لا تستهن بملابسك بعد اليوم، إذا ما عرفت أنها ليست مظهراً فحسب، وإنما هى دلالة واضحة تعكس نمط وسلوك الفرد وقناعاته فى ظل المجتمع الذى يعيش فيه، فسمات الفرد أول ما تظهر تنعكس فى اختياره لملابسه وألوانها وذلك بحسب المرحلة العمرية التى يمر بها. يؤكد الدكتور محمد حسن المساح استشارى الأمراض النفسية أن المرحلة العمرية باستثناء الثلاث سنوات الأولى للإنسان تدل على شخصية الفرد، ومن خلال اختيارات الملبس يمكن الحكم على هذه الشخصية ما إذا كانت قيادية أو انطوائية أو عنيدة أو غير ذلك. وبداية من سن 3 سنوات يبدأ الملبس يدل على نوع الشخصية للفرد، حيث الطفل القيادى يختار ملبسه بطريقة معينة كل يوم عن الذى يليه، ويستطيع أن ينوع فى اختياراته حسب كل مناسبة وذلك دون تدخل من الأم، أما الطفل العنيد فذلك يظهر من خلال تمسكه باختيار نفس الملابس كل يوم، وبالنسبة للطفل المسالم أو العادى فإنه يقبل أى ملبس دون اعتراض. وهذه السمات تظهر فى تعاملات الأطفال مع أقرانهم، فالطفل المسالم و"هو يمثل "القاعدة العريضة من أطفالنا" تراه هادئا مطيعا لنصائح والديه ومعلميه، بينما الطفل العنيد "وهو يمثل عددا متوسطا بين الأطفال" له تركيبة خاصة يثير العديد من المشاكل مع مدرسيه وتكون صداقاته "من نفس طبعه"،بينما الطفل القيادى "يمثل قلة بين أطفالنا" قليلا ما تجده، وهو زعيم بين أقرانه، وكل هذه الاختلافات فى الشخصية تنعكس فى اختيارات الملابس والألوان. أما مرحلة المراهقة وهى من سن 12 إلى 26 سنة" وتتضمن فترة المراهقة المتأخرة "تتسم فيها الملابس إلى حد كبير وكذلك تسريحة الشعر بتقليد المشاهير، ومعظم الشباب يقلد الفنانين الغربيين والخروج عن المألوف، وبصورة صارخة فى كل شىء، وفى ذلك دلالة على الرفض الداخلى لدى هؤلاء الشباب واستنكارهم لتقاليد مجتمعهم وأخلاقياته، وفى هذا اللبس الخارج عن التقاليد والأعراف دلالة على فقدان الهوية، ويعكس ذلك الآمر مدى الكبت والاحتجاج على القيود التى فرضها المجتمع "وهذا من وجهة نظر هؤلاء الشباب". تتسم مرحلة النضج والتى تبدأ من سن23 إلى 45 سنة بالتدقيق فى اختيار الملابس خاصة ذات الألوان الهادئة والتى تميل إلى السكينة والدفء العاطفى، أما من يختار الألوان الفاتحة، الجذابة والحرة فيتسم تفكيره بالسطحية والرغبة فى لفت الانتباه. أما المرحلة العمرية من سن 45 : 65 سنة وهى مرحلة الشيخوخة فهى مرحلة إعادة الحسابات، "وإذا كان هناك بعض الناس يرفضون مواجهة أنفسهم بأخطائهم "، وعادة يعكس الملبس الخبرات التى اكتسابها الفرد وأيضا النوعيات المختلفة من المسئولية. وتتميز الشخصية الخجولة بارتداء الملابس بالمحتشمة واختيار الأذواق الكلاسيك والألوان الداكنة، لأنه لا يريد أن يكون محلا للنقد ويعكس مرحلته السنية فى جميع اختياراته، أما الشخصية المتوترة القلقة دائما فغالبا ما تتسم بالسرعة فى ارتداء الملابس وعدم إضاعة الوقت فى الاختيارات. وتتسم الشخصية المسيطرة "المتعاظمة" بتجاوزها الحدود فى اختياراتها، ولأنها خرجت من عباءة الشخصية العنيدة فهى لديها القدرة على الرد على أى نقد، بينما الشخصية الوسواسية فإنها ترتدى أنماطا تقليدية من الملبس ليس له ملامح مميزة معبرا عن سمات الشخصية السيمترية وتتمتع بالدقة، ودائما ما يكون الملبس إما "مقلم أو كاروه"، وهذه نمطية فى الأسلوب يتكرر دون مبرر منطقى، وهذا من طبيعة هذه الشخصية التى دائما تكرر أفعالها أو ألفاظها أثناء الحديث. وترتدى الشخصية الاكتئابية أو الحزينة ملابس غير لافتة للنظر، حيث لا تريد أن تكون محلا للتعليق، لذلك فإنها تختار ملابس ذات ألوان غامقة، بينما الشخصية البينية تتسم بحدة الطبع والمزاج المتقلب ولا تقف على منهج معين، فهى "مش عارفة هى عايزة إيه"، طوال الوقت تغير فى آرائها، وهى شخصية هوائية، وغالبا ما يتسم المشاهير بهذا المزاج "المودى" وتجدهم لا يبيحون بأسرارهم لأحد. وهناك مرحلة قد يمر بها الإنسان فى أية فترة من العمر وتسمى "مرحلة النكوص"، أى عدم اعتراف الفرد بانتقاله إلى مرحلة سنية أكبر، فهو يكره علامات الزمن، ولذلك فإنه يعيش فى السن الذى يود أن تظل فيه، يحاول أن يهرب من الواقع، مقنعا نفسه أنه لا يزال يتمتع بحيوية ونشاط المرحلة السابقة، وهذا يعد اضطرابا فى الشخصية، حيث عدم الاعتراف ببصمة الزمن وعدم الاستفادة من الخبرات المكتسبة. أما الأغلب من الناس فهم الذين يعيشون كل مرحلة بمتغيراتها و بخبراتها، لأن كل مرحلة لها حلاوتها التى لم يعشها الإنسان بعد.