بورسعيد مدينة الصمود والتحدى, صخرة الدفاع عن مصر, باعتبارها أهم الخطوط الدفاعية المتقدمة, منذ واجهت فى عام 1956 العدوان الثلاثى بقيادة إنجلتراوفرنسا وإسرائيل, واندلعت الأحداث بعد إعلان الرئيس جمال عبد الناصر جلاء القوات البريطانية عن مصر، ومساندتها الثورة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسى, لتسطر بورسعيد بطولات نادرة, لا يجود التاريخ بمثلها, ملحمة تجلت فى التحام المقاومة الشعبية مع الجيش والشرطة, ويكفى بورسعيد فخرًا أنها أسرت الضابط الإنجليزى "مور هاوس"؛ ابن عمة ملكة بريطانيا, فاهتز عرش إنجلترا.. بهذه الحقيقة يشير المؤرخ العسكرى أحمد عطية الله ل "فيتو "مسترجعًا من ذاكرة التاريخ قصة كفاح المدينة الحرة ضد الغزاة، فى بدء النصف الثانى من القرن الماضى, عندما تآمرت إنجلتراوفرنسا متخذة إسرائيل مخلب القط للمعركة, ولاكتمال سيناريو العدوان قامت اسرائيل بدفع قوة مظلات قوامها 395 فردًا مظليًّا بقيادة شارون - على بعد 40 كيلومترًا من القناة فى منطقة الممرات- فانتشرت فى المنطقة, ثم أرسلت مصر طائرات مقاتلة من طراز "ميج 15، 17" لإبادة هذه القوة, لكن إنجلتراوفرنسا أنذرتا مصر بأن تكون بعيدة بمسافة 50 كيلومترًا من هذه القوة الإسرائيلية، لكن عبد الناصر رفض هذا الإنذار, فاندلعت شرارة الحرب على مدينة بورسعيد. يضيف عطية الله: إن الدول الثلاث بدأت هجومًا مكثفًا بالقوات الجوية، ودمروا الطيران الرابض فى مطاراته، بعدما رفضت مصر اشتباكات جوية حفاظا على أرواح الطيارين, فى وقت كانت فيه حاملات الطيران البريطانية والفرنسية تقوم بعملية إنزال المظلليين فى بورسعيد عند منطقة "الجميل", وسطر أهلها ملحمة الصمود والفداء للدفاع عن المدينة بالأسلحة المتاحة, وساعدهم عبد الناصر بفتح مخازن سلاح الجيش, فتسلم الأهالى الأسلحة ببطاقاتهم الشخصية للدفاع عن المدينة, وأرسل قوات الصاعقة فى ملابس صيادين عن طريق المطرية، ومن دمياط عن طريق البحر, وكانت تقود هذه المجموعات خلايا المقاومة الشعبية من الأهالى داخل أراضى بورسعيد, وكان من أبرز قادتها البطل الشهيد إبراهيم الرفاعى, ومن أشهر عمليات هذه المجموعات تدمير تجمعات العدو المرابطة أمام مبنى المحافظة باستخدام سلاح ال"آر .بى. جى", فقد تم تدمير 9 دبابات بريطانية. يقول عطية الله: بعد تدمير هذه الدبابات جن جنون البريطانيين والفرنسيين, فقاموا بحصار المنطقة وتمشيطها بحثًا عن الفدائيين, فقد دخلت مجموعة من الفدائيين قسم شرطة بورسعيد, وارتدوا زى ضباط شرطة ومجندين, وتم وضع عدد منهم بحجز القسم للتمويه, ولتفويت الفرصة على الأعداء, وكانت عملية تدمير دبابات بريطانيا بقيادة البطل الرفاعى, وأثرت هذه العملية بدرجة كبيرة على معنويات الإنجليز والفرنسيين. ويشير عطية الله إلى أن أعمال المقاومة فى بورسعيد لم تستسلم أمام القوات الغازية التى هاجمت المدينة الحرة من الجو والبحر من مركز انطلاقها فى جزر قبرص ومالطا, بالإضافة إلى 5 حاملات طائرات بريطانية و2 فرنسية, وبلغ عدد الطائرات التى هاجمت المدينة الحرة فى منطقة القناة 30 سربًا, بمجموع 360 طائرة, من المقاتلات والمقاتلات القاذفة, بالإضافة إلى 19 سربًا من القاذفات وأفراد الإبرار الجوى والمهام الجوية, كما دفعت فرنسا بأسراب مقاتلة من طراز "ماستير" لتدعيم إسرائيل فى مواجهة القوات المصرية مع إسقاط جوى وإبرار بحرى من القوات الإنجليزية والفرنسية على بورسعيد. ويكشف عطية الله عن أعمال المقاومة الشعبية التى هزت عرش إنجلترا عندما أسرت ضابطًا بالقوات الإنجليزية يدعى "مور هاوس" هو ابن عمة ملكة بريطانيا الذى كان من الأسباب - مع غيرها - للتنديد بهذا العدوان, بعد تكبده تضحيات نتيجة الأعمال الفدائية التى حولت بورسعيد إلى قلعة تحطمت عليها آمال الغزاة, بجانب تنديد العالم بهذه القوة المستعمرة الغاشمة التى تنال من دولة حديثة الاستقلال, خرجت من شرنقة الإمبراطورية البريطانية، مما كان له أثر فى التعجيل بانسحاب القوات الغازية, وإعلان 23 ديسمبر من كل عام يومًا وطنيًّا للاحتفال بالعيد القومى لبورسعيد.