نائب رئيس جامعة الأزهر يتفقد امتحانات الدراسات العليا بقطاع كليات الطب    صرف 80% من مقررات مايو .. و«التموين» تستعد لضخ سلع يونيو للمنافذ    برلماني: مشروع قانون تطوير المنشآت الصحية يشجع على تطوير القطاع الصحي    بنك مصر يطرح ودائع جديدة بسعر فائدة يصل إلى 22% | تفاصيل    افتتاح أولى دورات الحاسب الآلي للأطفال بمكتبة مصر العامة بدمنهور.. صور    أى انقسام فى إسرائيل؟!    قمة اللا قمة    البحرية الأوكرانية تعلن إغراق كاسحة الألغام الروسية "كوفروفيتس"    ليلة الحسم.. مانشستر سيتي يتفوق على وست هام 2-1 فى الشوط الأول بالدوري الإنجليزي.. فيديو    التعادل الإيجابي يحسم الشوط الأول بين آرسنال وإيفرتون    نهائي الكونفدرالية.. توافد جماهيري على استاد القاهرة لمساندة الزمالك    تشيلسي يحدد بديل بوتشيتينو| هدف برايتون    إصابة 4 أشخاص بطلقات نارية في مشاجرة بقنا    القبض على خادمتين سرقتا فيلا غادة عبدالرازق بالمعادي    عبير صبري تخطف الأنظار في حفل زفاف ريم سامي | صور    نقابة الموسيقيين تكشف مفاجأة بشأن حفل كاظم الساهر في الأهرامات    توافد كبير للمصريين والأجانب على المتاحف.. و15 ألف زائر بالمتحف المصري    الأربعاء.. مراسم دندرة للرسم والتصوير في معرض فني لقصور الثقافة بالهناجر    لمواليد 19 مايو .. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    هل يجوز الحج أو العمرة بالأمول المودعة بالبنوك؟.. أمينة الفتوى تُجيب    رجل يعيش تحت الماء 93 يوما ويخرج أصغر سنا، ما القصة؟    4 فيروسات قد تنتقل لطفلك من حمامات السباحة- هكذا يمكنك الوقاية    حقوق الإنسان بالبرلمان تناقش تضمين الاستراتيجية الوطنية بالخطاب الديني    قصف مدفعي.. مراسل القاهرة الإخبارية: الاحتلال يوسع عملياته العسكرية شمال غزة    جامعة العريش تشارك في اللقاء السنوي لوحدة مناهضة العنف ضد المرأة ببورسعيد    تفاصيل تأجير شقق الإسكان الاجتماعي المغلقة 2024    "أهلًا بالعيد".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 فلكيًا في مصر وموعد وقفة عرفات    وزير الصحة: الإرادة السياسية القوية حققت حلم المصريين في منظومة التغطية الصحية الشاملة    الكشف على 927 مواطنا خلال قافلة جامعة المنصورة المتكاملة بحلايب وشلاتين    مصرع شخص غرقًا في ترعة بالأقصر    القومي لحقوق الإنسان يبحث مع السفير الفرنسي بالقاهرة سبل التعاون المشترك    رئيس «قضايا الدولة» ومحافظ الإسماعيلية يضعان حجر الأساس لمقر الهيئة الجديد بالمحافظة    ما هو الحكم في إدخار لحوم الأضاحي وتوزيعها على مدار العام؟    «الإفتاء» توضح حكم حج وعمرة من يساعد غيره في أداء المناسك بالكرسي المتحرك    منها مزاملة صلاح.. 3 وجهات محتملة ل عمر مرموش بعد الرحيل عن فرانكفورت    إنجاز قياسي| مصر تحصد 26 ميدالية في بطولة البحر المتوسط للكيك بوكسينج    «الجوازات» تقدم تسهيلات وخدمات مميزة لكبار السن وذوي الاحتياجات    أزمة الدولار لا تتوقف بزمن السفيه .. مليارات عيال زايد والسعودية وصندوق النقد تتبخر على صخرة السيسي    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    وزير العمل: لم يتم إدراج مصر على "القائمة السوداء" لعام 2024    10 نصائح للطلاب تساعدهم على تحصيل العلم واستثمار الوقت    وزيرة الهجرة: مصر أول دولة في العالم تطلق استراتيجية لتمكين المرأة    إيرادات فيلم السرب تتخطى 30 مليون جنيه و«شقو» يقترب من ال71 مليون جنيه    3 وزراء يشاركون فى مراجعة منتصف المدة لمشروع إدارة تلوث الهواء وتغير المناخ    مساعدون لبايدن يقللون من تأثير احتجاجات الجامعات على الانتخابات    «الرعاية الصحية»: طفرة غير مسبوقة في منظومة التأمين الطبي الشامل    ياسر إبراهيم: جاهز للمباريات وأتمنى المشاركة أمام الترجي في مباراة الحسم    حجازي يشارك في فعاليات المُنتدى العالمي للتعليم 2024 بلندن    ياسين مرياح: خبرة الترجى تمنحه فرصة خطف لقب أبطال أفريقيا أمام الأهلى    ضبط 100 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز والأسواق فى المنيا    مدينة مصر توقع عقد رعاية أبطال فريق الماسترز لكرة اليد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    ولي العهد السعودي يبحث مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الأوضاع في غزة    استاد القاهرة : هناك تجهيزات خاصة لنهائي الكونفدرالية    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    أسعار الدولار اليوم الأحد 19 مايو 2024    حقيقة فيديو حركات إستعراضية بموكب زفاف بطريق إسماعيلية الصحراوى    إصابات مباشرة.. حزب الله ينشر تفاصيل عملياته ضد القوات الإسرائيلية عند الحدود اللبنانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى ذكرى رحيل "الطاهر".. يحيا إسكافى المودة
نشر في اليوم السابع يوم 20 - 04 - 2018


ليت أسماء تعرف أن أباها صعد
لم يمُتْ
هل يموت الذي كان يحيا
كأن الحياة أبد
أمل دنقل فى رثاء صديقه يحيى الطاهر عبدالله

مرت منذ أيام ذكرى رحيل الكاتب يحيى الطاهر عبدالله الذى وافته المنية إثر حادث سيارة على طريق الواحات فى التاسع من إبريل عام 1981، وإحياءا لذكراه أكتب هنا اليوم لقاءا جمعنى بأسماء ابنته بعد مجموعة مقالات كتبتها عن أعماله الأدبية، فطلبت لقاءها بحثا عن ذكريات خاصة تحكيها لى عنه، أو ربما رغبة منى فقط فى مقابلة أسماء التى ارتبط رثاء "يحيى" دائما باسمها، ورغم تأكيدها أنها لا تملك كثير من الذكريات الخاصة بها فوقت الحادث كان عمرها خمس سنوات فقط، إلا أنها رحبت باللقاء.

كان طبيعيا أن يدور الحديث فى فلك يحيى الطاهر عبدالله بالطبع، وذكرياتها المباشرة عنه أو تلك التى رويت لها من أصدقائه. ولكن البداية اختلفت قليلا، فى البداية فاجأنى الشبه الكبير بين أسماء والسيدة عطيات الأبنودى زوجة عبدالرحمن الأبنودى السابقة، ومن لا يعرف قصة تبنى السيدة عطيات لأسماء ورعايتها لها بعد وفاة يحيى يظن أن أسماء ابنتها بالفعل بفضل الشبه الكبير بينهما.
ابتسمت وقالت بالفعل أشبهها جدا، ولا أعرف سر هذا التشابه.. ربما لطول العشرة بيننا. وتدفقت الذكريات عن عطيات المرأة التى دخلت حياة الأبنودى بإذن من يحيى الطاهر عبدالله، وحكت أسماء عن بداية تعارف يحيى بعطيات الأبنودى قائلة:
" اتفق عبدالرحمن وعطيات على الزواج، ولكنه أخبرها أن الزواج لن يتم إلا إذا وافق عليها يحيى، فرتب لقاء بينهما للتعارف ليقرر يحيى مصير تلك الزيجة المرتقبة.. وبعد اللقاء قال لها يحيى: "أنا مبسوط منك.. يا إما تتجوزينى يا تتجوزى عبدالرحمن، فابتسمت عطيات وقالت: أنا جاية أقابلك عشان عايزة أتجوز عبدالرحمن.. فرد يحيى: يبقى من هنا ورايح أنت بقيتى "خيتى" ليعلن بذلك قبوله طرف جديد فى علاقة الصداقة التى تجمعه بالأبنودى. وأضافت أسماء: "بابا عاش معاهم فترة لكن كان عنده تحفظات بسبب خلفياته الأيدلوجية.. بابا كان يسارى فكان يعترض على رغبة عطيات فى تطوير حياتها كسيدة للمنزل، وسعيها لتوفير سبل حياة مريحة، فكانت من وجهة نظره تحول عبدالرحمن لكائن برجوازى رأسمالى لديه تطلعات طبقية بينما هو المفروض رجل يسارى.. صحيح هى كانت بتحب يحيى، ومؤمنة بموهبته لكنهما لم يتفقا ومشى فى النهاية وترك منزل الأبنودى."

خلافات يحيى والسيدة عطيات أعادتنى إلى علاقة يحيى بالمرأة فى عالم الأدب، فأحد السمات المميزة لأدب يحيى هى غياب المرأة بشكل كبير عن أعماله أو حضور باهت يتمثل فى صور نمطية بين انتهازية فتاة المدينة التى تبحث عن الثراء السريع بالزواج من عجوز ثرى، أو الفتاة الطيبة الساذجة فى الجنوب.
كان الخلاف بين السيدة عطيات ويحيى مدخلا للحديث عن المرأة فى حياة يحيى الشخصية وهل كان غيابها فى الأدب انعكاسا لغيابها فى الواقع؟

فأجابت أسماء: لا أعرف تفاصيل عن الجانب العاطفى من حياته قبل الزواج من أمى، لكنه كان مرتبط بأمه جدا، وتسميت على اسمها يمكن هذا يفسر سر ارتباطه الشديد بى، فكان يحملنى على كتفيه ويلف بى شوارع القاهرة، تلك الصورة لى معه محفورة فى ذاكرتى لا تغيب عنى"
فقلت لها أن عبلة الروينى سجلت اعتراضها كثيرا على تلك الجولات، فابتسمت وقالت: بحكم العقل والمنطق كان يجب أن تعترض على اصطحاب طفلة إلى البارات والمقاهى والسهر حتى الفجر، فتلك حياة لا تليق بالأطفال، لكنها كانت حياة أبى وكان يريدنى دائما معه.. وكأنه كان يشعر أن عمره قصير فكان يريد أن يقضى أكبر وقتا ممكنا معى.

مثلث الجنوب القنائى تلك العلاقة التى ترسخت فى أذهان كثيرين عن صداقة الثلاثى (عبدالرحمن- يحيى- أمل) ربما اختفى فى طياتها الحديث عن علاقات الصداقة فى حياة يحيى بعيدا عن ذلك الثنائى، فكان سؤالى لأسماء عن صداقات يحيى الأخرى فى القاهرة، فقالت:
"بابا ارتبط بصداقات كثيرة خاصة فى مجتمع وسط البلد بكل حالة الصخب الثقافى التى كان يمثلها فى تلك الفترة، فمثلا كانت علاقته قوية بالشاعرين عمرو الصاوى ورجب الصاوى وأقام معهم فى بيت العائلة لفترة، حتى بعد زواجه كثيرا ما تررد على بيتهم، وفى فترة اعتقالات الأدباء والمثقفين كان يحيى من المطلوبين وقتها، فاختبأ لفترة فى بيت صديقه أحمد الخميسى.
وعلاقة صداقة أخرى أو ربما توافق روحى جمعته بالشاعر نجيب سرور على مقاهى وسط البلد، حتى أن الناقد كمال رمزى كثيرا ما حكى لى عن مقالبهم فى بعض الأصدقاء، وابتسمت قائلة: أبويا هو نفسه إسكافى المودة هو نفس الشخصية بكل قدرته على التحايل على الحياة وتدبير المقالب، لما كتب إسكافى المودة كان بيكتب قصته هو وأيامه فى مصر القديمة بعد زواجه فى غرفة صغيرة خلف مسجد عمرو بن العاص.

نجاح يحيى فى تأسيس أسرة كان تحديا لطبيعة شخصيته، انتصارا على طبيعته المتمردة انتصارا قابله الفشل فى احتفاظه بوظيفة، فالجانب المتمرد من يحيى الذى رضخ –جزأيا- لمؤسسة الزواج لم يقبل أن يقدم تضحيات أخرى، ربما لقناعة أكبر لدى يحيى أن الوظيفة الميرى تقتل الموهبة، تقتل الحس الفنى لدى المبدع تلك الرؤية التى صاغها ببراعة فى قصصه عندما قدم شخصية الموظف، فردت أسماء أنها تتفق مع وجهة نظره تماما قائلة:
"قليلون من يستطيعون الحفاظ على روحهم الفنية فى الوظيفة الإدارية، هذا ما عبر عنه يحيى بالضبط عندما قدم شخصية الموظف فى قصصه. الواقع عندما يدخل شخص من خلفية ثقافية وفنية لمنصب إدارى يغرق بعد فترة فى تفاصيل الوظيفة ويصبح كل همه "تستيف الورق" فقط، وتختفى الأهداف الثقافية والفنية الكبيرة، فقليل جدا من يستطيع الحفاظ على روحه الفنية مع عمله الإدارى.
أبويا كان رافض الاعتراف بالأشكال التنظيمية التقليدية للدولة، مثلا كان يرفض يشيل بطاقة، كان ماشى بورقة من جورنال كاتب عنه، فلما ضابط يسأله عن هويته يطلع له الجورنال ويشير لصورته: أنا فلان اللى كاتبين عنه فى الجورنال."


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.