وقفت وراء نافذتى الزجاجية أراقب الجليد المتساقط وكأنه صغار الملائكة تهبط على أرضنا ناشرة للحب والسلام وأستمع إلى ضحكات الأطفال التى سلبتها منا الأيام وحولتها إلى مجرد رسومات ونقوش على وجوهنا ثم إلى دمعات حفرت خريطة من حزن على وجنتينا ما أروع بسمات الأطفال وهم يتقاذفون بالجليد وتعلو ضحكاتهم وصرخاتهم . إنه الشتاء ما أروع الطبيعة وهى تغير ثيابها من أجمل إلى أجمل وهاهى الكنيسة تبدو فى أجمل وأروع زينتها تودع عاما بابتسامة رضا وصفاء وتستقبل العام الجديد بابتسامة أمل مشرق تنير أنحاءها وتملأ أرجاءها ترنيمات كأنها شدو من أنشودة ملائكى رنمت على مهد المسيح وتدق أجارسها معلنة مولد شمس ل اتغيب كم أعشق أجراس الكنائس وهى تدق فى المساء وكأنها تستقبل المسيح والعذراء . وهاهما العشاق يملئون الطرقات كل اثنين تحت مظلة واحدة يختبئون من الجليد ومن الفراق رجعت إلى مقعدى الهزاز بجوار مدفأتى أرتشف من كوب الشاى الساخن وأنظر إلى البخار المتصاعد منه وأرسم بمخيلتى عالما من البهجة والنقاء وأحتضن بين أضلعى قلبى الحزين. ليتنى أقوى على مسح دمعاته فهذا أول شتاء بدونك حبيبى هذا أول عام أستنشق فيه رائحة الشتاء وحيدة شريدة كل ما أملكه من الحياة قلة قليلة من الذكريات الباهتة ولوحة وريشة أرسم وجهك بها كى لا أنساه ولكن وجهك يسكن عينىّ ولكنى أخشى من كثرة البكاء أن يغرق طيفك فى الأدمع فلا يرجع . أحببتك نبيا فصنعت لك من أضلع معبد كنت فيه أتعبد كنت لى وطناً فسكنت حناياك كنت لى روحا وغادرتنى فصرت جسدا بلا روح بلا قلب بلا نبض معبد بلا آلهة تعبد. صارت شاعرا بلا كلمات كاتبا بلا قلم قيثارة بلا أوتار لحنا بلا صوت سأذهب إلى شجر الكريسماس أعلق عليها أمنيتى أن تعود يوما مع الربيع وأن يأتى بك آذار إله الربيع وأن تهدينى أجمل وردة لكن بلا شوك علقت أمنياتى وتعلق معها ما بقى لى من آمال وبقايا إنسان ربما تتأخر فى العودة أو تعود فى الشتاء القادم وربما لا تجدنى قد أكون غادرت عالمك وغادرت دروب الأحياء لا تحزن وارفع عينيك سترانى أراقبك من أعالى السماء وأنتظر لقاءك من جديد خلف الغيوم وبعيدا عن الآفاق أما عن اليوم سأحتفل وحيدة لا بل أنا وذكراك وسأرتدى أجمل ثوب وسأضع أفخم عطر وسترتسم على شفتىّ بهجة الأطفال سأحتفل بعيد الميلاد وبعام جديد وسأستنشق رائحة الثلج ورائحة الشتاء سأقدم الهدايا لأحبائى أما هديتك أنت سازرعها بقلبى ربما تحققت أمنياتى وأتيت من جديد مع آذار ومع الربيع سأنتظرك يا وطنى وحبى الأوحد وأعلم أننا على وعد وعلى موعد.