تزايدت عمليات غش العلامات التجارية للشركات الكبرى بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة فى الأسواق المصرية، الأمر الذى أثار مخاوف المستهلكين، خاصة أن الغش طال كل شىء بما فى ذلك الطعام والأدوية وقطع غيار السيارات. ورغم وجود حماية لكل علامة تجارية من جانب مصلحة السجل التجارى مدتها 10 سنوات لمنع تقليدها، إلا أن ذلك لم يمنع من وجود مافيا الغش التجارى التى تنتهز شهرة تلك العلامات وتقوم بتقليدها، مما يعد مخالفة لحقوق الملكية الفكرية، ويعرض صحة المواطنين وحياتهم للخطر، من أجل تحقيق أرباح غير مشروعة. أصبحت ظاهرة فى السوق المصرى وقد أكد اللواء محمد أبو شادى، رئيس مباحث التموين بالقاهرة، أنه تم ضبط 88 قضية غش خلال شهرى يناير وفبراير الماضيين، أبرزها: قضية " أ.م" صاحب مركز غير مرخص لتجميع الزيوت سابقة الاستخدام ومرتجعات المصانع، حيث يقوم بإعادة تكريرها وتعبئتها داخل عبوات مدون عليها أسماء وعلامات مملوكة إلى شركة "أولين" المنتجة لزيوت الطعام، تمهيداً لطرحها للبيع فى الأسواق. بالإضافة إلى ضبط 4.400 طن من الزيوت غير الصالحة للاستخدام الآدمى لديه. كما تم ضبط "أ . أ " المسئول عن مخزن لتجارة الأدوية، وتبين حيازته حوالى 30 ألف قرص منشطات جنسية (فياجرا) مجهولة المصدر وغير مسجلة بوزارة الصحة والسكان ومدون عليها أسماء وعلامات تجارية مقلدة لشركتى "إيفا فارما" و"فيركتا". وأيضا تم ضبط حوالى 16 ألف طن بويات مغشوشة ومقلدة للمدعو "ه . أ " والذى يملك مصنعا غير مرخص ويستخدم خامات مجهولة المصدر وخالية من أى بيانات، ويقوم بإعادة تعبئتها وتدوين أسماء شركات كبرى وعلاماتها التجارية، ومنها شركتا "باكين" و"سكيب" لتصنيع البويات. وأضاف أبو شادى أن الخاسر الوحيد من الغش التجارى هو الاقتصاد القومى، فعندما تجد إحدى الشركات الأجنبية أو العربية الكبرى أن علاماتها التجارية مقلدة ويتم استغلالها فى الدولة التى تصدر إليها منتجاتها، تقوم بسحب جميع استثماراتها منها وبالتالى يضر باقتصاد الدولة. 360 مليون جنية خسائر ومن جانبه قال صلاح جودة الخبير الاقتصادى ورئيس شركة للدراسات الاستشارية والاقتصادية إن الدراسات تشير إلى وجود خسائر تقدر ب 360 مليون جنيه سنوياً، نتيجة تقليد العلامات التجارية العالمية، بسبب فقدان ثقة تلك الشركات العالمية فى التعامل مع السوق المصرى الملىء بالسلع المغشوشة. وأكد على ضرورة تشديد العقوبة على المتورطين فى تقليد العلامات التجارية الكبرى، وزيادة الغرامة المالية المقررة عليهم لتقليل عمليات الغش التجارى، خاصة أن الغرامة لا تتجاوز 100 جنيه. وأضاف جودة أنه لابد من إدخال العديد من التعديلات على خطوات تسجيل العلامات التجارية، مثل أن يتم تقليل المدة الزمنية التى يتطلبها تسجيل العلامة والتى تستغرق حالياً مابين 6 إلى 8 شهور، لأن لجنة الفحص الفنى تقوم بمراجعة أوراق تسجيل العلامة التجارية بالعين المجردة دون استخدام التكنولوجيا الحديثة، فى الوقت الذى لا تتجاوز فيه مدة تسجيل العلامة فى الخارج 8 ساعات، لسهولة إدخالها على الحاسب الآلى ومراجعتها للتأكد من عدم تشابهها مع أى علامة أخرى مسجلة من قبل. وعلى الجانب الآخر دافع مصطفى أبو العينين رئيس مصلحة السجل التجارى عن أصحاب العلامات التجارية المقلدة، قائلا : "إننا بشر وغير معصومين من الخطأ"، وأضاف أن لجنة الفحص الفنى من الممكن أن تقوم بتسجيل علامة لشركة ما عن طريق الخطأ دون علمها بتسجيل هذه العلامة من قبل شركة أخرى، وليست مصلحة السجل التجارى هى المسئولة عن وجود حالات تشابه للعلامات التجارية للمنتجات بالأسواق وعمليات غش السلع ومنتجات بير السلم، وإنما المسئول كل من جهاز حماية المستهلك وإدارة حماية حقوق الملكية الفكرية، بالإضافة إلى عدم الاهتمام بالرقابة المشددة من جانب الجمارك على السلع والمنتجات المستوردة من الخارج. وأكد أبو العينين أن مصلحة السجل التجارى غير قادرة على تمويل حملات إعلامية وإعلانية لإيضاح كيفية تمييز المستهلك للعلامة التجارية الأصلية من المقلدة، لأنها ليس لديها الميزانية والأموال الكافية لذلك.