فى إطار الانتخابات الرئاسية التى تشهدها أفغانستان، أجرت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية مقابلة حصرية مع الرئيس الأفغانى حامد كرزاى الذى تحدث خلاله عن علاقاته المتوترة مع حلفائه الأمريكيين والبريطانيين، مؤكدا أنه لن يكون "دمية فى يد الولاياتالمتحدةالأمريكية". وعن أول سؤال ورد فى هذا الحوار حول ما إذا كان يمكن القول الآن إنه تم انتخابه رئيسا لأفغانستان، أجاب كرزاى قائلا: "آمل ذلك.. أعتقد ذلك... وإذا قرر الشعب الأفغانى أنه لن يكون هناك جولة ثانية من الانتخابات، فلن يكون هناك إذا جولة ثانية". وعن الاتهامات الخطيرة التى يوجهها له منافسه الرئيسى عبد الله عبد الله بقيامه بعملية تزوير واسعة النطاق، يجيب كرزاى بأنه خلال فترة عمله التى امتدت على مدى سبع سنوات فى السلطة، كانت الصحافة الغربية توجه له باستمرار انتقادا بكونه متسامحا جدا، ومع ذلك يؤكد كرزاى أنه سيستمر فى تسامحه ولن يجيب على أى ملاحظات أدلى بها السيد عبد الله، إن هذه الانتخابات تعنى وجود رابح وخاسر، وإذا كان هو الخاسر، فسيشعر هو الآخر على الأرجح أيضا بمرارة، مشيرا إلى الطريقة المخيبة جدا للآمال التى تناولت بها وسائل الإعلام البريطانية والأمريكية الانتخابات الأفغانية، والتى تميزت بنبرة الاستهتار حيالها. وأضاف أن هؤلاء الصحفيين يسعون لنزع الشرعية عن الحكومة الأفغانية المستقبلية، وإذا كان هذا التلاعب من قبل وسائل الإعلام يهدف إلى تنصيب حكومة من دمى، فإنها لن تنجح فى ذلك؛ ففى أفغانستان لم تجلب الدمى يوما الحظ لأسيادهم من الأجانب، وقد فشلت فى الماضى الإمبراطوريات البريطانية والسوفياتية فشلا ذريعا عندما حاولت ذلك، ومن ثم كما يؤكد كرزاى "آمل ألا يحاول الأمريكيون نفس الشىء لأنهم سيواجهون نفس المصير!". أما فيما يتعلق بالغش فى الانتخابات، يؤكد كرزاى أن انتخابات 2004 قد شهدت غشا فى الانتخابات، وهناك اليوم أيضا تجاوزات، وسيكون هناك غدا كذلك لأنه لا مفر من حدوث ذلك فى ديمقراطية ناشئة، ولكن القانون الأفغانى يعطى صلاحيات كاملة إلى لجنة تحقيق مستقلة (يرأسها الكندى كيبين) للنظر فى الشكاوى وتصحيح النتائج، وبالنسبة له، يصرح كرزاى أنه سيحترم النتيجة النهائية أيا كانت. وعن النجاح والفشل الذى حققه كرزاى خلال فترة حكمه، يقول إن حكومته قد أعادت أفغانستان للأفغان، حيث عاد إلى أفغانستان الشيوعيون والمجاهدون والمتدينون وغير المتدينين والرجال والنساء والأغنياء والفقراء الذين كانوا لاجئين بالملايين فى باكستان وإيران، كما عاد أثرياء أوروبا وأمريكا من الأفغان إلى بلدهم سعيا لتحقيق المزيد من الثراء، وأعادت أفغانستان بناء اقتصادها، وتم توحيد العملة الأفغانية، وارتفعت نسبة التعليم، وحصلت الصحافة على الحرية الكاملة؛ بيد أن بلاده فشلت فى إحلال السلام على أراضيها، ولم تهزم الإرهاب، وهى مسئولية يتشارك فيها كرزاى مع المجتمع الدولى. وفيما يتعلق بالخطوات التى سوف تتخذ لبدء حوار مصالحة وطنية مع حركة طالبان، يقول كرزاى بأنه سيقوم بهذه المسألة خلال المائة يوم الأولى من إعادة انتخابه، مشيرا إلى التغيير الذى لاحظه فى موقف الرئيس أوباما مقارنة مع سابقه. ولكنه يحذر، وهذا شىء ينبغى أن تنتبه إليه المملكة العربية السعودية، من أنه لن يكون هناك أى حوار مع أى من عناصر طالبان ترفض التخلى عن صلاتها مع القاعدة أو ترفض الاعتراف بالدستور الأفغانى. وعن سبب انتقاده بشدة للقصف الجوى لحلف شمال الأطلسى على الشاحنة التى استولت عليها حركة طالبان فى منطقة قندوز، يؤكد كرزاى أنها سوء تقدير من جانبهم، مستنكرا موت أكثر من 90 شخصا بسبب شاحنة واحدة ومتسائلا لماذا لم يرسل الحلف قوات برية لاستعادتها، وقد اتصل به الجنرال ماكريستال ليعتذر له ويؤكد أنه لم يكن هو الذى أعطى الأوامر بهذه الغارة. وعن الاستراتيجية العامة الجديدة فى التقرير الذى قدمه ماكريستال إلى البيت الأبيض، يؤيد كرزاى ما جاء به بشأن حماية الشعب الأفغانى بدلا من قتل أكبر عدد ممكن من طالبان، لكنه يختلف معه بشأن تشبيه الحرب على الإرهاب بمحاربة التمرد لأن التمرد هو شىء مختلف تماما عن الإرهاب وهو شأن داخلى لأفغانستان، داعيا إلى التركيز على الحرب ضد الإرهابيين وتشعباتهم الدولية، مؤكدا أن حكومته ستبذل كل ما فى وسعها لمساعدة حلفائها الأمريكيين لحماية الشعب الأفغانى. وعن اتهام وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية للجنرال فهيم، وهو الرجل الذى قام باختياره لمنصب نائب الرئيس، بنقل أطنان من الأفيون بواسطة طائرة عسكرية أفغانية عندما كان وزير الدفاع الخاص به، يعلق كارزاى أن هذا ليس هجوما على فهيم خان، وإنما هو هجوم ضده شخصيا، مؤكدا أن الأمريكيين يهاجمونه لأنهم يريدونه أكثر انقيادا لهم، وهو الأمر الذى يؤكد كرزاى على خطأه، لأنه من مصلحتهم، كأصدقاء وحلفاء، يكون لأفغانستان رئيس يحترمه شعبه، وليس من مصلحة أحد أن يصبح الرئيس الأفغانى دمية فى يد الولاياتالمتحدة.