قبل أربعة أعوام اتفقت مع أستاذى المبدع الجميل الذى أدين له بالكثير سيد عز الدين مدير مكتب جريدة الاتحاد الإماراتية فى القاهرة، على إجراء مجموعة من الحوارات مع نجوم الظل فى شتى المجالات الفنية والسياسية والاجتماعية، وكان من بينهم الفنانة إحسان القلعاوى التى غيبها الموت مساء أمس، الأربعاء، أثناء علاجها فى أحد مراكز نيوجرسى فى الولاياتالمتحدة، وبعد تحديد الموعد ذهبت إليها مع زميلى المصور وليد الشامى فى منزلها حى المهندسين، وكم كان رائعا، كنا فى رمضان وذهبت إليها فى الموعد، ووجدتها فى الانتظار بصحبة ابنتها الأستاذة فى كلية الإعلام "إيناس" أبو يوسف، تحدثنا فى حوار مطول استعدنا من خلاله ذكرياتها طوال خمسين عاما مع الفن، ولا أنسى توقفها بكل الامتنان والدموع تملأ عينيها وهى تحكى عن زوجها الراحل محمد أبو يوسف أحد أهم كتاب السيناريو فى مصر فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى، الذى تعرفت عليه أثناء عملها فى الإذاعة وكان هو متخرجا من قسم اللغة الإنجليزية فى كلية الآداب فى جامعة القاهرة، فى الوقت الذى كانت تخرجت فيه من قسم اللغة الفرنسية، وفى إحدى المرات قال لها "ما تيجى تعلمينى الفرنسية وأعلمك الإنجليزية"، وكان الزواج الذى أثمر عن ثلاثة فتيات أصرت على تعليمهن لتحقق اللقب الذى كان يناديها به أهلها وهو "أم الدكاترة"، حيث حصلت "إيناس على الدكتوراة فى الإعلام، و"مايسة" على الدكتوراة فى علم اللغويات وهى التى تعمل فى أمريكا، و"منال" التى تخرجت فى كلية السياحة والفنادق، تذكرت قدر المستطاع ما أنجزته من أعمال إبداعية فى المسرح والسينما والتليفزيون، وتوقفت بامتنان أمام فيلم "السمان والخريف" ومسلسل "هارب من الأيام"، توقفت طويلا أمام الراحلة نعيمة وصفى واعتبرت نفسها امتدادا لها، تحدثت عن علاقتها بشقيقها المبدع محمود القلعاوى، وفى نفس الجلسة وحين عرفت الهدف من وراء حواراتى، اتصلت به لتحثه على إجراء حوار معى فى منزله فى مصر الجديدة وهو ما حدث بالفعل، كانت تتكئ على عصاها وهى تتجول معى فى أرجاء الشقة، وكنت أشعر أنها تتكئ على تاريخ مشرف إنسانيا وفنيا لم يقدره أهل الفن جيدا رغم استعانتهم بها فى عدد من الأعمال، وكانت تستقبل كل هذه الأمور برحابة صدر، وتأكيد على أنها لا تقوى على الحركة لظروفها الصحية. تأكدت من خلال حوارى معها ومع الكثيرين من أمثالها، أن أهل الفن والقائمين عليه لا ينظرون إلا تحت أقدامهم ولا يجهدون أنفسهم فى عناء البحث والمتابعة للمبدعين والمبدعات الحقيقيين، وكم كنت سعيدا حين كرمها المهرجان العربى للإذاعة والتليفزيون عام 2007 كأفضل ممثلة شاملة عربية. لمعلوماتك.. شاركت الراحلة فى مئات الأعمال الفنية وبأدوار متميزة، وإن غلب عليها دور الأم الطيبة ومنها مسلسلات "ترويض الشرسة" و"من الذى لا يحب فاطمة" و"قضية نسب" و"هارب من الأيام"، إلى جانب أفلام "السمان والخريف" و"رحلة مشبوهة" و"شوادر" و"انتحار مدرس ثانوى" و"الوحوش الصغيرة" و"المرأة والساطور" و"كل هذا الحب" و" ولا شئ يهم" و"لست قاتلا" و"على سبايسى" و"رجب الوحش" و"قلوب الناس" و"عهد الهوى".