سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
من إمام المداحين النقشبندى إلى الشيخ مصطفى إسماعيل وياسين التهامى وأحمد التونى.. أصوات سماوية وأجيال متعاقبة من المنشدين تواصل العزف على أوتار القلوب..وغياب الاهتمام الرسمى لم يؤثر على شعبيتهم الكبيرة
"رمضان اشرِق فالدنا تتطلع.. ظمئى لنور من كتابك يسطع.. رمضان اشرِق".. "يا عالمًا بالسر جئتك سائلاً.. أملاً يرفرف فى الجوانح مرتجى.. مجيب التائبين.. حملت ذنبى وسرت على الطريقِ إلى حماك".. "سيدى يا رسول الله.. لغة الكلام على فمى خجلى ولولا الحب لم أتكلمِ.. لغة الكلام كما رأيت على فمى خجلى.. ولولا الحب لم أتكلمِ.. يا مظهر التوحيد.. حسبى أننى أحد الشداة الهائمين الحومِ.. ما حيلة الشعراء ذاب غنائهم رهباً لدى هذا الجمال الأعظم" الكلمات المميزة التى تنعش قلوبنا بصوت مبتهلين أجلاء لازالت أصواتهم حية رغم رحيلهم قبل عشرات السنوات، بل ولا تزال قادرة على إحياء روح رمضان فى قلوبنا واستحضارها حتى لو لم يكن الشهر الكريم هلّ بعد. "إمام المداحين الشيخ سيد النقشبندى، والضارب على أوتار القلوب نصر الدين طوبار، والمشايخ على محمود وطه الفشنى، ومحمد كامل البهتيمى، ومحمد الطوخى".. أسماء لامعة شقت السماء بأصواتها الشجية التى اصطحبت قلوبنا معها فى رحلة روحانية إلى السماء، يشدون بما تود قلوبنا لو نطقت به ولكنها قصرت عن التعبير، جيل من العظماء سلم الراية من بعده إلى جيل آخر لا يقل أهمية عنه، من أبرز نجومه المشايخ محمد عمران، ومحمد الهلباوى وسيد القاضى، وكذلك الشيخ إمام، ومصطفى إسماعيل، ليحمل الراية من بعدهم جيل عريض من المبتهلين المعاصرين الذين، على الرغم من موهبتهم، لم يحظوا بالاهتمام الرسمى نفسه، وإن لم يقل الاهتمام الشعبى بهم، وتفاعل الجمهور معهم من بينهم الشيوخ ياسين التهامى، وأحمد التونى، سعيد حافظ، وليد شاهين، والمبتهل الشيخ عفيفى محروس. ولا يجب أن ننسى نجمات الابتهال والتوشيح والمديح، وقراءة القرآن أيضًا، مثل "سكينة حسن، ودودة المنيلاوية، منيرة عبده، نفيسة السويقى، زينب يونس، وهنيات شعبان" اللاتى يعرف الكثير أنهن من المطربات، ويجعل غالبية الناس أن لهن باع طويل فى عالم الابتهال والمديح. ومع تعاقب واختلاف الأجيال، لم تختلف أجواء الإنشاد الدينى والتواشح والابتهالات كثيرًا، ولا تزال إلى الآن تحتفظ بهذا الرونق الفريد والتفاعل المدهش بين المبتهل أو المنشد والجمهور، الذى غالبًا حفظ جميع تواشيحهه وابتهالاته واندمج معه فى ترديدها، بمقاماتها وسكناتها وكل التفاصيل الصغيرة فيها. وهو ما يجعل التواصل مع الجمهور أهم ما يميز جلسات الإنشاد والتواشيح والابتهالات، وفقًا لما يؤكده المخرج السينمائى "محمد حسان"، مشيرًا إلى أنه فى غياب اهتمام الإذاعة الرسمية، والتلفزيون بالجيل الحالى من المبتهلين، لا يمكن أن يكون الإنترنت بديلاً إلا من أجل نشر تسجيلات سابقة لزيادة انتشارها وحسب، فلا غنى أبدًا عن التواصل والتفاعل مع الجمهور، والذى يكون أوضح فى الريف وبين البدو، فى حالة رائعة من التأثير والتأثر بين المبتهل والجمهور. وكان للإذاعة دورًا هامًا فى الماضى سواء فى نقل أجواء جلسات الابتهال والتواشيح، من خلال سهرات مختلفة، أو من خلال تسجيل تواشيح خاصة بها بجودة عالية، وكانت تشترط فى المنشد الذى تعتمده رسميًا حلاة الصوت ونقاؤه، إضافة إلى النطق الصحيح للحروف، مع تجويد القرآن الكريم، والإلمام بقواعد الموسيقى. ويقول "حسان" ل"اليوم السابع" "مصر ولادة، وهناك فى الوقت الحالى الكثير من المبتهلين الموهوبين، ولكن المشكلة أن فرص الانتصار والدخول للإذاعة طريقها وعر وغير واضح المعالم، خاصة مع قلة الاهتمام الرسمى، من بينهم على سبيل المثال المشايخ سعد حافظ، ووليد شاهين، وعفيفى محروس". يضيف "المشكلة الأخرى أنه فى الألفية الجديدة سقطت مفاهيم كثيرة، أهمها أن الموهبة هى الأحق بالانتشار، فعلى الرغم من أن الشيخ محمد الفيومى وبطانته، والشيخ سيد مكاوى اشتركوا معًا فى إنشاد أسماء الله الحسنى على مستوى عالى جدًا من الحرفية والجودة، لم تلق الاهتمام ولا الانتشار الذى تلقاه بصوت مغنيين بمستوى أقل من العمل الأول الأصيل الذى تم تنفيذه بحرفية وموهبة عاليتين". يتابع "حسان" "على الرغم من غياب الاهتمام بالجيل الحالى من المبتهلين فى المؤسسات الرسمية مثل الإذاعة والتلفزيون، إلا أن ذلك لم يؤثر أبدًا على الاهتمام الشعبى بهم، بدليل المئات، والآلاف الذين يتواجدون فى أية فعالية للشيخ ياسين التهامى والشيخ الهلباوى وغيرهم، والحقيقة أن غياب الاهتمام لم يؤثر إلا على المستوى التوثيقى". ويوضح "حسان" أن هناك فارقًا كبيرًا بين "التوشيح" و"الابتهال" والمديح النبوى، على الرغم من أن للثلاثة مواضيع دينية وجو روحانى، إلا أن هناك فارقًا بينهم، فالتوشيح هو لحن يؤديه الموشح وبطانته، ويكون هناك تجاوب وتحاور وتناغم بينهم، ويجوز أن تكون فيه آلات موسيقية، بينما الابتهال هو مناجاة فردية للمبتهل، من دون آلات موسيقية، لذا تبرز فيه جرأة وشجاعة المبتهل فى التنقل بين المقامات، أو الالتزام بمقام موسيقى واحد. أما فن المديح فهو فن مرتبط بالموالد والمناسبات الخاصة يعتمد على مدّاح وفرقة موسيقية وموضوعها الأساسى مدح الرسول (ص) بذكر سيرته وصفاته الحسنة.