كلمة صَعُبَ على القلم كتابتها ، ولكنها كانت سهلة على لسان عضو الحزب الوطني البارز ، نطقها وهو يودع نواب الإخوان المسلمين حيث قال لهم في أخر جلسات مجلس الشعب : هتوحشونا وذلك في تلميح لهم أن هذه أخر مرة يدخلون فيها مجلس الشعب بعد جريمة التعديلات الدستورية التي ارتكبها الحزب الوطني في حق مصر ، بأن جعل الانتخابات بدون إشراف قضائي حتى يتمكن مزوروه من حرمان المصريين الشرفاء من دخول مجلس الشعب ، ومن مقاومة الفساد والمفسدين فرد عليه أحد نواب الإخوان المسلمين : لا تدري ماذا يخبئ الله في قدره ، فرد عليه عضو الحزب الوطني البارز دون أن يمرر الكلمات على عقله: قدر الله يكتبه أحمد بك عز. عذراً ربي أن أنقل هذه الكلمات ، فلا أدري أسمع هؤلاء الآية الكريمة التي يقول فيها مولانا " وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّموَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ " الزمر (67) فقد غَرَ هؤلاء حلمك عليهم وإمهالك لهم ، ولكنك أنت الله الكريم الحليم الرحمن الرحيم. هذه الكلمات لن أحكم على صاحبها بكفر أو إيمان فالأمر متروك لمشايخنا ومفتيينا ، ولكن ما صدمني أن أرى بشرا يُسْلِمُون قيادهم لفرد ويرفعونه لمكانة فوق مكانة الله ، وما ذلك إلا تقرباً له عسى أن يَمُنَ عليهم ويمنحهم فرصة الترشح لمجلس الشعب دون أن يعُقَّ الحزب ويخرج عن طوعه ، ما الذي سيجنيه عضو مجلس الشعب هذا من دخول المجلس حتى يتزلف لأحمد عز بهذا الأسلوب ، حتى لو منحه أحمد عز ملك الدنيا وهو لا يملك لنفسه شيء فكيف سيلقى الله وهو يحمل وزر هذه الكلمة ، حقاً عندما تسيطر الدنيا ومتاعها على تفكير إنسان فمن السهل أن يبيع دينه بدنيا غيره ، " اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ " سورة التوبة ( 9) ، وقد ورد عن مالك بن أنس أنه قال: قال لي أستاذي ربيعة: يا مالك، مَن السفلة؟ قلت: مَن أكل بدينه، فقال: مَن سفلة السفلة؟ قلت: مَن أصلح دنيا غيره بفساد دينه"، فصدقني". وهنا أتساءل: من هو أحمد عز هذا ؟ والإجابة : إنسان بسيط كباقي البشر ، خلقه الله في هذه الدنيا لأداء رسالة محددة حددها القرآن الكريم في قول الله : " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ (56) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (57) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ " الذاريات (58) ، وحدد له مهمة وهي عمارة الأرض : " ........ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُمْ مِنْ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ " هود (61) ، فماذا رأينا ؟ رأينا هذا الإنسان البسيط الذي لا يملك إدخال النفس إلى رئتيه وإخراجه يسيطر عليه طموح جمع الملايين والمليارات لينسيه رسالته ، ساقه قدر الله للتعرف على ابن الرئيس لتُفْتَحْ له أبواب الدنيا ، فما هي إلا سنوات قليلة ورأيناه يتسلق سلم السلطة مدعوما من ابن الرئيس ، حتى أزاح من طريقه قيادات تاريخية للحزب الوطني ظنت في يوم ما أنها لن تتزحزح من أماكنها إلا رُقِياً إلى أعلى فإذا بها في طي النسيان ، هل تذكرون معي إنسانا اسمه كمال الشاذلي ، كان صوته يهز مصر طولا وعرضا ، ولكن لله في خلقه سننا لا تتبدل " ..... وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ " آل عمران (140) ، وأقبلت الدنيا على الفتى المدلل ، واستغل علاقة الصداقة مع ابن الرئيس لكي يسيطر على صناعة الحديد ، وحول مهمة عمارة الأرض إلى مهمة احتكار الحديد ، حتى قفز في سنوات قليلة من صاحب ورشة حديد خردة ورثها عن والده إلى صاحب أكبر مصانع الحديد والصلب ، وسهلت له علاقاته أن يشتري مصنع حديد الدخيلة بأبخس الأسعار وبقروض من البنوك وبتيسيرات في السداد وكأننا لسنا في دولة وكان ثمنا لما وصل له أن يجعل من نفسه المدافع الشرس عن الحزب صاحب الفضل عليه ،الذي يزيح من طريقه أقوى معارضيه ونَسِيَ أنه لا شيء يجري في كون الله إلا بقدر الله وبموقعه في الحزب صار مثل محرك العرائس لأعضاء الحزب ، يرفع يمينه فيصفقون ويقولون آمين ، يخفض يساره فيصفقون ويقولون آمين ، برسالة جوال يجمعهم في لحظات، انمحت شخصياتهم وذابت في شخص الفتى المدلل حتى اعتبره إلهاً أو أنه من يكتب أقدار الله. هذا هو الواقع المؤلم الذي تحياه مصر ، حكم الفرد الذي يتمثل مقولة فرعون : " مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَاد " غافرِ (29) ، يظن القائمون عليه أن ما أرادوه فلا مرد له ، وأن هذا الشعب فاقد للأهلية وغير قادر على إفراز من يقوده، وهذه هي قمة الغفلة ، وهذا من استدراج الله لهم ، ولو علموا أو تفكروا في عاقبة أمرهم ، وأنهم لا محالة عما قليل سيكونون بين يدي الله لكان لهم رأي آخر وأعمال أخرى ، وإني والله لأخشى عليهم أن تكون نهايتهم كنهاية فرعون وملئه ووقتها سيعلنون التوبة ولكن هل سيقبلها الله منهم أم لا " وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ (90) أَالآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنْ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِنْ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ " يونس (92) ، ويومها سيعلمون من صاحب القدر ومن أمره لا يرد " فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44) فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46) وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِنْ النَّارِ (47) قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ (48) وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنْ الْعَذَابِ (49) قَالُوا أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (50) إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ (51) يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمْ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ " غافر (52). وأقول لشعبنا الكريم إلى متى لا تحسن الاختيار لمن يمثلك ويحكم باسمك وهو في الواقع يتحكم فيك؟، إلى متى تسمح بالتزوير الذي يصل بأمثال هذا النائب الذي يظن أن قدر الله يكتبه أحمد عز ، ويطيع أحمد عز أكثر من طاعته لله ، ويشرع لنا بما أمره به أحمد عز وينسى ما شرعه الله لنا؟، إلى متى تسكت وأنت تراهم يقسمون البلد فيما بينهم ويحرمونك من حقك في الحياة الكريمة التي تُصَان فيها كرامتك ومن الطعام الآمن الصحي وكوب الماء النظيف؟ .. فرصة التغيير قائمة فتمسك بحقك ودافع عنه واحرص على صوتك أن يناله الشرفاء لا من يسعون لالتهام باقي التورتة أقصد باقي البلد ، لنسمع في الأيام القادمة صوتك مناديا بالتغيير ، ومعلنا لمن افسد حياتنا أن كف يدك فالزمن القادم يحتاج للشرفاء المصلحين. السيد مجاهد مدير مكتب المهندس عبد الحليم هلال عضو مجلس الشعبذ