تساؤلات عديدة أثيرت خلال الأيام الماضية، حول مصير عدد من النشطاء الحقوقيين، ومنظمات المجتمع المدنى العاملة في مصر، بعد الإجراءات التي اتخذتها هيئة التحقيق في قضية «التمويل الأجنبى» ضد بعض النشطاء الحقوقيين، والتي تمثلت في منعهم من السفر والتحفظ على أموالهم.. أبرز هذه التساؤلات هو: هل لعبت الحكومة المصرية دورا في القرارات الأخيرة من خلال توجيهات معينة لهيئة التحقيق في القضية؟ وما العلاقة بين إثارة القضية في هذا التوقيت وبين الانتقادات الغربية لحقوق الإنسان في البلاد؟ وما المفاجآت التي تحدثت عنها هيئة التحقيق؟.. هذه التساؤلات وغيرها نحاول الإجابة عنها في السطور التالية: هيئة التحقيق في قضية التمويل الأجنبى المعروفة إعلاميا بالقضية (173 – تمويل)، والتي يرأسها المستشار هشام عبد المجيد، شددت على أنها لا تخضع لأي إملاءات وأنها تعمل بحيادية تامة، ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بالسلطة التنفيذية بالبلاد، ومن ثم لا يمكن القول بأنها تعمل وفق توجيهات معينة.. هيئة التحقيق أوضحت أن التحقيقات في القضية المشار إليها لم تنقطع منذ عام 2011 وحتى الآن، وأنها تحوى آلاف الأوراق والمستندات، كما تضاف إليها معلومات جديدة كل يوم حول أشخاص وجمعيات ومنظمات، وهو الأمر الذي استغرق وقتا طويلا لفحص وتدقيق كل تلك الأوراق من قبل اللجان التي تم تشكيلها لهذا الغرض.. هيئة التحقيق في القضية أشارت إلى أنه كان المطلوب فحص 3500 منظمة مختلفة، وقد ثبت من خلال تقارير صادرة عن لجان في البنك المركزى والضرائب العامة ووزارة التضامن الاجتماعى، سلامة أوراق بعضها، وما زال التحقيق جاريا حول البعض الآخر. على جانب آخر أكد مصدر مطلع رفض الإفصاح عن هويته، أن تحريات الأجهزة الأمنية والرقابية المختصة، توصلت مؤخرا إلى أن بعض الكيانات والهيئات والجمعيات سواء الخدمية أو الأهلية، بالإضافة لمنظمات مجتمع مدنى أخرى، وشخصيات بارزة، حصلت على تمويلات من جهات أجنبية، للإنفاق على أنشطتها المتعلقة بأوضاع حقوق الإنسان في مصر. من جهته شبه الدكتور عبد الخالق فاروق عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان سابقا، إعادة فتح قضية التمويل الأجنبى مؤخرا، بلعبة «القط والفأر» بين الحكومة المصرية، وبين الدول الأجنبية، خصوصا بعد إعلان منظمات المجتمع المدنى الدولية، والبرلمان الأوروبي، عن تضامنهم الشديد مع الشاب الإيطالى «جوليو ريجينى» الذي قتل في مصر ولم تتكشف حقيقة الجريمة حتى الآن، وما صاحب ذلك من انتقادات حادة لأوضاع حقوق الإنسان في مصر.. الدكتور فاروق أضاف: «أمام هذا الموقف المتعنت ضد الحكومة المصرية، وإصرار الدول الغربية على إقحام نفسها في شئون داخلية، لم تجد الحكومة أمامها سوى اللجوء إلى فتح ملف منظمات المجتمع المدنى العاملة في مصر من جديد، كنوع من الضغط على الجانب الغربى حتى يخفف من حدة هجومه على مصر».. وأشار إلى أن الدول الغربية لن ترضخ للضغوط المصرية في هذا الشأن، وهو مايضع الحكومة المصرية في موقف «محرج». أما منال الطيبى عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، فقد أكدت أنه بعد تزايد الانتقادات لأوضاع حقوق الإنسان في مصر، ورصد العديد من الانتهاكات داخل السجون وأقسام الشرطة، والاختفاء القسرى، لجأت الحكومة إلى إعادة فتح ملف «التمويل الأجنبى لمنظمات المجتمع المدنى العاملة في مصر»، في محاولة منها لوقف تلك الانتقادات.. وأوضحت أن هذا الملف مفتوح منذ عام 2011، وتتم إثارته من حين لآخر، وهو نفس ما كان يحدث في عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، والمعزول محمد مرسي..