كلمة (فول) هى كلمة مصرية قديمة، ومدمس كلمة (قبطية) معناها المطمور (المطبوخ تحت الأرض). إن أكل الفول كان وجبة مميزة فى مصر فى العصور الوسطى، وقد يكون الصواب فيما رواه ديودور الصقلى، من أن أكل الفول كان محرما على بعض المصريين.. أى على الكهنة والطبقة العليا، وقد يكون السبب فى هذا أن الفول من الأغذية عسرة الهضم، وأنه يفسد المعدة بما يثير فيها من الغازات.. ولم تكن زراعته (محرمة) فى مصر، فقد وجدت حبوب منه فى بعض قبور المصريين!. أما المصريون القدماء فكانوا يلعنون من يأكل الفول لأنه (يسطل) العقل، وللفول فوائد صحية كثيرة فهو يحتوى على فيتامين (A) الذى يقوى الشعر والجلد والعظام والأسنان، وأيضا فيتامين ( C) وهو مضاد للشيخوخة ويساعد على التئام الجروح كما يمنع الإصابة بالأزمات القلبية، ويقضى على ارتفاع نسبة الكولسترول فى الدم ويخفض نسبة واحد بالمائة من المواد التى تؤدى إلى تصلب الشرايين، ويعمل على خفض ضغط الدم ويحافظ على مستوى السكر وقشور الفول تكافح الإمساك، أن الفول المدمس يوفر للجسم نصف كمية الحديد التى يحتاجها يومياً. وتسعى شركات الأدوية العالمية الحصول على مادة (دوبا) من حبوب الفول وتقديمها للمرضى فى أقراص خاصة للذين لا يتناولون الفول المدمس فى وجباتهم التقليدية. ومن أين جاء الفول وانتشر فى مصر حتى صار طعاما نستسغيه جميعاً فى وجبة الإفطار، ويعتمد عليه كثير منا فى وجبة الغذاء والعشاء، لا أدرى.. ولعله جاء فى خلال الرحلات والغزوات والهجرات بين مصر والمشرق، وعندما كانت سيناء مخضرة بالخضر والبقول بما فيها الفول والعدس.. فقد قال سبحانه وتعالى فى القرآن الكريم: ( وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذى هو أدنى بالذى هو خير اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم). الفول أو (الفوم) ، والذى يعتبر من النباتات المباركة والتى جاء ذكرها فى القرآن الكريم، وكل تلك البقول هى من الأطعمة المفيدة والتى اعتمدت عليها البشرية منذ أن وعت عليها. ومن المهم أيضا أن نكافح مرض السكر بتناول المزيد من البقوليات، وعلى رأسها الفول المدمس والفاصوليا بأنواعها. لكن الفول المدمس له مكانة مقدسة فى رمضان ، فى مصر خاصة.. فهو يعتبر طبقاً شهياً على مائدة الإفطار والسحور خلال هذا الشهر الكريم. ولقد عشق المصريون أكل الفول المدمس وقد اشتهروا به وبإجادتهم فى صنعه والتنويع فيه وإعداده بمذاقات مختلفة، وتشتهر طرق طهوه وفقا لكل محافظة من المحافظات المصرية. كل عام وأنتم بخير، كما اسأل الله عز وجل لكم فى شهر رمضان حسنات تتكاثر، وذنوب تتناثر ونحن لا نقول أكثروا من الفول.
