في عيد تأسيسها الأول.. الأنبا مرقس يكرس إيبارشية القوصية لقلب يسوع الأقدس    صندوق النقد: إتمام المراجعة الثالثة لبرنامج مصر وصرف شريحة ب820 مليون دولار    قفزة جديدة ب200 جنيه.. أسعار الذهب اليوم الجمعة 7 يونيو 2024 بالصاغة (تحديث الآن)    سعر البطيخ والموز والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 7 يونيو 2024    عضو اتحاد المنتجين: استقرار في أسعار الدواجن خلال 10 أيام    خلال اجتماع مسائي.. «أبو حطب» يناقش مستجدات ملف التصالح ورفع المخلفات بالشهداء    صندوق النقد: التوصل لاتفاق الخبراء مع مصر وإتاحة شريحة ب820 مليون دولار    5 شهداء بينهم رئيس بلدية النصيرات جراء قصف إسرائيلي على مبنى في غزة    الخارجية القطرية: لم يصل للوسطاء رد حتى الآن من "حماس" على المقترح وقف إطلاق النار    هدف قاتل يقود منتخب غانا لانتصار خارج الأرض ضد مالى فى تصفيات كأس العالم    مشادة بين أستاذ مصري وباحث إسرائيلي: «أنا ماسح بيه الأرض هو ودولته» (فيديو)    «لقائنا الأول مميز».. إبراهيم حسن: محمد صلاح هيبقى حاجة تانية مع حسام    جمال علام: أجلنا سفر المنتخب إلى غينيا 24 ساعة ووزير الرياضة وعد بمكافأة خاصة    موعد مباراة مصر المقبلة بعد الفوز على بوركينا فاسو والقناة الناقلة    غانا تعاقب مالي في الوقت القاتل بتصفيات كأس العالم 2026    الزمالك يحقق أمنية طفل فلسطيني ويستقبله في النادي    السنغال تسقط في فخ الكونغو الديمقراطية    جواب نهائي مع أشطر.. مراجعة شاملة لمادة الجيولوجيا الثانوية العامة الجزء الأول    تحرير 24 محضرًا تموينيًّا لمحال ومخابز مخالفة بالإسماعيلية    تبدأ من 1000 جنيه في اليوم.. تعرف على أسعار شاليهات مصيف رأس البر    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم الجمعة .. والأرصاد الجوية تُحذر : ذروة الموجة الحارة    إحالة «كبابجي» للمفتي بتهمة قتل زوجته في القليوبية    شريهان تحتفل بزفاف جميلة عوض: ولدت فى أجمل أيام عمرى وأصبحت أجمل عروس    حسين حمودة بعد حصوله على جائزة الدولة في الأدب: "حاسس إن في حاجة أقدر أقدمها لبنتي"    بعد ثبوت رؤية الهلال .. إليك أفضل أدعية العشر الأوائل من ذي الحجة    زيادة أسعار المنشطات الجن..سية 200%.. «الصيادلة» تكشف الحقيقة (فيديو)    بن وفانيليا .. أسهل طريقة لتنظيف الثلاجة وتعطيرها قبل عيد الأضحى 2024    بمكون سحري وفي دقيقة واحدة .. طريقة تنظيف الممبار استعدادًا ل عيد الأضحى    بعنوان «ثواب الأضحية».. أوقاف الفيوم تعقد 150 ندوة تثقيفية ضمن ندوات مجالس العلم والذكر    وفاة المخرج محمد لبيب.. وخالد جلال ينعيه    13 يونيو.. عرض "قلبا وقالبا 2" لأول مرة بدبلجة عربية بالسينما في مصر    في مباراة ماراثونية.. غينيا تقتنص فوزا هاما أمام الجزائر في التصفيات الأفريقية المؤهلة لكأس العالم 2026    مصرع سيدة صعقا بالكهرباء في منزلها بالدقهلية    بينهم 3 أطفال.. إصابة 4 أشخاص إثر تصادم "لودر" الحي بسيارة أجرة ببورسعيد    المهن الموسيقية تنعى العازف محمد علي نصر: أعطى درسا في الأخلاق والرجولة    "طاغية".. بايدن يهاجم بوتين أثناء مشاركته في ذكرى إنزال النورماندي    ميليشيا الدعم السريع تحشد قواتها تمهيدا لاجتياح مدينة الفاشر    طائرات الجيش الإسرائيلي يقصف منطقة "كسارة العروش" في مرتفعات جبل الريحان جنوب لبنان    (فيديو) لحظة إصابة إمام عاشور فى مباراة مصر وبوركينا فاسو    حظك اليوم| برج الحوت الجمعة 7 يونيو.. «القمر مازال موجود في برج الحوت المائي ويدعم كل المواليد المائية»    نجل فؤاد المهندس: والدي كان يحب هؤلاء النجوم وهذا ما فعله بعد وفاة الضيف أحمد    عيد ميلاده ال89.. أحمد عبد المعطي حجازي أحد رواد القصيدة الحديثة    نادين، أبرز المعلومات عن الدكتورة هدى في مسلسل دواعي السفر    رئاسة الحرمين الشريفين تبدأ تنفيذ المرحلة الثالثة لخطة الحج، واستعدادات خاصة لصلاة الجمعة    مؤتمر لأسر المحبوسين ولائحة الأجور، نقابة الصحفيين تحيي الذكرى 29 ليوم الصحفي الأحد    توقيع بروتوكول تعاون لترسيخ مبادئ الشَّريعة الإسلاميَّة السَّمحة    ب 60 مليون دولار.. تفاصيل تمويل 12 فكرة ناشئة في مجال تكنولوجيا التعليم    التنمية المحلية: 98% نسبة مسحوبات التمويل من البنك الدولي لبرنامج تنمية الصعيد    نجاح أول تجربة لعلاج جيني يعمل على إعادة السمع للأطفال.. النتائج مبشرة    تهشمت جمجمتها.. جراحة تجميلية ناجحة لطفلة سقطت من الطابق الرابع بالبحيرة    «زوجي عاوزني أشتغل وأصرف عليه؟».. وأمين الفتوى: عنده مشكلة في معرفته لذاته    الحبس وغرامة 300 ألف جنيه عقوبة استخدام برنامج معلوماتي في محتوى مناف للآداب    وجدي زين الدين: خطاب الرئيس السيسي لتشكيل الحكومة الجديدة يحمل توجيهات لبناء الإنسان    حزب مصر أكتوبر يجتمع بأمانة الغربية بشأن خطة عمل الفترة المقبلة    هانى تمام ب"لعلهم يفقهون": لا تجوز الأضحية من مال الزكاة على الإطلاق    القباج وجندي تناقشان آلية إنشاء صندوق «حماية وتأمين المصريين بالخارج»    الفريق أول محمد زكى يلتقى منسق مجلس الأمن القومى الأمريكى    ماذا قال الشيخ الشعراوي عن العشر من ذي الحجة؟.. «اكتمل فيها الإسلام»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرأة وتولى المناصب العليا
نشر في اليوم السابع يوم 12 - 11 - 2018

من المسائل التى اهتم بها الفقهاء قديمًا وحديثًا مسألة تولى المرأة بعض المناصب العليا، خاصة القضاء ورئاسة الدولة؛ حيث منع بعض الفقهاء تولى المرأة أيًّا منهما، فى حين أجازهما لها بعض الفقهاء، وهناك مَن أجاز لها تولى القضاء بشكل جزئى كالأمور المالية مثلًا ومنعوها القضاء فى الحدود والجنايات؛ حيث لا تُقبل شهادتها فيها عند كثير من الفقهاء. ومجمل ما ورد عن الفقهاء فى تولى المرأة القضاء ورئاسة الدولة أن جمهور الفقهاء يمنعونها من تولى القضاء، والتوجه فى المذهب الحنفى هو توليها القضاء فى القضايا المدنية، ويجيز الظاهرية توليها القضاء بجميع أنواعه ودرجاته، أما فى توليها رئاسة الدولة فيقل الخلاف؛ حيث يمنعها الفقهاء بما يشبه الإجماع من تولى رئاسة الدولة، إلا ما ورد عن بعض الخوارج الذين لا يعتد بخلافهم لما عليه أهل السنة والجماعة.

واستدل مانعو المرأة من تولى القضاء بشكل كلى أو جزئى بأن النصوص الواردة فى الشهادة على الحدود جاءت بلفظ التذكير، كقول الله تعالى: «وَاللَّاتِى يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِى الْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا»، فى حين صرحت النصوص بقبول شهادتها فى الأموال؛ حيث يقول الله تعالى فى آية الدَّين: «وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ»، فربط بعض الفقهاء بين قبول شهادة المرأة وتوليها القضاء؛ فما تُقبل فيه شهادتها تقضى فيه، وما لا تُقبل شهادتها فيه لا تقضى فيه. وهناك فريق من الفقهاء لم يأخذ بهذا التفسير؛ فلم يمنع المرأة من الشهادة فى أمر من الأمور، فكل أمر يشهد فيه الرجال تشهد فيه النساء، غاية الأمر أن عدد الشاهدات يضاعف، فيثبت الزنى بشهادة ثمانى نساء على القاعدة الواردة فى الشهادة على الدَّين، ومن ثم فلا مانع عندهم من توليها القضاء فى الحدود والجنايات أيضًا. أما فى ما يتعلق بتولى المرأة الولاية العامة «رئاسة الدولة»، فيضاف نص خاص إلى ما ورد فى تعليل القائلين بمنعها من القضاء كليًّا أو جزئيًّا، وهو قول النبى - صلى الله عليه وسلم: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم - وفى رواية مَلَكَتْهم - امرأة».

والمدقق فى الأدلة الواردة عن المانعين أو المجيزين لتولى المرأة القضاء أو رئاسة الدولة على الإطلاق، أو المجيزين توليها القضاء المدنى دون الجنايات والحدود؛ يجد أن جميعها لا يخلو من الاحتمال، وليس من بينها دليل قاطع يمنع المرأة من تولى القضاء ورئاسة الدولة؛ فمثلًا الأدلة الواردة بلفظ التذكير فى القرآن الكريم لا يعاب على مَن يرى أنها جاءت على التغليب، وأن الخطاب إن ورد مذكرًا دخلت فيه النساء بالتبعية، فقول الله تعالى: «وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ» خطاب مذكر، ولا خلاف على دخول النساء فيه، ومثله قوله سبحانه: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ»، وقوله: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا»، وغير ذلك كثيرا. أما الخطاب المؤنث، فحيث ورد فإنه لا يشمل الرجال.

وكون الحديث السابق من أقوى الأدلة صراحة فى الموضوع، وهو حديث صحيح رواه الإمام البخارى، لا ينفى عنه الاحتمال أيضًا، فقد قاله رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - بعد أن سمع بتوليه بنت كسرى الملك، وهو إخبار عن واقعة حال لا يوجد ما يقطع بأنها عامة، بل خاصة، وعندئذ يكون المقصود الفُرس ولا يشمل النص غيرهم من الأمم والشعوب. ويؤيد ذلك أن فى سنة النبى - صلى الله عليه وسلم - كثيرًا من الأحاديث التى ظاهر ألفاظها العموم والمقصود بها معلوم، ومنها قوله: «ما بال أقوام يتنزهون عن الشىء أفعله! فوالله إنى لأعلمهم بالله وأشدهم له خشية»، فقد كان يقصد بهم بعض الناس الذين تحرجوا عن بعض أمور كان يفعلها النبى، ومنها قوله: «ما بال أقوام يشترطون شروطًا ليست فى كتاب الله!»، فقد كان يقصد بهم مَن باعوا الجارية بريرة لأم المؤمنين عائشة، واشترطوا إن أعتقتها يكون ولاؤها لهم، ومن ذلك قوله: «ما بال أقوام قالوا كذا وكذا، لكنى أصلى وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتى فليس منى»، فقد كان يقصد أشخاصًا معروفين وقفوا على بابه ودار بينهم الحوار المعروف فى التشديد على أنفسهم بترك متاع الدنيا، ومن ذلك أيضًا موقفه مع الصحابى الذى استعمله على الصدقات، فأراد أخذ الهدايا التى أُهديت إليه إضافة إلى أموال الزكاة، فقال النبى: «ما بال العامل نبعثه فيقول هذا لك، وهذا لى! فهلَّا جلس فى بيت أبيه وأمه، فينظرَ أيُهْدَى له أم لا؟!».

صحيح أن هذه الأحاديث التى ذكرتها أحكامها عامة؛ لأنها تقرر أحكامًا ثبت بالشرع أنها لا تختلف باختلاف الأشخاص، فالعموم هنا لم يُستفد من اللفظ وحده، وإنما بتيقن ملاءمته لغير المقصودين كذلك؛ إلا أن حديث بنت كسرى «لن يفلح قوم...» يمكن أن يشكك فى عمومه؛ حيث إنه من المعلوم أن قيادة الدولة لا يصلح لها كل الناس، بل ليس كل الرجال يمكنهم قيادة الدولة، فإذا ثبت هذا فى حق الرجال فثبوته فى حق النساء أولى. ومن ثم، فإنه إذا كانت بنت كسرى لا تصلح لقيادة الدولة، فلا يعنى هذا بالضرورة أن جميع النساء كذلك.

وعليه، فإن الأدلة التى استدل بها المانعون والمجيزون على السواء تبقى دلالتها ظنية وليست قطعية، فلا يمكن القول إنها منعت تولى المرأة القيادة العامة على سبيل اليقين، ولا أجازت لها ذلك على سبيل الجزم، ولذا فإن الدلالة الأقوى تكون من طريق الواقع العملى، والواقع العملى يشهد لصالح المرأة؛ فقد تولت المرأة بالفعل القضاء ورئاسة الدولة فى عصور مختلفة، بل تقلدت المرأة تلك المناصب فى بعض المجتمعات فى وقتنا الحاضر، ومن الإجحاف القول بأنها فشلت فى القيام بأعبائهما، بل من القاضيات مَن نافست أشقاءها الرجال فكانت مثلهم، ومن النساء مَن اشتهرن فى مجال قيادة الدولة شهرة فاقت بكثير ما حققه الرجال، وهو ما ينبغى أن يحسم الخلاف فى المسألة، فإذا استطاعت المرأة أن تحقق فى نفسها شروط القضاء أو رئاسة الدولة، فيكون منعها عندئذ خطابًا ذكوريًّا لا ينبغى أن نلصقه بنصوص الشرع، فالنصوص لا تحتمل ذلك عند تدقيق النظر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.