حملة لتوفير أجهزة كمبيوتر.. دعوات لتأهيل المدارس لتعليم التكنولوجيا | تفاصيل    تراجعت على العربات وبالمحال الصغيرة.. مساعٍ حكومية لخفض أسعار سندوتشات الفول والطعمية    وفقا لوزارة التخطيط.. «صيدلة كفر الشيخ» تحصد المركز الأول في التميز الإداري    الجيش الأوكراني: 96 اشتباكا قتاليا ضد القوات الروسية في يوم واحد    طائرات جيش الاحتلال تشن غارات جوية على بلدة الخيام في لبنان    3 ملايين دولار سددها الزمالك غرامات بقضايا.. عضو مجلس الإدارة يوضح|فيديو    كرة سلة - ال11 على التوالي.. الجندي يخطف ل الأهلي التأهل لنهائي الكأس أمام الجزيرة    المقاولون العرب يضمن بقاءه في الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية بعد فوزه على سموحة بثلاثية    تصريح مثير للجدل من نجم آرسنال عن ليفربول    السجن 15 سنة لسائق ضبط بحوزته 120 طربة حشيش في الإسكندرية    إصابة أب ونجله سقطا داخل بالوعة صرف صحي بالعياط    خناقة شوارع بين طلاب وبلطجية داخل مدرسة بالهرم في الجيزة |شاهد    برومو حلقة ياسمين عبدالعزيز مع "صاحبة السعادة" تريند رقم واحد على يوتيوب    رئيس وزراء بيلاروسيا يزور متحف الحضارة وأهرامات الجيزة    بفستان سواريه.. زوجة ماجد المصري تستعرض جمالها بإطلالة أنيقة عبر إنستجرام|شاهد    ما حكم الكسب من بيع التدخين؟.. أزهري يجيب    الصحة: فائدة اللقاح ضد كورونا أعلى بكثير من مخاطره |فيديو    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    بديل اليمون في الصيف.. طريقة عمل عصير برتقال بالنعناع    سبب غياب طارق مصطفى عن مران البنك الأهلي قبل مواجهة الزمالك    شيحة: مصر قادرة على دفع الأطراف في غزة واسرائيل للوصول إلى هدنة    صحة الشيوخ توصي بتلبية احتياجات المستشفيات الجامعية من المستهلكات والمستلزمات الطبية    رئيس جهاز الشروق يقود حملة مكبرة ويحرر 12 محضر إشغالات    أمين عام الجامعة العربية ينوه بالتكامل الاقتصادي والتاريخي بين المنطقة العربية ودول آسيا الوسطى وأذربيجان    سفيرة مصر بكمبوديا تقدم أوراق اعتمادها للملك نوردوم سيهانوم    مسقط تستضيف الدورة 15 من مهرجان المسرح العربي    فيلم المتنافسون يزيح حرب أهلية من صدارة إيرادات السينما العالمية    إسرائيل تهدد ب«احتلال مناطق واسعة» في جنوب لبنان    «تحيا مصر» يوضح تفاصيل إطلاق القافلة الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة    وزير الرياضة يتابع مستجدات سير الأعمال الجارية لإنشاء استاد بورسعيد الجديد    الاتحاد الأوروبي يحيي الذكرى ال20 للتوسع شرقا مع استمرار حرب أوكرانيا    مقتل 6 أشخاص في هجوم على مسجد غربي أفغانستان    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    جامعة طنطا تُناقش أعداد الطلاب المقبولين بالكليات النظرية    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    مصرع طفل وإصابة آخر سقطا من أعلى شجرة التوت بالسنطة    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    مجهولون يلقون حقيبة فئران داخل اعتصام دعم غزة بجامعة كاليفورنيا (فيديو)    حملات مكثفة بأحياء الإسكندرية لضبط السلع الفاسدة وإزالة الإشغالات    «الداخلية»: تحرير 495 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1433 رخصة خلال 24 ساعة    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    عبدالجليل: سامسون لا يصلح للزمالك.. ووسام أبوعلي أثبت جدارته مع الأهلي    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شيوخ إنقاذ مصر.. هؤلاء الشيوخ نريدهم الآن..مصر تحتاج إلى شيخ يقول كلمة الحق فى وجه السلطان الجائر ويؤمن بمدنية الدولة الإسلامية ولا يرى فى الديمقراطية رجسا من عمل الشيطان

لا تعتبرها دعوة مضادة للدولة المدنية، ولا تنظر إليها باعتبارها دعوة جائرة على مطالب إبعاد رجال الدين عن مستنقع السياسة، لأن مصر هكذا دائما حينما تخنقها الأزمات، لا تعبر «مطباتها» إلا برجال دين صدقوا ماعاهدوا الله عليه، شيوخ قادرين على دمج الدين بالدنيا، ودفع الوطن إلى الأمام بالتفكير والتخلص من لعنة عبادة النصوص.
مصر الآن تحتاج إلى هذا النوع من رجال الدين الذى لا يسعى نحو سلطة، ولا يستخدم اسم الله لتحقيق غرض سياسى، ولا يخير الناس بين الجنة التى سيوفر مفاتيح دخولها لمن يتبعه، والنار التى تنتظر من يخالفه.
هؤلاء هم الشيوخ الذين تبحث مصر عنهم الآن.. رجال دين يدخل الشرف فى تكوينهم الروحى وتدخل الأمانة فى تركيبتهم الإنسانية وترفض تركيبتهم النفسية والجسمانية كل أنواع الظلم والقهر والكذب، وتخجل أياديهم من أن تعانق السلطة، وتأبى رؤوسهم أن تخضع لسلطان غير سلطان الله، وتتعفف ألسنتهم عن أن تنافق الدولة أو أن تكون أداة يستخدمها سلطان فاسق فى تمرير ظلمه وسرقته لشعبه باسم الدين.
شيوخ مثل هؤلاء هم حلم لأى فرد ولأى شعب مهما كانت ديانته، نحن نحلم بهؤلاء الذين يصعدون على المنابر لينقذونا من سلطان التفسيرات الدينية الخائبة التى أراد من سبقوهم أن يمنحوا الشعوب من خلالها هدية لحكام السياسة أو الدين يتصرفون فيها كما يحلو لهم باسم السماء وسلطة الإله.
هؤلاء الشيوخ نريدهم الآن..مصر تحتاج إلى شيخ يقول كلمة الحق فى وجه السلطان الجائر ويؤمن بمدنية الدولة الإسلامية ولا يرى فى الديمقراطية رجسا من عمل الشيطان ومقتنع بأن أرض الوطن ملك للجميع
ستظل روح هذا الوطن فى يد شيوخه إن هم صلحوا.. مارست تلك الروح عمليات شهيقها وزفيرها بانتظام وهدوء ليزداد وجه الوطن ومستقبله إشراقا وحلاوة، وإن هم فسدوا أو خافوا شيئا آخر غير الله أطبق ضيق التنفس على الوطن وروحه وأصيب بكل أنواع التشنجات السياسية والفكرية والاجتماعية.
مصر تعيش اللحظة التى تحتاج فيها إلى تلك «القشة» التى تنقذ الغريق، تحتاج إلى من يمد يده ويأخذ بها بعيدا عن برك الارتباك ومستنقعات المعارك التى لا تسمن ولا تغنى من جوع.
فى كتب التاريخ وفى تلك الصفحات التى تتحدث عن أزمنة مصر الماضية كانت هناك لحظات مرتبكة وخطيرة مثل تلك، وقتها كان يظهر من حيث لا يدرى أحد ولا يحتسب رجال مثل مصطفى كامل ومحمد فريد وقاسم أمين ليلقوا للوطن الغارق بطوق نجاة يدفعه كثيرا نحو بر الأمان، ولكن ظل دور هؤلاء رغم عظمته أقل بكثير من الدور الذى يلعبه رجال مثل محمد عبده وجمال الدين الأفغانى وغيرهم من علماء الدين المحترمين والمفكرين الذين جعلوا من علمهم طوق نجاة دائم لإنقاذ عقل هذا الوطن من الغرق.
علماء الدين كانوا الأكثر تأثيرا فى اللحظات الحاسمة فى مستقبل هذا الوطن، راجع أزمات مصر وأوقاتها الصعبة وستجد دائما عند لحظة الخروج من المأزق عالم دين ما يقف ويشير بإصبعه إلى حيث أبواب الخروج السهلة، ربما لطبيعة مصر المتدينة، أو طبيعة أهلها الذين تغلبهم فطرة التعلق بالسماء وأهلها.
فى ظل هذا التدافع الإسلامى وفى ظل هذه المخاوف البادية من تصريحات الجماعات السلفية، وفى ظل الرعب من مواقف الإسلاميين من السياحة والمرأة والأقباط والاقتصاد، لا شىء يملك حلا للطمأنة، أو سلاحا للمواجهة، أو إعادة تقويم تلك الطرق المعوجة بتطرفها وتشددها سوى خطاب دينى مغاير قادر على مواجهة ما تحتويه الخطابات الدينية المعروضة على الساحة الآن من تعصب وتطرف.
مصر الآن تحتاج إلى علماء دين يملكون القدرة على صياغة هذا الخطاب، تحتاج إلى علماء دين يقفون فى منقطة الاعتدال والوسطية يستمدون منها الأفكار القادرة على مواجهة دعوات التعصب، ويستمدون منها ثقة الناس فى أن عملهم خالص لوجه الله ولنهضة هذا الوطن، وليس لمصلحة تيار أو شعار معين.
وبغض النظر عن رؤيتك التى ربما ترى فى التعلق ب«بقشة» علماء الدين المستنيرين لإنقاذ هذا الوطن هدما لفكرة الدولة المدنية وخلافه، فإن التجارب التاريخية لهذا الوطن أكدت أن طوق نجاته وتحرره يقبع دائما فى عقل عالم دين، مثل الشيخ محمد عبده، قادر على تحرير العقول من عبادة النصوص، وتقديم أطروحات فكرية معاصرة تملك القوة على صياغة وتشكيل وعى وطنى جديد تذوب فيه الفوارق ويدفع الأمة نحو نهضة جديدة،نحن فى حاجة فعلية إلى هؤلاء الشيوخ، سواء الذين اعتدناهم وعهدناهم قانعين مدافعين عن هذا المنهج مثل أجلاء الأزهر الشريف الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، والشيخ على جمعة، والداعية الشاب صاحب الخطاب الفكرى النهضوى معز مسعود، والدكتور عمرو خالد، والدكتور عمر عبدالكافى، والأم الجليلة عبلة الكحلاوى، والدكتورة سعاد صالح، والشيخ نصر فريد واصل والشيخ جمال قطب، أو هؤلاء الذين فتحت الثورة أمامهم أبواب اتصال مفتوح مع الجمهور بعيدا عن التعتيم الأمنى والإعلامى، فاكتشفنا تطورا ملحوظا فى خطابهم الدينى أو أعدنا اكتشاف نقاط كثيرة كانت مختبئة بحكم الإبعاد الأمنى والإعلامى الذى فرض بيننا وبينهم مثلما هو الحال مع الشيخ الجليل والمحترم محمد حسان، والمتحدث السلفى الشاب نادر بكار، وغيرهم من الشيوخ الذين نجحوا فى تقديم صورة مغايرة تماما عن الاعتقادات السائدة حولهم.
مصر الآن تريد هذا النوع من الشيوخ الرافضين لفكرة الدولة الدينية، وللأشخاص الذين يعلنون أنفسهم متحدثين باسم الله فى أرضه، مصر تريد شيوخا مثل معز مسعود قادر على أن يطرح حلولا مختلفة للتواصل الاجتماعى وإعادة دمج الدين فى الدنيا بعيدا عن تسلط القهر والقمع.
تريد شيخا فى شجاعة محمد حسان قادر على مراجعة نفسه وأفكاره، وقادر على أن يقف فى وجه الغلو السلفى ويخبر السلفيين الذين استخدموا صوره فى الدعاية الانتخابية ومداعبة مشاعر محبيه للحصول على أصواتهم أنهم انحرفوا عن طريق الإسلام القويم وغاياتهم المنشودة، نريد شيخا مثل حسان يقدم وجها مغايرا للتيار السلفى بمواقفه المحترمة، أو بوجوده داخل الأزمات لإصلاح الحال بين المسلمين والمسيحيين كما حدث وقت أزمة كنيسة صول.
نريد علماء دين مدركين لمفهوم الديمقراطية ومعناها ولا يرونها كفرا أو رجسا من عمل الشيطان كما قال الشيخ عبدالمنعم الشحات، نريد شيوخا مثل الإمام الأكبر أحمد الطيب وعلى جمعة قادرين على وضع وثيقة محترمة تحكم علاقة الحاكم بالمحكوم وتحدد الطريق نحو تحقيق دولة مدنية قائمة على أسس إسلامية أخلاقية، نريد عالم دين مثل الدكتور عمرو خالد قادر على ابتكار حلول ومشاريع لعلاج حالة العوار الاجتماعى التى نعيشها،
نحلم بعالم دين لا يخشى فى خالقه لومة لائم، قادر على أن يقول كلمة الحق فى وجه السلطان الجائر، نريد علماء دين لا يطمعون فى السلطة ولا يحبون السير فى طريقها، ونريد رموزا سلفية على شاكلة نادر بكار المتحدث باسم الدعوة السلفية الذى تختلف معه قدر ما تختلف، ولكن باب الحوار معه دائما مفتوح، ودائما بلا غضب ودائما بلا اتهامات تكفير.
واصل وعاشور.. روح الأزهر عندما تحتضن الجميع
واصل لا يرى تعارضاً بين مدنية الدولة والإسلام.. وعاشور ينفى حرمة فوائد البنوك ولا يرى النقاب فرضا
فى الوقت الذى تتناحر فيه التيارات السياسية من إخوان وسلفيين وليبراليين ويساريين حول مدنية الدولة أو جعلها دينية، يرى الشيخ نصر فريد واصل مفتى الديار المصرية الأسبق أن هذا الاختلاف شكلى ولا يتعدى اختلافا على مصطلحات أكثر منها على المضامين، محاولا الخروج من تلك الأزمة التى هى حديث الساعة بدعوة كل التيارات إلى التكاتف والتعاون ونبذ الخلاف والفرقة، ليس فقط بين الإخوان والسلفيين ولكن بين كل التيارات، داعيا إياهم بالاعتصام بحبل الله.
عُزل واصل من منصبه كرئيس لدار الإفتاء بسبب رفضه إصدار فتاوى تُرضى النظام السابق واقتراحه لمشروع قانون للقضاء على البطالة بين الشباب، من الفتاوى التى كان يرغب النظام السابق فى إصدارها هى إجازة تصدير الغاز لإسرائيل، بالإضافة إلى أنه كان لأبناء الكبار أخطاء كثيرة أفتى واصل بحرمة ما يرتكبونه، فاهتزت الحياة السياسية بسبب إصداره فتوى ضد برنامج المسابقات الشهير «من سيربح المليون» لتورط ابن أحد رجال الدولة المعروفين والمحبوس فى سجن طره حاليا فى المساهمة فى هذا البرنامج.
ولم ير واصل أن هناك تعارضا بين مدنية الدولة والديمقراطية والدين الإسلامى، لأن الدين الإسلامى هو من أسس لأركان الدولة المدنية التى حفظ فيها رسول الله والخلفاء الراشدين جميع الحقوق، حتى حقوق الأقليات، وفيما يتعلق بأحوالهم الشخصية قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنت أعلم بشؤون دُنياكم»، لم يجد فى تولى مسيحى أو امرأة شئون البلاد أمرا محرما أو لا يجوز ذلك طالما جاء بإرادة الشعب.
ومن القضايا التى حرص واصل على الفصل فيها لأنها كانت محل جدل كبير فى الفترة الأخيرة هى ارتداء النساء للنقاب، مؤكدا أن النقاب ليس فرضا وليس واجبا وإنما هو فضيلة لكل سيدة مطلق الحرية فى اختيار ارتدائه، لافتا إلى أنه حتى لو كانت هناك امرأة منقبة وطلبت للشهادة أو الكشف عن وجهها فى الانتخابات فلا مانع من رفع النقاب للتحقق من شخصيتها، أما إن أردت معرفة الإيمان الحقيقى فابحث عن كل الإجابات التى تريدها لأسئلتك المتعلقة بالإسلام بين عقل وأفكار الدكتور محمود عاشور، وكيل الأزهر السابق، الذى يعلم جيدا أن الإسلام دين يسر وليس عسر، كما أنه يؤمن بالآية الكريمة فى سورة «آل عمران» العائدة على النبى الكريم والتى تقول «ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك»، وهذا هو سر الإسلام «السماحة واليسر واللين والتفاهم»، وهى الصفات التى يتميز بها شيخنا الجليل الدكتور محمود عاشور، فتمتزج هذه الصفات بصوته الهادئ المطمئن لتخرج إجابته وتفسيراته ورؤيته للمواقف الدينية والدنيوية معتدلة كما هو الإسلام الحقيقى.
للدكتور محمود عاشور العديد والعديد من المواقف والآراء التى تثبت استنارته واتساع أفقه، وهى الآراء التى تؤكد سماحة هذا الدين العظيم، فهو يرى دائما أن البشر على الأرض سواسية لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات بغض النظر عن ديانتهم التى سيحاسبون عليها أمام الله وحده، أما فى الدنيا فالجميع يتساوى، وهى الفكرة التى يحارب عاشور من أجل ترسيخها، لذلك نجده يجاهد بما يملك من علم من أجل حقوق المسيحيين فى مصر، ودائما يحث على ضرورة نشر فكر المواطنة، وكانت مقولته «المسلم الذى لا يدعو جاره المسيحى على إفطار رمضان فهو آثم».
وهذا الدور لا يختلف كثيرا عن دور الشيخ عاشور فى التقريب بين فرق المذاهب الإسلامية وبعضها، وكان أحد مؤسسى لجنة التقريب بين المذاهب التى يرأسها حاليا، ويرى أنه من المستحيل أن يوحد المسلمين على مذهب واحد لأن الاختلاف أساس البشر، عاشور يرى أن البنوك كلها واحدة والتعامل معها غير محرم لأن هذا نظام اقتصادى للدولة التى نحن أفراد فيها ولن نستطيع الخروج عن هذا النظام وأكد وقتها أن البنوك الإسلامية أسوأ من البنوك الأخرى، أما رؤيته للنقاب فأعلن عنها أكثر من مرة وقال إنه ليس فرضا بل على العكس فالأفضل عدم ارتدائه لأن النقاب يمنح الفرصة لمن تريد الانحراف أن تنحرف دون أن يعرفها أحد، كما أنه يرى أن اللحية ليست فريضة فأبوجهل كان ملحتيا، وليس كل من يطلق لحيته عالم دين.
نساء الدين.. «عبلة» و«سعاد»
«أم المصريين» و«مفتية النساء» تعتمدان تبسيط أمور الدين للعامة وفقا لمبدأ: «وجادلهم بالتى هى أحسن»
غريب جدا موقفنا المتواطئ ضد النساء، فنحن إما نواجه المرأة بالخطاب المتخلف الذى يحرمها من بعض حقوقها على أساس أنها أدنى درجة من الرجل، أو نتعامل معها -وهذا هو المنطق الأخبث والأخطر- كأننا لا نراها، هى غير موجودة عندما نتناول ملفات حساسة مثل ترشيحات الوزارات السيادية أو المناصب العليا، أو حتى عندما نتناول المتميزين فى هذا المجال أو ذاك.. خذ مثلا التفقه فى الدين، لماذا نطلق مصطلع «رجال الدين» على العلماء وكأن التاريخ الإسلامى لم يعرف نساء متفقهات محدثات يأخذ الناس عنهن ويلجأون إليهن؟
ألم يدعنا الرسول الكريم صلى الله عليبه وسلم إلى أخذ نصف ديننا عن أم المؤمنين السيدة عائشة رضى الله عنها؟ ألم تكن السيدة سمية بنت خياط أول شهيدة فى الإسلام ورقية بنت محمد أول مهاجرة؟ ألم تشتهر أسماء بنت أبى بكر الصديق، وأسماء بنت عميس، وجويرية بنت الحارث، وحفصة بنت عمر، وزينب بنت جحش بالعلم ورواية الحديث الشريف؟ ألم يخلد التاريخ أسماء سيدات فقيهات مثل المحدثة «طاهرة بنت أحمد بن يوسف التنوخية» و«زينب بنت مكى بن على بن كامل الحرانى» و«زينب بنت يحيى بن العز بن عبدالسلام و«أم هانئ بنت الهورينى» التى لقّبها «جلال الدين السيوطى» بالمسند و«زينب بنت أحمد بن عبدالرحيم»، و«تميمة بنت السلطان المغربى يوسف بن تاشفين» و«فاطمة الفهرية أم البنين» التى بنت جامع القرويين فى فاس فى القرن الثالث الهجرى.
وفى زمننا الراهن، عادة ما نأخذ على محمل الجد ما يصدر عن العلماء خاصة إذا اتجهوا نحو التشدد والتضييق على الناس وزجرهم، وكأننا نشعر بالذنب الدائم والتقصير، بينما نستخف بالكلام إذا كان صادرا من فقيهة أو عالمة متخصصة، وما تكابده الدكتورة سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر والدكتورة عبلة الكحلاوى أستاذة الفقه فى كلية الدراسات الإسلامية والعربية بنات بجامعة الأزهر، من هجوم مستمر فى الفضائيات الموجهة من غلاة المشايخ، وإنكار كثير من المتعالمين عليهما ما يحملانه من علم ومعرفة، حتى سار الناس وراءهم دون وعى، إن هو إلا نتيجة لسيادة منطق متخلف مغلوط.
والحق أن كلا من سعاد صالح وعبلة الكحلاوى تفضل ألف عالم ممن يعدون أنفسهم مدافعين عن صحيح الدين، بينما يسحبون الناس من أنوفهم إلى جبال تورا بورا.
عبلة الكحلاوى تعتمد منطق الرحمة واللين فى الدعوة إلى الله وتتخذ مبدأ التواصل اللين مع غير العارفين سبيلا إلى التنوير، حتى لقبها محبوها ب«أم المصريين»، ولها تلامذة فى جميع الدول العربية، استنادا إلى حرصها على إلقاء الدروس المباشرة فى المساجد مابين الدول العربية وحرصها على تبسيط أمور الدين وعصرنتها كما يشهد على ذلك برنامجها «الدين والحياة».
أما سعاد صالح فتعتمد أسلوب الصدمات، لا تخشى النقد وتقول للأعور يا أعور فى عينه، ولا تخشى التصنيفات التى يطلقها المشايخ، كما أنها محاربة شرسة، تشهد لها معاركها حول النقاب، أو فتواها الشهيرة بعدم جواز العفو عن مبارك شرعا بدعوى ما قدمه للوطن خلال خدمته فى الجيش، ومعركتها الشهيرة ضد غلاة السلفيين عندما وصفتهم بأنهم سيدمرون البلد، الأمر الذى فتح عليها أبواب الهجوم العنيف، فضلا عن موقفها التنويرى من الفنون والثقافة حتى إنها لم تجد حرجا من وصف الفنانة «يسرا» بالعظيمة بعد تقديمها دور المرأة القوية المدافعة عن حقوقها فى مسلسل «قضية رأى عام».. كل ذلك وضعها فى مكانة عالية بين الناس ومنحها القدرة على تحديث الضرورى من المعارف الدينية للعامة، حتى لقبها محبوها ب«مفتية النساء».. ولا عزاء للرجال.
عمرو خالد.. أول متحدث شعبى دينى
باسم الجيل.. ورائد الدعاة الجدد
ليست مبالغة وصف عمرو خالد بصفة المتحدث الشعبى غير الرسمى باسم الشباب فى حقبة زمنية، اتسمت بالاضطراب والتخبط السياسى والدينى فى آن، وهى حقبة التسعينيات، وبداية الألفية، حيث ظهر عمرو خالد عام 1998 ليحل محل الداعية عمر عبد الكافى.. فى إعطاء الدروس الدينية فى مسجد نادى الصيد بمنطقة الدقى، حيث يعيش.
ولد عمرو خالد عام 1967، الذى ارتبط فى أذهان المصريين بالهزيمة العسكرية البائنة، التى تركت بقعة حبر سوداء فى صفحة كتاب التاريخ، ونما مثل جيله، مصطدما بتيارين، أحدهما يدعو للانفلات الأخلاقى الكامل، والآخر تربى على كتب «عذاب القبر»، واستطاع أن يفرض سطوته على المرحلة، لتتسم بطابع إسلامى كامل، طوق الجامعة، فكان لعمرو خالد الاحتكاك الذى لا فكاك لأى طالب جماعى فى أوائل الثمانينيات أن يفلت منه، وهو الانضمام للجماعة الإسلامية، التى كانت آنذاك رافدا من روافد جماعة الإخوان المسلمين، التى لم تستطع أن تجد لها موطئا فى الدولة، سوى أن تستخدم الصبر، حتى تنشر سيطرتها على المجتمع بالكامل، لكن الشاب، استطاع أن يجد حلا وسطا، غير منفر لهؤلاء الذين سئموا الحديث عن الجنة والنار، ولهجة الترهيب والوعيد، فاستطاع عمرو خالد ببسمته وبساطته، ولغته غير الجامدة، أن ينفذ بسهولة عبر طيات مستمعيه، ويجذب شريحة عمرية نفرت من المشايخ، وأصحاب الذقون، بل لم يكتفوا بالنفور، وإنما سخروا منهم أيضا، وكان من الطبيعى أن تستمع هذه الفئة العمرية، لمن يتناول الدين بلغة مبسطة، مزجت مشاكلهم اليومية، بالقصص القرآنية، وساعدهم فى التخلص من هموم «البطالة» أو السقوط فى دوائر الإدمان، فوجد شباب النوادى، فى عمرو خالد، ملجأ يخلصهم من هذه الذنوب، والآثام، خاصة أن قصص التسامح التى كان يكررها على مسماعهم، كان لها أثرها فى إحياء أملهم، حيث ركز على تبصير هذا الجيل بخطورة الإدمان، والتدخين، واطمأنت القيادات الأمنية لابتعاده عن السياسة، وهو ما جعلها ترخى له الحبل على الغارب أولا، قبل أن تشهر فى وجهه سلاح الحظر، بعد ارتفاع شعبيته، إذ تحول عمرو خالد لقطب المغناطيس الذى انجذب له الشباب، لحديثه الخافت، الخالى من صدى الوعيد، وتهديدات «عذاب الحريق»، وغيرها مما برع فيه خطباء «السلفية» فى أشرطتهم، فى المناطق الشعبية، ونجح خالد فيما لم ينجح فيه هؤلاء، أو الدولة التى أعطت ظهرها تماما للشباب فى تلك الفترة، بعدما انهكتها معركة الإسلاميين طوال فترة التسعينيات، وكان لتعاظم جموع الشباب الغفيرة التى حضرت أحد دروس عمرو خالد فى مسجد المغفرة خلف مسرح البالون عام 2000، مؤشر على نجاح الرجل فى الوصول لطائفة، استطاعت بعد عقد كامل أن تسقط نظام تجاهلها منذ نشأتها، حيث خلا حديث عمرو خالد لهذا الجيل من دروس «الفقه» أو»الفتاوى» وغيرها، مما جعل مسجد المغفرة يكتظ بالآلاف من هؤلاء الشباب، فى اليوم الذى اختاره عمرو لإلقاء درسه من المغرب للعشاء، فى الوقت الذى كانت الأحزاب الفاسدة، تعجز عن تنظيم مؤتمر جماهيرى يحضره 500 شخص، لم يرصد عمرو خالد دروسه لتكفير الأدباء والمبدعين مثل نجيب محفوظ، كما لم يتطاول على المجتمع، ويدعو لمقاطعته وتكفيره، على العكس من ذلك كان يحث مستمعيه على الانخراط فيه، ولم يدعهم لهجرة عائلاتهم، أو للجهاد لتخليص القدس، أو زجهم فى مواجهات مسلحة مع الشرطة، بل تركزت دعوته لمستمعيه على الاستمتاع بدنياهم، والتدين من أجل آخرتهم، والاستمتاع بالعالمين «الدنيا والدين».
العلاّمة على جمعة.. حامل لواء الإمام محمد عبده
تجديد الخطاب الدينى يبدأ بإدراك الواقع الذى نعيشه.. والعلم هو السبيل الوحيد للتغيير
منذ قرأت له سلسلة مقالاته التى نشرها تحت عنوان «النموذج المعرفى الإسلامى وتجديد الخطاب الدينى» وأنا أسعى متابعا لاهثا خلف هذا الرجل، الفقيه المجدد الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية، حامل لواء الإمام محمد عبده، فى هذا الزمن الصعب الذى نعيش فيه، زمن انتشار الجهل وتطاوس أدعياء العلم والمتاجرين بعقول البسطاء.
بهرتنى فكرة هذا العالم الجليل التى اعتبر فيها أن عملية تجديد الخطاب الدينى تبدأ بإدراك الواقع الذى نعيش فيه وتحديد معناه، وكيف قسمه إلى خمسة عوالم: عالم الأشياء، وعالم الأشخاص، وعالم الأحداث، وعالم الأفكار، وعالم النظم، مع إمكانية الإضافة إليها كل يوم ما يتناسب مع استقراء الواقع، وتحليل مكوناته، ودون إغفال التركيب والتداخل بين هذه العوالم الخمسة، مؤكدا أن علينا فهم هذه العوالم فى تغيُّرِها الدائم المستمر باعتبار أن هذا من سنن الله فى كونه.
لم يحاول الرجل أن يختطفنا، كما اعتاد غيره أن يفعلوا، إلى لحظة ذهبية معلومة بالضرورة من التاريخ الإسلامى، ولم ينغص علينا عيشنا بالاكتفاء بالمكانة التى وصل إليها أسلافنا الأوائل، ثم يشرع فى تأويل واقعنا قياسا لما حققه هؤلاء الأسلاف لينتهى إلى ضرورة أن نهرب باتجاه كذا وكيت من ممارسات السلف الصالح حتى نحقق ما حققوه من مجد، دون مجاهدة فى الواقع أو تحمل لمسؤولية السعى وعمارة الأرض
على العكس من ذلك، يؤكد الدكتور على جمعة أن العلم أساس للنهضة المرتجاة، باعتباره السبيل الوحيد لتغيير الواقع، والانطلاق نحو مستقبل مشرق نكون فيه مساهمين ومشاركين فاعلين فى البناء الحضارى وليس مجرد عالة على الإنسانية، ولو كُتب لأفكاره هذه الانتشار، وأصبحت منطقا عاما لدى عموم الناس، أعتقد أننا سنكون على مشارف نهضة حضارية تحقق الطفرة التكنولوجية التى نحتاجها وتحافظ على وجدان الأمة من أى شروخ ثقافية.
العالم الجليل يعلن صراحة أنه ليس هناك حدٌّ للبحث العلمى من أى جهة كانت، وأن الأمر عام ومطلق فى شأن تحصيل العلم، مستشهدا فى ذلك بآيتين حاسمتين؛ الأولى تفيد العموم، والأخرى تفيد الإطلاق؛ الأولى « قُلْ سِيرُوا فِى الْأَرْضِ فَانظُرُوا» «النمل: 69»، على اعتبار أن أمر السير على عمومه، وأمر النظر على عمومه، والآية الثانية «قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ» «الزمر: 9»، فأطلق العلم ولم يحدد ماذا يعلم، هل يعلم الكونيات أو الشرعيات أو المفيد أو غير المفيد؟ كما يذهب فى الوقت نفسه إلى أن العلم فى لغة القرآن هو ذلك الذى يوصل إلى الله تعالى: «إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌغَفُورٌ» «فاطر: 28»
انظروا إلى دعوته الجريئة والمضيئة للتخلص من عقلية الخرافة، وكيف يعرف عقلية الخرافة بأنها «العقلية التى لا تفرق بين المجالات المختلفة، ولا تقيم الدليل المناسب لإثبات القضية محلَّ النظر، ولا تتبع منهجًا واضحًا محددًا من قبل فى التعامل مع الحقائق، ولا تعتمد مصادرَ للمعرفة»، ولماذا يا أستاذنا الدكتور تريد أن تتخلص من هذه العقلية المرفوضة؟ لأنها تدعو إلى «الانتحار أو الانبهار أو الاجترار أو الانحسار أو الاغترار»، وكلها مناهج مرفوضة.
منهج الانتحار فى رأى الدكتور جمعة يؤدى إلى التكفير المؤدى فى نهاية الطريق إلى التدمير، ومنهج الانبهار بالآخر والتعدى على مصادر الشرع من غير المتخصصين يصل بمعتنقيه إلى إنكار الإجماع، أو البعد عن الهوية الإسلامية، ومنهج الانحسار يؤدى إلى الفرار من الواقع الذى يشبه الفرار يوم الزحف، ومنهج الاجترار يتمثل فى التمسك الصورى بمسائل التراث دون الوقوف عند مناهجها حتى يمكن تطويرها إن احتاجت إلى تطوير، أما منهج الاغترار فيمكن ملاحظته عند كثير من خارج الدراسات الدينية الأكاديمية، الذين أقحموا أنفسهم فى مجال الكلام فى الشرع الشريف رغبة فى الإصلاح دون أساس أو لمجرد الاستعراض.. الله.. الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.