كشفت النيابة الإدارية عن قضية فساد جديدة داخل وزارة الصحة، تجسد مأساة حقيقية لمن ابتلتهم الأقدار بمرض السرطان. حيث أكدت في تحقيقاتها تورط رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية فى تسهيل تداول أدوية السرطان, رغم عدم خضوعها للتحليل للتحقق من مطابقتها للمواصفات. كان المستشار عنانى عبدالعزيز رئيس هيئة النيابة الإدارية قد تلقى بلاغاً من ائتلاف «رقابيون ضد الفساد» ضد مسئولين بهيئة الرقابة الدوائية بشأن وجود أدوية سرطان فاسدة بالأسواق. كشفت أوراق القضية أن الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية تقدمت بطلب للجنة الفنية لمراقبة الأدوية بوزارة الصحة للموافقة على اعفائها من تحليل عينات «anti cancer » الواردة من الخارج لمدة عام حتى يتم تجهيز معمل لتحليل تلك العينات, وذلك بزعم وجود أعمال تطوير لم تنفذ فأصدرت اللجنة قراراً بالموافقة على أن يتم الالتزام بشرطين, أولهما: بالنسبة للمستحضرات الواردة من البلاد المرجعية يتم تقديم شهادات معتمدة من وزارة الصحة بالبلد المعنية. ثانيهما: بالنسبة للمستحضرات الواردة من البلاد غير المرجعية وكذا المستحضرات المحلية يكتفى باحضار شهادة تحليل معتمدة من الجهة الحكومية الصحية والرقابية من بلد المنشأ على أن تقدم للهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية للاعتماد. باشر التحقيق المستشار شريف عبدالعاطى بإشراف المستشارين سامح كمال وعصام المنشاوى مدير ووكيل مكتب فنى رئيس هيئة النيابة الإدارية. وأمرت النيابة بتشكيل لجنة عليا من أساتذة الصيدلة بجامعتى عين شمس والقاهرة لفحص وقائع القضية, فأعدت تقريراً أكدت فيه تقاعس رئيس الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية فى اعداد وتجهيز معمل مؤهل لتحليل الأدوية المضادة للسرطان, بالاضافة إلى عدم استعداد الهيئة لاجراء جميع الفحوص اللازمة للتأكد من خلو المستحضرات من «البيروجين». كما تبين أن القرارين الصادرين عن اللجنة الفنية لمراقبة الأدوية بوزارة الصحة يفتقران إلى المهنية ولا يحافظان على سلامة الدواء المصرى وأن الحل الأمثل فى هذه الحالة أن تقوم الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية دون غيرها بإرسال العينات المطلوب تحليلها إلى أحد المعامل المرجعية المنتشرة بالعالم. تضمن تقرير لجنة الفحص صدور «6» شهادات مطابقة لمستحضرات مستوردة والموضحة بالأوراق تفصيلا من دول مرجعية متضمنة شهادات تحليل من معامل مرجعية, وغير معتمدة من السلطات الصحية ببلد المنشأ. كما صدرت شهادة مطابقة لمستحضر مستورد من بلد غير مرجعى ويتضمن شهادة تحليل من معمل غير مرجعى. كما صدر «14» شهادة مطابقة لمستحضرات مستوردة من بلاد غير مرجعية, وجرى تحليلها بالهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية وأن التحاليل بعضها غير مكتمل ورغم ذلك دوِّن على الشهادة بالمطابقة لعدم وجود إمكانيات التحليل بالنسبة لاختبار البيروجين «ل أل» للمستحضرات المعدة للحقن مما يعرض حياة المرضى لخطر ارتفاع درجة حرارة الجسم. وكشفت التحقيقات ان رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية تقاعس عن إعداد وتجهيز معمل مؤهل لتحليل الأدوية المضادة للسرطان, وذلك حتى شهر مايو الماضى, الأمر الذى ترتب عليه العرض على اللجنة الفنية لمراقبة الأدوية بوزارة الصحة للموافقة على منح الهيئة مهلة لمدة عام للإعفاء من تحليل عينات الأدوية المضادة للسرطان بمعامل الهيئة رغم أن الغرض الرئيسى من إنشاء الهيئة المذكورة كما حددته المادة الثانية من قرار السيد رئيس الجمهورية الصادر رقم 382 لسنة 76 هو القيام بالأعمال الرقابية على المستحضرات الدوائية واجراء التحاليل والفحوص على المستحضرات المستجدة والمعدة للتسجيل. مذكرة النيابة الإدارية نوهت إلى أن الدكتور أسامة إبراهيم عبد الستار رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية ممن يشغلون وظائف في هيئات البحوث ويخضع لأحكام القانون رقم 77/29 بشأن تنظيم الجامعات فيما يتعلق بتأديبه ومساءلته, وذلك إعمالاً لأحكام المادتين 22و25 من القرار الجمهورى رقم 383 لسنة 1994 بإصدار اللائحة التنفيذية للهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية، الأمر الذى تنحسر عنه ولاية النيابة الإدارية فارتأت إرسال الأوراق للدكتور وزير الصحة لإعمال شئونه حيال ما أثير قبل المذكور وفقاً للقانون. وأوصت النيابة الجهة الإدارية المختصة بإجراء التحليل لعينات أدوية السرطان محل الشكوى والتى اكتفى بخصوصها بتقديم شهادات تحليل معتمدة من بلد المنشأ أو معمل مرجعى أثناء المهلة التى تم منحها للهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية التى أعفيت خلالها من تحليل عينات هذه الأدوية بمعاملها, وذلك للوقوف على مدى مطابقة هذه الأدوية للمواصفات المطلوبة واتخاذ اللازم. قرر المستشار عنان عبدالعزيز رئيس هيئة النيابة الإدارية ارسال الأوراق إلى وزير الصحة لإعمال شئونه حيال ما أثير بالأوراق قبل الدكتور أسامة إبراهيم عبدالستار رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للرقابة والبحوث الدوائية وفقا لاحكام القانون وتوصية الجهة الإدارية المختصة بإجراء التحليل لعينات أدوية مضادات السرطان محل الشكوى, والتى لم يجر تحليلها بمعامل الهيئة القومية لرقابة والبحوث الدوائية خلال الفترة التى تقرر اعفاؤها خلالها من التحليل بمعاملها واتخاذ اللازم قانوناً على ضوء ذلك.