صدر عن منشورات خليل فاضل الطبعة الثالثة من كتاب "وجع المصريين" للدكتور خليل فاضل، استشارى الطب النفسى، والذى يكشف فيه الطبيب عن عوالم بشرية واقعية تتفاعل مع الواقع وتضيف إليه، قسم المؤلف كتابه إلى ستة أقسام، الأول "الشارع لنا" وتناول فيه الخوف من الاقتراب من الآخر، التوربينى وإخوانه (أولادنا الذين نسيناهم) أطفال الشوارع، الدنيا مقسومة نصفين، والتربص الاجتماعى. وفى القسم الثانى"الأسرة وأحوالها" تطرق إلى أربعة عشر نقطة هامة منها، اكتئاب المرأة المصرية، وسنوات المُراهقة الشاقة، وتربية الخمس دقائق، وسنة أولى زواج كلها عواصف وعواطف..لماذا؟، الصحة النفسية تبدأ فى الفراش، ضِلْ حيطة... ولا ضِلْ راجل؟، العنوسة فى مصر، طلاق الأقباط. أما القسم الثالث "التعليم والتربية"، أشار فيه إلى مثلث المحنة فى أزمة التعليم المصرى، العنف المدرسى، الأمريكان "هنا" من خلال مدارسهم فى مصر، وفى القسم الرابع "أوجاع أجساد المصريين"، تكلم عن مرض السكر، وأزمة الجهاز المناعى، وما بين المريض والطبيب، والمصريون والجنس. وأوضح فى القسم السادس من الكتاب "الصحة النفسية" أسباب الجنون الاجتماعى، ولماذا يكتئب المصريون وينتحرون، أخيرًا فى القسم السادس "إدمان المخدرات" أوضح فيه إستراتيجية الإدمان، ولماذا ينتكس المدمون وبسرعة؟ وحسب ما يشير أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس والرئيس السابق للجمعية العربية لعلم الاجتماع الدكتور عبد الباسط عبد المعطى فى كلمته التى تصدرت الكتاب، إلى أن المؤلف امتطى أسلوبًا تركيبيًا جمع بين البساطة فى عمق التركيب، والرصانة العلمية والحكاية، التى كانت أدبًا علميًا، يأخذ القارئ رويدًا رويدًا حتى يغوص فى أوجاع المصريين. كما يتلف الكتاب إلى"رأس المال المصرى البشرى" بكل مفرداته، فهو ينطلق من القيمة الكبرى لهذا الرأس مال فى دعم التنمية واستدامتها وقدرتها على الإنتاج الاجتماعى وعلى الإبداع، ويؤكد على أن إهمال رأس المال سواء كان غفلة أو لمصلحة ما، فهو إهدار لجوهر مستقبل هذا المجتمع، إضافة إلى أن الكتاب يكشف عن المسكوت عنه فى إدارة العلاقات الجوهرية فى المجتمع المصرى بين قواه المختلفة ما بينها من علاقات يلعب رأس المال الاجتماعى وعلاقات المصالح والمحسوبية والفساد دورًا يبدو أقوى من كل التشريعات والنظم الحكومية وحقوق الإنسان، مبينًا وبوضوح شديد عدم جدية كل الخطابات السياسية العامة والنوعية التى تغنت بشعارات دولة المؤسسات. ويشير عبد المعطى إلى أن القيمة العلمية والمعرفية للكتاب تأتى من أنه ينفى وعلى نحو قاطع أن أوجاع المصريين، ليست نتائج وراثية لجيناتهم أو إنتاجًا لخصائص شخصية اكتسبوها مع الزمن، إنها أوجاع حصاد سياسات مجتمعية فى بُعديها العام والقطاعى، والتى لا تزال تحاصر غالبية جموع المصريين، فأخلاق الناس وقيمهم وتصرفاتهم ما هى إلا نتاج طبيعى– شبه حتمى– لأحوالهم من المعاش، وفرصهم المجتمعية، خاصة المشاركة فى صنع القرارات التى تهم مصيرهم ومصير مجتمعهم.
