ليست المعجزة فى بناء يقام لكن المعجزة فى قرار يتخذ وإرادة تتجسد على أرض الواقع، نعم قناة السويس المصرية فى معجزة تتكرر مع الزمان بإرادة وقرار مع رجال تعودوا أن يحملوا أمانة المصير والمسئولية، فتحية لتلك الإرادة المتجددة والتى تتواصل مع الزمان والتاريخ لتثبت عمق الإنسان المصرى واستمرار الحضارة وأصالتها فى قناتى الجديدة فاتحة خير على وطن يعبر نحو مستقبل جديد . نعم إننا جيل قد شاهد الأحداث الجسام صغارا وشاهدها كبارا وامتلأت العيون بمواقف البطولة وحركة التاريخ ونحن نرصد كل ذلك مما ثقلنا وجعلنا نقدر ونحترم حركات التاريخ ونشهد عليها. فمن منا ينسى منذ نعومة أظافرنا أحداث الحرب وكلمات النصر والاستنزاف والحركات البطولية والفدائية وجند مصر كلها كلمات كانت تترد فى قاموس حياتنا اليومية ولو لم ندرك معناها ولكننا عايشنا الأحداث وارتبطنا معها من محزنة النكسة وألمها وجراحها حتى الاستنزاف والحركات البطولية التى كانت تقوم بها المقاومة الشعبية أو الجندى المصرى المغوار والذى أرعب العدو وجعله يتكبد خسائر جمة ولقد بنى المستعمر الغاشم الغبى ساتره الرملى ليحجب عنا سيناء، ويجعل من المستحيل العبور إليه، وقد استخدم قدراته العسكرية التى روج لها بأنها لا تقهر حتى تحرك المارد المصرى ليقهر زعمه ويحطم أسطورته فى السادس من أكتوبر فى 1973 الموافق العاشر من رمضان ليثبت للعالم أجمع أن المصريين أصحاب فكر ووعى، وأن خبراتهم العسكرية تستطيع أن تحطم المستحيل وتقهقر كل حكاوى الوهم التى يحاول المستعمر أن يوهم الدنيا بها فقد استطاع المصريون ببسالتهم المعتادة عبر التاريخ أن يزيلوا أكبر ساتر رملى فى التاريخ فى وقت قليل، ويحققوا نصرا عظيما وارتفعت الأصوات فى الطرقات ونجرى ونلعب ونمرح ونجد الأمهات تزغرد والرجال يكبرون والشباب يصفقون ويرحبون بجندى يسير بينهم فى الطرقات وربما يرفعونه فوق الأعناق مجسدين فيه روح النصر وعزته وتتعالى الصيحات وتنطلق الأغنيات والأناشيد الوطنية فى كل أرجاء الوطن وتبلدت حالات الحزن بفرح عارم ملأ كل الدنيا من حولنا. عبرنا القناة كانت أجمل الكلمات التى نسمعها وربما لا نعى معناها ولكننا نكررها رغم أننا لم نر القناة وربما يكون مر علينا ردح كبير من الزمن ونحن نسمع عنها ولانراها أكثر من أربعة عقود من الزمان تتردد على مسامعنا كثير من الجيل والجيال المتعاقبة ولكننا أبناء المدارس يضيع علينا كثير من التجوال والسياحة الوطنية التى نقرا عنها ولانراها واقعا إلا برحلات قد يتمكن منها البعض ويحرم منها الكثيرون عبرنا القناة كانت عبارة تتردد فى أعماقنا وتسكن فى جنبات عقلنا ولكنها من حين لحين تتحرك إما عند ذكرى النصر أو الاحتفالات الوطنية حتى مر الزمان مروره وجاءت الثورة المصرية الحديثة فى 25يناير وأعقبتها فى 30يونيو لتشهد أحداث التاريخ جديدا مع أجيال جديدة وتسجل عيوننا وضمائرنا أحداث جديدة ونحن نصب أعيننا الوطن الذى ارتبطنا به ارتباطا به كبيرا وتعلم معنى كلمة وطن وتشربناها جيدا من كم الأحداث والتاريخ يمر علينا بأحداثه . ولما تحرك مشروع قناة السويس الحديث وحلم تطويرها ليشهد الزمن تطورا جديدا ويعيد إلى الأذهان القناة من جديد فى ثوب جديد لنعبر من قناة لقناة ولنجعل من سيناء الحبيبة حلم ورؤية ونعلى من كفاءة القناة ونجعل حركة الملاحة العالمية أكثر تطورا مما يعيد لأذهاننا عبارات الرئيس عبد الناصر عندما اتخذ قراره الجرىء بتأميم قناة السويس قناة مصرية للملاحة العالمية ليثبت للدنيا أن صاحب القرار الجرىء لا تهزه ريح الخوف ولا التربص ولكن تثبته روح العزة والإيمان القوى والثقة فى الشعب المؤمن بتأييده لقادته وحبه لوطنه.