اختتم مجلس الأمن الدولى صباح اليوم، الخميس، جلسة طارئة خصصت لمناقشة الوضع فى قطاع غزة بناء على دعوة من الاجتماع الطارئ لمجلس وزراء الخارجية العرب، دون اتخاذ أى قرار، على أن يستأنف اجتماعاته بهذا الخصوص خلال الأيام المقبلة. وكما كان متوقعا، أعلن عدد كبير من أعضاء المجلس تأييدهم لمشروع القرار، بينما عارضته الولاياتالمتحدة على أساس أنه غير متوازن، بمعنى أنه لم يستنكر صراحة إطلاق الصواريخ العشوائية على إسرائيل، كما وصفها الأمين العام. وأعلن السفير ماجد عبد الفتاح مندوب مصر التى ترأست المجموعة العربية عقب الجلسة، أن المجلس قد طرح مشروع القرار لبحثه على مستوى الخبراء. ويتوقع أن يتم ذلك إما يوم الخميس أو الجمعة المقبل. وأبدى استعداد المجموعة العربية لتعديل مشروع القرار على نحو لا يخل بعناصره الأساسية من وقف إطلاق النار وفتح المعابر، وتوفير حماية دولية لسكان غزة، حتى يتحقق توافق الآراء لاعتماده فى أقرب وقت ممكن. وأضاف أن الضمانة الحقيقية لعدم تكرار هذا الوضع هو إنهاء الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية والسورية واللبنانية، وعودتها إلى حدود 4 يونيو 1967 وتسوية مشكلة اللاجئين على النحو الوارد فى المبادرة العربية للسلام التى تظل الأساس الوحيد للتوصل إلى السلام العادل والشامل فى الشرق الأوسط. وفى كلمته أمام الجلسة الاستثنائية للمجلس، انتقد الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون الغارات الإسرائيلية، وقال إنها استمرت رغم كل النداءات الدولية وعلى رأسها البيان الصادر عن مجلس الأمن ومناشدات الأمين العام للأمم المتحدة. وقال بان كى مون إن قرارات مجلس الأمن الدولى إما أن تكرس العقلانية أو تترك المجال لدوامة العنف. وأعرب عن انزعاجه لأن نداء مجلس الأمن الذى أعلنه منذ أربعة أيام لإنهاء العنف لم يأبه به أحد، وأكد بأقوى العبارات نداء العالم لوقف إطلاق نار فورى يحترمه جميع الآطراف بشكل تام، كما شدد على وجوب تحقيق ذلك الآن. وأضاف يقول "نتيجة للعنف وللأزمة، يعيش سكان غزة تحت قصف شديد، استهدف مرافق حماس وأنفاق تهريب وبنية حماس التحتية الأخرى، وكذلك بنية الأمن السابقة الخاصة بالسلطة الفلسطينية ومبانى الحكومة والمبانى السكانية والمساجد والأعمال". أما مندوب فلسطين لدى الأممالمتحدة رياض منصور، فتحدث عن الحملة الإسرائيلية المنظمة على الفلسطينيين والتى شملت محاصرة قطاع غزة على مدى الأشهر الماضية مما سبب حالة مأساوية لسكانه. وقال منصور "لجأنا إلى مجلس الأمن مرارا وحذرنا من أن العدوان وشيك ومع ذلك لم يقم المجلس بأى إجراءات جدية فيما استمرت إسرائيل فى تحديها". وطالب بقرار يوقف الاعتداءات فورا، ويكرس وقفا دائما لوقف إطلاق النار. كان مندوب ليبيا، وهى العضو العربى الوحيد فى المجلس، قد تلا مشروع القرار العربى الذى يتضمن المطالبة بالوقف الفورى للأعمال العسكرية الإسرائيلية على غزة وإنهاء الحصار، لكن المجلس أنهى الاجتماع من دون تصويت، على أن يستأنف جلساته بهذا الشأن فى الأيام المقبلة. يتضمن مشروع القرار العربى نصوصا بإدانة واضحة للهجمات العسكرية والاستخدام المفرط للقوة من جانب إسرائيل الذى تسبب فى سقوط الكثير من الضحايا. ويدعو إلى توفير الحماية للفلسطينيين تطبيقا لقرار مجلس الأمن رقم 1674 لسنة 2006، والفتح الفورى والدائم للمعابر للسماح بدخول المساعدات الإنسانية دون عوائق. كما يتضمن المشروع دعوة كافة أعضاء المجتمع الدولى للوفاء بالاحتياجات الإنسانية للشعب الفلسطينى، والتأكيد على ضرورة استتباب الهدوء من أجل حل المشكلات بين الجانبين بالطرق السلمية، ومطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بمتابعة تطبيق القرار. وانتقد مندوب ليبيا مجلس الأمن بسبب عدم اتخاذه إجراءات لوقف الهجمات الإسرائيلية، مؤكدا أن عدم تحرك مجلس الأمن شجع إسرائيل على شن الهجوم على غزة. وأكد أن الفلسطينيين التزموا بالهدنة، بينما انتهكتها إسرائيل أكثر من 190 مرة وقتلت أكثر من 20 شخصا، مؤكدا أن الفلسطينيين لم يقوموا بأى عمل إلا الرد على انتهاك إسرائيلى واضح للهدنة. من جانبها، أفاضت مندوبة إسرائيل لدى المنظمة الدولية جابرييلا شاليف، فى الحديث عما وصفته ب "استفزازات إرهابيى حماس" على حد وصفها، وقالت "إن إسرائيل التزمت طويلا بضبط النفس إزاء الصواريخ التى استهدفت مدنها، وإنها شنت غاراتها انطلاقا من حقها فى الدفاع عن النفس الذى تقرره المواثيق الدولية". وواصلت المندوبة هجومها الحاد على حركة المقاومة الإسلامية حماس، ووصفتها بأنها "منظمة إرهابية تدعو للعنف والكراهية تدعمها إيران عسكريا وماليا، وتدعمها قوى التطرف الأخرى وهى تريد تدمير إسرائيل". وزعمت أن "حماس لا تتردد فى استخدام المواطنين الفلسطينيين كدروع بشرية، حيث تضع المدنيين فى خط النار وتخزن الأسلحة فى المدارس والمستشفيات وبالتالى هى المسئولة عن الضحايا المدنيين الذين سقطوا". ويبدو أن تعديلات أدخلت على مشروع القرار الذى كانت قد وزعت منه نسخة أولى فى القاهرة، وذلك لأنه خلا من دعوة إسرائيل إلى وقف "عدوانها" الذى وصف بأنه "همجى" على الشعب الفلسطينى، ومن الدعوة إلى "رفع حصارها ووضع حد لسياسة العقاب الجماعي". ويدعو مشروع القرار إسرائيل إلى "الالتزام التام بواجباتها بموجب القانون الإنسانى الدولى، خاصة اتفاقية جنيف المتعلقة بحماية المدنيين فى زمن الحرب". كما يدعو إلى "الفتح الفورى والدائم للمعابر المؤدية إلى قطاع غزة"ن ويطالب باتخاذ إجراءات لإتاحة تقديم المساعدات الإنسانية إلى السكان. مشيرا إلى "ضرورة العودة إلى الهدوء لتمهيد السبيل أمام الحل السلمى لجميع المشكلات فى إطار عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية". من ناحية أخرى أوضح السفيران البريطانى والأمريكى، أن مشروع القرار الذى لايشير صراحة إلى إطلاق صواريخ حماس على الأراضى الإسرائيلية يتعين تعديله حتى تتاح فرص اعتماده. وذكر دبلوماسيون أنه حتى إذا تحقق إجماع بين الدول الخمس عشرة الأعضاء، فإنه من غير المتوقع أن يتمكن المجلس من اعتماد مشروع القرار المقترح أمسن الأربعاء، بسبب قواعده الإجرائية التى تنص على مهلة 24 ساعة قبل اعتماد قرار ما.