وزير التنمية المحلية: 426 مليون جنيه إجمالي مبيعات مبادرة سند الخير خلال 100 أسبوع    تجديد تكليف مى فريد مديرًا تنفيذيًا للتأمين الصحى الشامل    المشاط تتابع مع البنك الدولي الانتهاء من برنامج تمويل سياسات التنمية لدعم الإصلاحات الهيكلية    الصين تتراجع مجددا إلى المرتبة الثانية كأهم شريك تجاري لألمانيا    إسرائيل لمحكمة العدل الدولية: ما يجري حرب مأساوية وليس إبادة جماعية    إعلام فلسطيني: غارات إسرائيلية تستهدف غرب مخيم النصيرات في قطاع غزة    الأهلي يعلن موعد مؤتمر كولر قبل مواجهة الترجي    الغربية.. 92 ألف طالب وطالبة يبدأون امتحانات الشهادة الإعدادية غدا    22 مليون جنيه.. الداخلية توجه ضربات لتجار العُملة خلال 24 ساعة    ضبط سلع غذائية غير مطابقة للمواصفات في القاهرة: تحرير 1197 محضرا    تاراتاتا تفتتح فعاليات مهرجان إيزيس لمسرح المرأة    بصورة نادرة.. شريف إدريس يحتفل بعيد ميلاد الزعيم    روسيا: مستعدون لتوسيع تقديم المساعدات الإنسانية لسكان غزة    الخارجية الروسية: لا نخطط للتدخل في الانتخابات الأمريكية    بعد افتتاحه رسميا.. نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد السيدة زينب رضي الله عنها    أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف العائم    غدا.. فتح متاحف الآثار للمصريين مجانا بمناسبة اليوم العالمي للمتاحف    أحمد السقا عن أصعب مشهد بفيلم «السرب»: قنبلة انفجرت حولي وخرجت سليم    بعد 3 أسابيع من إعلان استمراره.. برشلونة يرغب في إقالة تشافي    ليفربول يُعلن رحيل جويل ماتيب    تضامن الدقهلية تنظم ورشة عمل للتعريف بقانون حقوق كبار السن    الحبس والغرامة.. تعرف على عقوبات تسريب أسئلة الامتحانات وأجوبتها    سعر الدولار فى البنوك المصرية صباح الجمعة 17 مايو 2024    مصرع ربة منزل ونجليها في حادث دهس أسفل سيارة بعين شمس    دون إصابات.. تفاصيل نشوب حريق بقطعة أرض فضاء في العمرانية    وزيرة التخطيط تشارك بافتتاح النسخة الحادية عشر لقمة رايز أب    مصر تشارك بأكبر معرض في العالم متخصص بتكنولوجيا المياه والصرف الصحي بألمانيا "IFAT 2024" (صور)    مواعيد مباريات الجمعة 17 مايو.. القمة في كرة اليد ودربي الرياض    تأهل هانيا الحمامي لنصف نهائي بطولة العالم للإسكواش    وفاة أحمد نوير مراسل قنوات بين سبورت.. موعد ومكان الجنازة    طارق الشناوي ل «معكم منى الشاذلي»: جدي شيخ الأزهر الأسبق    دعاء يوم الجمعة المستجاب.. «اللهمَّ اجعل خير أعمالنا خواتمها، وخير أعمارنا أواخرها» ردده الآن    انطلاق قافلة جامعة المنصورة المتكاملة "جسور الخير-21" المتجهة لحلايب وشلاتين وأبو رماد    في 5 دقائق.. طريقة تحضير ساندويتش الجبنة الرومي    مرور مفاجئ لفريق التفتيش الصيدلي على الوحدات الصحية ببني سويف    طريقة عمل الهريسة، مذاقها مميز وأحلى من الجاهزة    أسعار الحديد اليوم الجمعة 17-5-2024 في أسواق محافظة المنيا    «الإفتاء» تنصح بقراءة 4 سور في يوم الجمعة.. رددها 7 مرات لتحفظك    سعر الدينار الكويتي اليوم الجمعة 17-5-2024 مقابل الجنيه المصري بالبنوك    «الأوقاف» تعلن افتتاح 12 مسجدا منها 7 إحلالا وتجديدا و5 صيانة وتطويرا    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 17 مايو 2024 والقنوات الناقلة    أين وصلت جلسات محكمة العدل الدولية للنظر في دعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل؟    احذر.. قلق الامتحانات الشديد يؤدي إلى حالة نفسية تؤثر على التركيز والتحصيل    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17-5-2024 في المنيا    سيولة مرورية وسط كثافات محدودة بشوارع القاهرة والجيزة    الاغتسال والتطيب الأبرز.. ما هي سنن يوم «الجمعة»؟    انطلاق امتحانات الفصل الدراسي الثاني لطلاب الشهادة الإعدادية بالجيزة.. غدا    جيش الاحتلال: اعتراض مسيرة أطلقت من لبنان وانفجار أخرى في الجليل الغربي    يوسف زيدان: «تكوين» امتداد لمسيرة الطهطاوي ومحفوظ في مواجهة «حراس التناحة»    بسبب عدم انتظام الدوري| «خناقة» الأندية المصرية على البطولات الإفريقية !    النواب الأمريكي يقر مشروع قانون يجبر بايدن على إمداد إسرائيل بالأسلحة دون انقطاع    مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 17 مايو 2024    برج الجدى.. حظك اليوم الجمعة 17 مايو: "جوائز بانتظارك"    " بكري ": كل ما يتردد حول إبراهيم العرجاني شائعات ليس لها أساس من الصحة    براتب 1140 يورو.. رابط وخطوات التقديم على وظائف اليونان لراغبي العمل بالخارج    ترقب المسلمين لإجازة عيد الأضحى وموسم الحج لعام 2024    لا عملتها ولا بحبها.. يوسف زيدان يعلق على "مناظرة بحيري ورشدي"    طارق مصطفى: استغللنا المساحات للاستفادة من غيابات المصري في الدفاع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«سينما الفلاح» .. قليل من الدموع كثير من الضحك

أهملت الحكومات الفلاح فأهملته السينما بالتتابع مع إهمال الحكومات له وجعلت منه شخصية مرغوبة فى العهد الملكى ومجرد أضحوكة فى عهد مبارك لدرجة أن كلمة الفلاح صارت سبة على لسان أبناء الطبقات الراقية التى ربطت بين الفلاح والشخصية البيئة دون أن يعلموا أن الدولة كلها تقوم على أكتاف الفلاحين باعتبارهم من أشرف الناس ولم يكن للفلاح بريق فى السينما المصرية إلا فى فترة عبد الناصر لأنه كان نصيرا للفلاحين ويحسب للملك فاروق انه كان يمنع اظهار اى فئة فى مصر بمظهر غير لائق حفاظا على صورتها أمام العالم الخارجى.
وبصفة عامة لم يكن موضوع الفلاح شيقا بالنسبة لصناع السينما خاصة وانها بحثت عن الاثارة وابتعدت عن الموضوعات الهادفة وركزت على المغامرات عند نشأتها ولقناعة القائمين عليها بأن الموضوعات الهادفة تصيب المشاهد بالملل وان السينما وسيلة للترفيه وهو المفهوم الذى تغير بشكل كامل فى عهد مبارك من خلال فيلم البداية اخراج صلاح ابو سيف وافلام خالد يوسف التى ركزت على الظلم والفساد فبل الثورة.
وظل الفلاح ومشاكله ابعد ما يكون عن السينما فى بدايتها وحتى عام 1962 عندما اصدر الرئيس جمال عبد الناصر قرارات التأميم التى شملت صناعة السينما بكل مشتملاتها، وعندما بدأت الدولة التخطيط للإنتاج السينمائى ووضعت على رأس الشركة المسئولة عنه المخرج الكبير صلاح ابو سيف بدأت السينما تعرف مشاكل الفلاحين فى بعض افلامها منها على سبيل المثال (صراع الأبطال: توفيق صالح 1962)، (المارد: سيد عيسي؛ 1964)، (أدهم الشرقاوي: حسام الدين مصطفي 1964)، (الحرام: بركات؛ 1965)، (العنب المر: فاروق عجرة؛ 1965)، (هارب من الأيام: حسام الدين مصطفى؛ 1965)، (القاهرة 30: صلاح أبو سيف؛ 1966)، (الزوجة الثانية: صلاح أبو سيف 1967)، (الدخيل: نور الدمرداش؛ 1967)، (جفت الأمطار: سيد عيسي؛ 1967)، (البوسطجي: حسين كمال 1968)، (حكاية من بلدنا: حلمي حليم 1969)، (يوميات نائب في الأرياف: توفيق صالح؛ 1969)، (شيء من الخوف: حسين كمال 1969)، (الحب سنة 70: محمود ذو الفقار؛ 1969)، (الأرض: يوسف شاهين 1970)، (حادثة شرف: شفيق شاميه؛ 1971)، (الأضواء: حسين حلمي المهندس 1972)، (النداهة: حسين كمال 1975)، (أفواه وأرانب بركات 1977)، (شفيقة ومتولي: علي بدرخان 1978).
وخلال هذه الدراسة سنتناول بالتحليل أهم افلام هذه المرحلة وهى أفلام (صراع الأبطال – إخراج توفيق صالح) و (الزوجة الثانية – اخراج صلاح ابو سيف) و(شيء من الخوف – اخراج حسين كمال) و (الأرض – إخراج يوسف شاهين).
صراع الأبطال
البداية كانت مع فيلم (صراع الأبطال) 1962 للمخرج الكبير توفيق صالح وهو من أهم الافلام التى تناولت بالتحليل جانب الصحة وانتشار الاوبئة فى حياة الفلاح المصرى ويكاد هو الفيلم الوحيد فى تاريخ السينما الذى تناول هذا الامر بشكل كامل، يبدأ الفيلم مع وصول الطبيب شكرى سرحان الى القرية للعمل فى الوحدة الصحية بها، ويصطدم اول الامر مع مدير الوحدة الصحية الذى يعيش فى القاهرة ولا يحضر الى القرية الا ساعتين كل اسبوع، وهذا بالطبع حال كل الوحدات الصحية فى مصر حتى الآن، اما الصدام الثانى فكان مع الداية التى تحترف علاج اهل القرية بالدجل والجهل، اما ثالث الصدامات فكان مع الاسرة الارستقراطية التى تمتلك الاراضى الزراعية بالقرية وتدخل فى شراكة مع المعسكر الانجليزى المجاور للقرية، وهذا الثالوث القاتل (الاهمال والجهل والاستغلال) لا يترك مجالا للفلاحين للحياة، ويضع الفيلم القرية كلها فى اختبار حياة او موت و ينظر ماذا يكون رد الفعل، فبين يوم وليلة يخرج وباء الكوليرا من معسكرات الانجليز لينتشر فى ارجاء القرية يحصد الارواح لا يفرق بين غنى و فقير أو امير و غفير، الكل تحت رحمة الوباء، ويحاول الطبيب السيطرة على الموقف على قدر المستطاع بالإمكانيات الضعيفة المتاحة، ويكون الفيلم رسالة واضحة لكل مسئول فى الدولة على الثالوث القاتل فى الريف المصرى وضعف الامكانيات المتاحة للقضاء عليه!!
الزوجة الثانية
أما فى فيلم (الزوجة الثانية) 1967 والذى اخرجه صلاح ابو سيف فنرى جانبا اخر من البؤس المسيطر على الفلاحين، وهذه المرة يتمثل فى ثالوث آخر هو (العمدة + شيخ القرية + مأمور القسم) هذا الثالوث الآخر الذى يفرض سيطرته على قرى مصر، فالعمدة (صلاح منصور) يطمع فى احدى الفلاحات (سعاد حسنى) الفلاحة التى وقع عليها الاختيار كانت زوجة وأما، و هنا تبدأ قصة الصراع غير المتكافئ بين الثالوث الخطير والفلاح الغلبان لكى يطلق زوجته لكى يتزوج بها العمدة، فالعمدة يهدد الفلاح ويغريه بالمال، والشيخ يؤكد له ان الاسلام يحض على طاعة اولى الامر منكم وهو بالطبع فى هذه الحالة العمدة نفسه، أما المأمور فيقبض عليه ويلفق له تهمة تغيبه فى دهاليز السجون، ويخضع الفلاح ويطلق زوجته مكرها، وأى ما كان الأمر الذى انتهى اليه الفيلم من انتقام القدر من العمدة وإصابته بالشلل فهو على كل حال أمر خيالى اراد به مخرج الفيلم صلاح ابو سيف التخفيف من بؤس الفيلم بنهاية سعيدة حتى وإن كانت غير واقعية، ويبقى الثالوث الخطير فى حقيقة الأمر يسيطر على الفلاح المصرى حتى الان!!
شيء من الخوف
اذا كنا تابعنا فى الفيلمين السابقين الثالوثين الاشد فتكا بالقرية المصرية فاننا فى هذا الفيلم (شىء من الخوف) 1969 للمخرج حسين كمال نتابع كيف يكون الحال عندما تسيطر على القرية عصابة تمتص خيرها وترهب اهلها، وأى ما كان المعنى السياسي الرمزى وراء الفيلم فاننا أمام عصابة يترأسها عتريس (محمود مرسى) والتى تسيطر على القرية وتجبر الجميع على دفع الاتاوات، ووسائل الإرهاب متعددة تبدأ من البنادق والرصاص حتى تصل الى اغلاق الهويس فتجف الأرض ويموت الناس عطشا، ولكن يقيد الله للقرية فؤادة التى كانت بينها وبين عتريس قصة حب قبل ان ينخرط مع العصابة فتفتح الهويس فى مشهد من اهم مشاهد الفيلم مستغلة بالطبع حب عتريس لها، ولأول مرة فى السينما المصرية تسمح الرقابة بثورة فلاحية على شاشتها، ونتابع الفلاحين وهم يحملون جسد محمود بعد ان اغتالته العصابة ويقود الجموع أبوه (يحيى شاهين) ويحملون المشاعل ويرددون جملة واحدة اصبحت تتردد على كل لسان (جواز عتريس من فؤادة باطل) وتحرق الجموع الغاضبة بيت العصابة ويحترق عتريس وهو ينادى على حبيبته فؤادة، ولأول مرة ينتقم الفلاح من اعدائه على شاشة السينما بالطبع وتجدر الاشارة هنا الى ان الرقابة نصحت عبد الناصر بعدم عرضه بحجة ان فيه اسقاطا عليه وان عتريس فى الفيلم المقصود به جمال عبد الناصر ولكن يحسب لناصر انه أمر بعرض الفيلم وعاقب الرقيب!!
الارض
فيلم (الارض) 1970 من اهم افلام تلك المرحلة وهو للعبقرى يوسف شاهين الذى قدم اهم مشهد فى السينما المصرية فى اخر الفيلم، كما اختاره النقاد مشهدا من اهم مشاهد السينما العالمية لما يحتويه من رسالة مهمة وهى مدى ارتباط الفلاح بارضه وبالتالى مدى انتماء المصريين لمصر وهى القيمة التى نحن احوج الحاجة لها الآن.
المشهد الذى اثار كل من شاهده فى العالم يبدأ بالقوة القاهرة متمثلة فى مأمور البندر وهو يلقى الحبل لأحد الجنود ليربط ارجل الفلاح محمد ابو سويلم فى الحصان الذى يمتطيه و يبدأ فى سحله فى ارضه وهو يحاول التشبث بالارض التى افنى عمره فى زراعتها وفى خلفية المشهد يغنى الكورس (الارض لو عطشانة نرويها بدمانا)، وإذا كنا هنا بدأنا بآخر الفيلم لأهمية المشهد، لكن الفيلم ناقش العديد من قضايا الفلاح أهمها الجهل والأمية المنتشرة التى استغلها الباشا الكبير لكى يحصل على الأرض، ويختم الفلاحين على الورقة باعتبار انها شكوى للإدارة!! ايضا نرى قضية الأيام المخصصة للرى والتى لا تكفى جميع الاراضى، اضف إلى ذلك الجهل والشعوذة المنتشرة وكيف استغلها العمدة لصالحه، ثم قضايا الفقر التى دفعت بنات الفلاحين لقبول بيع اجسادهن للعمال المشتغلين بالطريق الجديد مقابل قروش قليلة، أيضا عساكر الهجانة التى جاءت لوأد تمرض القرية ضد الإدارة والباشا، وغيرها الكثير من القضايا التى يضيق المقام لمناقشتها كلها، ولكن يبقى فيلم الارض احد كلاسيكيات السينما المصرية والعالمية، ودرة الافلام التى تناولت حياة الفلاح فى مصر بكل أبعادها تقريبا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.