شهدت الأيام القليلة الماضية ارتفاعا في حدة السجال الدبلوماسي بين مصر والولاياتالمتحدةالأمريكية، بشأن ملف حقوق الإنسان في مصر، على خلفية انتقادات وجهتها الإدارة الأمريكية على لسان وزير الخارجية جون كيري، عبَّر فيها عن شعوره بالقلق من تدهور الحريات، الأمر الذي رد عليه سامح شكرى، وزير الخارجية، قائلًا إن مصر لا تقبل الوصاية من أي جهة. يأتي انتقاد وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، لمصر بعدما قرر القاضي المستشار هشام عبدالحميد، إعادة فتح قضية التحقيقات في القضية المعروفة إعلاميًا باسم التمويل الأجنبي للمنظمات الأهلية ومنظمات المجتمع المدني. الدبلوماسية المصرية الأمريكية أكد جون كيرى، أنه يشعر بالقلق تجاه وضع حقوق الإنسان في مصر، خاصة بعد أن فتحت الحكومة المصرية ملف المنظمات الحقوقية غير الحكومية، مؤكدًا أن التحقيق في هذه القضية مرة أخرى من أجل تخويف المعارضة السياسية والناشطين الحقوقيين والصحفيين، مطالبًا الحكومة المصرية بالتعاون مع المنظمات المدنية لخدمة حقوق الإنسان والسماح لعمل هذه المنظمات بحرية أكثر وتخفيف القيود عليها. من جانبه، قال سامح شكري، وزير الخارجية المصري، إن حقوق الإنسان مسؤولية تقع على عاتق الحكومة المصرية، وهذه المسؤولية يقابلها مراجعة ومتابعة من قبل الرأي العام المصري والجمعيات التي تعمل في إطار حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية والمؤسسات مثل المجلس القومي لحقوق الإنسان. هذا السجال الدبلوماسي تكرر كثيرًا في الفترة الأخيرة بين مصر وأمريكا في العديد من المناقشات الخاصة بالأمم المتحدة أو مجلس الأمن، فبدءًا من نقاش جرى حول ملف حقوق الإنسان بين مندوب مصر بالأمم المتحدة، السفير عمرو رمضان، ونائب وزير الخارجية الأمريكى، الذي انتقد وضع حقوق الإنسان في مصر وهو ما رد عليه المسؤول المصري بانتقاد ملف أمريكا الحقوقي والانتهاكات المستمرة هناك، بما فى ذلك معتقل جوانتنامو، الذي وعد الرئيس أوباما بإغلاقه قبل ثماني سنوات، مرورًا بالسجال الدبلوماسي الذي حدث في مجلس الأمن على خلفية رفض مصر للمشروع المقدم من قبل الولاياتالمتحدة الموجه ضد قضايا الاعتداء الجنسي، وصولًا إلى ملف قضية التمويل الأجنبي التي وصل السجال فيها إلى وزراء الخارجية. ويؤخذ على القاهرة ودبلوماسيها أنهم لم يردوا وينتقدوا الانتهاكات التي تصدر من واشنطن، إلا بعد الانتقادات الموجهة من جانب أمريكا تجاه مصر، وكأننا نرد بالمثل ونفتح ملفاتهم السوداء عندما يشنوا هجومًا على مصر. دفاع أمريكا عن المنظمات عامل سلبي ما يثير التساؤلات في هذه القضية هو علاقة الولاياتالمتحدة بهذه المنظمات ودعمها لها، خاصة بعد تصريحات جون كيرى المتعلقة بهذه المنظمات، وانتقاده لإعادة فتح القضية مرة أخرى، ليضع هذه المنظمات في حرج شديد، فبعيدًا عن الاتهامات الموجهة لها مادامت أمام القضاء، إلا أن هذا الدفاع الأمريكي السريع سيكون له أضرار على هذه المنظمات أولها فقدان الثقة في هذه المنظمات من جانب الشعب وسهولة تشويها من قبل الإعلام المصري. وعلى الرغم من خروج حقوقيين دافعوا عن بعض الشخصيات المتهمة في قضية التمويل الأجنبي على شاكلة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان حافظ أبو سعده، الذي أكد أن محاكمة الحقوقين جمال عيد وحسام بهجت باطلة، على أساس إنه لا يجوز منع أحد من السفر ولا إحالته للمحاكمة إلا بعد التحقيق مع المتهم ومواجهته بالتهم وتقديم دفاعه، إلا أن هذه القضية أخذت منعطفا آخر حتى استغل أعضاء في البرلمان مناشدات كيرى بعدم التضييق على هذه المنظمات، واعتبارها جاءت بعد محاولة للاستقواء بالخارج، مما أعطى صورة بأن هذه المنظمات تتاجر بأوضاع حقوق الإنسان بسبب التمويل فقط. تاريخ القضية المثار حولها الأزمة ترجع قضية "التمويل الأجنبي" إلى عام 2011، حيث تم اتهام بعض منظمات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية بالعمل دون ترخيص، والحصول على تمويل من الخارج دون الخضوع إلى الرقابة، واتهم في هذه القضية بعض الشخصيات المصرية البارزة في الحياة السياسية، بجانب 19 شخصا يحملون الجنسية الأمريكية، وبعد عامين من فتح الملف تم ترحيل 17 ناشطًا أمريكيًا إلى بلادهم، لكن القضية استمرت بعد ذلك، حتى جاء قرار محكمة جنايات القاهرة بإعادة فتحها مرة أخرى لظهور بعض المعلومات الجديدة فيها. ويصل عدد الجمعيات والمنظمات المتهمة في هذه القضية إلى 41 منظمة تلقت تمويلا من الولاياتالمتحدةالأمريكية، بجانب بعض المنظمات التي تلقت تمويلا أيضًا من دول أوروبية غير الولاياتالمتحدة.