أحمد عيسى: ارتفاع معدلات السياحة بسبب «شطارة» القطاع الخاص    مبادرة «تقدر في 10 أيام» التابعة لحياة كريمة تصل إلى سوهاج.. اعرف التفاصيل    «خارجية الشيوخ»: تشرذم الفصائل الفلسطينية يُساعد الاحتلال على تنفيذ مخططه    بولندا توقف متهمين بإشعال حرائق لصالح روسيا    القاهرة الإخبارية: 3 شهداء و5 مصابين جراء قصف إسرائيلي استهداف منزلا برفح الفلسطينية    الصليب الأحمر: إنقاذ 67 مهاجرًا في المتوسط خلال 24 ساعة    البيت الأبيض يعترف بانخراطه في "صيغة السلام" التي تروج لها كييف    طريقة التقديم على اختبارات الناشئين في النادي الأهلي بالمحافظات    الأهلي يتحرك لضم 4 صفقات من العيار الثقيل.. سيف زاهر يكشف التفاصيل    إخلاء سبيل موظف بالشهر العقاري وآخر فى اتهامهما بتزوير توكيل لعصام صاصا    مصرع شخصين وإصابة آخر إثر انهيار خط الصرف الصحي بالشيخ زويد    عدوية شعبان عبد الرحيم: البحراوي بيعمل مشاكل مع المطربين و أبويا سانده    رئيس "الأعلى للإعلام": "القاهرة الاخبارية" أصبحت صوت مصر الذي ينقل رسالتها للعالم    ننشر توصيات الملتقى الفقهي الخامس لمركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية    هل يجوز التحري عند دفع الصدقة؟.. عميد كلية الدعوة يوضح    مدير مستشفيات بنى سويف الجامعي: استقبال 60 ألف مريض خلال 4 أشهر    نفاد تذاكر حفل عمرو دياب في بيروت بعد طرحها بساعة (تفاصيل)    تأجيل محاكمة متهم في قضية أحداث اقتحام قسم كرداسة لجلسة 29 يونيو    أزمة جديدة في حراسة مرمى مدريد بعد إصابة لونين    رئيس جامعة كفر الشيخ: قافلة طبية وتوعوية لقرية برج مغيزل ضمن حياة كريمة    بدء حملة لمكافحة القوارض عقب حصاد المحاصيل الشتوية في شمال سيناء    واجبات العمرة والميقات الزماني والمكاني.. أحكام مهمة يوضحها علي جمعة    موعد صرف معاشات شهر يونيو 2024 مع الزيادة الجديدة    الأكاديمية المهنية للمعلمين تعقد ورشة عمل إقليمية بعنوان "استكشاف آفاق المستقبل"    قيادى بالوفد يكشف مصير المذكرة المقدمة ضد حمدي قوطة لرئيس الحزب    القوات المسلحة تنظم مؤتمر الروماتيزم والمناعة بالمجمع الطبي بالإسكندرية    فيلم "تاني تاني" يحقق إيرادات ضئيلة في الأسبوع الأول من عرضه    هانز فليك.. هل أنت مستعد لتغيير الحمض النووي لبرشلونة؟    معدل التضخم يرتفع مجددا في ألمانيا    ما هو اسم الله الأعظم؟.. أسامة قابيل يجيب (فيديو)    «الطلاب فقدوا وعيهم بسبب الحر».. درجات الحرارة تتخطى 52 في هذه المدينة    فيلم الحَرَش لفراس الطيبة يشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان روتردام للفيلم العربي    محافظ شمال سيناء يستقبل مدير بعثة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في مصر (صور)    رسميًا موعد عطلة عيد الأضحى بالسعودية 2024 وعدد أيام الإجازة    خلافات قديمة.. قرار قضائي ضد المتهمين بالتعدي على شاب وإصابته في بدر    مواعيد عيد الأضحى 2024: تفاصيل الإجازات والاحتفالات    انعقاد الملتقى الفقهي الخامس بحضور وكيل الأزهر    رئيس جامعة المنوفية يعلن اعتماد 5 برامج بكلية الهندسة    جامعة بني سويف تكرم الطلاب الفائزين في مهرجان إبداع 12    وزير إسرائيلي: تحقيق الاستقرار في رفح قد يستغرق 5 سنوات    حبس المتهم بالشروع في قتل عامل ديلفري بالعياط 4 أيام    زعماء المعارضة الإسرائيلية يتفقون على خطوات لتبديل حكومة «نتنياهو»    الفرق بين التكلفة الفعلية والنمطية لتوصيل التغذية الكهربائية    قرار جديد من اتحاد الكرة بشأن تحصيل بدلات الحكام من الأندية    تأييد قرار النائب العام بالتحفظ على أموال «سفاح التجمع»    البابا تواضروس الثاني يستقبل وفدا وزاريا فلسطينيا    شوبير يشن هجومًا لاذعًا على الحكم الدولي جهاد جريشة: ذاكر القانون كويس بعد إذنك    هيئة الدواء: تسعيرة الدواء الجبرية تخضع لآليات محددة ويتم تسعير كل صنف بشكل منفرد بناء على طلب الشركة المنتجة    مواجهة مرتقبة تجمع الأهلي وأهلي جدة في أكتوبر وديًا    مساعد وزيرة الهجرة يستعرض جهود الوزارة في ملف دعم المصريين بالخارج    رئيس قطاع الآثار الإسلامية يعلن اكتشافات أثرية بجامع المادراني    رئيس جهاز أكتوبر يوجه بالاستعانة بشركات متخصصة في إدارة وصيانة محطات الشرب    «مصايف الإسكندرية» ترفع الرايات الثلاث على الشواطئ.. احذر البحر في هذه الحالة    شروط ومواعيد التحويلات بين المدارس للعام الدراسى المقبل.. تعرف على الأوراق المطلوبة    خبيرة فلك تبشر مواليد برج الدلو في 2024    صعود مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة الأربعاء    الفرق بين التحلل من العمرة والحج.. الإفتاء تشرح    مواعيد مباريات اليوم.. نهائي دوري المؤتمر الأوروبي.. وكأس مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفاجأة: الأسهم التى سيمتلكها المصريون ليست مجانية
بعد الإعلان عن توزيع محفظة أسهم على المواطنين: الحكومة ترمى بكرة الخصخصة فى ملعب الشعب
نشر في اليوم السابع يوم 03 - 09 - 2009

لماذا كان جمال مبارك صاحب الإعلان الرسمى عن الفكرة وغاب رئيس الحكومة؟
إذا كان هدف البرنامج تحقيق مكاسب مادية للمواطنين فلماذا استبعدت الحكومة شركات قناة السويس والبترول والغاز والطيران من المحفظة؟
رجال الأعمال يستعدون من الآن لشراء نصيب عمال مصانعهم من الصكوك مثلما حدث فى أسهم المصرية للاتصالات
فكرة البرنامج ظهرت 2004 عندما طرحها أحد رجال الأعمال على وزير الاستثمار فقام بتشكيل 8 مجموعات عمل لدراستها.
الفكرة باختصار عبارة عن توزيع أسهم 86 شركة على جميع المصريين ولن تزيد حصة كل مواطن عن 700جنيه.. فلماذا كل هذه الضجة؟
تبدو فكرة توزيع ثروات الشعب على المواطنين حلما من أحلام القديسين وتشعر عندما تسمع وتقرأ فى هذا بأنك على مشارف (يوتوبيا) أو مدينة فاضلة جديدة, ومن ثم لا يمكن لأى منا أن يعارض فكرة كهذه, لكن هل ستكون الصورة النهائية بعد التنفيذ كما نتمناه, وأن أصول الشعب وممتلكاته ستؤول إليه فى صورة صكوك أم أن الشيطان يكمن فى التفاصيل كما يقال؟.
(1)
فور انتهاء المؤتمر الصحفى الذى عقده الدكتور محمود محيى الدين وزير الاستثمار والذى أعلن فيه تفاصيل برنامج إدارة الأصول المملوكة للدولة، مما يعنى وببساطة توزيع أسهم مجانية على كل المصريين... منذ هذا اليوم لم يعد هناك حديث فى الشارع المصرى أو قضية يتحدث فيها الناس سوى قصة هذه الأسهم (بالإضافة طبعا لمباراة الأهلى والقطن الكاميرونى).
صاحب ذلك حالة عامة من عدم الفهم لدى الجميع تجاه مأتم الإعلان عنه خاصة بين المثقفين والمهتمين بالشأن العام، وقد عبر عن ذلك أكثر من كاتب وبرنامج تليفزيونى, فالتساؤلات كثيرة والإجابات قليلة, هذا هو الحال الآن لدى الغالبية العظمى من المواطنين, وكلما جاءت إجابة زادت الأسئلة, ولعل ذلك من نقاط الضعف الرئيسية التى صاحبت الإعلان عن البرنامج.
هو إيه الموضوع:
باختصار شديد تمتلك الحكومة ممثلة فى وزارة الاستثمار عدد 86 شركة تعمل فى قطاعات غير استراتيجية وذات عائد ربحى متدن وقد قررت الحكومة توزيع أسهم هذه الشركات على جميع المصريين مع احتفاظ الحكومة بنسب متفاوتة فى ملكية هذه الشركات تتراوح بين 30% إلى 60%، علما بأن متوسط نصيب كل مواطن مصرى من عائد هذا التوزيع للأسهم لن يتجاوز بضعة مئات من الجنيهات, بل لن يصل إلى ألف جنيه حال بيع المواطن لهذا الصك أما إذا قرر الاحتفاظ به للحصول على أرباحه سنويا فإنها لن تتجاوز نسبة 20% من قيمة هذا الصك على أحسن التقديرات تفاؤلا, ورغم تدنى القيمة المالية للموضوع كله إلا أنه قد صاحب الإعلان عنه حالة من الصخب الإعلامى غير المسبوق وتاهت بسببه الكثير من الحقائق والتحفظات والملاحظات والتى نحاول رصدها فى السطور التالية.
(2)
يثير برنامج توسيع قاعدة الملكية والذى أعلنته الحكومة على لسان وزير الاستثمار كثيرا من الاستفسارات والتى تحتاج قدرا كبيرا من الشفافية, ولعل نقطة البدء هنا وإن كان البعض قد لا يراها مهمة- تجعلنا نبحث عن بداية الخيط وتحديدا عن موعد ظهور هذه الفكرة وكيف ظهرت ومن الذى طرحها على الحكومة؟
حسب المعلومات المتوافرة للدستور فإن فكرة تمليك المواطنين لأسهم مجانية فى بعض الأصول المملوكة للدولة قد ظهرت فى أواخر عام 2004، وكان صاحب هذا الاقتراح هو رجل أعمال كبير وقد عرض الفكرة وقتها على وزير الاستثمار محمود محيى الدين وما كان من الأخير إلا أن وعده بدراسة اقتراحه, وقد سخر البعض فى الحزب الوطنى عندما تم طرح الفكرة عليهم قبل أيام واعتبروها اقتباسا من فكرة فيلم عايز حقى للفنان هانى رمزى، خاصة أن هذا الفيلم قد تم إنتاجه عام 2002 أى قبل ظهور الفكرة فى رأس محمود محيى الدين نقلا عن صديقه رجل الأعمال, لعله من المهم هنا ذكر هذه التفصيلات حيث ستظهر أهميتها عند الانتهاء من قراءة السطور الأخيرة لهذا التحقيق.
بعد مرور بضعة أشهر وتحديدا مع بداية الربع الثانى من عام 2005 اختمرت الفكرة فى رأس وزير الاستثمار وقرر أن يضعها موضع الدراسة ومن ثم قام بتشكيل فريق عمل يضم 8 مجموعات وحدد لكل مجموعة ملفا بعينه تتولى دراسته, فكانت هناك مجموعة للتشريع, وثانية للتوعية, وثالثة لتحديد الشركات التى سيضمها البرنامج وهكذا.
وبعد انتهاء عمل هذه المجموعات, برز للسطح اتجاهان رئيسيان يمكن اعتبارهما بمثابة عنصرين حاكمين للمشروع, حيث تمثلت الفكرة الأولى فيما عرف ب(صندوق الأجيال القادمة) والذى يعنى ضمان حق الأجيال القادمة والتى لم تولد بعد فى أصول الدولة وحتى لا يحتكر جيل بعينه ثروات الوطن, وقد استوحت مجموعات العمل التى شكلها وزير الاستثمار هذه الفكرة من بعض الدول العربية مثل الكويت، حيث أسست صندوقا يحفظ حق أجيالها القادمة فى ثروتها من البترول, أما الاتجاه الثانى فقد تمثل فى فكرة وجود شركة قابضة لمراقبة عملية التوزيع وكذا الجهاز الإدارى الذى سيدير الصندوق فيما بعد, وقد تأثرت وزارة الاستثمار –هنا- ببعض دول جنوب شرق آسيا وتحديدا سنغافورة وماليزيا وبصورة عامة تولدت فكرة الملكية الشعبية فى الأساس من تجارب دول شرق أوروبا ومنها التشيك وبولندا وهى الدول التى وزعت شركات مملوكة للدولة على الشعب.
مع نهاية عام 2005 وبداية عام 2006 كان لدى وزير الاستثمار شبه تصور عن الفكرة أو ما يعرف ببرنامج توسيع قاعدة الملكية وبعدها عرض فكرته - بعد انتهاء دراسته المبدئية- على رئيس الوزراء وأعضاء المجموعة الاقتصادية من الوزراء, وانتهت السنة بتقديم تصور متكامل عن الفكرة إلى الرئيس مبارك والذى أبدى بعض ملاحظاته وتمثلت فى توفير الضمانات الكاملة لامتلاك الشعب للأصول.
(3)
مع بداية العام الماضى بدأت وزارة الاستثمار تتحرك عمليا وبخطوات واضحة ومحددة لترجمة الدراسات التى انتهت إليها فرق عملها وكذا ملاحظات رئيس الجمهورية, وكان من المتوقع الإعلان عن هذا البرنامج منتصف العام القادم إلا أنه حدث ما جعل التبكير بالإعلان عن البرنامج مطلبا ملحا... فما الذى حدث؟
1-حالة من السخط الشعبى العام على أداء حكومة نظيف وعدم إحساس المواطن بأى تحسن فى أحواله رغم أحاديث الحكومة عن زيادة معدلات النمو إلى 7%, وظهرت أحاديث ترى أن عائد النمو يقع فى جيوب رجال الأعمال وبعض المنتفعين حول السلطة وداخلها.
2-حدوث حالة من التسريب إلى بعض الشخصيات السياسية والإعلامية ورغم أن هذا العدد لم يتجاوز أصابع اليدين، لكن كان هناك تخوف من حدوث بلبلة لو تم الإعلان عن البرنامج من قبل هؤلاء الأشخاص.
3-يرى البعض ممن سألتهم عن سبب الإعلان الآن من أنه تمهيد الأرض وفرش البساط تحت أقدام جديد قادم.
4-تلميحات رئاسية فى خطاب الرئيس فى المؤتمر السنوى للحزب الوطنى من العام الماضى استدعت أن يبادر الحزب بنفسه للإعلان قبل الآخرين.
5-الصورة السيئة التى ارتبطت فى أذهان الناس عن رجال الأعمال بالحزب الوطنى وآخرها ما حدث خلال هذا العام مثل قضايا العبارة وهايدلينا وسوزان تميم.. إلخ, كل ذلك استدعى تبييض وجه الحزب والحكومة أمام المواطنين.
6-حلول موعد المؤتمر السنوى للحزب الحاكم والذى انتهى منذ أيام دون الإعلان عن أخبار سارة للمواطنين, مما استلزم معه الإفصاح عن هذا البرنامج.
خلاصة القول أن الوقت لم يمهل الحزب الوطنى والحكومة من أجل إعداد برنامج توعية للمواطنين قبل الإعلان عن برنامج إدارة الأصول، وبالتالى أعلنت وزارة الاستثمار عن الفكرة ومشروعها بسرعة.
وقد نتج عن الإعلان السريع حدوث حالة من التخبط لدى وزارة الاستثمار ووزيرها الشاب، وظهر ذلك على سبيل المثال فيما يتعلق بإعلانه عن معاملة الصك مثل العملة والتى لا يستطيع صاحبها الحصول على بديل لها حال فقده إياها, وعندما أبدى بعض الحضور -فى مؤتمره الصحفى- اعتراضهم على ذلك, تراجع وأعلن أنه لن يتم معاملة الصك كالعملة.
(ملحوظة:الصك عبارة عن محفظة تضم مجموعة من الأوراق المالية مثل الأسهم المعروف قيمتها ومثل السندات ويمكن التداول على الصكوك فى بورصة الأوراق المالية أو خارج البورصة، وذلك من خلال إعلانات البنوك والمؤسسات المالية وشركات السمسرة والتى ترغب فى شراء هذه الصكوك.. انتهت الملحوظة).
ونظرا للإعلان السريع عن الفكرة فقد فشلت وزارة الاستثمار إعلاميا فى الترويج للبرنامج حيث لم يفهم الجمهور المستهدف وهو جميع أفراد الشعب المصرى شيئا، مما قيل وطرح حتى الآن, فالمتداول لدى بسطاء المواطنين هو أن الحكومة ستوزع عليهم نقودا عبارة عن بضعة مئات من الجنيهات لكل فرد, كما أن بعض المثقفين غير المتخصصين وكذا بعض الشخصيات الإعلامية القيادية لم تستوعب الموضوع حتى الآن رغم أهمية هذه الفئة فى الترويج لمثل هذه الفكرة وتبسيطها للرأى العام.
(4)
لعل جوهر ما أعلنه وزير الاستثمار الأحد الماضى هو تملك المواطنين (مجانا!!) لمحفظة أسهم, وهذا للأسف غير حقيقى بل يمكن وصفه بأنه فرقعة إعلامية فى محاولة كسب تأييد جماهيرى، فالواقع ينفى المجانية عن هذه الأسهم، حيث ستحصل الحكومة على مقابل لها، وذلك عند بيعها أول مرة فى البورصة تحت مسمى خادع اسمه (رسوم) وهذه الرسوم يقدرها بعض الخبراء ب 15% من قيمة الصك فور طرحه للبيع.
وحتى تعرف حجم العائد الذى ستحصل عليه الحكومة فى هذه الحالة فإنه يتوجب علينا أولا تقدير متوسط نصيب المواطن من هذا البرنامج, أى معرفة القيمة المالية لجميع الصكوك الموزعة على المواطنين, وحسبما نشرت صحيفة الأخبار فإنها تصل إلى ألف جنيه, فإذا قمنا بحساب عدد المستفيدين من هذا البرنامج مثلما أعلن د.محمود محيى الدين بأنهم 41 مليون مواطن فإن إجمالى القيمة المالية لهذه الأسهم ستدور حول رقم 40 مليار جنيه, وإذا فرضت الحكومة نسبة 15% كرسوم يتم تحصيلها حال بيعها فإنه من المتوقع أن تبلغ حصيلة الخزانة العامة ما يقرب من 6 مليارات جنيه مما ينفى المجانية عن الفكرة.
(ملحوظة: هذا الرقم لا يدخل فيه حساب الرسوم على عائد بيع حصة الأجيال القادمة بعد عمر طويل لى ولك وللحكومة... انتهت الملحوظة).
ولم يخل الأمر فور إعلان وزير الاستثمار عن البرنامج فى مؤتمر صحفى من بعض الاستفسارات:
1-لماذا كان إعلان تفاصيل المشروع من نصيب د.محمود محيى الدين وإذا كانت حجة البعض أنه الوزير المسئول فإن برنامجا ضخما بهذا الحجم كان يستلزم أن يتم الإعلان عنه من مجلس الوزراء وعلى لسان رئيس الحكومة.
2-ما الصفة التى حضر بها أمين السياسات بالحزب الوطنى مؤتمر الإعلان عن البرنامج, وقد حاولنا أن نجد سببا لحضوره المؤتمر الصحفى الذى أعلن فيه وزير الاستثمار تفاصيل الفكرة...لكن فشلنا.
ورغم الضجة المصاحبة للفكرة فإن هناك عددا من التحفظات حول تفاصيلها والتى نأمل من الدكتور محمود محيى الدين الرد عليها:
1-أول ملحوظة هنا تتعلق بعملية بيع المواطنين – أنفسهم– للصكوك التى يملكونها, فما الذى نتوقعه من بسطاء وفقراء هذا الشعب والذين يمثلون الأغلبية العظمى حال امتلاكهم لهذه المحفظة.. المؤكد: أنهم سيتدافعون لبيع محفظتهم من الأسهم فورا, وإذا افترضنا أن نسبة البائعين ستشكل نسبة 75% من عدد المستفيدين من المشروع (41مليون), فلنا أن نتخيل قيام 30 مليون مواطن ببيع هذه الصكوك دفعة واحدة، مما سينتج عنه تراجعا فى القيمة المالية لأسعار هذه الصكوك اتباعا لقاعدة العرض والطلب.
2-البيع: من المتوقع ومع بدء تداول الصكوك بين المواطنين ورغبتهم فى البيع أن تظهر طبقة من السماسرة الجدد والتى ستحاول الاستفادة من هذا المشروع عبر نصب شباكها للتحايل على المواطنين البسطاء بأن تشترى محافظهم فور امتلاكهم لها بقيمة متدنية استغلالا للجهل والفقر وحاجة الغالبية لتسييل المحفظة... فكيف ستعالج الحكومة ذلك, مما يتطلب معه إيجاد آلية محترمة أو جهة ما تتولى شراء هذه الصكوك دون تعرض المصريين للنصب.
3-التسعير: كيف سيتم تقييم سعر الأسهم التى سيتم توزيعها على المواطنين فهل سيكون بالقيمة الاسمية للسهم أما بقيمته الفعلية الآن فى السوق أم بالقيمة الدفترية, وبأى سعر سوف تبيع الحكومة للمواطن ولنضرب مثالا على ذلك للتبسيط:
إذا افترضنا أن القيمة الاسمية لسهم الشركة (س) هو خمسة جنيهات ساعة تأسيسها, وكلما تحققت أرباح تم توزيعها على عدد الأسهم وتسجيل ذلك فى الدفاتر وهو ما يعرف بالقيمة الدفترية, أما القيمة السوقية فالمقصود به هو قيمة سهم ما وقت تداوله.
إذن نحن أمام ثلاثة أسعار لسهم واحد، ومن ثم علينا أن نستوضح من وزير الاستثمار بأى سعر سوف تبيع الحكومة السهم للمواطن.
4-سعى وزير الاستثمار من أجل ترويج الفكرة إلى حشد فريق من المعاونين يضم بعض الصحفيين، بل وبعض الفنانين وكان منهم الفنان هانى رمزى بطل فيلم (عايز حقى), فما هى المعايير التى تحكم تشكيل مثل هذا الفريق؟ وهل سيكون عملهم مجانا ولوجه الوطن والمواطن أم سيتقاضون أموالا، وتقتضى الشفافية هنا الإعلان عن أسماء هذا الفريق ومكافآتهم وقبل ذلك كله طبيعة عمل كل واحد منهم؟
5-فى المؤتمر الصحفى أبدى بعض الصحفيين مخاوفهم من احتكار البعض نسب كبيرة من هذه الصكوك عند تداولها، وبالتالى يمكن أن يشكلوا نسبة حاكمة فى أى شركة, وعند ذلك أعلن وزير الاستثمار بأن الحكومة ستصدر ما ينظم هذه العملية ويحول دون سيطرة أى مشتر على حصة تزيد عن 5% من أسهم أى شركة.
ومع احترامنا لما قاله معالى الوزير فإنه ومن خلال خبرات سابقة يمكن أن نتوقع تحايلا والتفافا على هذا المنع بأن يشترى رجل أعمال نسبة ال5% ثم تفعل زوجته ذلك وتشترى 5%، وكذلك شقيقه 5% وباقى أفراد أسرته وهكذا دواليك, وبالتالى تقع الحصة الحاكمة للشركة فى أيدى أسرة بعينها, خاصة إذا علمنا أن برنامجا توسيع قاعدة الملكية يتحدث عن تملك المصريين لأسهم 86 شركة، وتحتفظ الدولة بنسب متفاوتة فى كل منها, لكن وجه الخطورة هنا هو فى الشركات التى تمتلك الدولة نسبة غير حاكمة فيها أى التى لا تسمح لها بالإدارة وتتراوح هذه النسبة بين 33% و49%، وذلك فى 45 شركة على وجه التحديد, مما يعنى أنه فى أى وقت يمكن للحكومة أن تبيع حصتها فى هذه الشركات (ال45) دون أن يلومها أحد، لأنها هنا تمثل الأقلية بحكم نسبة أسهمها التى تملكها ويمكن لهذا المشترى بعد شراء حصة الحكومة أن يستكمل باقى النسبة التى تمكنه من إدارة الشركة من البورصة أو عبر إعلان فى الصحف.
مما يعنى وباختصار أن هناك 45 شركة مرشحة لما يعرف بالاستحواذ العدائى والذى يسمح لمستثمر ما أن يشترى ما يوازى 51% أو ما يزيد من أسهم شركة ما فى السوق حتى يتمكن من الإدارة.
لكن السؤال:ما طبيعة عمل هذه الشركات ال45 والمعرضة لأن يشتريها مستثمر واحد، وهل احتكار نشاط هذه الشركات يشكل خطورة ما على مصالح المواطنين؟.
مما يستدعى انتباه الحكومة أو مجلس الشعب أثناء صياغة التشريعات المنظمة لبرنامج توسيع قاعدة الملكية.
(5)
حسب تصريحات المسئولين عن البرنامج فإن الهدف من امتلاك المواطن لهذه الأسهم هو خلق حالة من الرضا لدى الشعب وإشعاره بأنه مشارك فى تنمية هذا البلد وأن عائدها المادى سيئول إليه, ولذا كانت فكرة امتلاك الأصول, وإذا سلمنا بوجاهة هذا الطرح فإننا نسأل وزير الاستثمار: لماذا منعتم إذن امتلاك المصريين لأسهم فى شركات رابحة فعلا وتدر عوائد مالية ضخمة كل عام ولا تخسر مطلقا ومنها على سبيل المثال شركات قناة السويس والغاز والبترول والموانئ والمطارات وهذه تشكل ثروات الشعب الحقيقية, خاصة إذا كان هدف الحكومة نبيلا وهو امتلاك الشعب لأصوله؟.
ولماذا كانت الأسهم المجانية الموزعة على كل مواطن تشمل مصانع وشركات ذات ربحية متدنية للغاية، بسبب طبيعة نشاطها والذى ينحصر فى التشييد والصناعات المعدنية والتأمين والأغذية والتصنيع الزراعى والكيماويات والهندسة.
إلا أن رد الوزير على هذه الكرة كان مفاجئا فأكد أنه يتصرف فى الأصول الخاضعة لوزارته ولا نعرف :هل إصرار الوزير على تبعية المحفظة لشركات تقع تحت إشراف وزارته كان هدفه هو احتكار معالى الوزير للفكرة وتطبيقها حتى لا تخرج من تحت يديه، أم أنه قد كشف بهذا التصريح عن عدم وجود أى تنسيق حكومى حتى فى مثل برنامج كبير مثل المعروض الآن؟.
وبعد أن عرفنا من هم الملاك الجدد أو حاملو هذه الأسهم وهم المواطنون فإنه يستلزم بالتبعية طالما كان هناك بائعا لهذه الصكوك فلابد أن يقابله مشتر... فمن هم المشترون الذين سيسعون إلى شراء هذه الصكوك؟.
من المتوقع ألا يخرج هؤلاء المشترون عن الجهات التالية دون ترتيب:
1-بنوك الاستثمار: وهى عبارة عن مؤسسات تمارس أنشطة استثمارية مثل إجراء البحوث وإجراء عملية الاكتتاب للشركات وتقوم بعمليات الضمان والاستشارات المالية وعمليات التغطية, لكنها تختلف عن البنوك الأخرى التى يتعامل معها المواطن فى أنها لا تقبل ودائع ولا تمنح قروضا, ومن أشهر أسماء هذه البنوك الاستثمارية فى مصر هو بنك هيرمس وكذلك بلتون.
2-كبار رجال الأعمال: وهم الفئة الأولى المرشحة لشراء هذه الصكوك خاصة الذين يمتلكون كيانات اقتصادية كبيرة ويتمتعون بنفوذ كبير داخل السوق والدولة, وتتمتع أنشطتهم بعمالة كثيفة ومن ثم ستتم مساومة هذه العمالة على صكوكها هى وأقاربها وشرائها إما بثمن بخس نتيجة جهل العامل أو بثمن معقول وفى كلتا الحالتين سيحتكر رجل الأعمال حصة كبيرة من هذه الصكوك.
ونذكر هنا أنه مع بدء طرح الاكتتاب فى شركة المصرية للاتصالات قام أحد أكبر رجال الأعمال فى مصر بتسجيل أسماء جميع العاملين لديه فى البورصة واشترى الأسهم بأسمائهم ثم قام ببيعها مع بدء التداول وقد حقق أرباحا رأسمالية ضخمة, والقصة بتفاصيلها يعرفها مجتمع المال والبيزنس فى مصر وتعلمها كذلك الحكومة، لكنها لا تستطيع أن تفعل شيئا, رغم أن ما فعله رجل الأعمال فى المصرية للاتصالات هو نموذج قابل للتكرار فى مسألة الصكوك وأن احتمالية التلاعب فى مرحلة شراء والاستحواذ على الصكوك واردة.
3-مستثمرون أجانب: عادة لا يظهر رأس المال الأجنبى فى أى سوق إلا بعد ظهور قرينه المحلى حتى يطمئن على أمواله واستثماراته وفى هذه الحالة سيكون المستثمر الأجنبى لاحق فى عملية شراء الصكوك, إلا أنه إذا تم بيع الصكوك للمواطنين بقيمة أقل من قيمتها السوقية ففى هذه الحالة من المتوقع دخول المستثمر الأجنبى بقوة ومن اللحظة الأولى للشراء، لأن ربحيته ستكون مؤكدة.
(6)
أخشى ما أخشاه هو أن تعتقد الحكومة وقيادات الحزب الوطنى بأنها بهذا البرنامج يمكنها أن تنال رضا الشعب، وفى تقديرى أنهم حينها سيكونون واهمين، حيث إن حدود رضا المصريين أعلى من فكرة الملكية الشعبية, وإذا كانت الحكومة بهذه الفكرة قد سعت فى رمى كرة الخصخصة فى ملعب الشعب, فلماذا لم تفعل ذلك منذ بداية تنفيذ برنامج الخصخصة عندما تم بيع شركات رابحة على أنها خاسرة أو تم بيعها بأقل من سعرها السوقى الحقيقى.
سؤال برىء: لماذا لم تطرح الحكومة هذا البرنامج على الشعب منذ فترة للنقاش حوله عبر المنتديات والأحزاب ووسائل الإعلام واكتفت بالإعلان عن خطوات تنفيذيه له والسلام دون الاستعانة بآراء واجتهادات النخب المصرية؟
الإجابة: اسأل محمود محيى الدين وجمال مبارك.
موضوعات متعلقة..
محمد على خير يكتب: الطريق إلى قصر العروبة (الحلقة الأولى)
محمد على خير يكتب: الطريق إلى قصر العروبة (الحلقة الثانية)
محمد على خير يكتب: الطريق إلى قصر العروبة (الحلقة الثالثة)
محمد على خير يكتب: الطريق إلى قصر العروبة (الحلقة الرابعة)
محمد على خير يكتب: قصة رئيس مصر القادم والقوى السياسية المؤثرة فى اختياره (الحلقة الخامسة)
محمد على خير يكتب: الطريق إلى قصر العروبة (الحلقة السادسة)
محمد على خير يكتب: الطريق إلى قصر العروبة (الحلقة السابعة)
محمد على خير يكتب: الطريق إلى قصر العروبة (الحلقة الثامنة)
محمد على خير يكتب: الطريق إلى قصر العروبة (الحلقة التاسعة)
محمد على خير يكتب: الطريق إلى قصر العروبة (الحلقة العاشرة)
محمد على خير يكتب: الطريق إلى قصر العروبة (الحلقة الحادية عشر)
محمد على خير يكتب: قصة رئيس مصر القادم والقوى السياسية المؤثرة فى اختياره (الحلقة الثانية عشر)
محمد على خير يكتب: ملاحظات مهمة حول بيان النائب العام فى قضية سوزان تميم..
محمد على خير يكتب: فى حريق الشورى حضر رئيس الجمهورية والوزراء وفى كارثة المقطم حضر محافظ القاهرة فقط
محمد على خير يكتب: لماذا رفعت الحكومة يدها عن دعم أكبر رجل أعمال فى مصر؟
محمد على خير يكتب: لماذا يمسك رشيد منتصف العصا فى قضية احتكار الحديد؟
محمد على خير يكتب: دولة جمال مبارك التى رحل عنها (عز)
محمد على خير يكتب: 3 سيناريوهات تحدد مصير مجموعة طلعت مصطفى إذا تمت إدانة هشام
محمد على خير يكتب: عمليات شراء واسعة لأراضى طريق مصر إسكندرية الصحراوى
محمد على خير يكتب: قصة رئيس مصر القادم والقوى السياسية المؤثرة فى اختياره (الحلقة الخامسة)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.