سحب الاختصاصات يهدد خزينة المبنى ب«الإفلاس».. و270 موظفًا يتجاهلهم القانون مع سبق الإصرار والترصد تحت لافتة "التطوير والتطهير والتغيير".. بدأت مساعى الدولة الجادة، ممثلة في جهات عدة، في إعداد ومناقشة قانون الإعلام "الموحد" الذي اعتمده –مؤخرا- مجلس الوزراء، وأرسله لمجلس النواب، لأخذ دورته التشريعية كاملة، ومن ثم إقراره. الساعات القليلة التي تلت إعلان اعتماد الحكومة "القانون الجديد" تضاربت فيها ردود الأفعال، ما بين مؤيد ومتفائل به ويرى أنه سيضيف للخريطة الإعلامية المصرية ولن ينتقص منها شيئًا، وفريق ثانٍ يرى أن "مفرمة" القانون ستطوله، وسيكون على رأس الخاسرين على تطبيق القانون. اتحاد الإذاعة والتليفزيون "ماسبيرو" واحد من الجهات التي كان ل"فريق المفرمة" وجود فيه، حيث بدأت تتناثر داخل غرف وفى أروقة وردهات المبنى، أحاديث شتى محورها القانون، ومستقبلهم حال تطبيقه، ليس هذا فحسب، لكن خرجت أصوات لتشير إلى أن القانون الجديد من المقرر أن يترتب عليه إلغاء اللائحة المالية التي تم تفعليها بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير في العام 2011، إبان تولى اللواء طارق المهدى، مسئولية إدارة "ماسبيرو". "فوبيا القانون الجديد" لم يصب بها "صغار ماسبيرو"، فالقراءة المتأنية لمواد القانون المنتظر، تؤكد – بما لا يدع مجالا للشك- أن قيادات المبنى العتيق ستطولهم "العدوى"، بدءا من صفاء حجازى، رئيسة الاتحاد، التي تولت مسئولية إدارة "ماسبيرو" منذ أسابيع قليلة خلفا للإعلامي عصام الأمير، والتي بات فقدانها منصبها الكبير بالقانون أمرا مؤكدا، فالمشروع ينص وتحديدا في مادته الثانية على إلغاء العمل بالقانون رقم 13 لسنة 1997، الخاص برئاسة الاتحاد وتنظيم العمل داخله. ورغم تأكيد المشرع في فصل "الأحكام الانتقالية" الموجود بنهاية القانون، أن يستمر العمل داخل "ماسبيرو" وفقا للنظام الإدارى القائم، كل في مكانه، فإنه وضع مدة للمادة ذاتها، حيث أكد أيضا أن هذا الأمر من شأنه أن يستمر العمل به لمدة عام واحد، حتى يتم توفيق الأوضاع، تمهيدا لإقرار خطة العمل الجديدة، وهو أمر لا يصب في صالح "صفاء" التي كانت تحلم باستكمال مدتها في رئاسة "ماسبيرو" البالغة عامين، مع الأخذ في الاعتبار أن أصواتًا عدة ذهبت إلى أن اختيارها رئاسة الهيئة الوطنية للإعلام، المقرر إنشاؤها، سيكون نوعًا من المبالغة التي لا تؤكدها كل الشواهد والخطوات الحالية التي تتخذها القيادة السياسية. قائمة ضحايا القانون الجديد، تضم أيضًا أكثر من 270 قيادة وعامل "مربطين وظيفيا" بوزارة الإعلام الملغية، ولم يتطرق النص المقدم لمجلس "النواب" إليهم مطلقا حتى في الأحكام الانتقالية ذكر المشرع في المادة 221 أن تحل الهيئة الوطنية للإعلام محل الاتحاد وينتقل إليها كل العاملين به دون أن يتعرض لمن يعملون رسميًا حتى الآن بديوان وزارة الإعلام ولا يتبعون رئاسة الاتحاد. تجدر الإشارة أيضا إلى أنه حال تطبيق القانون الجديد، وتحديدًا وفقًا للمادة الرابعة منه، فإنه من المقرر أن يفقد أحمد سليم، مدير مكتب وزيرة الإعلام السابقة درية شرف الدين، المشرف على جهاز المطبوعات والنشر التابع لوزارة الإعلام والذي كان يختص بفحص كل الكتب الواردة إلى داخل البلاد وإصدار القرار حيال منعها من عدمه وإصدار تراخيض الصحف الأجنبية، منصبه لأن القانو الجديد أقر في إحدى مواده على أن يتولى المجلس الأعلى لتنظيم الصحافة والإعلام تلك الأمور. وزير الإعلام السابق، أسامة هيكل، رئيس مدينة الإنتاج الإعلامي حاليا، هو الآخر سيصبح -فور إقرار القانون الجديد- مخيرا ما بين الاحتفاظ برئاسته "المدينة"، أو عضوية مجلس النواب، وذلك وفقا لنص المادة 115 من مشروع القانون والتي تنص على أنه "لابد من مجموعة ضوابط لمن يتولى مجلس إدارة مؤسسة إعلامية عامة أن يعلن تجميد نشاطه الحزبي تمامًا إذا كان له دور بذلك المجال قبل صدور قرار رسمي عن رئيس الهيئة الوطنية للإعلام له برئاسة مجلس إدارة تلك المؤسسة". وينضم للأسماء والقيادات السابقة، مجموعة أخرى من الموجودين على رأس القطاعات حاليا لا يعلمون مصيرهم بعد القانون أبرزهم اللواء محمد عبدالجواد، رئيس قطاع الأمن الحالي، والذي لم يحصل بعد على التجديد السنوي لاستمراره في المنصب ما يعني أن عملية توفيق الأوضاع الإدارية من الممكن أن تعيده إلى مرتبة "وظائف الإدارة العليا" لدرجة وكيل وزارة بدلا من العليا الممتازة المخصصة لرؤساء القطاعات. ويضاف إلى ذلك أيضًا خلو منصبي رئيسي الاقتصادي والأمانة خلال الأشهر القليلة المقبلة، ما يعنى أنه وفقا لعملية تسكين الدرجات سيكون من غير اللائق تعيين رؤساء قطاعات بدرجات مالية جديدة، ولعل خير دليل على انتهاج الحكومة ذلك الأمر تولي مصطفى شحاتة، رئاسة قطاع الأخبار خلفًا لصفاء حجازي ب"التسيير فقط" ليستمر صرفه راتبه الشهرى وفقا لدرجته الوظيفية كنائب سابق للقطاع وليس رئيسًا له. جدير بالذكر أيضًا أن عددًا من أبناء "ماسبيرو" يرون أن القانون الجديد من شأنه أيضًا سحب اختصاصات كانت مخولة أساسا لاتحاد الإذاعة والتليفيزيون ومنحها لرئيس المجلس الأعلى لتنيظم الصحافة والاعلام، ومنها سحب حق منح تراخيص وحدات البث الحي والتي كانت حقا أصيلا ل"ماسبيرو" طيلة السنوات الماضية، وكان يتم التعامل معها كونها موردا ماليا مهما، إلى جانب عدم استقلالية الاتحاد وخضوعه لتنفيذ اللوائح المالية التي ستصدر عن المجلس بعدما كان القانون 13 لسنة 1997 يتضمن العديد من الأطر التشريعية التي جعلت التليفزيون نموذجا إداريا مختلفا تماما عن بقية أجهزة الدولة.