السياحة: 44 رحلة حج إلى جدة والمدينة حتى اليوم    حماس: إسرائيل لن ترى محتجزيها إلا بهذه الشروط    الزناري يواصل تدريباته التأهيلية في مران الزمالك    مصرع شخص صدمه قطار أثناء عبور مزلقان في قليوب    محاكاة لقبة الصخرة ومعبد الأقصر وطريق الكباش.. رئيس جامعة الأقصر يفتتح مشروعات تخرج طلاب ترميم الآثار    هل وصلت إيران للقنبلة النووية بالفعل؟    زيادة مخصصات الصحة والتعليم.. جذب الاستثمارات.. ودعم محدودى الدخل    فرنسا وإنجلترا تتصدران الترشيحات للفوز ب«يورو 2024»    محافظ دمياط تشهد افتتاح 6 مدارس بمركز فارسكور    حماس: الاحتلال يواصل اعتقال أكثر من 200 طفل يواجهون ظروف تعذيب قاسية    مهرجان جمعية الفيلم يحتفل بمئوية عبدالمنعم إبراهيم    فصائل فلسطينية: قصفنا بقذائف الهاون جنود وآليات الاحتلال المتوغلة بمحيط تل زعرب    الصحة توجه نصائح للحجاج لتجنب الإصابة بالأمراض    رئيس هيئة الدواء يشارك في ندوة «اعتماد المستحضرات الصيدلية» التي نظمتها الهيئة بالتعاون مع الشراء الموحد    نواب يمينيون حاولو عرقلة مؤتمر بالكنيست بشأن الاعتراف بدولة فلسطين    شقيق المواطن السعودي المفقود هتان شطا: «رفقاً بنا وبأمه وابنته»    "حكماء المسلمين" يُعرب عن قلقه بشأن تردِّي الأوضاع الإنسانية في السودان    إجلاء مئات المواطنين هربا من ثوران بركان جبل كانلاون في الفلبين    المؤتمر الطبي الأفريقي يناقش التجربة المصرية في زراعة الكبد    أرجوكي يا حكومة ده مينفعش.. رسالة قوية من عزة مصطفى بشأن زيادة ساعات انقطاع الكهرباء    خالد الجندي يوضح فضل العشر الأوائل من ذي الحجة (فيديو)    القائد العام للقوات المسلحة يفتتح أعمال التطوير لأحد مراكز التدريب بإدارة التعليم والتدريب المهنى للقوات المسلحة    حسام حسن: لم أكن أرغب في الأهلي وأرحب بالانتقال للزمالك    لاستكمال المنظومة الصحية.. جامعة سوهاج تتسلم أرض مستشفى الحروق    وزير الخارجية الإيطالي: لم نأذن باستخدام أسلحتنا خارج الأراضي الأوكرانية    رسميًا.. طرح شيري تيجو 7 موديل 2025 المجمعة في مصر (أسعار ومواصفات)    خالد الغندور يرد على اعتذار سيد عبدالحفيظ    المنتج محمد فوزى عن الراحل محمود عبد العزيز: كان صديقا عزيزا وغاليا ولن يعوض    الداخلية تواصل تفويج حجاج القرعة إلى المدينة المنورة وسط إشادات بالتنظيم (فيديو)    حتي الأن .. فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة يحصد 58.8 مليون جنيه إيرادات    لحسم الصفقة .. الأهلي يتفاوض مع مدافع الدحيل حول الراتب السنوي    فليك يضع شرط حاسم للموافقة على بيع دي يونج    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة مع نهاية تعاملات اليوم الثلاثاء    نيمار: فينيسيوس سيفوز بالكرة الذهبية هذا العام    عيد الأضحى 2024| ما الحكمة من مشروعية الأضحية؟    حكم صيام ثالث أيام عيد الأضحى.. محرم لهذا السبب    فرحات يشهد اجتماع مجلس الجامعات الأهلية بالعاصمة الإدارية الجديدة    التحفظ على المطرب أحمد جمال بعدما صدم شخص بسيارته بطريق الفيوم الصحراوى    ونش نقل أثاث.. محافظة الدقهلية تكشف أسباب انهيار عقار من 5 طوابق    طريقة عمل المبكبكة، لغداء شهي سريع التحضير    محافظ كفرالشيخ يتفقد أعمال تطوير وتوسعة شارع صلاح سالم    رئيس جامعة حلوان يفتتح معرض الطلاب الوافدين بكلية التربية الفنية    محمد علي يوضح صلاة التوبة وهي سنة مهجورة    مدير صحة شمال سيناء يتفقد مستشفى نخل المركزي بوسط سيناء    «التعليم العالي»: التعاون بين البحث العلمي والقطاع الخاص ركيزة أساسية لتحقيق التقدم    ل أصحاب برج الجوزاء.. تعرف على الجانب المظلم للشخصية وطريقة التعامل معه    فيلم فاصل من اللحظات السعيدة يقترب من تحقيق 60 مليون جنيه بدور العرض    أول رد من الإفتاء على إعلانات ذبح الأضاحي والعقائق في دول إفريقية    «شعبة مواد البناء»: إعلان تشكيل حكومة جديدة أربك الأسواق.. ودفعنا لهذا القرار    تعليمات عاجلة من التعليم لطلاب الثانوية العامة 2024 (مستند)    "تموين الإسكندرية": توفير لحوم طازجة ومجمدة بالمجمعات الاستهلاكية استعدادا للعيد    نائب رئيس "هيئة المجتمعات العمرانية" يتابع سير العمل بالشيخ زايد و6 أكتوبر    بملابس الإحرام، تعليم الأطفال مبادئ الحج بمسجد العزيز بالله في بني سويف (صور)    26 مليون جنيه جحم الاتجار فى العملة بالسوق السوداء خلال 24 ساعة    مصرع شخص في حريق ب«معلف مواشي» بالقليوبية    إصابة 4 أشخاص في حادث سير بالمنيا    سيف جعفر: أتمنى تعاقد الزمالك مع الشيبي.. وشيكابالا من أفضل 3 أساطير في تاريخ النادي    أمير هشام: كولر يملك عرضين من السعودية وآخر من الإمارات والمدرب مستقر حتى الآن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ناصر .. الوجه الآخر(5)
نشر في اليوم السابع يوم 04 - 10 - 2008


ميلاد الديكتاتور
عمل عبد الناصر مرة أخرى على تدبير خطة استهدفت ضرورة إلغاء قرارات 5 و25 مارس وبقاء مجلس قيادة الثورة، وقد كشف عبد اللطيف البغدادى عن سر خطير فى الصفحة 146 من مذكراته الجزء الأول ص 270 00، وفى 28 مارس بدأت خيوط مؤامرة عبد الناصر تتضح فقد شهدت مصر أضخم حركة اعتصام وإضراب، وذلك بتوجيه من هيئة التحرير والبوليس الحربى بقيادة كل من الرائد أحمد طعيمة والرائد إبراهيم الطحاوى والبكباشى أحمد أنور، وأصيبت حركة المواصلات فى القاهرة منذ الصباح بالشلل التام، نتيجة للقرارات التى اتخذها اتحاد نقابات عمال النقل المشترك برئاسة صاوى أحمد صاوى، والذى شاركهم فيه عدد كبير من النقابات العمالية الأخرى وعاشت القاهرة 48 ساعة بدون مواصلات.
وقد اعترف عبد الناصر لخالد محيى الدين، كما ورد فى الصفحة 350 من كتابه (والآن أتكلم) عن مسئوليته فى تدبير أحداث أزمة مارس، كما يلى: "وقال عبد الناصر بصراحة أنه رتب أحداث أزمة مارس، وتحديداً إضراب عمال النقل وما لحق به من إضرابات ومظاهرات عمالية، وأن ترتيب هذه الأحداث كلفه أربعة آلاف جنيه".
وأغفل المسلسل المظاهرات العارمة التى خرجت تعلن فرحتها بعودة محمد نجيب واعتقال إحسان عبد القدوس وعمر عمر نقيب المحامين وعمر التلمسانى وأحمد حسين زعيم مصر الفتاة، واعتداء أحمد أنور قائد البوليس الحربى عليهم بالجزمة الميرى فى مقر البوليس الحربى بعابدين.
كما لم يُشِر المسلسل إلى خروج المظاهرات العمالية المدبرة أثناء أزمة مارس، التى قادها أحمد طعيمة وإبراهيم الطحاوى من الضباط الموالين لعبد الناصر، والتفجيرات التى دبرها عبد الناصر يوم 19مارس 1954، كما شهد زميل عبد الناصر عبد اللطيف بغدادى فى مذكراته فى الجزء الأول ص144 قائلاً: وقعت 6 انفجارات يوم 20 مارس 1954م فى وقت واحد فى أماكن متفرقة منها محطة السكة الحديد، واثنان فى الجامعة، وانفجار بمحل جروبى، وقد اعترف عبد الناصر للبغدادى أنها كانت من تدبيره، لإثارة البلبلة فى نفوس الناس وإشعارهم بعدم الأمن والطمأنينة إذا عادت الحياة النيابية وحملهم على التمسك بالثورة.
وفى 29 مارس أعلن صلاح سالم، أن مجلس الثورة حمل المسئولية كاملة على عاتقه وأرجأ تنفيذ القرارات التى صدرت يوم 5 و25 مارس 1954حتى نهاية عام 1955.
وألمح المسلسل إلى تآمر محمد نجيب مع الإخوان المسلمين فى حادثة المنشية لاغتيال عبد الناصر، وقد ثبت كما ذكرنا أن الذى استعان بالإخوان هو عبد الناصر، لأنها دراما قائمة على سوء الظن بكل من اختلف مع عبد الناصر، إلا أن هذه التهمة بقيت دون دليل تاريخى بل العكس هو الصحيح.
كذلك فقد أورد المسلسل طريقة عزل محمد نجيب بأسلوب غاية فى الرقة والتحضر.
والطريف – كما يقول الأستاذ محمد منصور أن كاتب المسلسل صور محمد نجيب فى مونولوج حائر يتساءل ويحاكم ويدين نفسه (ظلمت روحى)، أما المخرج فقد صور ليلة عزله بصورة شاعرية، وقد هطل المطر وبلل غصون الأشجار فى حديقة قصر عابدين، وأن عبد الناصر قال إنه لا يسمح بأى إهانة لمحمد نجيب و
إن قد سبق أن نهر جمال القاضى لأنه تحدث معه بأسلوب غير لائق، وجاء بالمسلسل أن عبد الناصر أمر أحمد أنور قائد البوليس الحربى باصطحاب محمد نجيب إلى منزل زينب الوكيل بالمرج، ولكن الحقيقة أن الذى اصطحبه كان اللواء عبد الحكيم عامر وحسن إبراهيم عضو مجلس قيادة الثورة.
وقد وضع نجيب رهن الإقامة الجبرية فى هذا المنزل طوال عصر عبد الناصر وقد عومل معاملة مهينة وقاسية ولا إنسانية، وقد كتب نجيب فى مذكراته قائلاً: "بعد سنوات من الإقامة الجبرية أصبت بالتهاب فى عظامى وأجمع الأطباء على ضرورة دخولى المستشفى وقد تم السماح لى بعد تردد طويل بالذهاب إلى المستشفى مرتين فى الأسبوع وذات مرة، قابلت أحد جنودى الذين الذين خدموا معى فى فلسطين، فأوقفنى وراح يبكى بشدة فين أيامك، فلما عدت صدر أمر بعدم خروجى من المنزل فعالجت نفسى بعسل النحل".
وعندما توفى ابن محمد نجيب "على" فى ظروف غامضة عام 1967، مثلما حدث تماما مع الملك فاروق 1965، منع محمد نجيب من استقبال جثمانه والصلاة عليه فى جامع السلطان حس، كما يقول فى مذكراته "وبعد توسلات وافقوا على استقباله والصلاة عليه فى المقابر وعلى أن يكون فى الثانية صباحاً وفى اليوم التالى أقيم العزاء بمنزل أخى اللواء على نجيب بمنيل الروضة، وصدر قرار بمنعى من الجلوس فى السرداق، وحرمت من استقبال المعزين".
فأين هذه الوقائع من الصورة التى قدمها المسلسل، ومن قول عبد الناصر أنه لن يتهاون مع من يسئ لنجيب أو يتطاول عليه استكمالاً لصورته كزعيم شاب يستوعب غرور وتحجر ونزوات الرئيس السلطوية.
إن صورة محمد نجيب فى المسلسل واحدة من كثير من الصور المزورة التى قدمها العمل، والتى لا تحترم التاريخ يقدر ما تريد الاقتصاص من أعداء الثورة، ويؤكد ذلك تصريحات وأحاديث المؤلف والمراجع، وكأن أعداء الثورة هم المسئولون عن هزيمتنا عام 1956 وفى حرب اليمن وحرب1967 واحتلال سيناء والضفة وغزة والجولان وتعذيب وقتل المصريين فى السجن الحربى وسجن القلعة وسجن أبو زعبل، وهم المسئولون أيضاً عن حل الأحزاب وإلغاء الدستور وتكميم الصحافة وسحق الرأى الآخر وفصل أساتذة الجامعات عام 1954 وفصل القضاة عام 1969.
فنجيب ليس أكثر من ديكتاتور نائم ميوله النرجسية وحبه لالتفاف الجماهيرى وولعه ببث تصريحات فى الإذاعة، تفضح ما سيكون عليه إذا استمر فى الحكم أما عبد الناصر فهو الضباط المتوازن الذى يحصد جماهيرية يستحقها ويفاجئ الجميع بتواضعه فيما يخطوا خطوات هو أهل لها، باختصار الدراما لم تتعامل بتوازن مع ما كان وإنما حولها المؤلف والمراجع إلى خطاب تمجيدى يموه الحقائق، وجمال عبد الناصر المثالى هو صوره من خيال مؤلف ومراجع، وهى تشبه الصورة التى كان يرسمها هيكل طيلة سنوات حكمه، الذى بطش فيه بكل معارضيه ( يمين - يسار - وسط)، وزج فى السجون والمعتقلات بالكثير من مثقفى مصر، وأسس لحكم الفرد بأبشع صوره وأساليبه الوحشية فى إنهاء الخصوم.
يقول الدكتور إمام عبد الفتاح إمام فى كتابه (الطاغية) الصادر ضمن سلسلة "عالم المعرفة": "أعتقد أن عبد الناصر كان ديكتاتوراً وطاغية نموذجياً وأن كل الطغاة فى المنطقة تخرجوا من عباءته، فهو ناصر مدرسة الديكتاتور ولا جدال فى هذا فهو رجل لم يستطع أحد محاسبته حتى فى أكبر الكوارث التى سببها نظامه".
كما تناولت الحلقة 21، توقيع اتفاقية الجلاء فى يوليو 1954 وظهور شخص ملتح فى مسجد، أشار المسلسل أن اسمه حسن الدوح (الاسم خطأ)، قال إن اتفاقية الجلاء عار على مصر، وذلك فى إشارة إلى موقف همجى للإخوان، ولكن الحقيقة كانت غير ذلك تماماً فهذه الاتفاقية لم يقبل مثلها جلاد الشعب إسماعيل صدقى عام 1946 والنقراشى عام 1947.
أجد من الضرورى العودة لما أورده الراحل توفيق الحكيم، فى كتابه "عودة الوعى ص50"، عندما قال: "جاءنى يوم أن وقع رجال الثورة على وثيقة جلاء الإنجليز بعض رجال الأحزاب السابقة وأطلعونى على بنود الوثيقة، قائلين لى إنها نفس البنود والشروط التى سبق عرضها على مصر ورفضتها الأحزاب جميعا فمن بين هذين البنود، شرط يبيح للإنجليز العودة إلى احتلال مصر إذا تعرضت المنطقة لأخطار الحرب، كما أن السودان وبقاءه مرتبط بمصر كان دائماً الشرط الأساسى لكل مفاوض مصرى على اختلاف الأحزاب، فقد كان مصطفى النحاس دائما يردد أن الصخرة التى كانت تتحطم عليها المفاوضات المصرية دائماً من أجل جلاء الإنجليز هى السودان، ولو سمح لنا بطرح مسألة السودان جانباً لتم الجلاء منذ عشرينيات هذا القرن، ولكن ما من سياسى فى البلد كان يسمح لنفسه بذلك وما كان البلد ليسمح له ومضت الأعوام وجاءت الثورة ووقعت الوثيقة مع الإنجليز على الجلاء المشروط أيضا بعودتهم".
كذلك أغفل المسلسل اعتراض المستشار حسن الهضيبى على اتفاقية الجلاء 1954م، فقد صرح الهضيبى الذى كان يزور سوريا وقت إعلان توقيع المعاهدة للصحف السورية واللبنانية، أن اتفاقية الجلاء اشتملت على الأضرار بمصالح مصر والدول العربية عامة، وقال إن ما نص عليه الاتفاق من جلاء الجنود البريطانيين عن منطقة قناة السويس خلال عشرين شهراً من وقت التصديق على المعاهدة؛ كان متفقًا على أن يتم فى عام 1956م بموجب معاهدة 1936م التى ألغتها مصر، وعلى فرض أن الإنجليز كانوا يأبون الخروج عند نهاية تلك المدة؛ فإن بقاءهم يكون بلا سند قانونى، فما المصلحة فى منحهم هذا السند للبقاء والعودة؟
وأضاف الهضيبى: "أعطى الاتفاق المؤكد الإنجليز حقًّا فى العودة إلى احتلال القناة إذا هوجمت إحدى الدول الموقعة على معاهدة الدفاع المشترك، الذى عقد ضمن نطاق الجامعة العربية أو على تركيا، ولم يكن لهم هذا الحق من قبل، وتركيا كثيرة الأحلاف والأعداء معاً، مما يربطنا ويربط الدول العربية معنا بالمعسكر الغربى فى كل حرب.
واعتبر الهضيبى أن الاتفاق قد اعترف للإنجليز بقناة السويس كقاعدة عسكرية، وأباح لهم احتلال أجزاء منها لم تبن، فاعترف بشرعية القاعدة مع أن معاهدة سنة 1936م لا تعطيهم الحق فى إنشائها حتى يتعللوا الآن بوجودها. وهكذا أقررنا باحتلالهم بوثيقة لصالحهم دون مصلحة لنا فيها.
وانتهت هذه الحلقة بحادثة المنشية والواقع حتى الآن لا توجد أدلة تبرئ الإخوان أو تدينهم دون أن تتولى جهات قضائية محايدة التحقيق فى الحادثة فقد تم تقديم الإخوان إلى محكمة عسكرية برئاسة جمال سالم الذى كان يطلب من المتهمين قراء سورة الفاتحة بالمقلوب .. عموماً فقد اتخذت هذه الحادثة مبرراً قوياً لسحق الإخوان وبث الرعب فى باقى قلوب المصريين وتم اعتقال آلاف من الإخوان للمرة الثانية فى عام واحد (يناير 1954 وأكتوبر 1954) وأثناء حفلات التعذيب المسائية بالسجن الحربى كان يتم إجبار المستشار الهضيبى على الوقوف وفى يده عصا صغيرة (كمايسترو) والمعتقلين جلوس على الأرض ويرددون أغنية أم كلثوم (يا جمال يا مثال الوطنية).
ويبدو أن هذه الأغنية كانت النشيد الوطنى لكل المعتقلين السياسيين من جميع التيارات السياسية، فقد حدث ذلك مع الشيوعيين، فيقول إلهام سيف النصر فى كتابه "فى معتقل أبو زعبل": فى يوم 16/ 2/ 1960 أو يوم الأربعاء الدامى وقف عنبر(1) فى ثلاثة صفوف كل صف يحوى عشرين معتقلاً وقفة انتباه، ووقف أمام العنبر المأمور حسن منير وحوله ضباط المعتقل وعدد من الجنود والسجانة يحملون بنادق وعصى غليظة، وقال قررت أن أعلمكم الغناء تعرفون أغنية "يا جمال يا مثال الوطنية" هيا يا أولاد غنوا.. ولكن المعتقلين رفضوا وهنا اتجه مأمور السجن إلى الدكتور إسماعيل صبرى عبدالله الذى كان يقف فى الصف الأول، وصاح فيه غنى يا ولد ولكن الدكتور إسماعيل رفض وهنا كما يروى إلهام سيف النصر، أخذت تصدر من فم المأمور حسن منير ألفاظ نابية قذرة، وتنهال العصى والشوم على إسماعيل صبرى عبدالله أصبح وزيراً للتخطيط فى عهد الرئيس السادات حتى سقط ورأسه مشجوج تسيل منه الدماء والضربات تنهال عليه بجنون، وتم ضرب العنبر كله حتى أطلق عليه المعتقلون اسم يوم الأربعاء الدامى، فقد أشرف الدكتور إسماعيل صبرى عبدالله على الموت وكذالك أشرف على الموت، عدد آخر من المعتقلين وأغمى على ثلاثين معتقلاً كلهم من عنبر رقم(1).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.