وزير الإسكان يصدر قرارات بتعيين رؤساء جدد لأجهزة المدن الجديدة    «الخارجية»: إسرائيل خالفت الاتفاقيات الدولية وتسعى لحصار الفلسطينيين    جهاد جريشة يحسم الجدل حول ركلة جزاء نهضة بركان أمام الزمالك    «العزف مستمر».. باير ليفركوزن يكتسح بوخوم بخماسية في الدوري الألماني    رئيس حي غرب الإسكندرية: عقار كرموز المنهار صادر له قرار هدم لم ينفذ    أستاذ علوم سياسية: تحرك مصر الرسمي أمام محكمة العدل يُكذب دعاوى الاحتلال    زيارة زعيم الحشاشين .. السيسي يستقبل زعيم طائفة "البهرة" للمرة السادسة    هام لمن تلقى لقاح «أسترازينيكا».. إليك هذه النصائح | عاجل    7 معلومات عن أول تاكسي ذكي في العاصمة الإدارية الجديدة.. مزود بكاميرات وGPS    خيرات مستقبل مصر.. مشروعات عملاقة للاستصلاح الزراعي والتصنيع والإنتاج الحيواني    أقل سعر أضحية في مصر من «حياة كريمة» وأعلى جودة.. اعرف التفاصيل    بوتين يعين شويجو سكرتيرا لمجلس الأمن الروسي    رئيس «البحوث الفلكية»: مصر بعيدة عن أي ضرر من العاصفة الشمسية    أول تعليق من "شعبة المصورين" على منع تصوير الجنازات في المساجد    توقعات: الانفصاليون الكتالونيون فى طريقهم للاحتفاظ بالأغلبية    محافظ الأقصر يفتتح محطة رفع صرف صحي القباحي الشرقي    فتح باب التقديم لهيئة تدريس جامعة طنطا لشغل مهام مديري وحدات ضمان الجودة ب 3 كليات    رئيس مدينة دمنهور: حياة كريمة مشروعات تتحقق على أرض الواقع    الصحة: إغلاق عيادة للتجميل مخالفة يعمل بها منتحل صفة طبيب بمدينة نصر    أتلتيكو مدريد يحسم فوزًا ثمينًا على سيلتا فيجو بالدوري الإسباني    بشأن تمكين.. عبدالله رشدي يعلن استعداده لمناظرة إسلام بحيري    رئيس جامعة عين شمس يستقبل السفير البريطاني لبحث تعزيز التعاون المشترك    الأعلى للصوفية: اهتمام الرئيس بمساجد آل البيت رسالة بأن مصر دولة وسطية    ملمس الضوء    جامعة حلوان تعلن استعدادها لامتحانات نهاية العام الدراسي    رئيس لجنة الانضباط: "لا صحة لتقديم اللجنة لاستقالتها.. وعقدنا اليوم جلسة في مقر اتحاد الكرة لمناقشة عدد من الملفات والقضايا    أمين الفتوى: سيطرة الأم على بنتها يؤثر على الثقة والمحبة بينهما    نتنياهو: سنكمل المعركة التي بدأناها ضد حماس حتى النهاية    رئيس جامعة طنطا يتفقد أعمال مشروع مستشفى الطوارئ الجديد    المشدد 6 سنوات لعاملين لاتهامهما بحيازة مواد مخدرة واسلحة نارية بالقناطر    موعد عيد الاضحى 2024 وكم يوم إجازة العيد؟    محافظ أسوان: العامل المصرى يشهد رعاية مباشرة من الرئيس السيسى    مصرع طالب بالصف الخامس الابتدائي غرقا في مياه ترعة اسنا جنوب الأقصر    برشلونة يفكر في إعادة نجمه السابق حال فشل ضم برناردو سيلفا    المفتي يحذر الحجاج: «لا تنشغلوا بالتصوير والبث المباشر»    «سايبين الباب مفتوح».. إحالة جميع العاملين بمركز شباب طوسون بالإسكندرية للتحقيق (صور)    المشدد 5 سنوات ل 10 متهمين باستعراض القوة بالمعصرة    من فعل ثقافي إلى جولة ملاكمة!    ضبط دقيق مدعم وكراتين سجائر قبل بيعها بالسوق السوداء في المنيا    كوثر محمود لأطقم التمريض في اليوم العالمي: مهما شكرناكم لا نوفى أبدا حقكم    موعد مباراة منتخب السويس وكهرباء الإسماعيلية والقناة الناقلة    برلماني: قانون تحويل المراكز الشبابية إلى تنمية شبابية يحتاج لإعادة النظر    نقيب الأشراف: مساجد آل البيت تشهد طفرة غير مسبوقة    إصابة طالبين فى مشاجرة بمدرسة داخل مدرسة الزراعة بمركز منيا القمح    الأحد المقبل.. إعلان تفاصيل الدورة الأولى لمهرجان دراما رمضان 2024    توقيع الكشف على 1492 حالة خلال قافلة طبية بالمنيا    محافظ القليوبية ورئيس جامعة بنها يشهدان تسلم دليل تنفيذ الهوية البصرية للمحافظة    «الصحة» تنظم مؤتمرا علميا للتوعية بجهود الوزارة في تشخيص وعلاج الربو الشعبي ومكافحة التدخين    شكري: توافق دولي حول عدم توسيع رقعة الأعمال العسكرية في رفح الفلسطينية    رئيس تحرير الجمهورية: بناء الأئمة والواعظات علميًا وخلقيًا ومظهرًا وأداءً من بناء الدول    «الشيوخ» يعلن خلو مقعد النائب الراحل عبدالخالق عياد    صفقات الأهلي الجديدة.. حقيقة المفاوضات لضم أحمد حجازي (تفاصيل)    «بشنس يكنس الغيط كنس».. قصة شهر التقلبات الجوية وارتفاع الحرارة في مصر    الاحتلال يحاصر النازحين بمراكز الإيواء التابعة للأونروا فى مخيم جباليا    اليوم.. «ثقافة الشوخ» تناقش إنشاء متحف تخليد «نابغات وعظيمات مصر»    جوتيريش يُعبر عن حزنه إزاء الخسائر فى الأرواح بسبب فيضانات أفغانستان    الرئيس السيسى يوجه بتعويض أصحاب المنازل المحيطة بمساجد آل البيت والصحابة    أطول عطلة رسمية.. عدد أيام إجازة عيد الاضحى 2024 ووقفة عرفات للموظفين في مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللامعقول
نشر في اليوم السابع يوم 16 - 04 - 2010

عندما كتب الأستاذ إبراهيم عيسى مقاله الخطير عن شكه الذى أؤيده فيه فى وجود من سُمى عبد الله بن سبأ، أشفقت عليه مما قد يحدث له أو مما قد يقال عنه، إذ أنه قد أدخل قلمه إلى أعشاش الدبابير وخلايا النحل الآدمى، فكثيرون ممن قرأوا الكتب التى روت أحداث تلك الفترة العصيبة من التاريخ الإسلامى يصدقون معظم ما جاء فيها من أخبار، ويغضون النظر عن إعمال العقل انتصارا للنقل، حتى ولو كانت تلك الأخبار المنقولة غير معقولة على الإطلاق، ومنها بالطبع أخبار ذلك الرجل الخارق المسمى عبد الله بن سبأ! وما فعله لكى يوقع الفتنة بين صفوف المسلمين، وكثيرون آخرون يعتبرون - حين يقرأون نفس الأخبار من نفس المصادر - ابن سبأ شخصية مختلقة، تماما كشخصية على بابا أو السندباد فى حكايات ألف ليلة وليلة.
وكيف لا نشك فى أصل هذه الشخصية المختلقة ونحن قد أمرنا فى القرآن الكريم بإعمال العقل والتدبر والتفكر فى كل ما خلق الله عز وجل؟
إن ما ورد فى كتب التاريخ عن هذا (السبأ) ليس حديثا نسب قوله إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنه رواية تاريخية، كتبها أو تناقلها أو رواها من قد يكون فى نفسه مرض أو حقد أو حسد على الإسلام وأهله، وما أكثر هؤلاء وما أكثر ما تناقلوه من أخبار، أقل ما يقال عنها إنها مدسوسة لا معقولة.
ورد فى صحيح البخارى: (حدثنا محمد بن كثير: أخبرنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضى الله عنها قالت: توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودى بثلاثين صاعا من شعير)، وورد مثله تماما فى سنن الترمذى وابن ماجة، وأورد النسائى نفس الحديث وضَعّفه!
الرسول صلى الله عليه وسلم القائد المقاتل المنتصر؛ ولم يمض على انتصاره الساحق على اليهود فى خيبر بضعُ سنين؛ يرهن درعه وأداة حربه عند يهودى لقاء بضعة أكياس من الشعير، وعند من؟ عند يهودى! الرسول الذى فتح الله عليه الجزيرة العربية لتكون نواة دولة الإسلام العظمى، يرهن درعه الحديدية عند من قال عنهم القرآن إنهم أشد الناس عداوة للذين آمنوا! ومن العجيب أن آلاف الصحابة من المحيطين به والمؤمنين به، الذين كانوا يبدأون حديثهم معه صلى الله عليه وسلم قائلين: بأبى أنت وأمى يا رسول الله، أو جُعِلت فداك يا رسول الله، وقفوا موقف المتفرج وكأنهم يستخلصون القدوة منه ليفعلوا مثله، فيرهنوا دروعهم وسيوفهم عند أعدائهم! ومن هؤلاء الصحابة من كان مليونيرا بمنطق العصر، كعبد الرحمن بن عوف وعثمان بن عفان الذى سلح من ماله الخاص ثلث جيش العسرة فى غزوة تبوك، وكان قوام الجيش ثلاثين ألف مقاتل مسلم، وهؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم؛ برغم غناهم الواسع وإنعام الله عليهم بالمال الوفير وقوافل التجارة التى تجوب الآفاق؛ وقفوا أيضا يتفرجون على نبيهم وقائدهم وهو يتضور وأهله جوعا، حتى يذهب إلى دار اليهودى حاملا درعه؛ رمز قوة الدولة الناشئة المنتصرة، ليرهنه عند من كانوا – ومازالوا - أعدى أعداء الدين لقاء ما يسد به رمقه وأهل بيته!
نحن قطعا لا نجرؤ أن نبحث ما وراء تصرفات النبى صلى الله عليه وسلم، ولكننا لا نصدق أن الرسول قد استدان من يهودى بِرَهْن درعه لقاء طعامه، فى تلك الظروف التى كان يشكل فيها اليهود أعدى أعداء الدولة الوليدة، ويمكرون بها وبرموزها، ويتحينون الفرص لإيقاع الأذى بها وبأهل دعوتها، كيف نصدق هذا القول عن نبينا صلى الله عليه وسلم ؟ كيف يَدَع الله عز وجل عبده ونبيه الذى عصمه من الناس لتعتصره الحاجة إلى حد أن يرهن درعه عند يهودى أو غير يهودى؟
يقول القرآن: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء)- المائدة 64، هل يقترض الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم ممن قالوا إن يد الله مغلولة؟ ألم يقرأ رواة هذا الحديث هذه الآية؟ ألم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم: (والذى نفسى بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين) - صحيح البخارى، ولم يجد – بمنطق رواة الخبر- من يقرضه الشعير من المؤمنين!
ومن الغريب أن من نسب هذه الحكاية الغريبة لنبى الإسلام صلى الله عليه وسلم؛ لم يفته أن ينسب نفس الفعل إلى على بن أبى طالب كرم الله وجهه، يقول ابن الأثير عن على حين مرض ابناه الحسن والحسين: (... وليس عند آل محمد قليل ولا كثير، فانطلق على إلى شمعون الخيبرى، فاستقرض منه ثلاثة أصواع من شعير، فجاء بها فوضعها أمام فاطمة...)، لماذا لم يتوجه على إلى أحد أغنياء الصحابة ليقترض منه؟ أم أنهم اتخذوا نفس الموقف مع أول من أسلم من الفتيان؛ ابن عم الرسول وزوج ابنته، فيجد الرجل نفسه مضطرا للاستدانة من اليهودى، ويعلم الله ماذا ترك له رهنا للشعير، ربما رهن عنده سيفه ذا الفقار! ألم يسمع المسلمون آنذاك قول النبى صلى الله عليه وسلم: (والله لا يؤمن .. والله لا يؤمن .. والله لا يؤمن، قالوا: من يا رسول الله ؟ قال: من بات شبعان وجاره إلى جواره جائع)، أو ليس المؤمنون أولى ببعض؟
وعود على بدء؛ كل ما ورد فى الكتب يؤخذ منه ويرد، إلا القرآن الكريم الذى تعهد الله سبحانه وتعالى بحفظه، أما ما عداه فقد كتبه بشر، قد يخطئون وقد يصيبون، وحسابهم عند خالقهم حين يفضون إليه بما عملوا وكتبوا وقالوا، صدقوا أو كذبوا، المهم هو ماذا نحن فاعلون حين نعرض لمثل هذه الأخبار؟
إننا نتوجه بكل الصدق والرجاء إلى علماء الدين الأجلاء، أن يبدأوا حركة كبرى لإعادة كتابة التاريخ الإسلامى، لتنقيته مما جاء فى حكاياته من خرافات وإضافات ودسائس تنسب النقائص إلى النبى الكامل صلى الله عليه وسلم ولصحابته الأخيار وأهل بيته الكرام، وتقويم الأحاديث التى رويت عن النبى صلى الله عليه وسلم، لبيان الضعيف منها والمدسوس فنتوقف عنه ونرده... والله من وراء القصد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.