سعر الريال السعودي في البنوك اليوم الثلاثاء 7 مايو    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الثلاثاء 7 مايو 2024    أسعار اللحوم والدواجن اليوم 7 مايو    اليمن.. وقوع انفجارين قرب سفينة تجارية جنوب عدن    هيئة المعابر: توقف حركة المسافرين ودخول المساعدات بشكل كامل لقطاع غزة    «القاهرة الإخبارية» تعرض لقطات لفض شرطة الاحتلال بالقوة المظاهرات في تل أبيب    ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة.. والأرصاد تحذر من ظاهرة جوية اليوم    ياسمين عبدالعزيز: كنت شقية في المدرسة.. وقررت تكون شخصيتي عكس أمي    ياسمين عبدالعزيز: ولادي مش بيحبوا «الدادة دودي» بسبب مشاهد المقالب    7 تصريحات نارية ل ياسمين عبدالعزيز في «صاحبة السعادة».. اعرفها    ياسمين عبد العزيز:" عملت عملية علشان أقدر أحمل من العوضي"    أجمل دعاء تبدأ به يومك .. واظب عليه قبل مغادرة المنزل    صدقي صخر: تعرضت لصدمات في حياتي خلتني أروح لدكتور نفسي    مصطفى شوبير يتلقى عرضا من الدوري السعودي.. الحقيقة كاملة    مصر تستعد لتجميع سيارات هيونداي النترا AD الأسبوع المقبل    ميلكا لوبيسكا دا سيلفا: بعد خسارة الدوري والكأس أصبح لدينا حماس أكبر للتتويج ببطولة إفريقيا    خبير لوائح: أخشي أن يكون لدى محامي فيتوريا أوراق رسمية بعدم أحقيته في الشرط الجزائي    سعر الحديد والأسمنت اليوم في مصر الثلاثاء 7-5-2024 بعد الانخفاض الأخير    رامي صبري يحيي واحدة من أقوى حفلاته في العبور بمناسبة شم النسيم (صور)    وسائل إعلام أمريكية: القبض على جندي أمريكي في روسيا بتهمة السرقة    كاسونجو يتقدم بشكوى ضد الزمالك.. ما حقيقة الأمر؟    العاهل الأردني: الهجوم الإسرائيلي على رفح يهدد بالتسبب في مجزرة جديدة    صدقي صخر يكشف مواصفات فتاة أحلامه: نفسي يبقى عندي عيلة    كريم شحاتة: كثرة النجوم وراء عدم التوفيق في البنك الأهلي    أمين البحوث الإسلامية: أهل الإيمان محصنون ضد أى دعوة    وكيل صحة قنا يجري جولة موسعة للتأكد من توافر الدم وأمصال التسمم    لا تصالح.. أسرة ضحية عصام صاصا: «عاوزين حقنا بالقانون» (فيديو)    صندوق إعانات الطوارئ للعمال تعلن أهم ملفاتها في «الجمهورية الجديدة»    صليت استخارة.. ياسمين عبد العزيز تكشف عن نيتها في الرجوع للعوضي |شاهد    التصالح في البناء.. اليوم بدء استلام أوراق المواطنين    البيضاء تواصل انخفاضها.. أسعار الدواجن والبيض اليوم الثلاثاء 7 مايو في البورصة والأسواق    مصرع سائق «تروسكيل» في تصادم مع «تريلا» ب الصف    النيابة تصرح بدفن 3 جثامين طلاب توفوا غرقا في ترعة بالغربية    مصرع شخص وإصابة 10 آخرين في حادثين منفصلين بإدفو شمال أسوان    عملية جراحية في الوجه ل أسامة جلال اليوم بعد إصابته أمام فيوتشر    اللواء سيد الجابري: مصر مستمرة في تقديم كل أوجه الدعم الممكنة للفلسطينيين    وفد قطري يتوجه للقاهرة لاستئناف المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس اليوم    الدوري الإنجليزي، مانشستر يونايتد يحقق أكبر عدد هزائم في موسم واحد لأول مرة في تاريخه    عاجل - تبادل إطلاق نار بين حماس وإسرائيل قرب بوابة معبر رفح    استبعادات بالجملة وحكم اللقاء.. كل ما تريد معرفته عن مباراة الأهلي والاتحاد السكندري    يوسف الحسيني: إبراهيم العرجاني له دور وطني لا ينسى    سؤالًا برلمانيًا بشأن عدم إنشاء فرع للنيابة الإدارية بمركز دار السلام    إبراهيم عيسى: لو 30 يونيو اتكرر 30 مرة الشعب هيختار نفس القرار    الأوقاف تعلن افتتاح 21 مسجدا الجمعة القادمة    فرح حبايبك وأصحابك: أروع رسائل التهنئة بمناسبة قدوم عيد الأضحى المبارك 2024    مصر للطيران تعلن تخفيض 50% على تذاكر الرحلات الدولية (تفاصيل)    "يا ليلة العيد آنستينا وجددتي الأمل فينا".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 وأجمل عبارات التهنئة بالعيد    ب800 جنيه بعد الزيادة.. أسعار استمارة بطاقة الرقم القومي الجديدة وكيفية تجديدها من البيت    في 7 خطوات.. حدد عدد المتصلين بالراوتر We وفودافون    رغم إنشاء مدينة السيسي والاحتفالات باتحاد القبائل… تجديد حبس أهالي سيناء المطالبين بحق العودة    هل يحصل الصغار على ثواب العبادة قبل البلوغ؟ دار الإفتاء ترد    بالأسماء، إصابة 16 شخصا في حادث الطريق الصحراوي الغربي بقنا    بعد الفسيخ والرنجة.. 7 مشروبات لتنظيف جسمك من السموم    للحفاظ عليها، نصائح هامة قبل تخزين الملابس الشتوية    كيفية صنع الأرز باللبن.. طريقة سهلة    أستاذ قانون جنائي: ما حدث مع الدكتور حسام موافي مشين    في 6 خطوات.. اعرف كيفية قضاء الصلوات الفائتة    عقوبة التدخل في حياة الآخرين وعدم احترام خصوصيتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرأة من السياسة إلي الرئاسة

كانت مصر من أوائل دول العالم التي وقعت اتفاقية منع كل أشكال التمييز ضد المرأة منذ ثلاثين عاما‏,‏ وقد شاركت المرأة المصرية الرجال منذ أوائل القرن الماضي في النضال من أجل الاستقلال وتحرير الأرض‏,وبالرغم من أن المرأة المصرية ومنذ أوائل ثورة‏1952‏ شغلت عدة حقائب وزارية‏,‏ ومثلت بلادها في المؤتمرات الدولية‏,‏ وشهدناها في السنوات الأخيرة ترأس الجامعة وتتولي العمادة في عدة كليات‏,‏ ورأست عدة مؤسسات اقتصادية‏,‏ لكن أصواتا نشاذا تصدمنا بين حين وآخر‏,‏ تطالب بعودة المرأة الي البيت ومنع خروجها حرصا علي الآداب العامة‏,‏ منعا للفتن‏,‏ وحماية للشباب من ارتكاب المعصية‏!‏
الفقيه محمد عبدالمجيد الفقي الباحث المتخصص في الإسلاميات‏,‏ يعرض في هذا الكتاب الذي يصدر اليوم الجمعة عن مركز الأهرام للنشر والترجمة والتوزيع‏,‏ شهادته الموثقة والمدعمة بآيات من القرآن الكريم‏,‏ ونصوص أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام‏,‏ وآراء لكبار الأئمة من ذوي الثقة في علمهم وموضوعيتهم‏,‏ حول حقوق المرأة في الإسلام‏,‏ وأهمية الكتاب تأتي من أن مؤلف التزم تماما بالأمانة العلمية في عرض كل وجهات النظر والآراء المساندة لمنح المرأة حقوقها والرافضة أيضا لهذه الحقوق‏.‏
كتب الدكتور وحيد عبدالمجيد في مقدمة الكتاب إنه لم يدر في خلد أحد ممن دعوا الي حصول المرأة علي حقوقها السياسية في مطلع القرن الماضي أن الطريق الي هذه الحقوق ستطول‏,‏ وأنها ستكون مليئة بالعقبات والمطبات‏,‏ وأن الخطو فيها سيتعثر‏,‏ كما لم يكن متصورا‏,‏ أن هذه الطريق ستكون متعرجة‏,‏ وأن بعض ما فيها من عقبات سيفرض العودة الي الوراء‏.‏
والواقع أن عودتنا الي الوراء جاءت بخطي أسرع مما توقعنا‏,‏ فبينما كشفت آخر احصاءات عن أن‏30%‏ من الأسر المصرية تعولها الزوجات‏,‏ بما يؤكد أن عمل المرأة أصبح ضرورة في المجتمع‏,‏ وبالرغم من أن الخمسة عقود الأخيرة شهدت تفوقا للمرأة المصرية في عدة مجالات‏,‏ إلا أن هناك من يطالبون بعودة المرأة الي البيت‏,‏ كما تصدمنا فتاوي باطلة تدافع عن النقاب حتي تتحول مخلوقات الله الي أشباح ومصافحتها الرجل الي خطيئة‏.‏
هناك اعتقاد في عدة مجتمعات عربية بوجود تعارض بين الدين الإسلامي‏,‏ ودخول المرأة ساحة العمل السياسي وكل مستويات العمل الأخري‏,‏ وينطلق الحوار حول المرأة والسياسة‏,‏ من مقولات معظمها دينية‏,‏ دون إدراك للمشاركين في الحوار لتلك المقولات أو إدراكهم أنها قد ترتبط بتقاليد اجتماعية وليست بثوابت دينية‏,‏ وتزداد حدة الحوار عندما يصل إلي تولي المرأة رئاسة الدولة‏,‏ ومدي حقها في تولي هذا الموقع‏.‏
المؤلف يعرض في هذا الكتاب‏,‏ أو هذه الدراسة الفقهية مواقف المؤيدين والمعارضين للدور السياسي للمرأة بأسلوب سهل‏,‏ وقد ساعد المؤلف علي إنجاز عمله إلمامه الواسع بالموضوع وتمكنه منه‏,‏ ثم أمانته في عرض وجهتي النظر المتعارضتين‏,‏ وهو لا يخفي ميله الي أحد هذين الرأيين‏.‏
الكتاب الذي يتضمن مقدمة وثمانية فصول‏,‏ يبدأ بعرض تاريخي لدور المرأة السياسي‏,‏ ثم يتناول أربع قضايا رئيسية تثير جدلا‏,‏ وهي‏:‏
‏(1)‏ تولي المرأة القضاء‏.(2)‏ تصويت المرأة في الانتخابات‏.(3)‏ ترشيح المرأة لعضوية المجالس النيابية‏.(4)‏ تولي المرأة رئاسة الدولة وقضية الإمامة العظمي‏.‏
‏*‏ المرأة مستخلفة في الأرض مثل الرجل‏:‏
يعد امتحان المهاجرات ونزول نص قرآني صريح‏,‏ من أعظم الأدلة علي احترام الإسلام للمرأة ولمسئولياتها‏,‏ وتحقق معني كونها مستخلفة في الأرض مثل الرجل‏.‏
فالفروق البيولوجية لم تمنع المرأة من الجهاد السياسي‏,‏ إذ هاجرت زينب بنت رسول الله صلي الله عليه وسلم برغم حملها‏,‏ مع جماعة ومنفردة‏,‏ وبإرشاد غير مسلم يدلها علي الطريق‏.‏
‏*‏ امرأة تناظر النبي صلي الله عليه وسلم سياسيا‏:‏
ناظرت هند بنت عتبة النبي صلي الله عليه وسلم قبل أن تبايعه علي الإسلام‏,‏ في حضور كبار الصحابة‏,‏ ولم يحجر النبي صلي الله عليه وسلم علي حقها في الحوار والإعراب عن آرائها‏.‏
‏*‏ بيعة النساء للحاكم‏:‏ اختيارية أم وجوبية؟
يري معظم العلماء أن بيعة النساء للحاكم كانت اختيارية‏,‏ لقوله تعالي‏:‏ يا أيها النبي إذا جاءت المؤمنات يبايعنك‏[‏ الممتحنة من الآية‏12]‏ أي‏:‏ إذا جاءت المرأة للمبايعة فبايعها‏,‏ والبيعة التي ينصب بها الحاكم والإمام‏,‏ ليست واجبة علي النساء إلا اذا كان ذلك مما يتحقق به نصرة الإسلام علي الكفر‏,‏ كما في بيعة العقبة‏,‏ أو اذا كانت البيعة علي الإسلام والإيمان‏,‏ واستدلوا بأنه لم يثبت في سيرة الخلفاء الراشدين اشتراك المرأة في بيعتهم مع وفرة الدواعي التي تؤيد مشاركة المرأة وانتفاء الموانع في ذلك الوقت‏,‏ حين بلغت المرأة مكانة عظيمة برفع الإسلام لقدرها‏,‏ فقد قال عمر رضي الله عنه‏:‏ فلما جاء الإسلام وذكرهن الله رأينا لهن بذلك حقا علينا من غير أن يدخلهن في شيء من أمورنا‏.‏
‏*‏ لماذا غابت المرأة عند مبايعة الخلفاء الراشدين‏..‏؟
ما هو سر التناقض بين الواقع التاريخي الذي صورته المصادر لمبايعة الخلفاء‏,‏ وبين الواقع التاريخي قبله علي عهد رسول الله؟ وكيف نفسر التناقض بين عموم الخطاب القرآني للرجل والمرأة دون قصر التكليف علي جنس أو تكليف الجنسين معا وبين غياب المرأة في بيعة الخلفاء؟
ذكر الباحثون لغياب المرأة أسبابا ثلاثة هي‏:‏
‏(1)‏ تأثير الظروف التاريخية الصعبة علي نظم اختيار الخلفاء الراشدين‏,‏ مما جعل الصورة الإجرائية الكاملة لم تكن متحققة تماما‏.‏
‏(2)‏ أثر الطبيعة الاجتماعية في صدر الإسلام‏.‏
‏(3)‏ إدراك النساء أن غيابهن لا يمثل خطرا علي الخلافة‏,‏ فلم يكن يعنيهن إلا مقاصد الإسلام‏,‏ وهذا هو السبب في تفسير هذا الغياب‏.‏
غياب المرأة‏,‏ وهذا هو السبب في تفسير هذا الغياب‏.‏
غياب المرأة‏,‏ لم يكن أصلا شرعيا يعمل به ولا سنة راشدة توجب متابعتها‏,‏ وليس له دلالة علي الرجوع عما كانت عليه مبايعات النساء للنبي صلي الله عليه وسلم‏,‏ وليس فيه معني إهمال النساء لأمر الخلافة‏,‏ وادعاء أن الذكورة شرط يجب توافره فيمن يختارون الإمام غير صحيح بالمرة ولا دليل عليه من كتاب ولا سنة‏.‏
لقد بايعت المرأة‏,‏ البيعة الكفائية والعينية‏,‏ وتعد نسيبة بنت كعب نموذجا‏,‏ فقد بايعت الرسول صلي الله عليه وسلم علي الجهاد في بيعة العقبة الثانية‏,‏ وقاتلت في غزوة أحد وغزوة خيبر ويوم اليمامة‏,‏ كما بايعت بيعة الرضوان علي الموت‏,‏ بما يدل علي التزامها بالبيعة‏.‏
‏*‏ مسئولية المرأة في الشوري‏:‏
‏(1)‏ تشارك المرأة في القضايا التشريعية‏,‏ ولها حق الاجتهاد والفتوي‏,‏ وهو واجب يؤكد كفاءتها للقيام بهذه المسئولية‏.‏
‏(2)‏ تشارك في الشوري في المسائل الفنية المتخصصة‏,‏ والعبرة هنا بأهليتها بما يؤكد أيضا كفاءتها‏.‏
‏(3)‏ كما تشارك في القضايا العامة‏,‏ باعتبارها فردا في الأمة‏,‏ وهي مشاركة واجبة وجوب عين‏.‏
‏(4)‏ تشارك في المسائل الخاصة بفئة معينة من خلال العمل النقابي الذي تتأسست مشاركتها فيه علي حقها في العمل المهني‏.‏
ويلاحظ أنه برغم دخول النساء في الساحة الفقهية‏,‏ والعلاقة المهنية‏,‏ والرابطة الإيمانية‏,‏ يظل للمرأة بعض الأحكام الخاصة في الشرع‏,‏ وبعض المصالح الخاصة في الواقع‏,‏ وهو ما يستلزم الرجوع لعامة النساء‏:‏ قبل اتخاذ قرار يخصهن في الدولة الإسلامية‏,‏ وهذا ما فعله الرسول والخلفاء الراشدين في أكثر من مناسبة‏.‏
‏*‏ عمر بن الخطاب يشاور المرأة حتي يتخذ قرارا صائبا‏:‏
وقد استشار عمر حفصة بن عمر أم المؤمنين رضي الله عنها ليعرف منها كم تصبر المرأة علي خروج زوجها للجهاد‏,‏ واتخذ قرارا بناء علي رأيها مستهديا به‏,‏ فأمر القادة ألا يؤخروا الجنود عن زوجاتهم أكثر من أربعة أشهر‏.‏
وقد أصدر عمر قرار العطاء لأطفال المسلمين بعد الفطام‏,‏ فعجلت النساء فطام أطفالهن حتي يأخذن العطاء‏,‏ مما كان له آثار سلبية علي صحة الأطفال‏,‏ فعدل عمر عن قراره‏.‏
وقد أراد عمر تحديد حد أقصي للمهور‏,‏ فعارضته امرأة وهو علي المنبر‏,‏ بقول الله تعالي‏:‏ وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا‏[‏ النساء 20]‏ فرجع عمر عن رأيه‏.‏
القضايا الكبري المثيرة للجدل‏:‏
اختلف العلماء في قضية تولي المرأة لوظيفة القضاء بين مانع رافض لوجود امرأة علي منصة القضاء‏,‏ وبين مؤيد لوجودها‏,‏ وبين مقيد لجواز توليها القضاء‏,‏ فلا يجيزه لها إلا في حالات محددة‏,‏ وفيما يلي آراء المذاهب الفقهية‏:‏
‏*‏ أولا‏:‏ المانعون مطلقا‏:‏ وهم عدد من الفقهاء‏,‏ يأتي في مقدمتهم المالكية والشافعية والحنابلة‏,‏ وهو أيضا رأي الشوكاني والزيدية‏.‏
‏*‏ المانعون من أعلام العلماء ولجان الافتاء المعاصرين‏:‏
من العلماء والباحثين المعاصرين الذين رفضوا تولي المرأة شئون القضاء‏:‏
‏1‏ السيد جمال الدين الأفغاني‏.‏
‏2‏ لجنة الافتاء في الأزهر سنة‏1952.‏
‏3‏ د‏.‏ محمد عبدالقادر أبوفارس في كتابه القضاء في الإسلام‏.‏
‏4‏ الشيخ سلمان بن فهد العودة في كتابه حوار هاديء مع الغزالي‏.‏
‏5‏ د‏.‏ عبدالمجيد الزنزاني في كتابه الإسلام وحقوق المرأة في السياسة‏,‏ وغيرهم كثيرون‏.‏
‏*‏ ثانيا‏:‏ الموافقون علي تولي المرأة القضاء في بعض الأمور‏,‏ هم الحنفية وابن القاسم من المالكي‏,‏ وبعض المعاصرين‏,‏ وقد أجاز الحنفية للمرأة المسلمة أن تتولي وظيفة القضاء في غير الحدود والقصاص‏,‏ فيصبح قضاؤها في كل ما تقبل فيه شهادتها صحيحا‏,‏ وشهادتها لا تقبل في الحدود والقصاص‏,‏ وتقبل في ماعدا ذلك‏.‏
‏*‏ الموافقون لتولي المرأة القضاء في كل الأمور هم‏:‏ ابن جرير الطبري‏,‏ وابن حزم الظاهري‏,‏ وقيل انه رأي الحسن البصري‏.‏
‏*‏ أما علماء عصرنا الذين أجازوا تولي المرأة القضاء بدون شروط فمن بينهم‏:‏ الشيخ محمد الغزالي رحمه الله ود‏.‏ يوسف القرضاوي في كتابه فتاوي معاصرة‏,‏ ود‏.‏ عبدالكريم زيدان في كتابه المفصل في أحكام المرأة والبيت المسلم‏,‏ ود‏.‏ محمد البلتاجي في كتابه مكانة المرأة‏.‏ ود‏.‏ توفيق الواعي في كتابه المسلمات الداعيات‏..‏ وغيرهم‏.‏
‏*‏ قوامة الرجل لا تلغي دور المرأة بل تتم في رحاب الشوري‏:‏
لا يعني قوامة الرجل علي الأسرة‏,‏ أن يستبد الرجل ويلغي دور المرأة‏,‏ بل يجب أن يؤخذ رأيها فيما يهم الأسرة‏,‏ كما أشار القرآن في موضوع إرضاع الرضيع في قوله تعالي‏:‏ فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما‏,‏ فهذا الأمر اليسير وهو إرضاع الطفل ينبغي أن يتم في رحاب الشوري والتراضي‏.‏
ولم يرد ما يمنع ولاية بعض النساء علي بعض الرجال خارج نطاق الأسرة بل الممنوع هو الإمامة العظمي ورئاسة الدولة‏.‏
يختم المؤلف هذا الفصل‏,‏ بأنه ليس هناك مبررا لمنع المرأة من تولي وظيفة القضاء‏,‏ بل يجب توفير الضمانات الشرعية التي تكفل لها تأدية وظيفتها دون مخالفات شرعية‏.‏
لم يترك المؤلف شأنا إسلاميا إلا وقدمه في الكتاب بأمانة الباحث فعرض كل وجهات النظر الموافقة والرافضة له‏,‏ مرور بمشاركة المرأة في التصويت في الانتخابات‏,‏ وشهادة النساء التي هي مقبولة في حقوق الأبدان التي لا يطلع عليها الرجال غالبا‏,‏ مثل الولادة والاستهلال‏,‏ وعيوب النساء‏.‏
وليس في نصوص الإسلام ما يسلب المرأة أهليتها للعمل النيابي كتشريع ورقابة‏.‏
‏*‏ تولي المرأة المناصب الوزارية‏:‏
يجوز للمرأة أن تتولي الوظائف العامة مثل الوزارة وغيرها‏,‏ وممن ذهب الي هذا الرأي في العصر الحديث الشيخ محمد الغزالي ود‏.‏ يوسف القرضاوي ود‏.‏ محمد البلتاجي‏.‏
وقد شاركت المرأة في الشئون السياسية في عهد الرسول‏,‏ مثل الهجرة والبيعة ونصرة الإسلام والدفاع عنه والمشاركة بالرأي‏,‏ والجهاد في سبيل الله‏,‏ كما شاركت في اختيار الخليفة الثالث‏,‏ وقامت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها علي رأس جيش بهدف الإصلاح السياسي‏,‏ وفي الآيات القرآنية أكثر من دليل علي حصافة رأي المرأة ومقدرتها علي الحوار والمناورة في السياسة‏,‏ والمشاركة في الوظائف التي تتصل بمصلحة المجتمع ومنها الوزارة‏.‏
تولي المرأة رئاسة الدولة
وقضية الإمامة العظمي
اتفق أهل العلم علي حرمة تولية المرأة الإمامة العظمي ورئاسة الدولة التي هي مخصصة للرجل دون المرأة واستدلوا بحديث‏:‏ لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة‏,‏ وهذا الحديث تنديد بالاستبداد وليس بالنساء كما يري البعض‏,‏ فحينما علم النبي أن أهل فارس قد ملكوا عليهم بنت كسري لعدم وجود من يتولي الملك من البنين‏,‏ لأن الله أبادهم بدعائه حين أرسل كتابه الي كسري فمزقه‏,‏ فدعا عليهم أن يمزقوا‏,‏ فاستجاب الله تعالي الدعاء‏,‏ فلم يقم لهم بعد ذلك أمر نافذ‏,‏ وقتل بعضهم بعضا‏..‏ حتي ملكوا عليهم امرأة‏,‏ وتسبب ذلك في نهاية ملكهم‏,‏ وانتصر المسلمون عليهم بعد سنوات‏,‏ وفي خلافة سيدنا عمر قضوا علي اممبراطوريتهم‏.‏
وقد استدل العلماء بالحديث السابق علي منع المرأة من تولي الإمامة العظمي ورئاسة الدولة‏.‏
‏*‏ رأي الشيخ الغزالي‏:‏
لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة‏:‏ واقعة عين لا عموم‏.‏
اجتهد الشيخ الغزالي‏,‏ فذهب الي أن هذا الحديث لا يفيد النهي العام عن تولي المرأة رئاسة الدولة‏,‏ بل هو من وجهة نظره واقعة عين لا عموم لها‏,‏ فقال‏:‏ ونحن نلقي نظرة أعمق علي الحديث الوارد‏,‏ ولسنا من عشاق جعل النساء رئيسات للدول أو رئيسات للحكومات‏,‏ اننا نعشق شيئا واحدا‏,‏ أن يرأس الدولة أو الحكومة أكفأ الناس في الأمة‏,‏ ويضيف الشيخ الغزالي شارحا الحديث فيقول‏:‏ عندما كانت فارس تتهاوي تحت مطارق الفتح الإسلامي كانت تحكمها ملكية مستبدة مشئومة‏,‏ فالدين وثني‏,‏ والأسرة المالكة لا تعرف شوري‏,‏ ولا تحترم رأيا مخالفا‏,‏ والعلاقات بين أفرادها بالغة السوء‏,‏ قد يقتل الرجل أباه واخوته في سبيل مآربه‏,‏ والشعب خاضع منقاد‏,‏ وقد انهزمت الجيوش الفارسية وأخذت مساحة الدولة تتقلص‏,‏ وكان يجب أن يتولي الأمر قائد عسكري يوقف الهزائم‏,‏ ولكن الوثنية السياسية جعلت الأمة والدولة ميراثا لفتاة لا تدري شيئا‏,‏ فكان ذلك إيذانا بأن الدولة كلها الي ذهاب‏...‏
‏*‏ امرأة ذات دين خير من ذي لحية كفور‏:‏ يستدل الشيخ الغزالي علي صحة رأيه‏,‏ بنجاح ملكة سبأ في قيادة شعبها الي الايمان والصلاح بحكمتها وذكائها‏,‏ وبأن أخذ الحديث علي عمومه يتنافي مع القرآن ويناقضه وهو أمر مستحيل‏,‏ ثم يتساءل‏:‏ هل خاب قوم ولوا أمرهم امرأة من هذا الصنف النفيس؟
ثم يجيب‏:‏ هذه المرأة أشرف من الرجل الذي دعته ثمود لقتل الناقة‏,‏ ومراغمة نبيهم صالح‏,‏ فالشيخ الغزالي يري أن تعميم دلالة الحديث يتناقض مع القرآن‏,‏ ومع الواقع التاريخي‏,‏ ويستشهد الشيخ بزعيمات ناجحات خدمن بلادهن مثل مارجريت ثاتشر وانديرا غاندي‏,‏ ثم يقول‏:‏ امرأة ذات دين خير من ذي لحية كفور‏.‏
رأي الشيخ القرضاوي يتفق تماما مع تفسير الشيخ الغزالي‏,‏ فحديث الرسول عليه الصلاة والسلام يجب فهمه في ضوء سبب وروده‏,‏ وهو يري أيضا مثل الغزالي أن الحديث لو أخذ علي عمومه لعارض ظاهر القرآن‏,‏ هناك أيضا قلة من الفقهاء تري أن هذا الحديث كان مرتبطا بحدث‏,‏ أي قاله الرسول صلي الله عليه وسلم في واقعة معينة ولا يجوز تعميمه‏.‏
الكتاب تضمن آراء أخري تعارض رأي الشيخين الجليلين‏,‏ وترفض أن تتولي المرأة الخلافة ورئاسة الدولة‏,‏ فالمؤلف يعتقد مع غالبية الفقهاء أن الولاية العامة بمعني رئاسة الدولة لا تكون إلا للرجال‏.‏
‏*‏ رأي علماء الشيعة‏:‏
عرض المؤلف في ختام كتابه رأي علماء الشيعة‏,‏ فالشيخ محمد مهدي شمس الدين الرئيس السابق للمجلس الإسلامي الشيعي الأعلي بلبنان يتفق في كتابه أهلية المرأة لتولي السلطة مع آراء الشيخين الغزالي والقرضاوي‏...‏ ولكن هل يمثل رأي الشيخ شمس الدين‏,‏ كل آراء الشيعة في لبنان‏,‏ وهل رأيه يتفق مع آراء آيات الله في إيران الذين يمارسون كل أنواع القهر ضد النساء؟
‏**‏
يبقي بعد ذلك‏,‏ أن كتاب الباحث محمد عبدالمجيد الفقي‏,‏ الذي يصدر اليوم الجمعة ويوزع في مكتبات الأهرام‏,‏ يأتي إلينا في موعده‏,‏ فنحن في أشد الحاجة الي مثل هذه الدراسات الجادة‏,‏ وسط مناخ ملبد بغيوم الجهل‏,‏ وبفوضي فتاوي من يعلمون ومن لا يعلمون‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.