4 لقاءات يوميا على العشاء مع 58 سفيرا أعضاء اللجنة التنفيذية لليونسكو، فضلا عن اتصالات وكتابات فى الصحف الغربية للرد على الحملات الأمريكية واليهودية. هكذا يقضى فاروق حسنى يومياته فى باريس بعد أن تبقى من الزمن 8 أيام فقط على معركة مديرعام اليونسكو. وكشف أيمن القاضى المستشار الإعلامى لوزير الثقافة أن فاروق حسنى يعتقد أن نسبة نجاحه بين 50% تفاؤلا و50% تشاؤما، لكنه يخوض المعركة بكل ثقل مصر الدولى والإقليمى، مشيرا إلى أنه طلب من الولاياتالمتحدة إذا لم تدعمه أن تكون على الحياد ولا تهاجمه. وقال القاضى لليوم السابع: كل شىء متوقف على اللحظة الأخيرة أو رؤية مرشح مصر التى سيلقيها يوم 15 سبتمبر القادم وهى 2000 كلمة تتضمن الرؤية الإستراتيجية فى الثقافة والتعليم والآثار والتنمية والمرأة ومجالات أخرى كتبها بناء على رؤية الوزير الشخصية ونخبة من مستشاريه محمد غنيم وحسام نصار وممثلى وزارتى الخارجية والتعليم العالى الذى يرافق وزيرها د.هانى هلال حسنى فى باريس، ومستشارين آخرين. فضلا عن سفيرة مصر فى اليونسكو شادية قناوى. الدكتور أحمد رفعت مندوب مصر السابق فى اليونسكو، قال إن المشكلة التى تواجه فاروق حسنى الآن أنه ركز فى حملته الانتخابية داخل مصر، ودخل فى معركة مع المثقفين المصريين، دون أن يكون لحملته تأثير خارجى، مشيراً إلى كل الدعاية التى قام بها الوزير حتى الآن ليس لها قيمة، وإنما قيمتها الوحيدة أنها كانت لتلميع الوزير داخل مصر فقط. رفعت أشار إلى أن العملية الانتخابية فى اليونسكو سياسية من الدرجة الأولى، تتحكم فيها وزارت خارجية الدول الأعضاء فى المجلس التنفيذى للمنظمة الدولية، وهو ما ينبغى أن يدفعنا إلى التحرك خلال الأيام القليلة المقبلة لكى تركز وزارة الخارجية على مواصلة اتصالتها مع نظيراتها فى هذه الدول وتعقد معهم صفقات تبادلية، بحيث تقنع وزارة الخارجية المصرية هذه الدول بأنها ستقف بجوار فى حال دخولها معارك انتخابية أخرى، مشيراً إلى أنه وقت أن كان سفيراً لمصر فى اليونسكو كان ينتظر التعليمات الصادرة له من وزارة الخارجية لمنح الصوت المصرى فى أى ترشيحات إلى مرشح الدولة التى جرى الاتفاق معها فى إطار الصفقات التبادلية. ونصح رفعت حسنى بالتركيز على أمريكا وفرنسا واليابان، لأن هذه الدول الثلاث لها لوبى داخل المنظمة، وتستطيع أن تتدخل لدى الدول الأفريقية والعربية التى سبق وأن أعلنت تأييدها لحسنى لكى تغير موقفها، لافتاً إلى ضرورة الاتفاق مع الدول الثلاث ليس من خلال مندوبيها فى المنظمة، وإنما مع قياداتها السياسية. ما قاله رفعت عن دور وزارة الخارحية فى المعركة الانتخابية، كان السبب فى حالة القلق التى انتابت الخارجية طيلة الأيام الماضية، فالخارجية تعلم أن معركة حسنى ليست سهلة، وإنما تواجهها عقبات عديدة لأن انتخابات اليونسكو لم تخل مثل غيرها من الانتخابات من الألاعيب الانتخابية التى كشفت عنها السفيرة نائلة جبر مسئولة الترشيحات الدولية بوزارة الخارجية، التى قالت إنه "على مدى أربع سنوات منذ توليت الأشراف على الترشيحات المصرية فى المناصب الدولية لم أر حملة بهذه الضراوة والشراسة على المرشح المصرى، واستخدم فيها وسائل غير متعارف عليها فى منظومة الأممالمتحدة"، مضيفة أن هناك ضغوطات مورست على دول، لكى تتقدم بمرشحين بغرض كسر التوافق الأفريقى، من خلال حملة منظمة لتفتيت الأصوات. نائلة جبر أكدت أنه لو سارت انتخابات اليونسكو فى نهجها الطبيعى وصورتها الطبيعية لضمن فاروق حسنى الفوز من الجولة الأولى، دون أن تحدد جبر النهج غير الطبيعى الذى سارت عليه الانتخابات. الواقع الآن يقول إن العد التنازلى بدأ يدق على رأس الوزير الفنان فاروق حسنى فى معركته الانتخابية الشرسة المقرر إجراؤها 17 سبتمبر القادم. فبعد أن كان حسنى قاب قوسين أو أدنى من الفوز بالمنصب الدولى دون صعوبة تذكر، تفاجأ الجميع بإعلان بنيتا فريرو مفوضة الاتحاد الأوروبى ترشحها لذات المنصب، وهو ما أعاد حسنى إلى لعبة الحسابات الانتخابية مرة أخرى. خاصة أن الاتحاد الأوروبى لديه ثلاثة من المرشحين للمنصب وهم ممثلة ليتوانيا الدائمة لدى اليونسكو "إينا مارسيوليونيت" والسفير البلغارى فى باريس "إيرينا بوكوفا"، إضافة إلى "بينيتا فيريرو فالدنر". لم يحسم موقفه منهم حتى الآن. هذه الحسابات تختلف من ساعة لأخرى وفقاً لتوجهات الدول الكبرى المسيطرة على المجلس التنفيذى للمنظمة والبالغ عدد أعضائه 58 عضواً، ولعل الولاياتالمتحدةالأمريكيةوفرنسا الدولة المضيفة للمنظمة هما الأكثر تأثيراً على قرارات المجلس التنفيذى، وهو ما أثار الريبة والشك فى نفوس حسنى وأعضاء حملته الانتخابية، خاصة أن موقف الدولتين ما زال حتى الآن متناقضاً مع بعضه. فالموقف الفرنسى ما زال غامضاً، فرغم أن تسريبات صادرة عن الرئاسة الفرنسية أفادت فى وقت سابق إلى حدوث تفاهمات مصرية فرنسية انتهت فى ظل الرئاسة المشتركة للدولتين للاتحاد من أجل المتوسط بدعم فاروق حسنى، إلا أن وزير الخارجية الفرنسى برنار كوشنير عاد الأسبوع الماضى وقال إن فرنسا لا تبدى "تفضيلا" لفاروق حسنى، وأضاف أنه "ليس من حقى أن يكون لدى تفضيل، أنا البلد المضيف، وليس للبلد المضيف أن يعطى تفضيلا". ويوجد مقر اليونسكو فى العاصمة الفرنسية. كما أن الصحف الفرنسية أبدت هى الأخرى مواقف متضاربة، ففى حين أيدت بعضها حسنى، إلا أن صحفاً أخرى ومنها صحيفة "لوفيجارو" قالت إن حسنى لن يلاقى فى باريس الترحيب الذى قد يحلم به، فى ظل الجدل الذى يثيره مؤخرا سواء بسبب تصريحاته ضد إسرائيل أو نتيجة الانقسام الذى يواجهه داخل الأوساط الثقافية فى مصر. كما وصف كلود لانزمان، وبرنار هنرى ليفى وإيلى فيزيل الكتاب فى صحيفة لوموند حسنى بأنه "رجل خطير" كما اتهمته مجلة "فورين بوليسى" بالشروع فى معاداة اليهودية فى مصر. وقد رد فاروق حسنى على هذه الاتهامات قائلا "إذا كنت معاديا للسامية، فلماذا شرعت فى ترميم المعابد اليهودية فى مصر منذ عام 1998؟". الولاياتالمتحدةالامريكية هى الاخرى أصبح موقفها غامضاً، خاصة بعد وصول سفيرها الجديد فى اليونسكو "ديفيد كيلون" إلى باريس، فكليون معروف بعلاقاته مع اليهود المتشددين فى أمريكا، إضافة إلى أنه كان مستشار لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس، التى كانت تقوم بحملة ضد المرشح المصرى فى عهد الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش"، وهو ما أثار تساؤلات عديدة حول توجه الإدارة الإمريكية الجديدة تحت قيادة باراك أوباما من حسنى، خاصة بعد زيارة الرئيس مبارك الأخيرة لواشنطن، وهى الزيارة التى تم التعويل عليها كثيراً فى تغيير الموقف الأمريكى تجاه وزير الثقافة، بعد أن هددت الإدارة الأمريكية السابقة برئاسة جورج بوش بسحب حصتها فى ميزانية المنظمة والبالغة 23% إذا فاز حسنى. إسرائيل هى الطرف الثالث الخفى فى المعركة الانتخابية فرغم كونها ليست عضوة فى المجلس التنفيذى لمنظمة اليونيسكو، الذى يشمل عضوية 58 دولة، إلا أن حسنى قلق للغاية من تأثير إسرائيل واللوبى اليهودى الذى يمكن أن يعمل على شن حملة مسيئة ضد حسنى يتهمه فيها بأنه "معاد للسامية"، وبالتالى فإنه لا يصلح أن يتولى منصب مدير عام منظمة اليونيسكو،لهذا يحاول الوزير فاروق حسنى بكل طرق تقديم الاعتذار إلى إسرائيل واليهود عما بدر منه خلال تصريحاته عن حرق الكتب العبرية، وهى التصريحات التى أعلن فيها العام الماضى بمجلس الشعب أنه مستعد لحرق الكتب الإسرائيلية إذا كانت موجودة فى المكتبات المصرية. لكن رغم ذلك فإن بعض الكتابات الإسرائيلية ما زالت تحرض الدول الأعضاء فى المجلس التفيذى لليونسكو ضد حسنى، مستغلة فى ذلك قوة الجماعات اليهودية داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية وعدداً من الدول الأوروبية ومنها فرنسا، وهى التحركات التى سبق وأن علق عليها السفير حسام زكى المتحدث باسم وزارة الخارجية بقوله إن الجانب المصرى يعرب عن تطلعه فى ألا ترتكب الجماعات الإسرائيلية خطأ تاريخيا بتحويل هذا الترشيح إلى ما يشبه المواجهة بين الأديان، وقال إن الأمر يتطلب من هذه الجماعات التدقيق فى مواقفها وعدم المغالاة فى اختصام أقوى المرشحين للفوز بالمنصب. يذكر أن الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء تقدم فى 15 أغسطس 2007 بطلب ترشيح مصر لفاروق حسنى وزير الثقافة لشغل منصب مدير عام منظمة اليونسكو فى الانتخابات التى ستجرى خلال انعقاد الدورة الخامسة والثلاثين للمؤتمر العام للمنظمة بباريس 17 سبتمبر الجارى.