حرب شرسة واتهامات متبادلة تدور هذه الأيام بين الجماعة المسلمين بسبب مواقف الجماعة الإسلامية من أحداث الماضى سواء تلك التى اشترك فيها الإخوان أو كان لهم يد فيها مثل حادث المنشية 1954 وعلاقة ثورة يوليو وتحديدا جمال عبدالناصر بالحركة الإسلامية، وأخيرا الحوار بين مدارس الحركة. وقود المعركة هو شباب الإخوان الذين يترصدون مواقف قيادات الجماعة ويكيلون لهم الشتائم والاتهامات التى تصل إلى حد التشكيك فى الدين والانتماء، ما دفع قادة الجماعة الإسلامية وخاصة متحدثها الرسمى ناجح إبراهيم إلى إعلان الشعور بالآسى، ليطلق مبادرة بعنوان «إلى من يهمه الأمر» لحوار وتوحيد فصائل الحركة الإسلامية والنقاش حول المشترك، لكن الإخوان لم ينتبهوا ولم يعيروا الجماعة اهتماما وخرج شبابهم ليوجهوا اللوم والعتاب لإبراهيم والجماعة. الجماعة الإسلامية ولأسباب تاريخية رفضت هيمنة الإخوان على قرارهم وأعلنوا الانفكاك بداية من الجامعة حتى العمل العام، ورغم اعتبار البعض أنهم خرجوا من عباءة الإخوان فإنهم يؤكدون تميزهم فى الفكر والتوحد خلف القيادة والنظر بعين أشمل وأعم على مصالح الأمة والبلد بعيدا عن المصلحة التنظيمية. الإخوان يريدون الاحتفاظ بلقب «الممثل الحصرى للتيار الإسلامى فى مصر»، كما يقول حسام تمام الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، فالإخوان متشددون فى التعامل مع الإسلاميين العاملين فى السياسة، ومع هذا لا يدخل قيادات الإخوان مباشرة فى سجال إعلامى أو نقاش ساخن، بل يتركون هذا للشباب حتى لا يتحمل التنظيم مسئولية هذا السجال. لكن د.محمد حبيب نائب المرشد العام للإخوان يرد على هذا بأن أى فصيل ينتقدنا عليه أن يقارع الحجة بالحجة ويقدم الأدلة على صدق توجهه، وأن يتقبل النقد بصدر رحب، خاصة لو كان بناء ويتعلق بأمور الدين أو إصلاح المجتمع. عصام دربالة عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية يذكر أن الإخوان خاصة شبابهم لا ينظرون إلى الخلاف على أساس موضوعى ويناقشون الظاهر، بل إنهم ليس لديهم إلمام بأمور فقهية ولا نظرية فكرية، فقط يسيرون وراء عاطفتهم التنظيمية والانتصار للكيان وليس للإسلام والمصلحة العامة. الجماعة الإسلامية اعتبرت أن الإخوان فى الثمانينيات والتسعينيات باعوا الدين بالسلطان وتحالفوا مع النظام فى الانتخابات ودخلوا العملية السياسية على حساب الدين، وعليه بدأت التصريحات والاتهامات المتبادلة وترك الإخوان الجماعة وحدها فى مواجهاتها المسلحة مع الدولة، بل تبرأوا من أى علاقة معهم؛ خوفا من أن يوصف الإخوان بالعنف، حتى بعد مراجعات الجماعة لم يقترب الإخوان منها وتعاملوا معها سلبيا، لكن محمد حبيب نفى ذلك وقال إنهم ثمنوا المراجعات وأيدوها. هذه الرؤية يرد عليها قيادى بارز فى الجماعة الإسلامية رافضا ذكر اسمه بأن الإخوان يريدون من الجماعة أن تسبح بحمد الإخوان صباح مساء وألا يخرجوا برأى أو شىء دون الرجوع إليهم. عصام دربالة يعترف أن كل طرف من الأطراف الإسلامية لديه حساباته وظروفه التى تجعله يحسب مكاسبه وخسائره قبل أى حوار أو تنسيق، نافيا أن تكون الجماعة الإسلامية وقفت ضد الإخوان مع الاعتراف بفضل وريادة الإخوان وتاريخهم فى قيادة الحركة الإسلامية، لكن ذلك لا يمنع الاختلاف معهم، ووجه دربالة سؤاله للإخوان: «لماذا تجلسون مع اليسار والشيوعيين والوفد والأحزاب الناصرية ولا تفتحون حوارا مع أبناء الحركة الإسلامية؟»، ويرد دربالة بأن الإخوان تعتبر أن لها حقا مقدسا لا يزاحمها فيه أحد من الإسلاميين. كمال حبيب قيادى الجهاد استبعد حوارا أو حتى لقاء مشتركا، واعتبر التلميح من الإخوان ما هو إلا تطييب خاطر؛ لأن الإخوان يتحاورون مع الجميع إلا الفصيل الإسلامى، لأنهم لا يجدون ا يدفعهم إلى الحوار، خاصة أن هذا قد يستغرقهم فى تفاصيل تأخذهم بعيدا عن السياسية والمنافسة على وضع سياسى معين يخططون له، فالإخوان يتسامحون ويقبلون بالتعددية فى مجالات أخرى إلا التسامح مع أى فصيل إسلامى يدعو لممارسة السياسة.