افتتح موسم مسارات فلسطين مساء الأربعاء في بروكسل بأمسية شعرية أهداها هذا المهرجان الذي يعتبر الأكبر في أوروبا المكرس للثقافة الفلسطينية لروح الشاعر الفلسطيني الكبير الذي كان من المفترض أن يكون من منظميه. وكشفت مندوبة فلسطين في بروكسل ليلى شهيد في الأمسية أن درويش وافق على طلبها بترؤس اللجنة الإدارية المكونة من فنانين ومبدعين فلسطينيين والتي تشكلت بالتنسيق مع أعضاء فرنسيين وبلجيكيين لموسم "مسارات فلسطين"، رغم قلبه المتعب. بدلا من أن يحيي الشاعر الكبير هذه الأمسية الشعرية قام بذلك أصدقاؤه المقربون الذين رثوه في أجواء مؤثرة. قدمت فى السهرة شهادات في الشاعر الراحل من كل فاروق مردم بك ناشر درويش بالفرنسية، والروائي اللبناني الياس خوري والكاتب الفلسطيني، والمؤرخ الياس صنبر مترجمه إلى الفرنسية، وصبحي حديدي الناقد والصحفي الذي يعتبر من اخبر الناس بشعره، والكاتب الفلسطيني محمود شقير الذي عرف درويش عن كثب في رام الله. حيا مردم بك، درويش "المتفرد والمرجع" في الشعر العربي المعاصر الذي تكلم كما لم يتكلم احد عن الهوية الفلسطينية ليتمكن من حفرها في ضمير العالم ويتحول إلى ممثل شرعي للروح الفلسطينية، لافتا إلى أن درويش كانت له شعبية المغني ونجم السينما في العالم العربي وختم. أما شقير فأثنى على مزايا درويش الضاحك الذي يلتمع وجهه من وراء نظاراته والذي يعيد تشكيل إحساسنا بالحياة،مشيرا إلى أن مدنا كثيرة تفتقده ومنها القدس وأيضا البروة التي ستظل تحن إلى فتاها الذي خلد اسمها بشعر باق على الزمان. واعتبر خوري، الذي عرف درويش عن قرب خصوصا خلال فترة إقامته في بيروت وناضل معه في صفوف منظمة التحرير الفلسطينية، أن درويش تميز اليوم كما تميز المتنبي في الماضي، حيث كان أبو العلاء المعري يسمي الشعراء بأسمائهم لكنه حين يتحدث عن المتنبي يسميه ب"الشاعر". واكتفى حديدي بالكلام عن المسيرة الشعرية والتحولات في شعر درويش وتوقف عند مرحلة التواصل مع الملاحم الكبرى في شعره مثل حرب طروادة والهنود الحمر كما في مجموعتي "11 كوكبا" و"لماذا تركت الحصان وحيدا". وكان الجزء الأول من الحفل استهل بقراءة نص للكاتب الاسباني خوان غويتزيلو صديق درويش الذي حال سنه ووضعه الصحي دون مشاركته، وتناول النص ذكرى وملامح آخر أمسية شعرية لدرويش الذي اعتبر غويتزيلو انه ارتقى إلى مرحلة تكثيف نادرا ما وصلها الشعر العربي المعاصر. وتركز تظاهرة "مسارات فلسطين" التي تستمر فصلا كاملا على الفن الفلسطيني المعاصر مسلطة الضوء على شعر الشباب الفلسطيني، حيث يقوم شعراء مثل زهير أبو شايب ونشوان درويش وانطون جوكي ووليد خازندار وبشير شلش وغسان زقطان بإلقاء بعض نصوصهم. ويتضمن الموسم أيضا معارض فنية فوتوغرافية وفيديو يشارك فيها تيسير بطنيجي ورلى حلواني، إضافة إلى عروض مسرحية وسينمائية يتم خلالها الاحتفاء خصوصا بسينما ايليا سليمان. ويلفت النظر في التظاهرة معرضان احدهما نظمه الياس صنبر وهو فوتوغرافي عن فلسطين، وآخر لمجموعة مهندسين يتناولون فيه المستعمرات والقواعد العسكرية الإسرائيلية في الأراضي المحتلة ويتخيلون الاستخدامات الممكنة التي يمكن أن يعتمدها الفلسطينيون لهذه الأماكن بعد زوال الاحتلال. وتشارك أيضا في هذه التظاهرة الفرق الموسيقية الجديدة مثل مجموعة راب "غزة تيم" التي تعبر عن حزن وغضب وأمل أعضائها الناطقين باسم شباب غزة المحاصر فيما تقدم مجموعة "دام" للراب والهيب هوب أغانيها الرائجة حول الواقع اليومي للاحتلال.