التعليم العالي والصحة تطلقان مشروع لزيادة الوعي بالصحة الانجابية بالجامعات    عاجل...أول تعليق من كلوب على شجاره مع محمد صلاح في مباراة ليفربول ووست هام    المؤبد لمتهم بهتك عرض ابنة شقيقه بالقليوبية    احتفاء كبير بعروض سينما المكفوفين بمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    السر وراء احتفال شم النسيم في مصر عام 2024: اعرف الآن    رئيس جامعة جنوب الوادي: لا خسائر بالجامعة جراء سوء الأحوال الجوية    عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم السبت 27 أبريل 2024 (آخر تحديث)    تمهيد وتسوية طرق قرية برخيل بسوهاج    خبير بترول دولي: الغاز ليس أهم مصادر الوقود والنفط ما زال يتربع على العرش    الشرطة الأمريكية تفض اعتصام للطلاب وتعتقل أكثر من 100 بجامعة «نورث إيسترن»    برقم العداد.. كيفية الاستعلام عن فاتورة استهلاك كهرباء أبريل 2024    محلل سياسي: الاحتجاجات الطلابية بالجامعات أدت إلى تغير السياسات الأمريكية (فيديو)    وسائل إعلام: شهداء ومصابون في غارة للاحتلال على مدينة رفح الفلسطينية    محلل سياسي يوضح تأثير الاحتجاجات الطلابية المنددة بالعدوان على غزة    بايدن: لن أرتاح حتى تعيد حماس الرهائن لعائلاتهم    التحالف الوطني للعمل الأهلي.. جهود كبيرة لن ينساها التاريخ من أجل تدفق المساعدات إلى غزة    الإمارات تستقبل دفعة جديدة من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان.. صور    بالتعاون مع فرقة مشروع ميم.. جسور يعرض مسرحية ارتجالية بعنوان "نُص نَص"    وزير الرياضة يشهد مراسم قرعة نهائيات دوري مراكز الشباب النسخة العاشرة    بيريرا ينفي رفع قضية ضد محمود عاشور في المحكمة الرياضية    الرئيس التنفيذي للجونة: قدمنا بطولة عالمية تليق بمكانة مصر.. وحريصون على الاستمرار    خطة لحوكمة منظومة التصالح على مخالفات البناء لمنع التلاعب    "اكسترا نيوز" تعرض نصائح للأسرة حول استخدام ابنائهم للانترنت    أمن أسيوط يفرض كرودا أمنيا بقرية منشأة خشبة بالقوصية لضبط متهم قتل 4 أشخاص    فوز أحمد فاضل بمقعد نقيب أطباء الأسنان بكفر الشيخ    «صباح الخير يا مصر» يعرض تقريرا عن مشروعات الإسكان في سيناء.. فيديو    «تربيعة» سلوى محمد على ب«ماستر كلاس» في مهرجان الإسكندرية تُثير الجدل (تفاصيل)    تطوان ال29 لسينما البحر المتوسط يفتتح دورته بحضور إيليا سليمان    أصالة تحيي حفلا غنائيًا في أبو ظبي.. الليلة    "بيت الزكاة والصدقات" يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة عملاقة ل "أغيثوا غزة"    الكشف على 1670 حالة ضمن قافلة طبية لجامعة الزقازيق بقرية نبتيت    بالأرقام.. طفرات وإنجازات غير مسبوقة بالقطاع الصحي في عهد الرئيس السيسي    انطلاق معرض وتريكس للبنية التحتية ومعالجة المياه بمشاركة 400 شركة غدًا    «تملي معاك» أفضل أغنية عربية في القرن ال21 بعد 24 عامًا من طرحها (تفاصيل)    الزمالك يفاوض ثنائي جنوب أفريقيا رغم إيقاف القيد    حكم واجبية الحج للمسلمين القادرين ومسألة الحج للمتوفين    بالصور| "خليه يعفن".. غلق سوق أسماك بورفؤاد ببورسعيد بنسبة 100%    النقض: إعدام شخصين والمؤبد ل4 آخرين بقضية «اللجان النوعية في المنوفية»    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    قائمة باريس سان جيرمان لمباراة لوهافر بالدوري الفرنسي    علي الطيب يكشف تفاصيل دوره في مسلسل «مليحة»| فيديو    الصحة: فرق الحوكمة نفذت 346 مرور على مراكز الرعاية الأولية لمتابعة صرف الألبان وتفعيل الملف العائلي    الدلتا للسكر تناشد المزارعين بعدم حصاد البنجر دون إخطارها    سياحة أسوان: استقرار الملاحة النيلية وبرامج الزيارات بعد العاصفة الحمراء | خاص    استمرار حبس عاطلين وسيدة لحيازتهم 6 كيلو من مخدر البودر في بولاق الدكرور    خبيرة: يوم رائع لمواليد الأبراج النارية    حصيلة تجارة أثار وعُملة.. إحباط محاولة غسل 35 مليون جنيه    8 معلومات عن مجلدات المفاهيم لطلاب الثانوية العامة 2024    «السياحة»: زيادة رحلات الطيران الوافدة ومد برنامج التحفيز حتى 29 أكتوبر    متصلة تشكو من زوجها بسبب الكتب الخارجية.. وداعية يرد    أبو الغيط: الإبادة في غزة ألقت عبئًا ثقيلًا على أوضاع العمال هناك    السيسي يتفقد الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية ويجري حوارًا مع الطلبة (صور)    مستشار الرئيس الفلسطيني: عواقب اجتياح رفح الفلسطينية ستكون كارثية    هل يوجد تعارض بين تناول التطعيم وارتفاع حرارة الجسم للأطفال؟ هيئة الدواء تجيب    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



40 سنة على نصر أكتوبر.. حكايات الآباء للأبناء والأحفاد قصص وأسرار الحرب والبطولات المعجزة لأبناء الشعب المصرى.. وأبطال مجهولون يروون كيف حاربوا وحدهم وواجهوا العدو ببسالة

قصة «منظمة سيناء العربية» التى أنشأها عبدالناصر ووصفت إسرائيل أبطالها ب«الأشباح».. و العين عين صقر
والقلب قلب أسد.. رشاد حجاب السيناوى الذى رصد أول تحركات عساف ياجورى على رأس إمدادات أمريكية
العقيد يسرى عمارة: أسرت عساف ياجورى قائد اللواء المدرع 190 الإسرائيلى ويدى تنزف.. ومحمد الفايد: «كتيبتى» تمكنت من أسر 500 جندى إسرائيلى
بعد غد يبلغ المولود فى أكتوبر 1973 أربعين عامًا، ومن هؤلاء من كان ابنًا لم ير أباه، لأن الأب استشهد على الجبهة أثناء حرب التحرير، ومن المؤكد أن هذا الرجل سمع عن بطولات الأب من أمه، وسوف يروى لأبنائه حكايات تتواصل مع الأجيال. واليوم يتشارك أبناء وأحفاد المصريين أبطال نصر أكتوبر احتفالا بإنجازات وبطولات صنعها آباء استشهدوا، أو أصيبوا، وما زال بعضهم يروى هذه الحكايات.
قبل 40 عامًا كان هناك آلاف من الشباب والقادة المصريين، يقفون على جبهة القتال ويستعدون للقيام بواحدة من أهم الحروب والانتصارات فى تاريخهم الحديث، وبعد أربعين عامًا عاد انتصار أكتوبر من جديد، ليمثل إحدى النقاط المضيئة فى التاريخ الحديث، ولكونه انتصارًا ساهم فى التخطيط له وتنفيذه أبناء الشعب من كل الطبقات والفئات، واليوم يحتفل الشعب المصرى بأبنائه الذين صنعوا النصر. وما زال هذا الانتصار يعيش فى التاريخ، وحتى الأجيال التى لم تعاصر هذا النصر تحمل عنه الحكايات والتواريخ.
وبعد 40 عامًا لا يزال نصر أكتوبر يبوح بأسراره، ويقدم المزيد من القصص البطولية والمعجزات العسكرية لأبناء الشعب فى الجيش المصرى. وكانت حرب أكتوبر معجزة، ليس فقط فى عبور قناة السويس أكبر حاجز مائى، وتحطيم خط بارليف الحصين، الذى كان واحدًا من أكثر الخطوط تحصينًا فى تاريخ الحروب الحديثة. لكن السر أيضًا هو التوحد العربى وراء الحرب، ومساندة الدول العربية لمصر، من خلال حرب البترول الشهيرة، كما كانت حربًا ساهمت فيها الدول العربية كالجزائر، والعراق بكتائب رمزية.
اليوم وبعد أربعين عامًا لا تزال الحرب تبوح بأسرارها، وأبطالها من المصريين العاديين، يشاركون القادة حكايات المعجزات. وهنا نقرأ قصصًا منها قصة الحاج محمد الفايد، الذى يروى كيف رفع العلم المصرى على النقطة الحصينة فى سيناء، وحكايات عن صائدى الدبابات، والخداع الاستراتيجى لإسرائيل، وحكاية «عم حامد الصعيدى» أحد أبطال كل الحروب التى خاضتها مصر بداية من 67، والاستنزاف، وأكتوبر 73، ضد العدوان الإسرئيلى على سيناء.
وكيف رأى وسمع حكايات الأبطال، بينما اللواء محمد عوض يروى أسرارًا جديدة عن الثغرة. أهم ما تقدمه حرب أكتوبر من دروس أن الإرادة أهم ما يحتاجه من يريدون النصر. ربما مرت سنوات تغبرت الذكرى وأن أبناء وأحفاد أبطال أكتوبر فى حاجة لقراءة تاريخهم كتلة واحدة، وكيف تم العبور من الهزيمة للنصر، من خلال الإصرار والعزيمة.
قصة «منظمة سيناء العربية» التى أنشأها عبدالناصر ووصفت إسرائيل أبطالها ب«الأشباح».. نفذت 700 عملية ضد الاحتلال فمهدت لنصر أكتوبر.. وكان حسين مسلم أول شهدائها
وراء انتصار أكتوبر المجيد أبطال عظام، وضعوا الوطن مكان قلوبهم، حملوا رايته فى أحلك الظروف، تركوا أولادهم الصغار وأسرهم وهم يدركون أن الموت قريب منهم فى كل عملية يقومون بها فى الضفة الشرقية لقناة السويس، أبطال أقسموا على تحرير أرضهم قاموا بمهاجمة قواعد العدو ومخازن ذخيرته وقواته بسيناء، قدموا أرواحهم فداء للوطن وتمهيدا ليوم النصر العظيم.. هم أبطال «منظمة سيناء العربية» من محافظات القناة، آلاف الأبطال المدنيين يعيشون الآن فى صمت ويكتفون بضمائرهم المرتاحة وذكرياتهم عن النضال.
«سيناء مصرية وستظل مصرية، وإن باطن الأرض أكرم لنا من ظهرها إذا ما وافقنا على هذا المخطط الإسرائيلى».. كلمات نطق بها الشيخ سالم الهرش خلال مؤتمر الحسنة عام 1969 نيابة عن سائر مشايخ قبائل سيناء الذين جمعتهم إسرائيل بعد احتلال شبه الجزيرة لتعرض عليهم فصل سيناء عن مصر واعتبارها منطقة مستقلة، منظمة «سيناء العربية» أحد أبرز هذه التنظيمات المعروفة لدى أبناء سيناء الذين شكلوا عصب هذا التنظيم السرى ونجحت المخابرات المصرية فى توجيهه لضرب أهداف الاحتلال وجمع كل البيانات والمعلومات عن تمركز قواته وخطوط تحركاته، وتم الإعلان عن تشكيل المنظمة فى 1969 بقرار من الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وطلب منهم حرفيًا: «أريد معرفة دبة النملة فى سيناء وكل ما يحدث على أرضها من تحركات للعدو».
من أعضاء المنظمة الذين ما زال ذكرهم باقيا، حسين مسلم الذى يعد أول شهيد بالمنظمة والذى استشهد أثناء تصديه لقوة إسرائيلية كى يتمكن زملاؤه من تفجير مستودع للذخيرة، فقد ذكر أن أهداف العدو تعرضت على جميع مستوياتها لعمليات فدائية ناجحة بلغت أكثر من 700 عملية نفذتها المنظمة وجميعها مسجلة، منها قصف مقر الحاكم العسكرى والمخابرات الإسرائيلية، وتدمير أكثر من دورية للعدو بالألغام، إضافة لتدمير العديد من خطوط المواصلات باستخدام أجهزة لاسلكى وصواريخ وقواعد تنقل على ظهور جمال مدربة تنطلق بها عبر مسالك صعبة وبسرعة فائقة لتخطى الحواجز، ولدور المنظمة التى يصل عدد أعضائها لنحو 750 من الحاصلين على نوط الامتياز من الطبقة الأولى من رئيس الجمهورية.. «اليوم السابع» تلقى الضوء على مجموعة منهم، عرفوا باسم «الأشباح» فى منظمة سيناء العربية.
يقول رئيس جمعية المحاربين والمجاهدين الأسبق بسيناء النائب عيسى عودة الخرافين، الذى تعرض مؤخرا لمحاولة اغتيال من قبل إرهابيين بالعريش وما يزال فى فراش المرض بالقاهرة، بعد أن نقلته القوات المسلحة لإنقاذ حياته:
«بعد نكسة 5 يونيو 1967، قامت المخابرات المصرية بالاستعانة بقرابة 1100 بطل مدنى، أغلبهم من بدو سيناء ومن محافظات بورسعيد والإسماعيلية والسويس وسيناء، وتم تدريبهم على استخدام الألغام والمتفجرات والقنابل وأعمال الهجوم ضد إسرائيل، هؤلاء الأبطال الذين أطلقت عليهم إسرائيل لقب «الأشباح»، كبدوا إسرائيل خسائر كبيرة فى الجنود وفى المعدات.

تم تأسيس جمعية باسم هؤلاء الأبطال، أطلق عليها جمعية «مجاهدى سيناء» يترأسها حاليا النائب عبدالله جهامة والمئات منهم حاصلون على أنواط الامتياز من الرئيسين جمال عبدالناصر وأنور السادات، ومنهم من حصل على نوط نجمة سيناء، ومنهم من عبر قناة السويس أكثر من 150 مرة، ومنهم من توغل فى عمق إسرائيل، ومنهم من تعرض للأسر لسنوات طويلة، وفى النهاية لم يلق «الأشباح» التكريم اللائق، ومعظمهم يتقاضون معاشات شهرية ضئيلة.
من أبطال المنظمة المجاهد نصر المسعودى «الحطاب» كان يقيم فى عشة بدوية على بعد 30 كيلو متراً فى سيناء شرق قناة السويس بقرية جلبانة.
الناشط السياسى صالح المسعودى من وجهاء القرية، أشار لنا إلى عشته، لم أصدق الأمر فى البداية، معقول هذا الرجل الذى عبر قناة السويس 150 مرة، وحصل على نوط الشجاعة من الرئيس عبدالناصر ونوط الامتياز من الرئيس السادات يقيم فى هذا المكان، لكن الرجل فاجأنا بقوله إنه ليس وحده فى هذا المصير، وإن هناك 45 بطلا آخرين يعيشون نفس عيشته فى القرية ذاتها.
وأضاف، أن ما قام به من أعمال نضالية هو لوجه الله لا يريد عنه تكريما ولا مالا من الحكومة، فالمال إلى زوال، على حد قوله. وأضاف البطل نصر المسعودى، أحتفظ بكل الأنواط التى حصل عليها مع أعضاء منظمة سيناء العربية، وبالتنسيق مع المخابرات المصرية من تدمير لمواقع إسرائيل فى سيناء، من خلال حمله الصواريخ على الجمال وعبور قناة السويس، والتخفى فى الصحراء وتنفيذ مئات العمليات التى أقلقت إسرائيل، وقال إن منظمة سيناء العربية كان لها 3 فروع، فى بورسعيد وفى الإسماعيلية وفى السويس، ويقود كل فرع منها مجموعة من ضباط القوات المسلحة، ويتم تزويد أفرادها بالأسلحة والألغام، ولدى كل فرع عناصر بدوية تنقل المعلومات من سيناء، ويضيف: تمكنا من أسر العديد من الجنود الإسرائيليين، وعدد من الجواسيس المصريين الذين كانوا يتعاونون معهم.
- البطل الثانى: عودة المسعودى، تم أسره فى منطقة ممرات متلا عام 1968، وتم الإفراج عنه مع الأسرى فى 1974، قال إنه كان يوصل تحركات إسرائيل لمصر عبر جهاز لا سلكى وكان فى النهار يختبئ فى بئر صغيرة، وظل عدة أشهر على هذا الوضع يرصد التحركات، ويبلغها ويساعد منظمة سيناء فى تنفيذ التفجيرات، خاصة مطار المليز ومطار العريش.
إسماعيل الجعيل: المخابرات كلّفتنى مع مجموعة شباب بمراقبة الحدود
قضى الحاج إسماعيل عوض الجعيل سنوات عمره التى اقتربت من المائة مقيما فى قريته البرث، الواقعة جنوب مدينة رفح، على بعد أمتار قليلة من الحدود المصرية مع الأراضى الفلسطينية المحتلة. وعلى الرغم من ارتفاع الحوائط الأسمنتية من حوله، فإنه مازال يسكن فى عشته البسيطة.
«الجعيل» الذى يبدو لمن يراه كهلاً، لايزال يتذكر مكانه على الحدود بتكليف رسمى من القوات المسلحة قبل فترة عام 1967، وهو التكليف الذى صدر له عندما كان شابًا ضمن مجموعة من الشبان، لذلك تشرّب مبدأ الوطنية مبكرًا، وعاش تجربة أن يكون مقاتلاً يحمى حدود بلاده.
يعتقد «الجعيل» أنه من مواليد عام 1920 أو كما يسميها البدو فى المنطقة «سنة الجراد»، ولد حارس الحدود الشرقية فى مضارب قبيلة «الترابين»، وتعد هذه القبيلة من أشهر وأكبر قبائل شبه جزيرة سيناء، وكان مولده بمنطقة وادى العمر، حيث كانت تلك منطقة ارتكازهم، منها يسيرون رُحلاً وراء الكلأ ومنبت العشب، لتقتات أغنامهم بمناطق مجاورة فى فلسطين فى وقت مضى، وكما يقول لن يعود، فلم تكن هناك حدود أو قيود فى تلك الفترة.
وتابع قائلا إنه شاهد هجمات اليهود على الأراضى الصحراوية عند بداية وصولهم لفلسطين، وقيام سماسرة عرب بمساعدتهم وشراء أراض لهم بمناطق غير مهمة، وأنهم بحسب قوله كانوا متمكنين يقومون بالوصول جماعات، ثم يحيطون قطع الأراضى التى يشترونها بسياج من أسلاك شائكة، يعقبها توصيل مرافق لها، وسرعان ما تتحول إلى مزارع وبيوت يقيمون فيها كمستوطنات خلال 10 أيام، وهكذا نموا وتوسعا.
ويضيف الحاج «الجعيل» أن نموهم وتوسعهم فى الأراضى المحتلة لم يكن بسبب قوتهم بقدر ما هو بسبب الخونة والسماسرة من أصحاب النفوس الضعيفة.
وأضاف الحاج إسماعيل عوض الجعيل أنه فى مطلع شبابه التحق بفرقة لحراسة الحدود، تلك الفترة سبقت نكسة عام 1967، إذ كانت الأوضاع متوترة على الحدود فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وطبول الحرب كانت تدق فى المنطقة. جاء التكليف من المخابرات للشيخ المرحوم غيث سالم أبونقيز، أحد شيوخ قبيلة الترابين بسيناء، للقيام بهذه المهمة، والذى قام بدوره بتعيين مجموعات من الشباب مهمتهم مراقبة الحدود براتب شهرى، بعد فترة تدريب قصيرة فى معسكرات خاصة، وخلال فترة عملهم تمكنوا من صد كثير من محاولات اختراق الحدود المصرية.
ويشير الحاج «الجعيل» إلى أن الحدود فى ذلك الوقت كانت تقريبا غير موجودة، لكنها معروفة لنا وللدولة، وبعد هزيمة يونيو 1967، واحتلال إسرائيل لسيناء توقف عملنا تماما، وعدت لممارسة نشاطى الطبيعى فى الزراعة وتربية المواشى والأغنام.
وبعد خروج الاحتلال الإسرائيلى عن سيناء فى عام 1982 وفرت لى الدولة وظيفة عامل فى مدرسة بالقرية، قضيت بها سنوات قليلة ثم أُحلت للمعاش الذى هو دخلى الوحيد حاليًا.. وقال حارس الحدود الشرقية ل«اليوم السابع»، إن لديه من الأولاد والبنات 8، ويبلغ عدد أحفاده قرابة 30 حفيدًا.
«القنطرة شرق» معبر الأنبياء.. قصة أول مدينة محررة فى حرب أكتوبر
ما تزال المدينة التى حررت بالدم فى 8 أكتوبر شاهدة على النضال ما تزال تعيش فى سنوات الماضى، رغم مرور 40 عاما على الانتصار الكبير.
وما تزال مدينة القنطرة شاهدة بمبانيها وأبطالها على قوة وصلابة الجندى المصرى وعزيمته وإصراره وإيمانه بالنصر، إنها المدينة التى تحررت بالدم وبالقوة يوم 8 أكتوبر 1973 وما تزال تعتبره يوما وطنيا لها ويتم الاحتفال به سنويا، تبلغ مساحتها 2441 كم2 تقريبا وتمثل %51.5 من إجمالى مساحة محافظة الإسماعيلية، وتمتد هذه المساحة بطول 80 كم 2 من حدود محافظة بورسعيد شمالاً حتى حدود السويس جنوباً وبعمق 30 كم 2 شرقاً مع حدود محافظة شمال سيناء. والقنطرة كانت تسمى قلعة «ثارو» أيام العصر الفرعونى، بناها الملك سيتى وأطلق عليها «سيلا» أيام اليونان والروم، وكانت أهم حصون الدفاع عن مصر من جهة الشرق، وقد عرفت القنطرة حتى أوائل القرن 19 باسم القناطر بسبب الجسور ووجود القنطرة فوق القناة القديمة فى عصر القدماء المصريين. وللقنطرة شرق تاريخ قديم، حيث سارت على أرضها خطى الأنبياء «سيدنا إبراهيم ومن بعده يوسف وإخوته وأبوهم يعقوب عليهم السلام»، كما شهدت خروج سيدنا موسى من مصر ورحلة العائلة المقدسة إليها، ثم دخول الفاتح العربى عمرو بن العاص وجنوده إلى أرض الكنانة، وكانت القنطرة شرق تتبع محافظة شمال سيناء إدارياً حتى تم ضمها إلى محافظة الإسماعيلية عام 1979 بعد صدور القرار الجمهورى رقم 84 /1979.
كانت الحصون التى بناها العدو فى قطاع القنطرة شرق من أقوى حصون خط بارليف، وصل عددها إلى سبعة حصون، كما أن القتال داخل المدينة يحتاج إلى جهد لأن القتال فى المدن يختلف عن القتال فى الصحراء، ولذلك استمر القتال شديدا خلال يوم تحرير القنطرة.. واستمر ليلة 7 / 8 أكتوبر استخدم فيه السلاح الأبيض لتطهير المدينة من الجنود الإسرائيليين، وتمكنت قوات الفرقة 18 بقيادة العميد فؤاد عزيز غالى فى نهاية يوم 7 أكتوبر من حصار المدينة والسيطرة عليها تمهيدا لتحريرها، وجاء يوم الاثنين 8 أكتوبر، وتمكنت الفرقة 18 من تحرير مدينة القنطرة شرق بعد أن حاصرتها داخليا وخارجيا ثم اقتحامها.
وكما يشير المؤرخون العسكريون، إلى القتال دار فى شوارعها وداخل مبانيها حتى انهارت القوات المعادية، واستولت الفرقة على كمية من أسلحة ومعدات العدو بينها عدد من الدبابات، وتم أسر ثلاثين فردا للعدو هم كل من بقى فى المدينة، وأذيع فى التاسعة والنصف من مساء اليوم 8 أكتوبر من إذاعة القاهرة تحرير المدينة.
خطة الاقتحام
تم تركيز القوات والهجوم على امتداد 18 كم أمام النقاط الأساسية الأربعة وضرب النقاط المتطرفة يمينا ويسارا بالنيران فقط.
كما تمت مهاجمة النقطة الأولى والنقطة الرابعة أولا حتى يتم إحكام الحصار والتحكم فى الإمدادات التى يمكن أن تأتى من الخلف لهذه القوات. وقامت قوات الفرقة 18 بتنفيذ هذه الخطة باحتلال النقطة الأولى والنقطة الرابعة بعد 25 دقيقة من عبور المشاة بالأسلحة الخفيفة، ثم بدأوا بمحاصرة المدينة بعد 35 دقيقة، ثم بدأوا بالهجوم على النقطة الثانية واحتلوها ثم النقطة الثالثة واحتلوها أيضا، وكانت الساعة تقترب من الثامنة مساء من يوم 16 أكتوبر، فقد قام العدو بالهجوم من اليمين واليسار والوسط أى من جميع الاتجاهات كى يقتحم الحصار المصرى لمدينة القنطرة، ولكن قوات الفرقة 18 مشاة وأسلحتهم تصدت لهم- وتصدى الأبطال- حتى فشل هذا الهجوم الإسرائيلى. وكانت نتائج هذه المعركة هى 37 دبابة محطمة للعدو وبقى لهم 4 دبابات سليمة، ولكن العدو حاول التقدم بهذه الأربع دبابات، ولكن القوات المصرية تصدت لهم وقامت بالقضاء على هذه الدبابات الأربع وخلال يوم 7 أكتوبر قامت قوات العدو بالهجوم على القوات المصرية، ونجحت بالفعل فى اختراق جزء من مواقعنا، ولكن القوات المصرية استعادت مواقعها بسرعة بمعاونة الدبابات التى عبرت ليلا. وجاءت الأخبار من قائد الجيش الثانى الميدانى إلى قائد الفرقة 18 فى القنطرة أن العدو قام بإرسال لواء مدرع لضرب قواتنا فى القنطرة شرق، وأن هذا اللواء سوف يصل إلى القنطرة شرق مع بدء أول ضوء من يوم 8 أكتوبر، وفى اتجاه الجانب الأيمن للقوات المصرية وضعت الخطة لمقاومة هذا اللواء، وكانت الخطة تعتمد على وضع القوات عند نقطة معينة وعند مسافات محسوبة حيث تهاجم العدو من هذه النقطة.
العين عين صقر والقلب قلب أسد.. رشاد حجاب السيناوى الذى رصد أول تحركات عساف ياجورى على رأس إمدادات أمريكية.. دمرت قطارا يحمل عتادا ومعدات إسرائيلية قبل وصولها لجبهة القتال فحكمت علىّ تل أبيب بالسجن 93 عاما واستبدلونا بى طيارين و10 جثث
«رشاد أبوحجاب» بطل مصرى من سيناء، ساهم بعين الصقر وقلب الأسد فى تحقيق نصر أكتوبر المجيد، عندما كان يقوم بدوره الوطنى فى مراقبة تحركات العدو فى مدينة العريش وإبلاغ القيادة فى القاهرة بمسارها، فضلا عن نسف آليات عسكرية إسرائيلية قبل وصولها لجبهة القتال.
«حجاب» الذى تخطى السبعين، لا يزال يذكر كل تلك الأدوار التى أداها بروح محب للوطن لا ينتظر أجرا من أحد. «حجاب» كشف ل«اليوم السابع» الذى التقاها فى ساحة بيته الذى يتوسط مدينة العريش، كواليس وليالى الحرب، يقول حجاب: «أنا من مواليد الأربعينيات من القرن الماضى واشتباكى مع العدو كان مبكرا، حينما كنت فى المرحلة الإعدادية مع أول موعد لسيناء مع الحرب والمواجهة مع إسرائيل عقب عدوان عام 1956.
مضى الزمن ببطلنا وكما يقول: «كبرت وكبرت معى أحلامى بأن أرى مصر حرة، وأصبحنا فى حال غير الحال بعد أن استيقظنا على كارثة يونيو 1967 وقد أصبحت مدينتنا فى قبضة العدو وبيننا وبين الوطن أسلاك وجيوش وموت.
ويضيف: «كان العزم شديدا وقررنا أن نتشارك فى عمل وطنى مناسب وبدأنا نكتب منشورات ونقوم بتوزيعها، وكانت عبارة عن تحذيرات للأهالى بعدم التعامل مع العدو ونقوم بتوزيعها سرا، وأيضا بمشاركة فتيات العريش اللاتى يذكر منهن فاطمة صالح حسين، وسناء المشهرواى، وهدى إسماعيل، وهن طالبات فى الثانوية العامة كن يحملن المنشورات دون أن يلفتن انتباه العدو إليهن.
وتابع عم حجاب: «تطور أداء عمل المجموعة، والتى تكونت منى ومن زملائى «عبدالحميد الخليلى وعادل الفار وعبدالحميد سعيد ومحمد حجاج وفضل مغارى»، الذين كونوا خلية مقاومة سرية أطلقوا عليها اسم «أبناء سيناء الأحرار»، أعقب ذلك وبطريقة لا أريد الكشف عنها التواصل مع المخابرات المصرية، التى دربت أحدهم على العمل السرى الفدائى وبعد عودته إلى العريش باشروا مهامهم تحت غطاء منظمة سيناء العربية.
ويشير إلى أن هذه المهام منوعة من بينها زراعة ألغام عن طريق آليات عسكرية ومراكز تجمعات الجنود الإسرائيليين أثناء توقفهم فى محطات الأتوبيسات، ونجحوا بإحدى العمليات فى تفجير موقف للجنود وقتل عدد منهم، وتفجير خطوط الضغط العالى التى تغذى مكاتب مخابرات إسرائيل والحاكم العسكرى بالعريش.
ويوضح البطل أنهم خلال هذه الفترة كانوا يعملون بشكل سرى ليلى وفى النهار يمارسون عملهم الطبيعى، وخلال هذه الفترة عملنا للتمويه فى كل المهن منها صبى ميكانيكى وآخر كهربائى، وأثناء التجهيز لزراعة لغم، انفجر أحدها فى المجموعة وقتل رفيقنا عادل الفار وتحول إلى أشلاء، وحملت أمه أشلاءه دون أن تتأثر بذلك، حتى إن خطيب العريش امتدحه من على منبر المسجد ضاربا بها المثل والقدوة فى الصبر على البلاء.
ويضيف حجاب: «إننا كمجموعة كنا نتواصل مع آخرين لتصلنا إمدادات المخابرات المصرية من بينهم صاحب مقهى شعبى اسمه «صباح الكاشف»، حيث كان يتلقى المطلوب من مصر عبر سيدة بدوية تأتى من جنوب سيناء، كانت تنقل أجهزة اتصالات لاسلكية وغيرها، ونحن دورنا أن نستلم دون أن نهتم بالتفاصيل كيف وصلت ومن نقلها.
وبحسب قصة البطل السيناوى، أعقب وصول الأجهزة القيام بتجميع معلومات كاملة عن تحركات العدو ونوعية عتاده وإرسالها بالشفرة إلى القاهرة، إضافة إلى القيام بعمليات نوعية من بينها تفجير مقر مخابرات إسرائيلى بالعريش.
ويصل رشاد أبوحجاب إلى أهم منعطف فى قصته، وهى لحظة أسره، حينما اشتبه العدو فيه، ونقلوه إلى مكاتب مخابرات إسرائيل بالعريش وغزة، حيث حققوا معه هناك، وفشلوا فى انتزاع أى اعترافات، فتركوه يأسا منه، قبل حرب أكتوبر بأيام.
وأشار إلى أن سقوطه فى قبضتهم لم يثبط من عزيمته، فسرعان ما واصل وزملاؤه العمل، ومع اندلاع حرب أكتوبر وتحقيق النصر وصلتنا التعليمات بنسف قطار إسرائيلى سيصل لمحطة العريش مقبلا من إسرائيل ومحمل بالعتاد، وبالفعل أعددنا العدة وكان موعد التنفيذ الساعة 10 من مساء السادس من أكتوبر، يقول رشاد أبوحجاب: «تمكنت وزملائى من زرع مواد متفجرة على قضبان السكة الحديد ونجونا بأعجوبة من اكتشافنا من قبل دورية إسرائيلية كانت تقوم بتمشيط الموقع قبل وصول القطار وغادرنا المكان مع وصول القطار الذى انفجر وكانت الخسائر بالغة.
أما أهم محطات النضال ضد العدو الإسرائيلى، فهى ما يصفها أبوحجاب، عندما تم رصد مدد أمريكى قادم عبر البحر لإسرائيل، حيث أنزلت سفن معدات على الساحل غرب المدينة ونقلنا تحركاتها إلى القيادة بالقاهرة، وكان قائد هذه القوات عساف ياجورى، وما أن وصل خبر تلك التحركات إلى القيادة المصرية، حتى تمكنت من مطاردته، وأثره فى حادثة ثغرة الدفرسوار الشهيرة.
ويضيف حجاب: «بعد الحرب تم القبض على ثلاثتنا أنا وسعد عبدالحميد وعبدالحميد الخليلى وبحوزتنا أجهزة الإرسال، وكان ذلك يوم الجمعة فى نهاية عام 73، فقد دخلت قوات الاحتلال علينا المنزل ونحن نستعد لإرسال رسالة إلى القاهرة، ووضعتنا فى السجن الإسرائيلى، وحكمت محكمتهم على بالسجن لمدة 93 عاما، وترافع عنى أحد المحامين الفلسطينيين ويدعى «أبووردة» فتم تخفيف الحكم على إلى 37 عاما، ثم ترافعت عن نفسى أمام المحكمة المركبة التى عقدت لمحاكمتى، وحكمت على ب15 عاما من السجن منهم خمس سنوات مع إيقاف التنفيذ، وبعد تدخل الصليب الأحمر للإفراج عنى بعد أن ساءت صحتى، رفض الكنيست الإسرائيلى وقتها، ليتم الضغط مرة أخرى ليتم ترحيلى للقاهرة مقابل طيارين إسرائيليين و10 جثث لإسرائيليين.
البطل محمود صالح: أجبرنا طيران العدو على التحليق المرتفع لإسقاطه بالصواريخ
على ضفاف قناة السويس، وفى منطقة عمليات حرب أكتوبر، أصر البطل أن يبنى منزله بمدينة القنطرة شرق، وعلى بعد 40 مترا فقط من الضفة الشرقية لقناة السويس قرب خط بارليف ليكون حارسا وشاهدا على النصر العظيم ويحكى لأبنائه وأحفاده تاريخا من النضال والتضحيات على رمال سيناء الطاهرة.
إنه البطل محمود صالح محمود طه من مواليد 6 نوفمبر 1950 من أبناء مدينة القنطرة شرق، التحق بالقوات المسلحة فى 22 مارس 1971 حتى يناير 75، وكان ضمن أفراد الكتيبة 15 دفاع جوى وألحق على اللواء 140 مظلات، حاصل على فرقة قفز بالمظلات. وعن ذكريات المعركة يقول، عبرنا قناة السويس على معبر 148 من منطقة السويس والمقام عليها حاليا نفق الشهيد أحمد حمدى بقيادة الرائد فيصل يونس السيد وقتها، وذلك صباح يوم 9 أكتوبر، وكانت الكتيبة قبل ذلك فى مطار أنشاص لحمايته من الطائرات الإسرائيلية فى بداية المعركة.
ويضيف، الكتيبة كانت متخصصة فى المدافع 23 مل م ط مزدوج 400 طلقة فى الدقيقة مضاد للطائرات، وكانت مهمتها تكثيف إطلاق النار على مستوى الجبهة لإجبار طيران العدو على التحليق المرتفع حتى يتسنى للرادارات المصرية رصده وعدم تمكينه من التحليق المنخفض للتمويه.
فالمهمة كانت صعبة حيث انتقلت الكتيبة من السويس إلى مناطق رأس المسلة وعيون موسى بجنوب سيناء، ثم إلى الغرب والعودة مرة أخرى لغرب قناة السويس بعد أحداث الثغرة الشهيرة.
وقال، بدأنا الاشتباكات من أول يوم 9 حتى يوم 21 أكتوبر، وأسقطنا العشرات من طائرات العدو فى سيناء باستخدام المدافع، علاوة على تسهيل مهمة الصواريخ المضادة للطائرات المحلقة على ارتفاعات مرتفعة للهروب من نيران المدفعية قصيرة ومتوسطة المدى.
«الكتاتنى» ابن القنطرة: اكتشفنا أكبر قاعدة صواريخ للعدو وأجريت32 عملية تجميل بعد احتراق دبابتى
لا يزال وجهه السبعينى يحمل آثار الحرب ولهيب معركة العبور الذى أحرق حروقًا أصبحت ذكرى لا تفارقه، إنه المقاتل عبده محمد محمود الكتاتنى أحد أبناء مدينة القنطرة شرق بمحافظة الإسماعيلية.
يقول إنه من مواليد 28 نوفمبر 1942، وتخرج فى كلية التجارة بجامعة الإسكندرية، وتعرف داخلها على أحد الزملاء، والذى شاءت الأقدار أن يكون معه فى نفس الدبابة التى شارك بها فى المعركة والتى تعرضت للقصف وهو بداخلها مما استدعى إجراءه ل32 عملية جراحية بين مصر ويوغسلافيا آنذاك.
يقول الكتاتنى إنه جُنّد فى فبراير 1972، وكان ضمن سلاح المدرعات فرقة 21 لواء 14 الكتيبة 203، وكانت الكتيبة متمركزة وقتها فى القصاصين، وكانت مهمتها هو تأمين وحماية المواقع التى تحررها قوات المشاة، منعا لاستيلاء العدو عليها، وأنهم بمجرد اندلاع الحرب عبروا من معبر سرابيوم بالإسماعيلية واتجهوا إلى عمق سيناء «وعلى بعد 30 كيلو شرق قناة السويس فى منطقة الطاسة اشتبكنا مع العدو وكانت معلومات تشير إلى تقدم مدرعات العدو يوم 13 أكتوبر للمنطقة والتعليمات تقتضى تدمير أى هدف للعدو فور رؤيته».
استطرد قائلاً: «فور صدور التعليمات بالتحرك تحركت 3 دبابات، وكنا نردد الأغانى وفى غاية الفرحة لمواجهة العدو بعد الإفطار وكنا صائمين حيث تحركنا ليلا، فقد رصدت دبابة إسرائيلية فقمت بتدميرها على الفور، حيث كشفت لنا عن أكبر قاعدة صواريخ للعدو فى المنطقة لم تكن تعرضت للتدمير وتمثل قوة تهديد كبيرة للكتائب المتقدمة حددت القاعدة مكان تواجد فصيلتنا «3 دبابات» وتم قصفنا وكانت دبابتنا من طراز T54 روسى قوية ومدرعة لا تتأثر بالقصف الخارجى، لكن من سوء حظنا أن الصاروخ أصاب خزان الوقود فى الدبابة فيما تعرضت الدبابتان الأخريان للقصف أيضاً».
يضيف الكتاتنى، رغم انفجار التنك لم أشعر بأن الدبابة تحترق، قال لى القائد إن الدبابة تحترق فلم أصدقه، وقام بفتح البرج وكانت النار محيطة بنا من كل جانب وقتها كان السائق استشهد من ضغط هواء الصاروخ واستشهد حرقا فى الدبابة وكان البرج متجها لأحد الجانبين مما يستحيل معه اللجوء إلى فتحة الهروب بالأسفل، وكان لابد أن يكون مدفع البرج فى وضع الأمام ما الحل الآن؟ دار الحوار بينى وبين القائد، فالدبابة مع اشتعال الوقود ستنفجر بكل ما فيها من ذخيرة، فقام هو وخرج من البرج فاحترق وجهه وصدره ومقدمة جسده وقمت أنا بالخروج لكن بظهرى وتعرضت لحروق كبيرة فى الظهر والساقين واليدين ثم قمنا بخلع ملابسنا المشتعلة والتخلص منها والتأكد من أسلحتنا الشخصية وأوراقنا وسرنا بصعوبة بالغة.
للأسف كنا لا نعرف المكان الذى نحن فيه، فقلت نسير على أثر جنزير الدبابة حتى نرجع للقاعدة، لأننا لو انتظرنا سيتم أسرنا بواسطة العدو وخلال سيرنا سمعت شخصا يئن من الألم فى الدبابة الثانية فقمت بإخراجه، وأقسم لك أننا كنا محترقين بصورة شبه كاملة ولم نشعر بالضعف، فقد كانت لدينا القدرة على السير واتجهنا لمكان الدبابة الأخرى وكانت الرمال التى حركتها الرياح تلسع حروقنا بشدة، ثم وجدناه قائد الفصيلة النقيب محمد توفيق من السويس قدمه اليسرى كانت مكسورة نهائيا ولا يمكنه تحريكها، قلت له لن أتركك قال: يا ابنى تحرك أسير واحد أفضل من أسيرين. قلت له: لا لن أتركك يا إما ننجو معا أو نظل معا. طلبت من رفيقى جابر التحرك لطلب النجدة والعودة لنا وقمت بقطع رتبة النقيب ودفنت سلاحى وسلاحه فى الرمال حتى لو تم أسرنا لا يعرفون عنا أى معلومات وهكذا كان يفعل كل من يقع فى ورطة وقتها.
جلسنا نتحدث وبعد قرابة ساعة أو أكثر عاد جابر بسيارة من الكتيبة أقلتنا إلى موقعنا لتلقى العلاج بعدها بيومين استشهد قائد دبابتى النقيب جابر جراء الحروق لكن ما خفف من الألم أن موقع قاعدة الصواريخ الحديثة الذى اكتشفناه تم استهدافه وتدميره بالكامل.
فيما لم أشعر إلا بالحقن تدخل جسدى فى مستشفى ميدانى غرب قناة السويس، ثم تم نقلى إلى الزقازيق للعلاج، ثم نقلنا بأحد القطارات إلى مستشفى قصر العينى مع آلاف المصابين، وفيه عشت فى الفترة من 14 أكتوبر 1973 إلى 31 يوليو 1977.
ويضيف متألمًا، عملت خلال هذه الفترة 32 عملية جراحية مختلفة ما بين ترقيع وتجميل قى الوجه والبطن والظهر والأرجل وقضيت 9 أشهر فى أحد مستشفيات يوغسلافيا فى بلجراد، وكنا نعامل معاملة جيدة، ولا يمكن إنكار دور الدولة معنا، وجميع فئات الشعب زارتنا وقتها، عشرات الفنانين منهم أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وغيرهم.
اللواء حاتم عبداللطيف يقرر منح جائزة لمن يدمر أكبر عدد من الدبابات.. قصة صبحى ميخائيل الذى قرأ الفاتحة واستشهد وأصبعه مرفوعة للسماء.. ومحمد إبراهيم عبدالعال يروى قصة تدميره 18 دبابة
اللواء حاتم عبداللطيف أمين 66 سنة ابن الدقهلية خريج الدفعة 58 حربية أحد أبطال حرب الاستنزاف وأكتوبر بسلاح المشاة.
يقول إنه كان برتبة نقيب أثناء حرب أكتوبر وكان قائد المجموعة الرابعة اقتحام ضمن إحدى مجموعات الاقتحام للكتيبة 17 مشاة المكلفة بمهاجمة النقاط القوية بتل السلام وقمم البحيرات المرة وقمنا بالاستيلاء على النقاط الشمالية فى صباح يوم 8 أكتوبر.
ويضيف اللواء عبداللطيف ساعة الصفر كانت مفاجأة لنا أكبر من اليهود فالضباط علموا بموعد الحرب يوم 6 أكتوبر الساعة العاشرة صباحا والعساكر الساعة 12 وكنا نظن أنه إحدى المناورات التى كنا نقوم بها. ويتابع: المجموعة التى كنت أقودها كانت تضم 58 عسكريا منهم المسلم والمسيحى وأقول لك موقف يؤكد لنا أن جميع المصريين كلهم واحد عند الدفاع عن مصر فكان بالمجموعة الشاويش نصحى ميخائيل طلب منى عندما جمعت العساكر لأخبرهم بالحرب وقراءة الفاتحة طلب أن أقرأ الفاتحة بصوت مرتفع فقلت له: ليه؟ فرد على يا أفندم لكى أقرأها معكم وقد قرأ الفاتحة وبدأت الحرب وفى مساء 6 أكتوبر وجدت أصبعه مرفوعة ووجهه أبيض للغاية وهو شهيد فقد نال الشهادة. هذه هى الروح التى كانت ومازالت بين أبناء القوات المسلحة التى تحمى وتضحى ولا تخون.
كما أتذكر أيضا عندما كنا نستعد لركوب القوارب أنى وجدت شابا بجلباب يركب القارب وسط الجنود فتوجهت إليه مسرعا فألح على أن يركب معنا وقال إنه من العزبة التى تحركنا منها وإنه يريد أن ينال الشهادة.
ويتابع سرد ذكرياته بقوله يوم 8 أكتوبر فوجئنا بهجمة مضادة من العدو وبدأنا نهاجمه العصر، وفشلنا حتى الفجر إلى أن تمكنا فى ظهر يوم 9، ولكن فوجئنا بهجوم من لواء مظلات للعدو ويسمى معركة المزرعة الصينية وتصدت له الكتيبة 16 بقيادة المقدم محمد حسين طنطاوى وزير الدفاع السابق، ونجحنا فى قهره ومات منهم 70 فردا من تلك القوات الخاصة المحترفة وأصبنا 140 آخرين منهم بشهادة إسرائيلية واستمرت تلك المعركة ما يقرب من 7 ساعات.
وأضاف أن السلاح الذى فوجئت به إسرائيل فى 73 هو المحارب المصرى الذى تلقى تدريبا كبيرا وأصبح مقاتلا من الدرجة الأولى عالميا وهناك كثير من تلك النماذج إبراهيم السيد عبدالعال من طلخا صائد الدبابات الذى حطم 18 دبابة وسيارتين مدرعتين والشاويش شحتة ابن الشرقية دمر عددا كبيرا من الدبابات والمدرعات وكنت أعطيه سيجارة واحدة على كل دبابة أو مدرعة ومحمد سعدالدين من بلقاس قام بقطر سيارة كبيرة بها ربع طن ألغام بمفرده وأيضا السيد القمصان كان يحمل مدفع بى 10 المضاد للطائرات يزن نحو 86 كيلو بخلاف الشدة والذخيرة على ظهره وعبر ولا يقل عنهم توفيق عبدالغفار الذى حوصر فى الثغرة 4 أيام بدون طعام وكان يلح على فى استعجال إمدادنا بالذخيرة ولم يطلب الطعام والنقيب حسن فؤاد زويد من منيا القمح بالشرقية الذى استشهد يوم عقد قرانه يوم 7 أكتوبر وكذلك نعيم المتولى الحسينى مازال على قيد الحياة وبجسده 34 طلقة كل هؤلاء وغيرهم كانوا يتسابقون للشهادة من أجل مصر.
أما محمد إبراهيم عبدالعال والملقب بصائد الدبابات والذى دمر 18 دبابة ومدرعتين خلال حرب أكتوبر وكان يحمل رتبة رقيب حكمدار طاقم صواريخ بالكتيبة 35 فهد «مالوتيكا» فيقول جنودنا كانوا يرون الجندى الإسرائيلى على أنه جندى سوبر معه جميع الإمكانيات المتقدمة وأنه أسطورة وكان الرعب يملأ قلوبنا عندما يقوم الطيران الإسرائيلى بالتحليق فوق رؤوسنا ويصل إلى القاهرة وكان عندنا شك فى أن مصر سوف تخوض حرب ضد إسرائيل والسادات لن يحارب فالفرق شاسع فى التجهيزات والإمكانيات والأسلحة المتطورة لصالح العدو وتم عمل مشروع حرب فى 72 بعد قيام السادات باستبعاد الروس من تدريبنا وتم عمل اجتماع لنا بجميع القادة من المشير أبوغزالة والفريق أول صادق واللواء الماحى وقائد المدفعية والجيش الثانى وأكدوا لنا بأن لا يوجد سلاح جديد وزن أى جندى يصيب دبابتين سيحصل على النجمة العسكرية وشقة فى القاهرة وسيتم عمل تمثال له فى ميدان رمسيس وفى هذه اللحظة رد زميلى محمد عبدالعاطى وقال طيب لو أصبنا أربعة قال والله سوف أنفذ وعدى.
محمد العباسى: عندما رفعت العلم المصرى على النقطة الحصينة كانت أهم لحظة فى حياتى
«لو عندنا روح حرب أكتوبر دلوقتى كانت مصر هتبقى فوق، ويوم ما رفعت علم مصر كانت أجمل فرحة فى حياتى، حيث لايزال صوت قائد الكتية فى أذنى عندما قال لى ارفع علم مصر».
هذة كانت كلمات محمد محمد عبدالسلام العباسى، أحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة، وأول من رفع علم مصر على أول نقطة حصينة بخط بارليف فى حرب 1973، والذى يعيش الآن فى منزل متواضع بمدينة القرين بالشرقية.
يقول العباسى: «فى فترة النكسة تم استدعائى للخدمة العسكرية فى عام 1968، وانتقلت إلى الإسماعيلية، جاء يوم 5 أكتوبر 1973، وكنا فى رمضان، وجاءت التعليمات أن غدا صرف وجبة فطار لجميع الجنود، وكانت صلاة الجمعة عن الاستشهاد ومكانة الشهيد، وهنا شعرت بأن ساعة الثأر قد حانت، خاصة أننا فى صلاة الجمعة كنا نسجد على علم مصر وفى صباح يوم السادس من أكتوبر 1973 العاشر من رمضان 1393 بدأت عمليات التمويه، فكان جنود مصر يلعبون كرة القدم والشطرنج وفى حالة استرخاء، وكانت كلها حركات تمويهية إرادية، ثم كانت ساعة الصفر، وعبرنا قناة السويس، وكنت فى طليعة المتقدمين نحو دشمة حصينة بخط بارليف، ولم أهتم بالألغام والأسلاك الشائكة، وقمت بإطلاق النار على جنود حراسة الدشمة الإسرائيلية وفى نفس الوقت كانت المدفعية المصرية تصب نيرانها على الدشمة، وتمكنت من قتل عدد من الأعداء، وهنا دقت الفرحة فى قلوبنا جميعا، وقال لى قائد الكتيبة المقدم ناجى مبروك: مبروك ياعباسى.. ارفع العلم يا بطل، فقمت بإنزال العلم الإسرائيلى ورفع العلم المصرى رمز الدولة وعزتها، ومازالت بخاطرى صورة الطيران المصرى وهو عائد بعد أن دك المطارات الإسرائيلية، وشاهدت كلمة الله أكبر مكتوبة بخط السحب المتصاعدة من المقذوفات، وهنا قال الجميع إن العباسى أول جندى مصرى يرفع العلم المصرى على أول نقطة حصينة فى خط بارليف فى حرب النصر، وبعد توقف إطلاق النيران سمح لى بزيارة أهلى، حيث كان ذلك ثانى أيام عيد الفطر المبارك، وعندما نزلت القرين وجدت مأمور قسم القرين جاء وقال للناس:
عايز نزف البطل العباسى اللى رفع العلم، وجابوا حصان ركبت عليه ومعى علم مصر، وقام أهالى قريتى بالتصفيق والزغاريد «محمد أفندى رفع العلم» حتى عمت الفرحة جميع أبناء القرية، ورزقنى الله بعد ذلك بمولود سميته «نصر».
حول حياته الآن يقول العباسى: «أقضى يومى بالصلاة وقراءة القرآن والجلوس فى الحقل».. لكن البطل أراد أن يرسل رسالة للفريق السيسى حيث إنه ذهب لوزارة الدفاع لتقديم طلب للحج على نفقة الوزارة، وتم رفض طلبه وقال له ضابط: «إنت عملت إيه عشان تحج» مضيفًا: «كما أن اسمى لم يطلق على مدرسة أو شارع بمدينة القرين».
وأضاف: «لابد أن يعلم الجميع أن الجنود المصرين أزاحوا عن مصر والعرب الخطر الإسرائيلى فى حرب أكتوبر، وأجرنا نحتسبه عند الله».
العقيد يسرى عمارة: أسرت عساف ياجورى قائد اللواء المدرع 190 الإسرائيلى ويدى تنزف.. أبلغونى وأنا فى المستشفى لتلقى العلاج بأن الأسير هو «عساف»
العميد يسرى عمارة، أحد أبطال حرب أكتوبر من أبناء بورسعيد، يقول: تخرجت فى الكلية الحربية سنة 1969.
وأضاف: انضممت إلى الدفعة 55 والتحقت بكتيبة ميكانيكى 117 مشاة، الفرقة الثانية، وكان مكانى فى حرب الاستنزاف فى منطقة بين الإسماعيلية والسويس تسمى سرابيون، وعين غصين جنوب الإسماعيلية، ولسوء حظى أن المنطقة التى كنت أخدم فيها لم يكن بها ساتر يحمينى من العدو الإسرائيلى، فكل الوحدات عند السفر إلى المنطقة ما بين الإسماعيلية والسويس تجد أن هناك سياجًا شجريًا على اليمين، وساترًا ترابيًا على اليسار يحميان من القناة وإسرائيل، ما عدا المنطقة التى كنت بها، كانت حوالى 2 كيلو متر بدون ساتر، وكان سلاح المهندسين قد زرع ألغامًا أرضية على الضفة الغربية للقناة، وكان من الممكن أن تصل إلينا لدرجة أن أى حيوان يمر بها كانت تنفجر.
ويستكمل «عمارة» حديثه: «أثناء حرب الاستنزاف، إسرائيل كانت تمر كل يوم الساعة 8 على الطريق الشرقى للقناة على بعد حوالى كيلو ونصف، وكانوا بيعدوا بدوريتين بعربيتين مع طائرة مروحية، وكانوا دائما ما يثيرون استفزازنا، وكان ممنوعًا ضربهم.
وقال إن استشهاد «توفيق» كان له أثر بالغ، وفى اليوم الثانى أثناء مرور الدورية الإسرائيلية أطلقت علينا النيران من 5 إلى 10 دقائق على بعد كيلو، فقررنا أن نضرب هذه الدورية بالرشاش ال«ميم ميم» المضاد للطائرات، وبالفعل نجحنا أن نلحق بهم خسائر.
ويتابع «عمارة»: التعليمات صدرت أيام 6 و7 و8 أكتوبر، وجاءت لنا أوامر بالضرب الساعة 4، وبالفعل دمرنا للواء المدرع 190 حوالى 70 دبابة فى حوالى نصف ساعة، وبعد أن هدأت الانفجارات أخذنا أوامر من القادة فى الكتيبة بأن نركب مركباتنا ونكمل المهمة بتاعتنا.. أنا كنت نقيب قائد ميدان بركب عربية جيب عليها مدفع والعربية أصيبت، فحركت المدفع إلى مدرعة خاصة بالنقيب فاروق فؤاد سليم من أسوان، وأثناء الاشتباكات أصبت بطلقة بيدى اليسرى وشاهدت الجندى الذى أصابنى يحمل رشاشًا فتمكنت منه وقتلته هو واثنين آخرين، ولحق بى زملائى الذين شاركوا فى قتلهما وسمعنا من داخل حفرة صوت جنود إسرائيليين ينادون: لا تقتلونا نحن أسرى، فأسرعنا نحوهم، وتمكنا منهم جميعا بفضل الله، وبعد دخولى المستشفى لتلقى العلاج لوقف نزيف يدى أخبرنى قادتى بأننى أسرت عساف ياجورى، قائد اللواء 190 المدرع الإسرائيلى.
اللواء محمد عوض يروى قصة صمود ال«40 ساعة» أثناء الثغرة.. استشهد %90 من زملائى فى منطقة فنارة.. ومنعنا تقدم قوات إسرائيل إلى السويس
قبل حرب العاشر من رمضان كنا لا نفكر، كأبناء القوات المسلحة، سوى فى الأرض والعرض والحرب لاستعادة العزة والكرامة والثأر لهزيمة «نكسة 67» إنها المعركة التى شاركت فيها وأنا برتبة ملازم، بعدما خرجت من الكلية للحرب.
بهذه العبارات بدأ اللواء محمد عوض متولى، أحد أبطال حرب أكتوبر المجيدة، حديثه ل«اليوم السابع» قائلا: «تخرجت فى الكلية الحربية عام 73 برتبة ملازم، وبعد مرور عشرة شهور اندلعت حرب أكتوبر والتحقت بوحدات الفرقة الرابعة المدرعة قائدا لفصيلة فى اللواء 6 بالكتيبة 256 مشاة ميكانيكى، وهى إحدى كتائب القوى الضاربة للقوات المسلحة المصرية».
وأضاف عوض: «بدأنا التدريب الشاق والاستعداد الجاد للحرب دون علمنا بموعدها، وفى اللحظة الحاسمة يوم السادس من أكتوبر الموافق 10 رمضان الثانية ظهراً ونحن صائمون، عاد المقدم صلاح محمد صالح مصباح «الذى تولى منصب محافظ بعد ذلك» من مكتب قائد اللواء، داعيا جميع الضباط إلى التجمع فى أرض الطابور، وقال عبارات لا تنسى وما زالت تؤثر فى مشاعرى حتى الآن حينما أتذكرها «جه اليوم يارجالة اللى مصر عايزاكم فيه، النهارده صدرت الأوامر وهنحارب إسرائيل» وأجهش بالبكاء والضحك فى لحظة واحدة ثم احتضن الجميع واحدا تلو الآخر.
وتابع اللواء عوض: «عندما توجهنا لاستقلال المركبات ومعنا الصف والجنود فى منطقة الجفرة بالسويس، طالبنا أن نقول جميعا باسم الله توكلت على الله، وفى هذه اللحظة، مرت من فوق رؤوسنا نحو 200 طائرة على مستوى متوسط من الانخفاض فارتفع صوتنا «الله أكبر» وشعرت وقتها أن الجبال من حولنا تردد التكبير معنا، وأن الله عز وجل أرسل الملائكة تحيطنا وتساعدنا فى الحرب، وكانت مهمتنا تأمين جنوب البحيرات، وعندما حمى وطيس المعركة وعبرت القوات المصرية قناة السويس وخط بارليف والساتر الترابى الذى يصل ارتفاعه إلى 17 متراً وحققنا النصر على الأعداء استعانت جولدمائير، رئيس وزراء إسرائيل، بالولايات المتحدة الأمريكية، فتمكنت من خلال الأقمار الصناعية من تصوير «الثغرة» وهى منطقة فاصلة بين الجيشين الثانى والثالث الميدانى بهدف الضغط على مصر لإيقاف تقدمها وضمان حدوث مفاوصات بعد ذلك، حيث استغل الجيش الإسرائيلى هذه الثغرة ودفع بعدد من ناقلات الجنود المصرية التى استولى عليها فى حرب 67 وعبر بها القناة من فوق الكوبرى العائم الذى أنشأته قوات سلاح المهندسين المصريين وعبرنا من خلاله إلى الضفة الأخرى من القناة.
وأشار اللواء عوض إلى أن تلك المركبات لكونها مصرية لم تعترضها قواتنا حتى وصلت إلى جبال الجزر الحمراء، كما دفع العدو 7 دبابات أيضا، وتجمعت تلك المركبات والمدرعات على مشارف السويس، وعند ذلك تعاهدنا جميعا على الشهادة أو النصر، واستطعنا الصمود لأكثر من 40 ساعة فى منطقة فنارة، وعندها تلقى المقدم صلاح مصباح مكالمة من قائد الجيش أخبره أننا لن نترك أماكننا سوى جثثاً هامدة.
وتابع: «دمرنا دبابة للعدو، وقتلنا عددا من جنوده، وتمكن قائد السرية النقيب عزت مهدى ابن قرية بنى عفان مركز بنى سويف الذى تم استدعاؤه من إجازة زواجه من تدمير إحدى الدبابات بمدفع آر بى جى، وصاح قائلا «يامحمد أنا اصطدت دبابة فيها 6 عساكر إسرائيليين»، كما استشهد ملازم أول عبدالغنى عقدة بعد اعتراضه طريق دبابة لمنع تقدمها على كوبرى فنارة مستخدما بندقية آلية فقط، ورغم صمودنا فإن العدو دفع بتعزيزات كبيرة تسببت فى استشهاد %90 من ضباط وجنود الكتيبة وحصار مدينة السويس، فقامت قوات الجيش التى أطلق عليها «بدر» بمشاركة المقاومة الشعبية بمواجهة القوات الإسرائيلية وتكبيدها خسائر فادحة من خلال ما يسمى حرب المدن، ونظرا للحصار وقلة الدعم والإمدادات كنا نأكل من بقايا مخلفات الأسواق القديمة.
ولفت اللواء عوض إلى، أنه طوال خدمته فى القوات المسلحة تولى عددا من المناصب مثل مساعد قائد اللواء بالجيش الثالث الميدانى، رئيس شعبة التنظيم والإدارة بالمنطقة الجنوبية، مدير منطقة التجنيد والتعبئة بطنطا، وعقب خروجه من الخدمة برتبة لواء رفض خوض انتخابات المحليات بالمحافظة، وتم اختياره عضوا بالتعيين فى مجلس محلى المحافظة وسلك طريق حل مشكلات المواطنين وتخفيف همومهم خاصة الفقراء منهم مستلهما روح نصر أكتوبر المجيد، وواصل عوض قائلاً: اتجهت أيضا للعمل الاجتماعى حيث أنشأت مع العقيد رمضان الميانى جمعية أبطال أكتوبر ببنى سويف عام 2006 وقمت برعايتها 4 سنوات، بالإضافة إلى جمعية التنمية والخدمات بمركز إهناسيا وساهمت بجهودى عامين، وتركت الجمعيتين للشباب لاستكمال المشوار.
وأضاف عوض: «عندما تولى اللواء أحمد عابدين مسؤولية محافظ بنى سويف طالبته بإقامة مستشفى عسكرى وناد لضباط الجيش، وهو المطلب الذى تقدم به إلى وزير الدفاع حيث وافق الوزير على المستشفى، ولكنه قرر أيضا إنشاء ناد لطلائع الجيش نظرا لارتفاع تكلفة نادى الضباط».
وناشد اللواء محمد عوض الفريق أول عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع نائب رئيس الوزراء، الموافقة على إقامة مكتب أو فرع لجمعية المحاربين القدماء ببنى سويف لخدمة ضباط الجيش وأسرهم والشهداء، نظرا لبعد المسافة عن القاهرة مما يقلص من الخدمات المقدمة إلى أعضاء الجمعية فى المحافظة، وكذلك استكمال خدمات وتخصصات المستشفى العسكرى بمدينة بنى سويف الجديدة.
حامد الصعيدى «ابن الغربية»: تمنيت الاستشهاد أثناء العبور
محمد محمد محمد الصعيدى الشهير ب«عم حامد الصعيدى» أحد أبطال حروب 67 والاستنزاف وأكتوبر 73 ضد العدوان الإسرئيلى على سيناء.
يعيش فى منزله البسيط بعزبة الرملة التابعة للوحدة المحلية لقرية شبرا بابل مركز المحلة بمحافظة الغربية مع أبنائه ال5، 3 أولاد وبنتين.
يقول عم حامد الصعيد ى، فى يوليو 73 عدت إلى قريتى لقضاء الإجازة مع أسرتى وأولادى، وبعد يوم من الإجازة جاءنى أمر استدعاء وقطعت الإجازة فورا وعدت إلى الجيش وعرفنا أن المخابرات الحربية فعلت ذلك لمعرفة المدة اللازمة لتعبئة الجيش استعدادا للحرب وقضينا شهور يوليو وأغسطس وسبتمبر فى تدريب مكثف فى جميع صفوف الجيش المصرى حتى جاء يوم الجمعة 5 أكتوبر وأدينا الفريضة وقام قائد الكتيبة بإحضار التمر إلى الجنود كنوع من الترفيه إلى أن جاء يوم السبت 6 أكتوبر، وفى ذلك اليوم، حيث إنه تم وضع «كول» الدبابات وأسلحة الجيش على شط القناة الغربى حتى جاءت ساعة الصفر وقامت أسراب الطائرات، ما يقرب من 120 طائرة، بالتحليق فى سماء قناة السويس وعبرت الدبابات وحاملات الجنود مياه القناة, وأضاف الصعيدى، أثناء عبور خط بارليف واختراق حصون العدو كانت لحظات صعبة إلا أنها من أحلى اللحظات فقد شعرنا وقتها بأننا سننتصر، وعن المصاعب التى واجهت الجنود خلال الحرب، قال كنا منشغلين فى الحرب والتصدى للعدو حتى لا يتشتت انتباهنا، وتمنيت الموت شهيدا فى تلك الحرب، إلا أن الله لم يقدر وصولى إلى منزلة الشهداء، وعن الدروس المستفادة من الحرب، قال «الصعيدى»: تعلمنا من الحرب الصبر وكيفية التصدى للعدو واليقظة، وعن الفريق أول عبدالفتاح السيسى، قال، رجل عظيم عاد بنا لزمن عبدالناصر، وهذا ما كنت أتمناه ودعوت الله أن يرزقنا قائدا مثل عبدالناصر فأكرمنا الله ب«السيسى»، وتمنى «الصعيدى» أن يكون رئيس مصر القادم عسكريا أو يكون رئيسا مدنيا قراراته جيدة وحازما، حتى يستطيع إدارة شؤون البلاد وتطهير سيناء من الإرهابيين والجماعات المتطرفة وإعادة الأمن إلى سيناء.
الكابتن غزالى:«أولاد الأرض» قاومت إسرائيل بالأغانى والسمسمية.. كانت فرقتنا بمثابة نشرة أخبار وإذاعة أغانٍ للمجندين ومرثيات للفدائيين
«قلب السويس النابض وقاموس تاريخى يتحرك على الأرض» بهذه الكلمات يمكنك أن تصف محمد أحمد غزالى الشهير ب«الكابتن غزالى» أحد أبطال المقاومة الشعبية بالسويس ومؤسس فرقة أولاد الأرض التى قاومت الاحتلال الإسرائيلى بالسويس ومدن القناة بالغناء على السمسمية لرفع الروح المعنوية للجنود منذ نكسة 1967 حتى انتصار أكتوبر 73.
ويحكى بطل المقاومة الشعبية: «كنت أتجول فى شوارع المدينة عقب النكسة، فوجدت لافتة على أحد محلات الحلاقة مدونا عليها يوم 6 يونيو افتتاح الفرع الثانى فى تل أبيب، وهو ما جعل النكسة قاسية بشكل كبير على شعب السويس العنيد.
بدأنا نلتفت هنا إلى أهمية اللعب على العامل النفسى فى ذلك الوقت، فالجنود الإسرائيليون على بعد بضع خطوات وقريبون جدا منا، فكنا نذهب ونقوم بالتصفيق والحركة على الحدود حتى يشعر العدو أن هناك أعدادا كبيرة على الحدود، وفى ذلك الوقت توافد على السويس المئات من قرى مصر، وكان دورنا كيف نستطيع أن نجعل هؤلاء القادمين لا يشعرون بالملل، فكرنا أنا وزملائى فى إنشاء فرقة، وأطلقنا عليها «بطنية ميرى»، وتم تغيير اسمها بعد ذلك إلى أولاد الأرض، لرفع الروح المعنوية للجنود، وبدأنا نستلهم الأغانى المحفوظة، ونغير فى كلماتها ونرددها للجنود، وحتى تلك اللحظة لم يكن لدى أى علاقة بالفن والشعر، وكنت آنذاك مدربا رياضيا، حيث شاركت ببطولة العالم فى الخمسينيات حتى قمت بتأسيس الفرقة.
وكانت أولاد الأرض فى تلك الفترة بمثابة نشرة أخبار، وإذاعة أغان للمجندين ومرثيات للفدائيين كنا نردد «اتعلمنا منك كيف الموت ينحب.. واتعلمنا منك وقت الشدة نهب.. واتعلمنا ندوس الصعب.. نمد الخطوة ندق الكعب.. واتعودنا شهيدك يبقى عريس.. واتعودنا اليوم الكاكى ونوم يا أغلى مدينة وناس ينباس ترابك ينباس يا سويس»، هذه الأناشيد والأحاديث كانت مهمة جدا للجنود، وحتى كنا نزف بها الشهداء لقبورهم، وكان ذلك له أثر كبير للأبطال الذين كنت أقودهم بالغناء والأشعار، نحن كنا بالفعل جيشا ثانيا للجيش بالجبهة، كنا نحرس المنشآت طول اليوم، نخدم القوات التى فى المقدمة، ونغنى ونرقص ونلعب الكرة، وأقمنا مسرحًا وفرقا فنية، وذلك ساهم بشكل كبير جدا فى رفع الروح المعنوية للجنود وكسر حالة الخمول والملل، وكنت واحدا من الناس الذين تنبهوا بضرورة هذا الفن كسلاح».
وقال غزالى فى حب مصر «يا مصر يا ندهتى فى الضيق وغنوتى ع الريق، عشقك حقيقى، عشقك أمل وطريق، ناقشك على زنودى بيارق نصر، مهما تدور الدواير الكل فانى وانتى اللى باقية يا مصر».
محمد الفايد: «كتيبتى» تمكنت من أسر 500 جندى إسرائيلى
على الرغم من مرور 40 عاما، على حرب أكتوبر المجيدة، فإن الحاج محمد الفايد، المقيم فى قرية إصلاح سمادون، بمحافظة المنوفية، يتذكر العديد من التفاصيل، التى عاشها فى أيام الحرب وكأنها حدثت بالأمس.
قال الحاج محمد الفايد ل«اليوم السابع»: خرجت من القرية 8 يوليو سنة 1973، والتحقت بأحد مراكز التدريب فى حلمية الزيتون وتم تدريبى على جميع الأسلحة، وبعد 3 أشهر تم إرسالى إلى الكتيبة رقم «490» استطلاع مخابرات.
وأضاف، بمجرد وصولى إلى الكتيبة، شاهدت حالة من الضيق تسيطر على الجنود هناك، بسبب الاستفزازات التى كانوا يتعرضون لها من العدو الإسرائيلى، أيام قليلة مرت على فى الكتيبة ووجدت هذا الإحساس انتقل إلى، وبدأت أردد السؤال: متى تأتى ساعة الصفر؟
لم تكن تلك الأيام سهلة، ولكن مرت علينا أيام لم يتوفر لنا فيها المياه والطعام، بسبب استهداف العدو لعربات التعيين، مشيرا إلى أنهم لم يعرفوا ساعة الصفر، إلا عندما شاهدوا الطائرات المصرية، وهى تدك حصون العدو، «بعدها انطلقنا كل منا يحمل سلاحه، ويردد الله أكبر».
قال الحاج الفايد، فى أثناء المعارك وعندما كنت أتمكن من قتل جندى إسرائيلى كانت تنتابنى حالة من السعادة، مؤكدا أن كتيبته تمكنت من أسر ما يقرب من 500 جندى إسرائيلى وكان من ضمنهم عدد كبير من المجندات.
وأضاف، أنه حصل على أول إجازة بعد عمليات فض الاشتباك، وكانت لمدة 24 ساعة، ليطمئن فيها على أسرتة، الفايد رب لأسرة مكونة من 8 أولاد «أشرف ضابط بالقوات المسلحة، ومحمود ومطاوع فى الشرطة، وطاهر مدرس، وثلاث بنات هن: أنهار وغرام وروايح»، مشيرا إلى أن نجله الأكبر حصل على المركز الأول على مستوى الجمهورية فى الرماية، وحصل على العديد من البطولات، وكرمه المشير طنطاوى أكثر من مرة، ويقول الفايد، إن الرئيس السادات لن يأتى رئيس مثله لأنه رجل عبقرى وثعلب مكار، كما لقبه اليهود.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.