تنحدر من أصول عسكرية.. وجدها أحمد عرابى غرست فينا الوطنية منذ نعومة أظافرنا بالقصص التي كانت ترويها.. وحولت المنزل إلى «ثكنة عسكرية» 4 من أبنائها التحقوا بالقوات المسلحة لخدمة الوطن.. وكانت لا تعترف بانضمام أبنائها سوى للكلية الحربية أم لأربعة أبناء في الخدمة وزوج وحفيد في وقت واحد. كيف تحملت هذه السيدة نار بعد أبنائها وزوجها ثم خبر استشهاد أحد الأبناء في المعارك وإصابة الآخر قصة صمود أم يرويها لنا ابنها الأوسط العميد نور الدين درويش أحد أبطال حرب أكتوبر وقائد سرية مدرعات أثناء الحرب. "درويش" أكد أن والدته تنحدر من أسرة عسكرية أبا عن جد، مشيرا إلى أنها حفيدة المناضل أحمد عرابي ووالدها اللواء فرج صدقي وجدها الأميرالاي إبراهيم باشا صبري ثم تزوجت من رجل عسكري اللواء محمد درويش. وأضاف: "أمي أرضعتنا الوطنية والانتماء وحب الوطن منذ نعومة أظافرنا بالقصص التي ترويها لنا عن الأمجاد العسكرية التي حققتها أسرتها العريقة وكانت لا تعترف بأي وظيفة أخرى لأبنائها إلا ضابط.. وإلى نص الحوار هل دفعت بكم للالتحاق بالكليات العسكرية؟ نعم كل إخوتي التحقوا بالكليات العسكرية صلاح وعز وعلاء وأنا بعدهم وابن أختي عادل عثمان، وأنا مثلا كنت من المتفوقين في الثانوية العامة وكان ترتيبي العاشر على محافظة القاهرة وقررت أن ألتحق بكلية الهندسة وبالفعل التحقت بهندسة عين شمس لمدة سنة ولكن تحت ضغط والدتي قمت بالتحويل للكلية الحربية لأنها تعتبر التحاق أحد أبنائها بكلية أخرى غير الحربية نوعا من أنواع الخلل والتخلي عن الرجولة والوطنية. كيف كان شعورها عند عودة أحدكم من ميدان المعركة بعد تحقيق بطولة؟ في الحقيقة هي كانت فخورة بنا جدا ولها ابتسامة شفافة عندما نروي لها قصة أي بطولة عاشها أحد منا ابتسامة رضا وفخر وفي نفس الوقت ترقبه من قلب أم ابنها عاد من الموت، والدتي كانت سيدة عظيمة لا تجد مثلها هذه الأيام لم نر دموعها أبدا برغم أنها من الداخل عاطفية جدا وضعيفة لكن معنا كانت صامدة مثل الصخرة كان المنزل ثكنة عسكرية لا يستطيع أحد التأخير، الأكل بمواعيد السهر بمواعيد كل هذا تعلمناه منها وهي أم الرجال ووالدي كان ضابطا مثلنا غير متواجد كثيرا بالمنزل. صف لي شخصيتها وكيف حلت محل الأب أثناء غيابه؟ كنا نخاف منها رغم أننا رجال ونعمل لكلامها ألف حساب حتى بعد أن تزوجنا وأصبح لنا بيوت فهي كانت الأم والأب والمعلم والصديق عندما يكون هناك أمر ما يشغل أحدا نسرع إليها ونستشيرها لأن شخصيتها قيادية، ولولا أن الجيش المصري لم يكن يقبل تجنيد السيدات أو دخولهن كليات عسكرية لأصبحت أمي قائدا يحتذي به في الجيش المصري من وطنيتها وعزتها وفخرها بالانتماء إلى مصر والإصرار على أن تكون مصر مرفوعة الراية دائما وسط كل دول العالم وأن أي احتلال أو عدوان عليها تدنيس لأقدس بلد في العالم هذا ما كانت تزرعه فينا. لذلك شارك والدي وإخوتي الثلاثة في كل الحروب المعاصرة منذ الحرب العالمية الثانية التي دارت على أرض مصر ثم حرب 48 و56 و67 والاستنزاف حتى نصر أكتوبر وكانت تدفعنا إلى الدفاع عن سيناء والأخذ بالثأر من الكيان الصهيوني الذي دنس بأقدامه أرض سيناء. أصعب موقف تعرضت له والدتك طوال فترة حياتها؟ دعونا نتفق أن الأم أم، مهما كانت قوة صبرها وتحملها وأصعب موقف كسر قلبها هو استشهاد أخي العقيد علاء في حرب أكتوبر لأول مرة في حياتي أري والدتي مكسورة وحزينة وكانت دائما سرحانة لدرجة أننا شعرنا أنها تفكر فيه أكثر منا لأن استشهاد أي واحد منا كان أمرا طبيعيا نحن في حالة حرب شرسة على الأرض وكلنا في ميدان المعركة ولكنني عرفت أن حزنها ليس على استشهاد أخي فقط ولكن لأنه ترك بنتا عمرها 3 سنوات وزوجته كانت حاملا في ابنه الثاني، وظلت حزينة على فقدان أخي حتى وفاتها لأنها أم. هل طلبت منكم الابتعاد عن الخدمة عقب استشهادأخيكم؟ إطلاقا بل كانت تحمسنا لمواصلة الحرب والثأر والنيل من العدو الذي قطف زهرة أبنائها ولكن شعورها في الحقيقة كان غريبا فهي تشعر بالحزن لسقوط الشهداء والأمل في عودة الأرض المحتلة والخوف على أبنائها من فقدان آخر في المعركة بالإضافة إلى نظرة الرجاء التي كنا نشعر بها منها بأن نحقق النصر ولكن بدون خسائر لأن قلبها لن يحتمل سقوط أحد آخر منا سواء أبي أو نحن الثلاثة أو حفيدها عادل، وأريد من خلالكم إرسال رسالة شكر لها لأنها فعلا السبب في بناء شخصيتي وأدين لها بكل الفضل لما وصلت إليه من نجاح سواء في عملي كضابط أو في واجبي كأب ربنا يرحمها إنشاء الله.