيا مهما وهو أن أية محاولة من جانب تيار أو حزب للسيطرة على النقابة هو رد فعل على ما تقوم به فالحكومة هى التى تخلق العداء والصراعات. وبالطبع هذا الرأى عليه مليون تحفظ، وإن كان يكشف ما هو مهم وهو أنه لا فرق فى الحساب النهائى بين سيطرة الحكومة أو أى فريق سياسى على النقابات. نقابة الأطباء ربما تكون الأغرب، فنقيبها ومعظم أعضاء مجلس إداراتها أنفقوا الجهد والمال لدعم البوسنة والهرسك وأفغانستان وفلسطين والشيشان وغيرها، فى حين أن 80% من الأطباء كما قال لى د.محمد أبو الغار فى حوار قديم تحت خط الفقر، والأكثر غرابة أن النقيب دكتور حمدى السيد وهو قيادى فى الحزب الوطنى يؤكد أن هذا تطبيق لقانون النقابة.. كيف؟ لا أحد يعرف. رغم أن الدكتور عصام العريان وهو عضو بارز فى الأخوان وأمين صندوق النقابة يرى أيضا أن مساندة الانتفاضة الفلسطينية والمسلمين من أسس حقوق الإنسان التى اقرها قانون النقابة، فرأيه مثل رأى دكتور حمدى عضو الوطنى! على العموم دكتور حمدى لم ينسى أن يشير إلى الدور الذى تلعبه النقابة فى كادر الأطباء، وهذا صحيح، ولكن الصحيح أيضا أن ما تم التوصل إليه غير مرض لأعضاء النقابة.. ناهيك عن الملفات المسكوت عنها وهى حقوق الأطباء العاملين فى العيادات والمستشفيات الخاصة، والقضية الأهم هى: كيف يكون صاحب العمل والعامل عضوان فى نقابة واحدة .. فعمن تدافع النقابة؟! لن تجد إجابة عن هذا السؤال ولن تجد إجابة عن دور النقابة فى وقف التراجع المهنى.. فالدكتور حمدى يرجعه لغياب الأخلاق فى المجتمع، وعدم وجود ميزانيات مالية للتدريب. لكن هناك أموالاً للشيشان وغيرهم، صحيح أنها تبرعات، ولكن أليس أفضل للنقابة أن تترك هذه المهمات للأحزاب وتتفرغ لأعضائها الفقراء. جمال تاج عضو مجلس نقابة المحامين لا يخفى أن جماعة الإخوان التى ينتمى إليها استغلت النقابة كمنبر لها، ولكنه يقول إن هذا ضمن رؤية وطنية تستكمل مسيرة مجالس سابقة منذ نشأة النقابة، فالأخوان لم يبتدعوا العمل السياسى فى النقابات. رؤية تاج تنطلق من أن النقابة نادى سياسى للتيارات السياسية ومجمع خدمات للأعضاء لا أكثر ولا أقل .. ولذلك هو يفتخر أكثر بدور الإخوان فى التصدى لاعتداءات الشرطة ضد المحامين، ولكل ذلك هو مؤمن بقدرة الإخوان على الفوز بكل المقاعد بما فيها مقعد النقيب ولكنهم (كتر خيرهم) يؤمنون بالمشاركة. عصام الإسلامبولى المحامى وهو محسوب على حزب الكرامة يؤكد أن نقابة المحامين طوال عمرها تمارس السياسة، لكن قيم البلطجة والفساد التى دخلت إليها بسبب المصالح الخاصة هزت صورتها، فليس هناك صراع سياسى ولكنه صراع مصالح شخصية طرد النقابيين الحقيقيين. الإسلامبولى يرى زيادة جرعة السياسة سببه ما يسميه بالانسداد السياسى، فحزب الوفد عندما كان محظوراً قبل 1984 كان مسيطراً على النقابة وبعد حصولهم على حزب ابتعدوا عن النقابة. وهذا صحيح، فالنقابات تدفع ثمن أخطاء السلطة الحاكمة، ومن بعدهم أخطاء التيارات السياسية. سامح عاشور نقيب المحامين متهم دائماً بأنه مشغول بالصراع السياسى مع الإخوان أكثر من انشغاله بهمته كنقيب، لكنه يرد مشيراً إلى أنه بالرغم من هذا، فقد استطاع خلال 7 سنوات تقديم الإنجازات الأكبر فى تاريخ النقابة، وأهمها تعديل القانون، ولذلك فكثير من المحامين يقولون، حسب تأكيده، إن هذا المجلس مهنى وليس سياسياً. ويؤكد عاشور على أن الإخوان حاولوا السيطرة على النقابة ولكنهم فشلوا، كما سيفشل أى تيار بما فيه السلطة الحاكمة فى السيطرة عليها. لكن خلافك مع المرشح المنافس رجائى عطية سياسى وليس نقابياً؟ عاشور يرد: بكل صراحة هو عداء شخصى وليس سياسياً ولا مهنياً. عمر عبد الله ممثل الإخوان فى تجمع "مهندسون ضد الحراسة" وعضو مجلس نقابة المهندسين سابقاً يعترف بأنهم يمارسون جزءاً من السياسة فى عملهم النقابى، وهذا بسبب تجميد الأحزاب والاتحادات الطلابية والاستيلاء على المساجد. ومع هذا استطاع مجلس الإخوان، حسب كلامه، رفع المعاش إلى 250 جنيهاً وتركوا المجلس وخزينة النقابة بها 200 مليون جنيه ودائع بعد أن كان فيها 13 مليوناً عند استلامها، بالإضافة لدورات التدريب فى جميع المجالات الهندسية وتوفير دليل المستثمر، بالإضافة لمشروعات العلاج وعمل لائحة مزاولة المهنة. طلعت فهمى من "المهندسين الاشتراكيين" يختلف مع عبد الله ويرى أن النقابة وقعت بين سندات الإخوان ومطرقة السلطة الحاكمة، واخترنا أخف الضررين وهو الإخوان. صلاح حجاب عضو نقابة المهندسين يؤكد أن التيارات السياسية هى السبب فى فرض الحراسة، ولم يكن لهم اهتمامات حقيقية بالمهنة والأعضاء .. وستظل هذه التيارات موجودة فى النقابات طالما أنه ليس لها منفذ سياسى آخر. دكتور السيد عبد الستار أمين عام مساعد نقابة العلميين يتهم الحكومة بأنها هى السبب فى لجوء النقابيين للعمل السياسى لأنها لا تنفذ القانون وتحاصر العمل العام، فقد جففت موارد "العلميين"، وبالتالى شلتها.. فهل الإخوان هم المسئولون عن ذلك؟! د.شريف قاسم، أمين عام نقابة التجاريين يتهم مباشرة السياسيين من كل التيارات بإفساد النقابات والتسبب فى ضياع حقوق أعضائها .. لقد دخلوا النقابات لأن فشلوا فى العمل السياسى فى الشارع. عبد الناصر إسماعيل منسق رابطة "معلمون بدون نقابة" وينتمى لحزب التجمع، يعتبر أن سيطرة الحزب الوطنى يضر بالأعضاء وبالعملية التعليمية، وجمد الانتخابات منذ عشرين عاما، والحل هو أن تعود النقابة لأعضائها ويتم تحريرها من الحزب الحاكم وغيره من الأحزاب. هذا كلام منطقى لأنه يرفض سيطرة "الوطنى"، ولا يطالب بسيطرة القوى السياسية، وهو ما يدلل عليه أيضا أحمد الصياد عضو اللجنة التنسيقية للدفاع عن حقوق العمال (يسارى)، فهو يتهم الحزب الوطنى بالسيطرة الكاملة على اتحاد العمال، فغير مسموح لأحد غيرهم بأن يكون فى التشكيلات، لقد وصل الأمر إلى أن الاتحاد يعادى العمال. الصياد يدلل على ذلك بالإضرابات الكثيرة التى اجتاحت البلد ولم يكن للاتحاد أى دور. إبراهيم الأزهرى الأمين العام لاتحاد العمال يعترف بأن الاتحاد كان يغلب عليه الطابع الحكومى، لكنه وقف دائماً فى صف العمال، سواء فى إقرار حد أدنى للأجور أو بناء مقرات فى المحافظات والمراكز العمالية وإنشاء مصايف وشقق سكنية ونوادٍ. وكذلك ساهم فى تعديلات تشريعية كثيرة ويبذل كل جهده لتعيين العمالة المؤقتة، كما أن الاتحاد كان له دور إيجابى فى كل الإضرابات. كما أن هناك عشرات المسئولين باللجان النقابية والهيكل النقابى من الحزب الوطنى ومن الإخوان ومن اليساريين وجميع التيارات ولا يمكن أن تدعى أى هيئة امتلاكها للاتحاد غير فئة العمال. أما عن عدم حصول الاتحاد على حقوق العمال فى القطاع الخاص، فيرجعه الأزهرى إلى عدم وجود آلية فى قانون الاتحاد وقانون العمل يلزم رجال الأعمال وهذا ليس عيباً بالاتحاد أو الحكومة ولكنه عيب فى القانون والتشريع، والاتحاد يعمل حاليا لتعديله. انتهى التحقيق .. وواضح أن الكارثة الكبرى فى بلدنا أن معظمنا لا يريد أن يقوم بعمله الأصلى، بل بعمل غيره، فالأحزاب لا تريد أن تكون أحزاباً والنقابات لم تعد نقابات ولا الجمعيات أصبحت جمعيات .. ولا الحكومة حكومة.. وهذا سبب كل المصائب.