سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
خبراء نفسيون وسياسيون يجيبون على سؤال: كيف يعود شباب الإخوان غير المتورط فى العنف إلى حضن المجتمع مرة أخرى؟.. ويؤكدون: شباب الجماعة يعانى "الضلال السياسى".. و"الأزهر" أفضل طرق العلاج
حالة من العزلة يعيشها أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وأنصارهم، بعد أن وقفوا أمام إرادة المصريين وتحدوا ثورتهم، بل وصل الأمر للهتاف ضد الشعب واعتباره السبب، فى قتل ضحايا الجماعة لإعطائه تفويض للفريق السيسى بمواجهة الإرهاب، وفى ظل حالة العنف التى تشهدها البلاد وما شهدته محافظاتها من حرق للكنائس والأقسام، اعتبر الشعب الجماعة وأعضاءها وأنصارها فى حالة عداء معه، ولذا يبقى سؤال كيف يعود شباب وأعضاء الإخوان الذين لم يمارسوا العنف إلى حضن المجتمع المصرى مرة أخرى؟. يقول الدكتور أحمد عكاشة رئيس الجمعية المصرية للطب النفسى والرئيس الفخرى لاتحاد الأطباء العرب، فى تصريحات خاصة ل"اليوم السابع"، إن جماعة الإخوان المسلمين فى حالة انهيار وتفكك، وأن السلوك الحالى للجماعة هو سلوك إنسان يحتضر، بسبب الصدمة التى تعرضوا لها فى الموجة الثانية من ثورة يناير فى 30 يونيو ، وتوقف حلمهم الذى كانوا يعيشوا من أجلة منذ خمسة وثمانين عاماً . وأضاف عكاشة أن الإخوان يعانون أيضاً من مرض نفسى يسمى "عقدة الماسادا"، موضحاً أن أصل هذه الكلمة يرجع إلى قصة حقيقية، حيث إن مجموعة من "اليهود الثوريين المتطرفين"، هربوا من الرومان وذهبوا إلى جبل "الماسادا" فى البحر الميت، وبنوا لأنفسهم قاعدة هناك هروباً من الرومان، ثم تم محاصرتهم من الرومان لمدة شهر، وكان عددهم حوالى 1000 مواطن، فوجدوا أنة لا فائدة من وجودهم ولن يستسلموا للهزيمة، ولن يقبلوا أن يكونوا أسرى للرومان، ولن يكون أمامهم حسب فكرهم العقائدي سوى الانتحار، ومن ثم أصبح كل فرد يقتل منهم 9 أفراد ثم ينتحر وقتلوا الحيوانات والأطفال ولم يبق منهم أحد . وتابع: "عندما دخل الرومان ووجدوهم انتحروا، فسموا ما حدث بعقدة الماسادا"، مشيراً إلى أن هذا بالفعل ما يعانى منة جماعة الإخوان وأنصارهم، حيث إنهم عندما كانوا فى "رابعة والنهضة " كانوا يروا أنهم يواجهوا مجتمع كافر، ويرون أن الشهادة أفضل من الاستسلام، ولذا لن يعترفوا بالخطأ، وذلك يعتبر انتحار جمعى، كما أنهم يعانوا من حالة ضلال سياسى ودينى يجعلهم يستمتعوا بالشهادة، والوقوف فى موقف المقاومة فهم وصلوا لحالة إنكار تامة لما يحدث حتى يمكن إنقاذ ما بقى من كرامتهم. واستطرد عكاشة: نحن فى الطب النفسى نعرف الضلال بأنة اعتقاد أو فكر خاطئ لا يمكن إقناع المريض بعدم صدقة، ولا يمكن الحوار معه ويوجد أمثلة من الضلال مثل مرض الإحساس بالعظمة وشعور الإنسان وكأنه أقوى وأذكى إنسان فى العالم، وكذلك يوجد ضلال دينى، فيرى أعضاء الإخوان أنهم على حق وباقى مسلمى العالم لا يفهمون الإسلام، وبما أنهم قطبيون فالفكرة التى لديهم هى أن المجتمع المصرى فى عصر الجاهلية والمصريين كفار، ويجب الاستعلاء عليهم ومحاولة تقويمهم بأى طريقة، حتى ولو بالعنف فعندما تناقشهم ومنهم المتعلمين فتصل فى نهاية الأمر أن قتل الكفار من الشعب المصرى نصرة للإسلام . واستكمل رئيس الجمعية المصرية للطب النفسي: إن الضلال يؤدى للغياب العقلي، وفى الطب يسمى ب"الهزيان" أى يكون الإنسان مغيباً عن الوعى، أو مشوش ويتميز سلوكه بالعدوان ويتبع إلى حد كبير غريزة القطيع دون وعى، وقد تكون هذه الأمراض النفسية كالسرطان فى المجتمع، مشدداً على أنه لابد من استئصاله وتجفيف منبع انتشاره، مضيفاً: وقد يرى أننا بدأنا باستئصاله عند مقاومتهم وخاصة فض "الاعتصامات المسلحة "، مشيراً إلى أن اعتقال من لم يشارك فى أعمال قتل أو عنف يزيد من العند ويزيد من المرض . وشدد عكاشة على أنه لابد من تقويم من لم يشارك منهم فى أى عنف من خلال دعوة الفريق السيسى الذى طلب فيها من الأزهر بعمل خطط تحض على الدين الصحيح، وذلك من خلال نشر 52 خطبة على خطباء المساجد، موضحاً أن ذلك لا يكفى، حيث قال: إننا نريد استرداد باقى المساجد فى كل شبر بمصر وفى الأرياف والقرى، حيث إنه يوجد بمصر30 % أميين، يعتمدوا بشكل أساسى على خطبة الجامع ومتابعة الشيوخ فى الفضائيات، ولذلك لابد من المقاومة من خلال الحض على الدين الصحيح فى جميع المساجد وفى الإعلام والتعليم . وأكد رئيس الجمعية المصرية للطب النفسى، أن المنظومة الفكرية الخاطئة لا تتغير بالعنف أو الاعتقال بل بمنظومة فكرية بديلة، لافتاً إلى أن أعضاء جماعة الإخوان وأنصارهم كانوا فى حالة عزلة حقيقية أثناء وجودهم فى الاعتصام حتى فى حياتهم اليومية، حيث إنهم لا يرون إلا قناة الجزيرة ولا يسمعوا ألا خطب مشايخهم، وهذا أحد أهم الأشياء التى تجعلهم لا يسمعون إلا لأنفسهم – بحسب قوله، مشيراً إلى أن الذى كان يفعل مثل هذه الأشياء أيضاً الجماعات الإرهابية التى كانت تستخدم أنصارها فى الانتحار، حيث يدربون الذى سينتحر لمدة ثلاثة شهور، ويمنعون عنه مشاهدة التليفزيون أو قراءة الصحف حتى لا يؤثر أى منهم فيه. ويرى عكاشة أن قيادات الجماعة لن يفيد معهم أى تصالح، وأنه لابد أن يكون هناك طريقة لإعادة اندماج شباب الإخوان مرة أخرى، من خلال تغيير المنظومة الفكرية، مشدداً على أن ذلك يكون من خلال خطبة الجمعة والإعلام والتعليم والقضاء على الفقر والجهل . وفى نفس السياق، قال عمار على حسن، أستاذ علم الاجتماع السياسى إن الإخوان المسلمين توهموا منذ البداية إن تصويت الشعب المصرى، لهم كان اختياراً لمشروعهم الإسلامى الذى استغلوه لحصد الأصوات، ولكنه فى حقيقة الأمر خالٍ تماماً من أى حل لمشاكل المواطنين الاقتصادية أو الاجتماعية، وما هو إلا مجرد شعار عام لتعاطف المواطنين معهم . وأضاف حسن، أن الحقيقة فى هذا الاختيار كان لثلاثة أسباب أولهما تصور البعض إن لديهم مشروع متكامل للتنمية، والسبب الثانى فشل نظام مبارك وإيمان المواطنين بأن الإخوان فصيل منظم سوف يتقى الله ويخلصهم من الفساد، والسبب الثالث تحالف الإخوان لمدة عام ونصف العام مع المجلس العسكرى وحديثهم عن الاستقرار ودوران عجلة الإنتاج مما جعل كثير من المصريين يصفهم بأنهم قوة مسئولة وتقف بجانب الجيش المصرى، الذى يسكن فى قلب المصريين الوطنيين وتحافظ على كيان الدولة . واستكمل أستاذ علم الاجتماع السياسى، أن المصريين اكتشفوا سريعاً تحايل جماعة الإخوان عليهم، وأنهم بلا أى مشروع تنموى، ودخول الإخوان سريعاً فى الفساد الإدارى ومعاداة كل فئات المجتمع وسلطات الدولة، مما جعل المواطنون ثارت عليهم وأسقطتهم، واعتبروا أن مشروع الإخوان ليس له علاقة بالإسلام، مما جعل الإخوان يعادون الشعب ويلومونه على ثورته . وأوضح حسن، أن الإخوان فقدوا مفكريهم المعتدلين أمثال كمال الهلباوي وثروت الخرباوى – بحسب قوله، وأصبحت مرجعياتهم قطبية معتمدة على كتب سيد قطب شديدة التعصب، والتى كانت تصف المصريين بأنهم يعيشوا فى عصور الجاهلية، مما أدى لهذه الحالة من الاغتراب بينهم وبين الشعب، وتكفير المواطنين لمجرد أنهم قاموا بثورة فى ظن شبابهم ومناصريهم أنها انقلاب ضد الإسلام . واستطرد: الآن شباب الإخوان وبعض الأعضاء التى لم تلوث يدهم فى الدماء والعنف يعيشون فى حالة عزلة عن المجتمع، مما قد تجعل كثيراً منهم يلجأ للعنف، ولذا وجب على المجتمع المدنى والمثقفين والأحزاب أن يتدخلوا سريعاً، ويتواصلوا معهم، ويؤكدوا لهم أن قياداتهم التى أخطأت فى حق مصر وليس الشعب من أخطأ، ويحاولوا أن يدمجوهم مرة أخرى فى خارطة الطريق، حتى نستطيع أن نعيش جميعاً كنسيج واحد، كما أنه لابد من حدوث ثورة ثقافية والعمل على حل مشاكل المصريين، لكى نستطيع أن نقضى على هذه السموم والأمراض المستوطنة فى المجتمع المصرى . من جانبه، اعتبر الدكتور رفعت السعيد، رئيس المجلس الاستشارى بحزب التجمع، أن دعوة البعض للتصالح مع الإخوان المسلمين قد تكون فى شكلها براق، ولكن فى حقيقتها تحايل واضح خاصة إن الإخوان قاموا بجرائم كبيرة فى حق مصر، مشيراً إلى إن البعض يردد الإفراج عن من لم يقم بجرائم غليظة. وأكد السعيد أن القانون لا يوجد به "جرائم غليظة أو جرائم رفيعة"، لكن الحقيقة إن هؤلاء يريدون مصالحة لإرضاء "أمريكا وأوروبا" وحزبين آخرين يريدان التصالح لإجراء ترتيبات انتخابية فى تحالف انتخابى مع حزبى الوطن والنور والإخوان ظناً منهم إن ذلك مكسب كبير، ولكن الحقيقة أنها خسارة فادحة. وأضاف رئيس المجلس الاستشارى بحزب التجمع، أن البعض يقول إن الخطأ فى القيادات، وأن الشباب برئ ويجب أن نتصالح معه ونبعده عن حالة الاغتراب والعزلة التى يعيش فيها، ولكن الحقيقة عكس ذلك حيث إنه فى الفلسفة هناك كلمة اسمها "المسبب" وهو الذى لا يتحقق السبب بدون وجودة، موضحاً أن هذا يعنى إن كان هناك جرائم وقتل وإرهاب إذاً من المسبب، مستطرداً: هو بالتأكيد من حرض وفعل ذلك من شباب وقيادات حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان . واستكمل السعيد: أما بالنسبة لمن لم يشارك فى القتل والتحريض سواء كانوا شباباً أو نساء أو كبار فسيشعرون أيضاً بالاغتراب، حتى ولو لم يساهموا فى أى إعمال عنف، وذلك لأنهم عندما وصلوا للسلطة ظنوا أنهم سيظلوا فيها لمدة خمسين سنة، ولكنهم فوجئوا بخروج الشعب المصرى ضدهم و"ركلهم بأرجله"، وكان أكثر وعياً ودهاءً منهم مما أحدث هذا الصدام وهذه الحالة من الاغتراب . وشدد السعيد على أعضاء الإخوان المسلمين الذين لم يشاركوا فى القتل والعنف والإرهاب واكتفوا بالهتافات البذيئة فى حق الجيش والشعب المصرى وتكفيره، أن يعتذروا علنا للناس إذا كانوا مؤمنين بالإسلام، مشيراً إلى أن الإسلام يشترط الاعتذار العلنى والتوبة التامة عن الفعل الخاطئ، لافتاً إلى أن هناك الكثير منهم يحتاج لتأهيل نفسى نظراً لتشوه أفكاره، وذلك يحتاج من جميع المؤسسات فى مصر التعليمية والثقافية وإلى آخره سرعة التدخل، لحماية أبناء شعبنا من هذه الأفكار المتعصبة والخطيرة والغريبة عن مصر.