صور| كنائس وأديرة الأقصر تحتفل ب«أحد السعف».. والرهبان في مقدمة المصلين    خبير تربوي يكشف أهمية توجيه الرئيس لدراسة الرقمنة وتكنولوجيا المعلومات    وزير الرياضة يفتتح ملتقى الشباب الدولي للإبداع والابتكار في الذكاء الاصطناعي    إكسترا نيوز: عبور 4150 شاحنة مساعدات إنسانية ووقود لغزة منذ بداية أبريل    إعلام أمريكى: متظاهرون يحتجون قرب منزل نتنياهو لمطالبته بالتنحي وصفقة تبادل    شكرى ونظيره الماليزى يؤكدان على الرغبة المشتركة في مواصلة تعزيز أطر التعاون المشتركة    ولي العهد ورئيس الوزراء العراقي يستعرضان العلاقات الثنائية    مان سيتي يحقق الانتصار خارج أرضه أمام نوتنغهام في الدوري الانجليزي    أخبار الأهلي : طلب عاجل من الأهلي لإستاد القاهرة قبل مواجهة الترجي    بايرن ميونخ يغري برشلونة بجوهرته لإنجاز صفقة تبادلية    رئيس جامعة دمياط يكرم بطلة المنتخب للملاكمة يمنى عياد    شرطة التموين تُحبط محاولة جديدة لرفع أسعار السجائر.. ماذا فعلت؟    الأربعاء.. عرض «ملح الجبل» بمركز الثقافة السينمائية    ملك أحمد زاهر: تخوفت من دوري في مسلسل محارب قبل التصوير    فرقة بني سويف تقدم ماكبث على مسرح قصر ثقافة ببا    رئيس استرازينيكا مصر: نستهدف الوصول ل30 مليون مواطن للتوعية بسرطان الكبد    بعد عامين من انطلاقه.. «محسب»: الحوار الوطني خلق حالة من التلاحم والتوافق بين أطياف المجتمع المصري    تعرف على مواعيد امتحانات المرحلة الإعدادية في مدارس الأقصر    حفيظ دراجي يرد عبر «المصري اليوم» على أنباء رحيله عن «بي إن سبورتس»    الوفد ينظم محاضرة تحديات الأمن القومي في عالم متغير    غدا .. محاكمة 27 متهما بإنهاء حياة شخص بأسيوط    تحذيرات عاجلة لهذه الفئات من طقس الساعات المقبلة.. تجنبوا الخروج من المنزل    امتحانات الفصل الدراسي الثاني.. نصائح لطلاب الجامعات ل تنظيم وقت المذاكرة    خيانة جديدة للسيسى ..امتيازات الإمارت ب"رأس الحكمة" تحولها لدولة داخل الدولة على حساب السيادة المصرية    الرئيس عباس يطالب أمريكا بمنع إسرائيل من "اجتياح رفح" لتجنب كارثة إنسانية    أون لاين.. خطوات إصدار بدل تالف أو فاقد لبطاقة تموين 2024    حكم ورث شقة إيجار قديم بالتحايل؟.. أمين الفتوى يوضح    دعاء راحة البال والطمأنينة قصير.. الحياة مع الذكر والقرآن نعمة كبيرة    وزير السياحة السعودي: هجمات الحوثيين لا تشكل تهديدا لمنتجعات المملكة على البحر الأحمر    منها تناول السمك وشرب الشاي.. خطوات هامة للحفاظ على صحة القلب    «حرس الحدود»: ضبط كمية كبيرة من الأسلحة والذخائر قبل تهريبها    بروتوكول بين إدارة البحوث بالقوات المسلحة و«التعليم العالي»    "الرعاية الصحية" تشارك بورشة العمل التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية    فيلم «شقو» ل عمرو يوسف يتجاوز ال57 مليون جنيه في 19 يوما    إعلام عبري: 30 جنديًا بقوات الاحتياط يتمردون على أوامر الاستعداد لعملية رفح    ننشر أقوال محمد الشيبي أمام لجنة الانضباط في شكوى الأهلي    رمضان عبد المعز: فوّض ربك في كل أمورك فأقداره وتدابيره خير    وزير بريطاني يقدر 450 ألف ضحية روسية في صراع أوكرانيا    الرئيس العراقي خلال استقباله وزير الري: تحديات المياه تتشابه في مصر والعراق    وكيل تعليم بورسعيد يكرم المدارس المشاركة في معرض أهلا رمضان 2024    حجازي: مشاركة أصحاب الأعمال والصناعة والبنوك أحد أسباب نجاح التعليم الفني    نشرة في دقيقة | الرئيس السيسي يتوسط صورة تذكارية عقب افتتاحه مركز الحوسبة السحابية الحكومية    طريقتك مضايقاني.. رد صادم من ميار الببلاوي على تصريحات بسمة وهبة    مستشفيات جامعة بني سويف تستقبل مرضى ومصابي الحرب من الأشقاء الفلسطنيين    رفض والدها زواجه من ابنته فقتله.. الإعدام شنقًا لميكانيكي في أسيوط    رئيس هيئة الدواء يبحث سبل التعاون لتوفير برامج تدريبية في بريطانيا    «رجال الأعمال المصريين» تدشن شراكة جديدة مع الشركات الهندية في تكنولوجيا المعلومات    سفير روسيا بمصر للقاهرة الإخبارية : علاقات موسكو والقاهرة باتت أكثر تميزا فى عهد الرئيس السيسى    الليلة .. سامى مغاورى مع لميس الحديدى للحديث عن آخر أعماله الفنية فى رمضان    بصلي بالفاتحة وقل هو الله أحد فهل تقبل صلاتي؟..الإفتاء ترد    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية في قرية جبل الطير بسمالوط غدا    اليويفا يكشف النقاب عن حكم مباراة ريال مدريد وبايرن ميونخ في ذهاب نصف نهائي تشامبيونزليج    اعرف مواعيد قطارات الإسكندرية اليوم الأحد 28 أبريل 2024    «فوبيا» تمنع نجيب محفوظ من استلام «نوبل»    خلال افتتاح مؤتمر كلية الشريعة والقانون بالقاهرة.. نائب رئيس جامعة الأزهر: الإسلام حرم قتل الأطفال والنساء والشيوخ    خلال 24 ساعة.. ضبط عدد من قضايا الإتجار فى العملات الأجنبية بقيمة 16 مليون جنيه    البوصلة    حسام البدري: أنا أفضل من موسيماني وفايلر.. وكيروش فشل مع مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لمصلحة من إضعاف النيابة الإدارية؟

يطالب المصريون بحق إصلاح الوظيفة العامة فى مصر، وهو مطلب مشروع بعد أن تفشى الفساد فى كل المرافق العامة، فساءت أحوالها على نحو غير مسبوق، وعجزت عن أداء دورها فى خدمة أفراد الشعب وتلبية احتياجاتهم الأساسية، وأصبح الحصول على خدماتها مرهونا بسداد الرشى، أو من خلال الواسطة والمجاملات.
و تتعدد الأسباب التى أدت إلى ما آل إليه حال المرافق الحكومية المختلفة، وعلى رأس هذه الأسباب تأتى السياسة الحكومية الممنهجة التى تم اتباعها من خلال الحكومات السابقة، وعلى مدار عقود عديدة مع النيابة الإدارية، وهى الهيئة القضائية المنوط بها محاسبة الموظفين العموميين تأديبيا ومكافحة القصور فى أدائهم لأعمالهم الوظيفية، وقد كان الهدف من إنشاء النيابة الإدارية تحقيق ضمانات الحيادية التامة للقائم بالتحقيق الإدارى بعيدًا عن تأثير الرئيس الإدارى بما يكفل حيادية التحقيق ونزاهته، ويضمن أن يكشف التحقيق عن مرتكب الجريمة التأديبية أيا كان مركزه الوظيفى دون تستر عليه من أحد، وكذلك ضمان عدم التنكيل بالموظفين وتوقيع الجزاءات عليهم دون وجه حق استنادا إلى تحقيقات صورية تكون أداة فى يد الرئيس الإدارى، مما يؤدى إلى الإضرار بالمصلحة العامة للمرفق العام، وغياب العدالة وإشاعة الإحساس بالظلم بين الموظفين العموميين، والذى لا يقلل من إثارة السلبية الضارة على الموظف القول بأن أمامه باب الطعن أمام القضاء على الجزاءات الموقعة عليه، إذ خير للموظف أن لا يعاقب ابتداء ظلما، عن أن يتكبد مشقة اللجوء إلى القضاء لرفع ما حاق به من ظلم.
والنيابة الإدارية هى القوامة على الدعوى التأديبية نيابة عن المجتمع الوظيفى وهى منزهة عن الهوى الإدارى وكان من المفترض أن تباشر عملها فى حرية تامة، وأن تلقى كل دعم من الدولة لتمكينها من أداء رسالتها، فهى ببساطة اليد العادلة للدولة فى محاربة الانحراف الوظيفى، لكن ذلك لم يحدث، بل العكس تماما هو الذى حدث، فبدلا من أن تجرى مياه كثيرة فى نهر النيابة الإدارية، تم تجفيف مياهها عمدا، إذ تم إضعاف النيابة الإدارية طيلة السنوات السابقة، وضعت العراقيل أمامها، جرى تكبيلها بقوانين ولوائح معيبة، ورفضت الحكومات المتعاقبة على مدار العشرين عاما الماضية تلبية مطالب النيابة الإدارية بتعديل قانونها لتمكينها من أداء رسالتها المهمة فى مكافحة الفساد المالى والإدارى ومحاسبة القيادات الإدارية، وإنصاف الموظفين الذين يتعرضون لقهر وظلم من رؤسائهم، وهو ما انعكس بشدة على الجهاز الإدارى للدولة، وأدى إلى انتشار الفساد وزيادة تسلط الرؤساء الإداريين على مرؤسيهم، وفقدان الإحساس بالعدالة لدى أغلب الموظفين العمومين، فالهيئة القضائية المفترض أنها مستقلة فى عملها غير قادرة على حماية من يثبت التحقيق براءته، وغير قادرة على محاسبة الرؤساء المنحرفين، فكانت الكارثة كبرى التى أدت إلى انهيار الوظيفة العامة.
فقانون النيابة الإدارية الحالى ضعيف وملىء بالثغرات التى تعوق عمل النيابة الإدارية، لا يساعد على مكافحة الفساد، بل ييسره ويساعد عليه ويفتح السبل أمامه، فهل يتصور أحد أن ذلك القانون ينص على أن تباشر النيابة الإدارية التحقيق فى الجرائم والمخالفات، وبعد ذلك تطلب توقيع العقاب على من تثبت مسئوليته عن ارتكاب هذه الجرائم، ثم يحال الأمر بعد ذلك إلى الرؤساء الإداريين ليتصرفوا فى التحقيق بحرية مطلقة كيفما يشاءوا دون مراجعة من النيابة الإدارية، إذ تقف النيابة الإدارية مغلولة الأيدى لا تملك الاعتراض على قراراتهم رغم أنها فى المقابل تملك الاعتراض على أحكام المحاكم التأديبية، وهى مفارقة غير مقبولة وغير منطقية، فالنيابة تستطيع مراجعة القضاة فى أحكامهم وتملك الطعن عليها ولا تستطيع أن تفعل ذلك مع المسئولين الحكوميين رغم أن المفروض أن يحدث العكس، ولأن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة أهدرت نتائج التحقيقات، وانعدمت المحاسبة الجادة.
ولم يقف الخلل عند هذا الحد بل وصلت الفوضى إلى أن كل هيئة عامة تعمد إلى إصدار قرارات إدارية بإلغاء اختصاص النيابة الإدارية بالتحقيق فى المخالفات المالية التى تحدث بها، ولا شك أن هذه اللوائح والقرارات تهدف إلى التستر على المخالفات المالية وحماية مرتكبيها الذين يكونون عادة من القيادات الإدارية، لقد تفشى هذا الخلل الجسيم حتى أصبحت الجهات التى لا تخضع لولاية النيابة الإدارية أكثر من التى تخضع لولايتها، رغم أن أموالها جميعا أموال عامة وهو ما كان يستوجب فرض الحماية التأديبية عليها بإخضاعها لولاية واختصاص النيابة الإدارية.
لقد حدث ذلك كله تحت سمع وبصر الحكومة، وبرضاها، ولم تحرك ساكنا لمواجهته، بل تعمدت فى إصرار مريب على رفض كل مشروعات القوانين التى اعدتها النيابة الإدارية، وتقدمت بها لوزارة العدل منذ عام 1990 وحتى الآن، عشرات من مشروعات القوانين عكف على إعدادها نخبة من مستشارى وشيوخ النيابة الإدارية وضعوا فيها خلاصة خبرتهم لتفعيل النيابة الإدارية، ومن ثم تحقيق حماية حقيقية للمال العام، لكن ألقى بتلك القوانين فى الأدراج، فشاع الفساد واستشرى الإهمال، وباتت النيابة الإدارية مكبلة ومقيدة، تعمل بقانون مشوه، يضعفها أكثر مما يدعمها، يسلب من اختصاصاتها أكثر مما يضيف إليها.
لا يختلف اثنان على أن النيابة الإدارية تحقق بعملها مصلحة الفرد ومصلحة الإدارة ومصلحة المجتمع ككل فى آن واحد، فمن مصلحة الفرد أن يتم التحقيق معه أمام جهة محايدة ومستقلة عن سيطرة رئيسه الإدارى، ترفع الغبن عنه دون خوف أو وجل، وهو ما يمكن للنيابة الإدارية أن تقوم به إذ إنها مستقلة عن جهة الإدارة، ومن مصلحة الإدارة أن تكون التحقيقات الإدارية محايدة ونزيهة، تكون عنوانا للحقيقة المجردة، فيتم تبرئة الموظف المظلوم إذا كان يستحق ذلك، فيتحقق الأمان للعاملين فينصرفوا لأداء أعمالهم فى استقرار، ومساءلة المذنب مهما علا مركزه الوظيفى.
والآن وقد انتفض الشعب وثار، ليحقق الإصلاح، والإنصاف، وارتفعت الأصوات مطالبة بمكافحة الفساد، ومحاسبة المفسدين، يحلم المواطن أن يذهب لقضاء مصلحته فى أى جهة حكومية دون أن يحتاج إلى واسطة، أو يضطر إلى دفع مقابل ليحصل على حقه، حلم مشروع، فاستبشرت خيرا بقرب تعديل قانون النيابة الإدارية لكسر أغلالها وفك قيودها، ولكن تمضى الأيام ولا مجيب، ولا أعرف من المستفيد، يظل السؤال يدق رأسى بعنف، لمصلحة من يتم اليوم إضعاف النيابة الإدارية؟!.
* مستشار بالنيابة الإدارية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.