رئيس جامعة عين شمس يتفقد سير الامتحانات بكليات الآداب والحقوق والعلوم    دعوة خبراء أجانب للمشاركة في أعمال المؤتمر العام السادس ل«الصحفيين»    افتتاح المقر الرئيسي لبنك أبوظبي التجاري مصر بالقاهرة الجديدة    نقيب الفلاحين يكشف أسباب انخفاض سعر البصل    نائب: بدء حوار مجتمعي بشأن قانون الإيجار القديم بعد وصوله للبرلمان (فيديو)    رويترز عن التلفزيون الإيراني: فرق الإنقاذ عثرت على مروحية الرئيس الإيراني المحطمة    بايدن يشجب الأزمة الإنسانية في غزة ويؤكد العمل على مدار الساعة لإيصال المساعدات    اقرأ غدًا في «البوابة».. المأساة مستمرة.. نزوح 800 ألف فلسطينى من رفح    إنريكي يحرم مبابي من المشاركة الأخيرة بالدوري الفرنسي    رئيس اللجنة البارالمبية: نشكر لجنة الساق الواحدة لمجهوداتهم في كأس الأمم الأفريقية    مدينتي تطلق الحدث الرياضي "Fly over Madinaty" لهواة القفز بالمظلات    دورات تدريبية وشهادات مزورة.. كواليس مداهمة أكاديمية وهمية بالإسكندرية    بالبوستر الرسمي.. محمد إمام يشوق جمهوره لفيلم "اللعب مع العيال"    التليفزيون الإيرانى يعلن الاتصال بأحد ركاب مروحية إبراهيم رئيسى وفرد من الطاقم    كيف هنأت مي عمر شقيقة زوجها ريم بعد زفافها ب48 ساعة؟ (صور)    متحف «طه حسين».. تراث عميد الأدب العربي    أفلام مهرجان كان استحسان واستهجان.. كوبولا يثير انقسام النقاد في أحدث أعماله    داعية: القرآن أوضح الكثير من المعاملات ومنها في العلاقات الإنسانية وعمار المنازل    مستشار الرئيس للصحة يكشف آخر تطورات متحور كورونا الجديد    السائق أوقع بهما.. حبس خادمتين بتهمة سرقة ذهب غادة عبد الرازق    هل يستطيع أبو تريكة العودة لمصر بعد قرار النقض؟ عدلي حسين يجيب    ختام ملتقى الأقصر الدولي في دورته السابعة بمشاركة 20 فنانًا    حزب الريادة: مصر كانت لها اليد العليا فى دعم أهالي غزة وإدخال المساعدات لهم    مدير بطولة أفريقيا للساق الواحدة: مصر تقدم بطولة قوية ونستهدف تنظيم كأس العالم    ليفاندوفسكى يقود هجوم برشلونة أمام رايو فاليكانو فى الدوري الإسباني    الرعاية الصحية: 5 ملايين مستفيد من التأمين الصحي الشامل بمحافظات المرحلة الأولى    جامعة حلوان تنظم قوافل طبية توعوية بمناطق الإسكان الاجتماعي بمدينة 15 مايو    «نيويورك تايمز»: هجوم روسيا في منطقة خاركوف وضع أوكرانيا في موقف صعب    رسائل المسرح للجمهور في عرض "حواديتنا" لفرقة قصر ثقافة العريش    أبرزهم «اللبن الرائب».. 4 مشروبات لتبريد الجسم في ظل ارتفاع درجات الحرارة    نائب رئيس جامعة الأزهر يتفقد امتحانات الدراسات العليا بقطاع كليات الطب    دار الإفتاء توضح ما يقال من الذكر والدعاء في الحرّ الشديد.. تعرف عليه    هل يجوز الحج أو العمرة بالأمول المودعة بالبنوك؟.. أمينة الفتوى تُجيب    بنك مصر يطرح ودائع جديدة بسعر فائدة يصل إلى 22% | تفاصيل    افتتاح أولى دورات الحاسب الآلي للأطفال بمكتبة مصر العامة بدمنهور.. صور    نهائي الكونفدرالية.. توافد جماهيري على استاد القاهرة لمساندة الزمالك    بايرن ميونيخ يعلن رحيل الثنائي الإفريقي    "أهلًا بالعيد".. موعد عيد الأضحى المبارك 2024 فلكيًا في مصر وموعد وقفة عرفات    مصرع شخص غرقًا في ترعة بالأقصر    «الجوازات» تقدم تسهيلات وخدمات مميزة لكبار السن وذوي الاحتياجات    رئيس «قضايا الدولة» ومحافظ الإسماعيلية يضعان حجر الأساس لمقر الهيئة الجديد بالمحافظة    منها مزاملة صلاح.. 3 وجهات محتملة ل عمر مرموش بعد الرحيل عن فرانكفورت    أزمة الدولار لا تتوقف بزمن السفيه .. مليارات عيال زايد والسعودية وصندوق النقد تتبخر على صخرة السيسي    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    10 نصائح للطلاب تساعدهم على تحصيل العلم واستثمار الوقت    إصابة 4 أشخاص في مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    نائب رئيس "هيئة المجتمعات العمرانية" في زيارة إلى مدينة العلمين الجديدة    وزير العمل: لم يتم إدراج مصر على "القائمة السوداء" لعام 2024    أول صور التقطها القمر الصناعي المصري للعاصمة الإدارية وقناة السويس والأهرامات    «الرعاية الصحية»: طفرة غير مسبوقة في منظومة التأمين الطبي الشامل    حجازي يشارك في فعاليات المُنتدى العالمي للتعليم 2024 بلندن    مدينة مصر توقع عقد رعاية أبطال فريق الماسترز لكرة اليد    ضبط 100 مخالفة متنوعة خلال حملات رقابية على المخابز والأسواق فى المنيا    ياسين مرياح: خبرة الترجى تمنحه فرصة خطف لقب أبطال أفريقيا أمام الأهلى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-5-2024    سعر السكر اليوم.. الكيلو ب12.60 جنيه في «التموين»    ولي العهد السعودي يبحث مع مستشار الأمن القومي الأمريكي الأوضاع في غزة    ضبط 34 قضية فى حملة أمنية تستهدف حائزي المخدرات بالقناطر الخيرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلاج بالقراءة من المعابد الفرعونية إلى مستشفى 57357.. رسالة دكتوراه تطرح مشروعا للمساهمة فى علاج أطفال السرطان وتثبت: سيرة طه حسين ولويس برايل وهيلين كيلر لها تأثير إيجابى على الحالة النفسية للمرضى
نشر في اليوم السابع يوم 13 - 12 - 2014


نقلا عن اليومى..
المنسى قنديل: القراءة لمريض السرطان الكبير تؤهله لموت مريح والأطفال لمزيد من الأمل والشفاء.. والتطوع بالقراءة هدف ينبغى أن تقره الدولة
حينما فاز الروائى الأمريكى بول أوستر «المولود فى الثالث من فبراير 1947» بجائزة «أمير أستورياس للآداب 2006»، تساءل خلال كلمته التى ألقاها فى حفل تسلمه الجائزة عن فعل الكتابة، والجدوى من ورائها، وراح يعدد نقاطا تنتهى إلى أنه لا أهمية للكتابة، فيقول: «هذه الحاجة للصنع والخلق والاختراع هى حافز إنسانى جوهرى. لكن إلى أى مدى؟ وما الفائدة من الفن، وخصوصا فن الأدب القصصى، فيما نسميه العالم الحقيقى؟ لا شىء. لكن «أوستر» عاد ليؤكد أن الكتابة هى ما يمنحنا هويتنا كبشر، وأن سحر القصص يكمن فى أنها تجرك إلى أعماق الجحيم دون أن تؤذيك فى نهاية الأمر، بل تدفعنا لمواجهة مخاوفنا، وأن هؤلاء الذين أصبحوا آباء الآن لن يجدوا صعوبة فى استحضار الانتباه المنتشى الذى يشع فى عيون أطفالهم حين يقصون عليهم حكاية ما.
من هنا يمكننا القول بأن القراءة سلاح متعدد المنافع، ما بين المعرفة، والمتعة، ومواجهة المخاوف، ولهذا فهناك ما اصطلح عليه باسم «القراءة العلاجية»، كأحد مسببات الوقاية من الخوف، ذلك المرض الكامن فى نفوس البشر، الخوف من الواقع، أو المجهول، وهو ما يدفعنا للقول بأن القراءة علاج ووقاية من الأمراض، وهذا الوصف ليس بجديد على البشرية، فالقراءة بمفهومها العلاجى عرفت فى مصر منذ العصور القديمة، فقد وجدت نقوش على جدران المعابد المصرية «هنا علاج الروح»، ووصفت المكتبات لديهم بأنها «بيت علاج النفس، وفى مطلع القرن التاسع عشر 1802 أوصى بنيامين روش «1745–1813» وهو طبيب أمريكى وأحد الشخصيات البارزة فى الحياة العامة فى عصره، بالقراءة فى علاج مرضى الأمراض العقلية عن طريق القراءة باستخدام القصص والكتب الدينية.
ومنذ ذلك الحين، سنجد أنه مازالت العديد من الدراسات تعمل فى هذا الإطار فى أمريكا وأوروبا، على عكس مصر والمنطقة العربية التى تسير بخطى بطيئة، فمؤخرا ظهرت نتيجة جهود وأبحاث 25 عاما فى كتاب للباحثتين «إلا برثود» و«سوزان الدركن» بعنوان «العلاج بالرواية من الهجر إلى فقدان الشهية..751 كتابا لعلاج كل ما تشكو منه» عكفتا عليه منذ أن كانتا طالبتين فى جامعة كامبردج، وفى هذا البحث دخلت الرواية أيضا فى إطار «التداوى بالقراءة»، وهو ما يعنى أن لكل مرض علاجاً بالرواية، أى من خلال قراءة المريض لرواية معينة، فعلى سبيل المثال لمن يعانى من أنفلونزا حادة عليه بقراءة رواية البؤساء لفكتور هوجو، كما جاء فى كتابهما.
من هنا كان علينا أن نبحث لنكتشف آخر ما وصل إليه الباحثون المهتمون بمجال علم النفس والمكتبات فى مصر وفى العالم العربى، لنصل إلى ما يعرف ب«العلوم البينية» ويطلق على أساتذتها «الإنسانيون الجدد»، والهدف منها الجمع بين حقلين معرفيين أحدهما ينتمى للعلوم الإنسانية والآخر للعلوم التطبيقية، لنجد أن مكتبتنا العربية تحتوى على كتاب كان موضوع رسالة للحصول على درجة الدكتوراه، للدكتور محمود عبدالرحمن، وفيه يجمع بين علم المكتبات والمعلومات من ناحية، وعلم النفس التطبيقى من ناحية أخرى، وكذلك الطب أو طب الأطفال من ناحية ثالثة.
وتضمنت الرسالة أطروحة أجريت فيها تجربة على الأطفال المرضى لاكتشاف إيجابيات العلاج بالقراءة، وتمت فى واحدة من أشهر مستشفيات الأطفال فى مصر والوطن العربى، وهى 57357 والتى أنشئت على غرار مستشفى سان جود بأمريكا لعلاج سرطان الأطفال.
واعتمد الباحث على عدة محاور، منها مكتبات المستشفيات والعلاج بالقراءة، ويقول إنه على الرغم من أن العديد من المستشفيات قد لا يوجد بها مكتبة واحدة تختص بتقديم الخدمات للمرضى، فإن مستشفى 57357 لديها أربع مكتبات مخصصة للأطفال بمختلف الأدوار، ويرى أنه إذا ما كان هذا الموقف يعكس مدى وعى واهتمام الإدارة بتقديم مختلف الخدمات الترويحية والثقافية للأطفال المرضى، لكن هناك قصورا فى تدعيم هذه المكتبات بالمختصين فى مجال المكتبات الطبية والمختصين بممارسة العلاج بالقراءة مع مختلف الفئات العمرية، وأن المكتبات لا تخضع إشرافيا للمختصين فى مجال المكتبات والمعلومات، وتزويدها بالمقتنيات لا يخضع لمعايير محددة كى تصلح هذه المقتنيات لاستخدامها فى مجال القراءة الموجهة أو العلاج بالقراءة.
ويوضح أن هذه المكتبات يجب أن تخضع لإشراف فريق مكون من: «الطبيب المعالج» ليحدد مدى الحالة الصحية، ومقدار المناعة، وإمكانية تجاوبه، و«الطبيب النفسى» ليحدد طبيعة التداعيات النفسية التى يتعرض لها كل طفل. و«فريق الخدمة الاجتماعية» ليقوم بدعم أخصائى العلاج بالقراءة من خلال تزويده بالحالة الاجتماعية والبيئية لكل طفل و«أخصائى مكتبات» وتصب لديه البيانات من الجهات السابقة ليستخدمها فى صالح المريض أو المستفيد من خدمة العلاج بالقراءة، وينبغى أن يكون ملما بالإنتاج الفكرى، و«مرافق للطفل المريض» قريب إلى نفسه كوالدته، أو والده.
المحور الثانى، يتثمل فى «أخصائى العلاج بالقراءة»، وهنا يسأل: هل من الأفضل أن يكون المشتغل بالعلاج بالقراءة متخصصا فى المكتبات والمعلومات، ثم يحصل على مقررات ودورات إكلينيكية تأهيلية كتلك التى يحصل عليها الأطباء والأخصائيون النفسيون؟ أم من الأفضل أن يكون إكلينيكيا ويؤهل بتوجه مكتبى محدد؟ ويجيب بأنه سواء كان هذا أم ذاك، فما يهم أن يكون مسيطرا على مادته وأدواته سيطرة تامة.
وقد أوضحت نتائج التطبيق الإكلينيكى أهمية دور أخصائى العلاج بالقراءة فى نجاحها وتحقيق الدور الإيجابى المطلوب فى سبيل تحسن الحالة الصحية والنفسية للطفل المريض، ولذا فينبغى دعم هذه الكوادر من خلال: تدريس العلاج بالقراءة ضمن مقررات أقسام المكتبات والمعلومات، وقد شهد عام 1970 وضع أول مقرر دراسى فى مجال العلاج بالقراءة، وذلك فى مدرسة المكتبات بجامعة فيلانوفا بالولايات المتحدة الأمريكية، كما أن جامعة لونج أيلاند قامت عام 1972 بتنظيم مقرر فى العلاج بالشعر تحت عنوان «الإرشاد النفسى» وتولى تدريسه «جيمس مور» الأستاذ بقسم التوجيه والإرشاد النفسى، وينبغى عقد الدورات التدريبية فى مجال العلاج بالقراءة بشكل مستمر لتنشيط الأخصائيين العاملين بمكتبات المستشفيات ومؤسسات الصحة النفسية.
أما عن المحور الثالث فهو حول المستفيد من العلاج بالقراءة، وهو الطفل المصاب بالسرطان، ولكى يستفيد فينبغى مراعاة جميع العوامل التى تؤثر فيه، والتى كان لها بالغ الأثر أثناء التطبيق مع أطفال مستشفى السرطان، وهى: الظروف الصحية، النفسية، الاجتماعية، البيئية، والتعليمية واضطرابات القراءة.
أما عن أدوات التجربة، فكانت هى المحور الرابع وتمثلت فى الكتب المخصصة للعلاج بالقراءة: ويراعى فيها الشكل والمضمون، وملاءمتها للظروف المحيطة بالطفل، والمقاييس النفسية للأطفال: من حيث سهولة الأسئلة فى صياغتها، وعدم تكرارها، وألا تسبب حرجا للطفل مع مرافقيه، أو تشابه الأسئلة مع تتابعها دون ترك مسافة لنسيان الطفل للسؤال فى المرة الأولى حتى نتأكد من إجابته.
ويأتى بعد ذلك أسلوب العلاج بالقراءة، ليمثل المحور الخامس، ويقتضى المرونة فى اختلاف أسلوب التطبيق من حالة لأخرى، خاصة إذا كانت جلسة العلاج الجماعى تضم كلا من الجنسين الأولاد والبنات، فقد يسبب تساقط الشعر نتيجة للعلاج الكيماوى نوعا من الحرج لهم وخاصة البنات، وهنا تتضح أهمية العلاج الفردى لكل حالة على حدة، ولأن أحد مصادر المرض النفسى هو اختلال علاقة الفرد بالجماعة من خلال العلاقة بالآخرين خاصة أقرب المحيطين من الأهل والأقارب والأصدقاء، لذا ينبغى فى مثل هذه الأحوال إعداد جلسات العلاج بالقراءة الفردية إلى أن تتحسن نفسيته فعندئذٍ من الممكن أن ندخله فى العلاج الجمعى للمشاركة مع المجتمع المحيط به.
ويقول محمود عبدالرحمن: إنه تم تطبيق تجربة العلاج بالقراءة على أطفال مرضى السرطان بمستشفى 57357 من خلال إجراء دراسة تجريبية على ستين حالة من مائتى حالة إقامة كاملة لتناول علاجهم داخل المستشفى من الأولاد والبنات بواقع ثلاثين بالمائة من مجموع الأطفال المقيمين للعلاج على اختلاف مستوياتهم العمرية واختلاف أنواع الإصابة بالسرطان.
ويشير إلى أن التجربة العملية أثبتت فعالية ونجاحا فى اختيار نوعية معينة من الكتب مثل الكتب السماوية والقصص الخيالية والواقعية، والتراجم التى تتناول السير الذاتية، وأسفرت التجربة عن أن قراءتهم المتعمقة لمقتطفات من قصص حياة «لويس برايل»، و«هيلين كيلر»، و«طه حسين» وغيرهم، ساعدت بدرجة كبيرة على التوحد معها فى تحدى الإعاقة وتحقيق الذات وهو ما يمثل تأثرهم بما قرأوا «تقمص»، ويؤدى ذلك إلى استثارة لدافعيتهم، وهكذا يستخدم العلاج بالكلمة فى ثلاثة أنواع من الأمراض التى تصيب الإنسان وهى «الأمراض النفسية البحتة»، و«الأمراض النفس عضوية» وهى حينما يتسبب المرض النفسى فى مرض عضوى، و«الأمراض العضو نفسية» وهى حينما يترك المرض العضوى آثارا نفسية، ودراستنا تقع فى علاج النوع الثالث من الأمراض.
وحول هذه الرسالة، قال الدكتور محمد نصر، أستاذ الطب النفسى بكلية طب قصر العينى بجامعة القاهرة، إن هذه التجربة جديدة فى مجال العلوم الإنسانية، وكنت مشرفا عليها للحصول على الدكتوراه وأدركت أن العلاج بالقراءة يمثل جانبا إيجابيا مضيئا لعلم المكتبات والمعلومات، فهو يساعد الأشخاص على حل مشكلاتهم النفسية والاجتماعية وفقا لخطة عمل محددة.
ويضيف: وقد أثبت هذا العمل حقيقة استحالة فصل متغير علاجى بذاته باعتباره العامل الأوحد المسؤول عن التحسن أو الشفاء، وأن هناك صعوبة فائقة فى فصل الوظائف النفسية بعضها عن بعض أثناء التناول الوصفى للمرض النفسى والتناول العلاجى، وأن محاولة فهم أطفال مرضى السرطان الذين يعانون من ظواهر نفسية سلبية نتيجة مرضهم وإقامتهم بالمستشفى لفترات قد تطول، وبعدهم عن عائلاتهم وأصدقائهم، ونتيجة للبرامج العلاجية المكثفة، ينبغى أن تتم بصياغة كل حالة من هذه الحالات على حدة، صياغة تفصيلية تشكل صورة محددة المعالم مهما بدا فيها من ثغرات نتيجة المرض والتدهور، ويظهر مدى صعوبة المعاناة التى يتعرض لها القائم على الدراسة التطبيقية للوصول إلى نتائج حقيقية، والوصول لأفضل النتائج من هذه البرامج العلاجية عن طريق القراءة الموجهة كأسلوب إيجابى من أساليب العلاج الموازى ولا يقل أهمية عن أساليب العلاج الأخرى.
الدكتور زين عبدالهادى، أستاذ ورئيس قسم المكتبات بجامعة حلوان، قال ل«اليوم السابع» إن العلاج بالقراءة أو الببليوثيرابى له تاريخ طويل يزيد عمره على القرن، وقد ساهم فى هذا المجال أمناء المكتبات والأطباء والأخصائيون النفسيون، وهو ببساطة يعنى استخدام القراءة بأشكالها المختلفة كمساعد على العلاج فى المراض البدنية والنفسية.
وأضاف «عبدالهادى» يمكن الإشارة إلى أنه بدأ عام 1904 حيث كانت كاتلين جونز أول أمينة مكتبة تقوم ببرامج ناجحة للعلاج بالقراءة فى مكتبات مستشفى ماكلين فى ويفرلى فى ماساشوستس، حيث قامت باستخدام الكتب فى علاج المرضى عقليا، وكانت أول من فتح الباب لجعل الببليوثيرابيا فرعا من فروع علم المكتبات والاعتراف به، ورغم توقف برنامج العلاج بالقراءة بعد ازدهار كبير فى ذلك المستشفى بسبب نقص المال وانتهاء عمل الأمينة الفذة فى ذلك البرنامج فإنه يعتبر حلقة مهمة فى تاريخ العلاج بالقراءة.
ويقول «عبدالهادى» لقيت عمليات العلاج بالقراءة دفعة قوية خلال الحرب العالمية الأولى 1914–1918 بين المكتبيين والأشخاص العاديين وعلى رأسهم الصليب الأحمر واتحاد المكتبات الأمريكية حيث قاموا ببناء المكتبات وتحمل مسؤولياتها، وفى نهاية الحرب قام مكتب المجندين فى الولايات المتحدة بتسلم مهام المستشفيات العسكرية بما فيها المكتبات وتحمل مسؤولياتها.
وأضاف: ومنذ ذلك التاريخ قامت إدارة التجنيد بالدور الأكبر فى العلاج بالقراءة، وقام أدوين استارباك 1928 بتحرير «دليل كتب الأطفال من أجل تنمية الشخصية»، وتضمن قائمة كتب موزعة على الصفوف الدراسة اشتملت على قصص العفاريت والخرافات والأساطير، وفى مجلد آخر نجد قائمة بكتب القصص، وتتضمن قائمة بالمواقف مرتبة حسب المواقف الأخلاقية الواردة والجانب من الشخصية الذى يدعم الموقف.
ويوضح «عبدالهادى» أن هذا العمل الببليوجرافى ذو المجلدين اعتبر أول مرجع مصنف حسب الاحتياجات الشخصية الخلقية، وفى 1939 قامت شعبة مكتبات المستشفيات فى اتحاد المكتبات الأمريكية باستحداث «لجنة الببليوثيرابيا» بهدف استقصاء إمكانيات استخدام الكتب كعلاج فى تغيير الاتجاهات، ومن هنا يكون العلاج بالقراءة قد اكتسب وضعا رسميا فى مهنة المكتبات بتبنى الاتحاد له. أما عن أول إعلان عن الببليوثيرابى فقد نشر عام 1956 فى مجلة المكتبات عدد يناير يطلب أخصائى علاج بالقراءة للعمل فى إحدى المكتبات، ولم ينشر من هذا القبيل بعد ذلك سوى عدد محدود من الإعلانات، وكانت أول رسالة فى مصر عن العلاج بالقراءة فى قسم المكتبات بجامعة القاهرة للباحث عبدالله حسين فى العقد الأخير من القرن العشرين، أما عن أول كتاب فى مصر فكان للدكتور شعبان خليفة الرئيس السابق لقسم المكتبات والوثائق بآداب القاهرة والرئيس الحالى للجمعية المصرية للمكتبات والوثائق والمعلومات.
ويقول الكاتب الدكتور محمد المنسى قنديل، ل«اليوم السابع»، يفترض أن القراءة تخرج الإنسان من وحدته وتلحقه بعوالم أخرى، فلا يكون مستغرقا فى ذاته، أما عن مريض السرطان تحديدا فهو يشعر أنه محاط بالألم والموت، ولهذا فالقراءة تمنحه بصيصا من الأمل، وأن الحياة ممتدة حتى ولو فى حيوات أخرى، ناهيك عن أن فعل القراءة إيجابى والسرطان يدفعك لمشاعر سلبية تتطلب مواجهتها بكل ما هو إيجابى، ونحن نعلم أنه مرض عضال والعلاج يجب ألا يعتمد على الوهم، بل على أشياء فعالة، مثل الأدوية الكيماوية والأشعة التى تقتل الخلايا وتمنع انتشارها والقراءة برأيى مخدر مؤقت من الممكن أن تهيئ المريض الكبير لموت مريح والأطفال لمزيد من الأمل فى الحياة والشفاء.
ومن هنا جاءت دعوتنا بالتطوع بالقراءة لمريض السرطان، الأمر الذى تضامن معه «قنديل» قائلا: هدف نبيل وعلينا أن نهتم به، وهذا ما يحدث فى الغرب، فهذا هو الوعى المجتمعى ولا يؤخذ عليه أجر مادى، بل يكون هناك نوع من مكافأة المواطن من الدولة بأن يكون لديهم أحقية فى التعيين فى جهات ما حينما يكون متاحا.
وقال الدكتور محمد الشامى، رئيس قسم الطب النفسى بمستشفى سرطان الأطفال 57357 ل«اليوم السابع» إن حالات الأطفال النفسية تتحسن للحالة الإيجابية بعد جلسات القراءة، كما جاء فى الرسالة، فمراعاة القراءة المناسبة لسنهم وثقافتهم وحالهتم يكون لها تأثير بالإيجاب على نفسيته، خاصة ما يكون له صدى هو سير الأدباء والفنانين والمفكرين والشخصيات التى استطاعت أن تتخطى حاجز الإعاقة لديهم، ويكون لها شأن، وبالتالى فإن القراءة تغذى الأمل لديهم.
وعن طبيعة الكتب التى يتم اختيارها، قال «الشامى» إن الأجنبية أفضل بكثير عن العربية، فهى متنوعة، وهناك دور نشر مصرية مهمتة بالأطفال، مثل نهضة مصر التى تعد أفضلها. وعن رأيه فى دعوة المبدعين للمشاركة بقراءة أعمالهم للأطفال، قال «الشامى» بالطبع هذه دعوة رائعة جدا، ونتمنى أن يكون هناك اهتمام منهم بالأطفال ويأتون ولو لمرة واحدة فسيكون لهم أثر إيجابى على حالتهم النفسية، أما عن الدعوة للتطوع بالقراءة، فقال «الشامى» فى الدول الغربية يشترط أن يذكر فى السيرة الذاتية عدد من الأعمال التطوعية قبل التعيين فى أى وظيفة، ولهذا لماذا لا يتم تفعيل هذا الأمر لدينا فى مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.