تمتع بعذوبة الصوت,وبراعة الاداء,وإخلاصه في الدعاء, لقبه البعض بشيخ المبتهلين,والبعض الآخر بموتسارت الشرق لتعلمه وتعليمه المقامات الموسيقية واستخدامها في فن الابتهال. طار اسمه شرق العالم وغربه,قارئا للقرآن تارة ومبتهلا ومنشدا ومادحا تارة اخري,وما ذاك إلالجمعه وقدرته الفائقة علي الآداء,تتلمذ علي يديه الكثير من مشاهير قراء ومبتهلي العالم الاسلامي في العصر الحديث,انه الشيخ محمد الهلباوي الذي رحل عن دنيانا منذ ايام ليلقي ربه بعد رحلة عطاء مع القرآن الكريم كقارئ بارع ومبتهل فريد له محبوه وتلاميذه في كل دول العالم الاسلامي. ولد الشيخ محمد الهلباوي-رحمه الله- بحي باب الشعرية بالقاهرة في يوم السبت الثامن من شهر ربيع الأول عام1365 هجرية الموافق التاسع من شهر فبراير1946 في أسرة متواضعة الحال بكثرة العيال وقلة المال, فوالده كان تاجرا بسيطا يحمل هموم العيش,وقد أنجب سبعة عشر من الأولاد وكان الشيخ محمد الهلباوي الثاني بين الأبناء تحمل عبءالأسرة مع أبيه,ولكن كعادة الأسر في ذاك الوقت أن يلحقوا أولادهم بالكتاب ليحفظوا القرآن الكريم واللغة العربية, ففي سن الرابعة من عمره وجد نفسه في الكتاب مع أقرانه ليحفظ القرآن الكريم,وبدأت الرحلة والحفظ والاستماع من المشايخ القراء والموشحين الكبار, وقد اكتشف أن الله وهبه صوتا حسنا وكان يحاول تقليدهم ويسعي إلي حفلاتهم ليستمع إليهم ويسعد بهم, لأن صاحب الصوت الحسن شغوف بالاستماع حتي يجيد الأداء,وعند الخامسة عشرة من عمره أتم حفظ القرآن الكريم وقرأه علي جده الشيخ محمد الهلباوي الذي كان يقطن بقرية ميت كنانة مركز طوخ قليوبية والتي تنتمي إليها الأسرة, ثم التحق بمعهد القراءات بالأزهر الشريف,ثم التحق بمعهد الموسيقي لدراسة علم النغم والسولفيج, وسرعان ما عاد إلي مدرسة المشايخ وعلم بعد ذلك أنها الأصل, واتبع هذا النهج في حياته وأدائه,ثم بدأ االبحث عند السابقين من خلال الكتب وقرأ الكثير عنهم, حتي أعد البحوث والدروس المستفادة منهم لنقلها إلي الطلبة من الباحثين,وقد زار معظم بلاد العالم قارئا ومنشدا ومحاضرا في هذا الفن ومحكما دوليا في المسابقات الدولية للقرآن. وكان الاهرام قد اجري حوارا مع الشيخ محمد الهلباوي قبل رحيله,وأخذ رأيه في تحقيق حول الابتهالات الدينية,كان من المفترض ان ينشر في شهررمضان المبارك,اكد فيه ان فن الابتهالات الدينية لم يتاثر سلبا باحداث الربيع العربي بالمنطقة وذلك لان هذا الفن فيه المخرج والمتنفس للناس من الضيق الي الفرج وسعة الصدور,ولان الابتهال صنو الدين, ومن وجهة نظري ليس له علاقة بالسياسة,فهو فن مستقل بنفسه له قواعده واصوله التي لها القدرة علي التكيف مع اي ظروف تطرأ علي المجتمع,خاصة انه فن يتعلق بوجدانات وقلوب الناس. كما اكد ان من يهاجمون هذا الفن الراقي,هم يهاجمون بلا دليل شرعي فمصرنا اليوم أصبحت بمذاهب شتي وتيارات مختلفة فمن يعترض لا نلقي بالا ولا نقيم له وزنا,مشيرا الي أن من شروط المبتهل الناجح ان يكون من ذوي الأصوات الحسنة حافظا للكثير من الشعر المقفي الهادف فالشعر فن جميل فيه المناجاة والنصيحة والمتون الي غير ذلك وصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم حيث قال( إن من البيان لسحرا وإن من الشعر لحكمة) وقال أيضا( لقد أعجبني من شعر الجاهلية قول لبيد ألا كل ما خلا الله باطل وكل نعيم لا محالة زائل) ولبيد هذا اسمه لبيد بن ربيعة من شعراء المعلقات الذي كان تعلق أشعاره في جوف الكعبة المشرفة في الجاهلية,موضحا ان الهدف من الانشاد الديني هو ترقيق القلب والارتقاء بالروح الي عالم السمو في الكون الفسيح الي ما لا نهاية. واوضح ان فكرة الإنشاد بدأت عنده منذ بدء السماع الجيد فمن لم يسمع لم يقل وأما عن مشايخه فهم كثير أمثال الشيخ محمد رفعت والشيخ علي محمود والشيخ طه الفشني والشيخ كامل يوسف البهتيمي والشيخ منصور الشامي الدمنهوري والشيخ محمود محمد رمضان والشيخ محمد أحمد عمران وغيرهم, و كل صوت جميل يؤدي بقلبه,موضحا ان هناك من المشايخ من جمع بين التلاوة والابتهال, وقدنشأ علم الابتهال منذ الأزل وتطور عبر القرون حتي وصل الينا عن طربق مشايخنا العظام. كما نصح شباب المبتهلين بقوله:عليكم باتقان اللغة ومخارج الحروف وكثرة حفظ الاشعار وتعلم المقامات,والتنوع في الاداء,مع التخلق طبعا باخلاق الاسلام الحق. وقال عن فرقته:هي فرقة أو بطانة تقول بمقدار ما تشهد كلمات قليلة مكتفية باللمحة الدالة والإشارة الموجزة فإن قصرت فضعف ساقه العجز إليها وإن قاربت ذلك من فضل الله عليها جابت هذه البطانة معي معظم بلاد الدنيا خلال أربعين عاما,مشيرا الي ان له تلاميذ داخل مصر سواء في التلاوة او فن الابتهال,وايضا في الخارج تلاميذ برزوا في تلاوة القران الكريم وفي الابتهالات في السعودية والكويت والامارات وايران وجنوب افريقيا(كيب تاون)واندونيسيا وسنغافورة. وعن مستقبل الانشاد في مصرقال:ماضيه يدل علي الأصالة- وأرجو أن يكون مستقبله باهرا تحافظ عليه الأصوات الحسنة عبر القرون الآتية كما كان هناك في سوريا فرق كثيرة يعجبني بعضها ولكن للأسف ليس عندنا مدرسة واحدة لتعليم الإنشاد مع شهرتنا الهائلة,موضحا ان مصر أم الدنيا بذلك يشهد العالم وما فقدت الريادة حتي تستعيدها ولكن كما يقولون لكل جواد كبوة فلابد أن تتضافرالجهود لكي نعيد للإنشاد مجده القديم. وعن حصيلة رحلته مع الابتهالات الدينية قال: هذه رسالة يتوارثها الأجيال ونحن نخدم هذا الفن ولا نطلب الأجر إلا من الله تعالي.