مجلس الشعب تحول إلى "برج مراقبة" لثلاث جهات أمنية تراقبه من كل الجهات، وتتشارك كل على حده فى حصاره. قطاع حرس المجلس وأمن الدولة والأمن القومى هى الجهات المختصة بمجلس الشعب، وتقوم بمراجعة كل التقارير البرلمانية قبل مناقشتها تحت قبة البرلمان, بل تحدد أهدافها داخل أماكن تجمع نواب مجلس الشعب لتحصل على المعلومات التى ينوى النواب، خاصة من كتلة المستقلين والمعارضة، الاستناد إليها فى تقديمها فى استجواباتهم وطلبات الإحاطة للاستجواب والسؤال وغيرها من الأدوات البرلمانية للنائب. حضور دائم ضباط حرس مجلسى الشعب والشورى لا يتغيبون عن حضور الجلسات البرلمانية، بل على العكس يحضرون من الصباح الباكر ويتم توزيعهم من الإدارة الخاصة بهم على مبانى المجلسين حيث اجتماعات اللجان البرلمانية، ليقوموا بجمع كل الأخبار التى يكتبها الصحفيون قبل إرسالها إلى جرائدهم, ونظراً لعلاقة الألفة التى تجمع بين محررى مجلسى الشعب والشورى وبين ضباط حرس المجلس والذين يتم اختيارهم بناء على كفاءتهم وحسن مظهرهم، فإن المسألة تسير بشكل ودى. ولا مانع من أن يسرب كلا الطرفين لبعضهما بعض الأسرار عن النواب "هذه المحاكاة التى يتجرد فيها كلا الاثنين من عباءة عملهما". أما ضباط أمن الدولة فهم أقل فى حميتهم من ضباط حرس المجلس، "والذين يصر بعضهم على جمع أكبر عدد من الأخبار الصحفية من جميع المؤسسات القومية والمستقلة والحزبية، حتى أن الجرائد الأسبوعية لا يخلو السؤال عن ما ستقدمه فى عددها المقبل". ولضباط أمن الدولة العاملين فى المجلس هيبة واتزان، فطريقة معاملتهم داخل حرم البرلمان تختلف كلياً عما يتردد من حكايات عن ضباط أمن الدولة المتواجدين داخل قطاعهم التابعة لوزارة الداخلية أو داخل بعض المؤسسات السيادية الأخرى. وعلى عكس ما يفعل ضباط حرس المجلس نجد ضباط أمن الدولة حريصين على جمع عدد محدود من الأوراق الصحفية الخاصة بمتابعة اللجان والجلسات البرلمانية، إلا فى حالة قيام أى من نواب كتلة الإخوان المسلمين 86 نائباً بتقديم أية استجوابات أو طلبات إحاطة حول سياسة وزارة الداخلية وموقفها من ملف التعذيب أو الانتقادات التى توجهها المراكز الحقوقية ضد عمليات القبض العشوائى. المعلومات تؤكد أن هذه الأخبار يتم إعداد نشرة يومية بها وعرضها على مكتب وزير الداخلية والتى تحمل فى بعض الأحيان أسماء بعض محررى الصحف اليومية. النواب أكدوا أن هذا الأمر يأتى فى ظل المراجعة اليومية الدقيقة حول ما يحدث تحت قبة البرلمان, بينما أبدى بعض النواب من كتلة الإخوان المسلمين تخوفهم من أن تصبح هذه التقارير سيفاً مسلطاً على رقبة مجلس الشعب بما فيه من نواب ورؤساء الكتل البرلمانية ليمتد نحو شعبة المحررين البرلمانيين. جهاز الأمن القومى الجهة الأمنية الثالثة هى جهاز الأمن القومى التى لا تظهر إلا فى أوقات محددة طوال الفصل التشريعى وضباطها مختصون برصد كافة الأخبار التى دارت داخل لجان أو جلسات مجلس الشعب والخاصة بالطابع الخارجى. ورغم أنهم لا يظهرون كثيراً بين النواب إلا أنهم يعرفون كل شىء يخص النواب. بعض الأجهزة الأمنية، أكدت أن التقارير الصحفية التى يتم جمعها من مجلسى الشعب والشورى يتم إعداد نشرة مجمعة بها وعرضها على وزير الداخلية بهدف متابعة ما يدور داخل مجلس الشعب فى إطار تحقيق الأمان. يبقى السؤال: إذا كانت وزارة الداخلية تراقب الأعمال الصحفية المكتوبة قبل إرسالها لمطابع الجرائد، وإذا كانت هناك ملفات يتم تصنيف الصحفيين فيها، فما هو حال نواب مجلس الشعب والذين يتحركون وسط مراقبة أمنية لصيقة قد تعوقهم عن ممارسة مسئولياتهم البرلمانية؟ مراقبة غير دستورية الدستور المصرى ينص على أحقية المؤسسة التشريعية فى مراقبة السلطة التنفيذية ولكن ما يحدث على أرض الواقع هو العكس. هذا ما أكده النائب "الإخوانى" الدكتور محمد البلتاجى، قائلاً إن الأصل فى وجود هذه الجهات هو مراقبة وحراسة المنشآت السيادية وليس الأشخاص، وأضاف: "مراقبة نشاط النواب داخل البرلمان أمر خطير ويعكس مدى التحجيم الذى تمارسه هذه الجهات داخل البرلمان لعرقلة نشاط نواب المعارضة. وأكد البلتاجى أن استمرار الأوضاع على شاكلتها أمر يثير خطورة شديدة، خاصة حينما تنتقل هذه المتابعات إلى الحياة الشخصية للنواب. وتساءل البلتاجى عن الدور الذى لعبته هذه الجهات أثناء حدوث حريق الشورى، مضيفاً: "هذه الجهات خرجت عن مشروعية عملها وبدأت فى التصنت ومراقبة النواب سواء من خلال متابعة نشاطهم تحت قبة البرلمان، من خلال التقارير الصحفية التى يتم جمعها من المحررين البرلمانيين أو محاصرة نشاطهم داخل حرم البرلمان. فيما أكد النائب "المعارض" طارق سباق، أن الأصل هو مراقبة المؤسسة التشريعية للسلطة التنفيذية ولكن ما يحدث هو العكس، فانتشار الأجهزة الأمنية داخل حرم البرلمان لا يأتى من منطلق تأمين النواب بقدر ما يتم مراقبة أنشطتهم, مشيراً إلى أن غالبية البرلمانات فى العالم تكفل لنوابها ممارسة نشاطهم داخل وخارج الحرم البرلمانى وهو ما يفعل الممارسة الديمقراطية السليمة. أكد سباق أن نواب الحزب الوطنى من أكثر النواب خوفاً من كتابة أسمائهم ضمن هذه التقارير والتى ترفع إلى وزير الداخلية, مبيناً أن نواب الوطنى يسعون إلى ضمان مقاعدهم فى الدور التشريعى القادم 2010، وهو الأمر الذى دفع بعض نواب المعارضة داخل الحزب الوطنى إلى ضبط إيقاع حركاتهم بعد أن طلبت منهم بعض القيادات الأمنية عدم الانسياق وراء الآراء المعارضة للسياسات الحكومية. تأمين النواب لا مراقبتهم يرفض النائب "الوطنى" محمد عامر ما أثاره زملاؤه، وأكد أن تواجد هذه الجهات الأمنية الثلاث يأتى من دافعين أولهما سلامة المنشآت الخاصة بحرم مجلسى الشعب والشورى، أما الدافع الثانى فيصب فى صالح تأمين نواب مجلس الشعب ورصد كل ما يحدث يومياً داخل البرلمان، وهو أمر مقبول طالما أنه لا يتطرق إلى تحجيم آليات الممارسة البرلمانية لأى نائب. لمعلوماتك ◄29 لجنة برلمانية هم عدد اللجان البرلمانية بمجلسى الشعب والشورى.