هنا «منى الأمير» قلب الحوامدية النابص بالقاصرات الجميلات.. هل الاسم على مسمي؟ أم أنه عنوان لتجارة «اللحم الأبيض» تحت ستار شرعى هو الزواج لدى بعض الأسر فى هذه القرية البائسة؟ فى قرية «منى الأمير» تجد زهرات فى الرابعة عشرة من اعمارهن يتم دهسهن بزواج من اجل المتعة والمال فى هذه السن الصغيرة بدلا من ان يكملن دراستهن ويلهين كزهرات بريئة والكارثة ان الجناة هم أهل الطفلة البريئة يزوجونها لثرى عربى يزيد عمره عن عمرها بنصف قرن.. يلهو الثرى باللعبة الصغيرة لايام.. يفض بكارتها.. ويقضى غرضه منها ثم يطردها من نار عبوديته الى جحيم آخر، حيث تحمل الفتاة الصغيرة لقب مطلقة .. ما أقسى هذا اللقب فى سن صغيرة؟! والأسوأ ان تحمل فى احشائها الصغيرة ثمرة العلاقة المحرمة والمجرمة حتى لو كان الزواج شرعياً! والمثير ان دستور الاخوان المرتقب سيجعل من «منى الأمير» شعاراً للمرحلة فهو لايحرم ولايجرِّم زواج القاصرات مستندا الى كتب فقهية منذ عشرة قرون تقول ب «المفاخدة» أو معاشرتها متى تحملت الصغيرة ذلك. ومع «منى الأمير» تتنافس بعض اسر قرى «منيل شيحة» و«المنوات» و«طموه» فى عرض الزهرات للبيع فى سوق كبير للنخاسة وتجارة الرقيق، هذه السوق لها سماسرة ووسطاء يقومون بفحص «البضاعة» وتثمينها تماما كلجنة الفرز والمعاينة. سيارات فارهة تهبط فى هذه القري.. يترجل منها خليجيون تفوح منهم روائح اغلى العطور، يتلقفهم السماسرة والمحامون ويطوفون بهم على بيوت محددة، يدخل الثرى العربى وسط ترحيب شديد، وحفاوة بالغة ف«جوال الفلوس» قد حضر وما هى الا لحظات يأتون له ببنات الدار يعاين الثرى البضائع ويتعرف على اسعارها، فما ان ينتقى واحدة منهن حتى تنطلق الزغاريد، ويجلس السمسار مع والد الفتاة والكهل- منتهى الصلاحية- للاتفاق على التفاصيل، هل الزواج بعقد شرعى أم عرفى أم مسيار؟ وما هى المدة المحددة؟ هل ثلاثة ايام أم ثلاثة أشهر؟ هل سيقيم الثرى فى القاهرة أم يصطحبها لبلاده بثيابه وعقالاته؟.. وتذهب الجارية الجديدة مع سيدها لا ترفع صوتها ولا عينيها فيه فقد قبض اهلها الثمن. رفعت محمد عثمان- من اهالى «منى الأمير» ويعمل مزارعاً- يرفض هذه التجارة ويصفها ببيع البنات ويقول: تزدهر هذه الكارثة فى الصيف، ففى موسم اجازات الخليجيين يأتون الى هنا ويتزوجون بقاصرات بشرط بكارتهن، والمأذون هو «رأس الأفعي» وذروة الفساد وهنا مجموعة من المحامين يعملون كسماسرة يعاونوه فى استخراج أوراق «مضروبة» وشهادات تسنين مزيفة لدرجة قيام السمسار بتكليف زوجته بمعاينة دقيقة لبنات الجيران ومعرفة تفاصيل تكتشفها المرأة بسهولة، وتخبر بها زوجها الذى يدونها فى مفكرة سرية حتى يأتى الزبون المرتقب. فى «منى الأمير».. التقيت «نوسة» وهى إمرأة اربعينية العمر تزوجت 21 مرة أولها كان فى الرابعة عشرة من عمرها والمثير ان جميع ازواجها خليجيون استقبلتني كوسيط قلت لها ان لي صديقا من الامارات يبحث عن عروس لايزيد عمرها عن 71 عاماً قطعت حوارنا طفلتها نادية ذات السبع سنوات قائلة: «نفسى ألبس فستان ابيض وأحط أحمر زى بنات خالتي». قلت ل«نوسة»: بصراحة فيه «مصلحة» ولم تقتنع بكلامي، قلت لها انا من سكان المعادى وصديقى الإماراتى فوضنى للبحث له عن عروس صغيرة فسألتنى عن أشهر السماسرة فى منطقتى فذكرت أسماءهم ولانها تعرفهم فقد صدقتنى وبدأت فى جلب البنات. قالت: هذه رانيا فتاة بكر عمرها 51 سنة سعرها 031 ألف جنيه للزواج الرسمى، وهذه هند عمرها 81 سنة وهى، مطلقة وسعرها 04 الف جنيه للزواج الرسمى، وهذه نادية وسعرها 051 ألف جنيه فهى بكر و«زى القمر» وشعرها يصل الى وسطها، قلت لها: سوف أبلغ صديقى الاماراتى بهذه التفاصيل واعود اليك بعد أسبوع من الآن. جلست فى مقهى «دبي» ب«منى الأمير» ينظر الزبائن لى بريبة شديدة طلبت شايا، وبينما كان الصبى يضع الكوب على المنضدة، سألته: من هؤلاء؟، همس لى: سماسرة زواج، وسرعان ما غادر. تقدم نحوى كبيرهم الذى علمهم السمسرة، وقال: الباشا يبقى مين؟ قلت عندى عريس خليجى اسعارك إيه؟ وصورهم فين؟ قال: نتعرف الأول؟ قلت اسمى اشرف واعمل محاسبا فى أبوظبى، وكفيلى يريد عروسا صغيرة وفوضنى فى الأمر واذا وجدت له طلبه سوف اتصل به أمامك وسوف يحدد موعدا للقائك. قال السمسار: محسوبك مرسى ونادى على النادل: ياقرني.. الشاى ده عندي. مرسى يحكى: الناس هنا فقيرة وانت عارف الزواج من خليجية بيتكلف حوالى مليون ريال، هنا نزوجه البنت ب051 ألف جنيه وطبعا السمسار «بيتراضي» وبنجيب للبنت شهادة «تسنين». قلت: ياحاج مرسي.. ياللا بينا نشوف بنات واتصل بصديقى ونخلص الموضوع. ذهبنا الى «عم فاروق» الذى كان يجلس فى مدخل القرية وعرض مرسى الامر عليه، يقول فاروق: نادية 12 عاما، وفاطمة 91 عاما تزوجتا من بحرينيين وبعد طلاقهما تقومان بتربية اولادهما وليس لدى بنات قاصرات. ووجه كلامه لى: «البنات هنا» فرخة تبيض ذهبا لاسرتها لكن المطلقة يكون سعرها رخيصا حتى لو كان عمرها 71 سنة لكنها تنتظر الزواج- مرة اخري- من خليجى ولكن مهرها يكون رخيصا لايتعدى 04 ألف جنيه. اصطحبنى السمسار لمنزل الحاج احمد سعيد، رحب بنا الرجل، وقال: شروطى صعبة يامرسي.. المهر 002 ألف جنيه، هدى عمرها 41 سنة ولا اريد تكرار مأساة اختها «نورهان» سألت الرجل: ماذا حدث لها؟ ناداها الحاج احمد فأقبلت نورهان واخذت تحكي: عمرى 71 سنة وتزوجت من ثرى خليجى عن طريق احد السماسرة فاصطحبنى لعمارة شاهقة ودخلنا شقة واسعة كالتى نراها فى مسلسلات التليفزيون فخرج الينا رجل تجاوز الستين من عمره فسلم عليّ وتفحصنى جيدا وابدى موافقته واعجابه، وقال للسمسار «زين القمر زين» ثم اعادنى السمسار لبيتى وتزوجنى «الرجل العجوز» واصطحبنى لبلده وهناك ذقت المرار والذل والاهانة وبعد ان حملت منه حجز لى تذكرة سفر وعدت الى اهلى بعد ان جردنى زوجى من بكارتى ومن مصاغى الذي كان قد أهداه اليّ. قال والدها: نصيبى 071 ألف جنيه والباقى حلال عليك انت والسمسار! ذهبت الى قرية «عرب أبوساعد» فى الصف والتى تشتهر بتزويج القاصرات من اثرياء عرب والبنات هناك اقل جمالا من بنات الحوامدية لكن لكل قاعدة شواذ. التقيت سمساراً فأخذ يشكو سوء الحال بعد ثورة 52 يناير قال: العرب يسافرون الى الحدود التركية فيتزوجون من بنات سوريا بعد هروبهن من مجازر بشار الاسد ولكن بعضهم يأتى الينا ويعرضون اسعارا تتراوح بين 04 الى 05 ألف جنيه بعد ان كان مهر البنت 051 ألف جنيه، وبالطبع نوافق وللاسف بعد زواج البنات الصغيرات بشهور قليلة يتم طلاقهن ويعدن بأجنة فى ارحامهن وبعد الولادة يتم نسب المولود الى احد اقاربها بهدف استخراج أوراقاً رسمية تحمى المولود من لقب «مجهول النسب» وبعض الازواج يحتفظون بالاطفال ويطردون الام المصرية من البلد العربى ويحرمونها من «ضناها» كما ان الامهات الصغيرات لايتحملن مسئولية تربية اطفالهن وغالبا يتم الطلاق لعدم التكافؤ فى العلاقة الحميمة فالزوجة شابة وزوجها بشعر أبيض وجسد مترهل.