بداية قد لا تجدي أي نصائح لنظام يعادى نفسه ويتآمر ضد وجوده بسرعة فائقة لو كان استخدمها في بناء هيكل اقتصادى حقيقى وواقعى ما كان هذا حالة ! نعم.. للنظام المصري الحالى ارتكاز إلى شعبية موجودة للرئيس السيسي، ولكنها أيضًا متناقصة ومتراجعة من المشهد العام بفعل عوامل عدة أهمها وأكثرها تأثيرا هو الاقتصاد الذي يمر بمرحلة مأساوية يشعر بها الجميع دون استثناء حتى من يؤيدون أي قرار رئاسى أو حكومى على طول الخط بل يجهدون أنفسهم بخلق تبريرات أغلبها مضحك ومتناقض وسفيه ! يوم فاصل ومضحك وفاضح ! يوم العاشر من مارس الجاري، خرج محافظ البنك المركزى ليؤكد أن الجنيه في سبيله للتعافى وأن الدولة لن تقوم بتعويم الجنيه.. الكلمة المرادفة والفعلية لإغراق الجنيه وإغراق الفقراء في مستنقعات الغلاء والبلاء والمرار الطافح، ثم يطرح البنك عطاءً استثنائيا بما يقرب من نصف مليار دولار بسعر 783 قرشًا! عظيم وخطوة على طريق السيطرة على السوق السوداء التي سببت مزيدًا من التضخم المنفلت بفعل "مافيا الدولار" وعصابات استيراد كل شىء من الخارج. ثم إذ فجاة يخرج نفس المسئول عن نفس البنك ويصدر بيانًا آخر يوم الرابع عشر من نفس الشهر، أي بعد 4 أيام فقط ليبشر المصريين بالغلاء التام والموت الزؤام بعد تخفيض قيمة الجنيه بمقدار 14% مرة واحدة وطرح عطاء دولارى آخر بسعر 985 قرشا!! الحكومة السوداء بالطبع الحكومة صعبت عليها نفسها وهى تجد الدولار يتوحش لفشلها الاقتصادى غير المسبوق على كل الأصعدة وغارت من تجار السوق السوداء فقررت النجاح والمشي في السكة (الصح) بأن تبيع مثل السوق السوداء وتصبح الحياة كلها سوداء.. اشمعنى إحنا يا باشا هي الحكومة ملهاش نفس يعنى ! بالطبع لن يحاسب أحد السيد طارق عامر على إهدار ما يقرب من نصف مليار جنيه فرق السعر المباع ما بين يومى 10 و14 وبالطبع الجميع يتهرب من الفشل لأن هذه عادة الحكومات المصرية المتعاقبة منذ عقود، فالشعب هو السبب، وهو سبب كل الغلاء والبلاء وكفاية إنها مستحملاه ! توجيهات الرئيس ! لم يجد البنك المركزى ومحافظه وهيئته الاستشارية مخرجًا من كارثة انهيار الجنيه إلا بالالتصاق والاحتماء بالكلمة المقدسة منذ زمن بعيد وهي: وفق توجيهات السيد الرئيس ! حسنًا الغلاء إذًا يرجع لتوجيهات السيد الرئيس والتضخم وفقًا لتعليماته! والسؤال هنا: هل يحرضون الشعب ضد الرئيس وضد النظام معًا؟! فالرئيس عندنا هو رمز النظام كما يظنون وكما اعتقد ثوار يناير الطيبون الذي اختصروا كل شىء في شخص مبارك ثم رحل وترك النظام بحق يعاقبهم حتى يومنا هذا ! لا.. النظام ليس الرئيس وحده، فرجال الأعمال ورجال التشريع ومحافظو البنك المركزى والجهات السيادية والإعلام الموجه وعصابات المستوردين وكل الباشاوات الذين يتحكممون في حياة المصريين البسطاء أو العاديين هم النظام وللأسف لا يدرك كل هؤلاء أنهم بحق يتعرضون لأكبر مؤامرة من صنع أنفسهم ! لو اجتمعت كل أجهزة العالم المعادية لمصر الدولة والوطن ما وجدت أفضل من تلك السياسات لإحداث فوضى مدمرة وانفجار شعبى قادم لا محالة مع انهيار قيمة العملة وما يتبعها من غلاء لن يطيقه حتى الميسورون في هذا البلد المنكوب بباشاواته وهم كثر! [email protected]