[email protected] دعت أحزاب سياسية ليبرالية وثورية إلى مظاهرة حاشدة فى ميدان التحرير يوم الجمعة الماضى أطلقوا عليها "جمعة المحاسبة". وأرادت القيادات التى نظمت المظاهرة أن تكون منبراً نقدياً لتقييم أداء رئيس الجمهورية، ومدى وفائه بالعهود التى قطعها على نفسه بحل خمس مشكلات رئيسية يعانى منها المواطنون فى مائة يوم، بالإضافة إلى نقد تشكيل وأداء اللجنة التأسيسية لوضع الدستور. وابتداء نقرر– من وجهة النظر العلمية البحتة- أن الدكتور "محمد مرسى" حينما كان مرشحاً لمنصب رئيس الجمهورية أسرف فى بذل الوعود بحل هذه المشكلات فى مائة يوم، بدون دراسة علمية لكل مشكلة من هذه المشكلات، بالرغم من أنه أستاذ أكاديمى يتقن أبجديات المنهج العلمى. ولنأخذ على سبيل المثال مشكلة القمامة ونتساءل هل المشكلة فى نقلها وتجميعها فى مكان ما، أم أنه لا يمكن حل المشكلة بغير إنشاء مصانع كافية لتدوير القمامة فى كل المحافظات؟ بغير هذا الأسلوب لا يمكن حل مشكلة القمامة. ولو ناقشنا مشكلة أزمة المرور لاكتشفنا ببساطة أنها لا يمكن أن تحل عن طريق كتابة المخالفات للسائقين المخالفين، بل يحتاج الحل إلى نظرة شاملة للطرق والمحاور، بالإضافة إلى ضرورة التفكير خارج الصندوق لحل المشكلة بطريقة غير تقليدية. ومع ذلك فالدكتور "مرسى" حاول جاهداً فى خطبته فى "الاستاد" بمناسبة ذكرى حرب أكتوبر أن يدفع عن نفسه تهمة الفشل فى إنجاز الوعود فادعى أنه نجح بنسب تتراوح بين 70%، 80%، بدون أن يذكر لنا على أى أساس أقام هذه المؤشرات؟ وأياً ما كان الأمر، فالقوى الليبرالية والثورية نزلت إلى ميدان التحرير لتقييم أداء رئيس الجمهورية، واستنكار هيمنة جماعة الإخوان المسلمين على اللجنة التأسيسية لوضع الدستور. غير أن جماعة الإخوان المسلمين- بدلاً من أن تترك ميدان التحرير باعتباره ساحة للتعبير عن الرأى المعارض- قررت اقتحامه بميليشيات إخوانية استدعتها قادة الجماعة من كل المحافظات؛ لإفشال جمعة المحاسبة، وكان لابد أن يحدث صدام دامٍ بين الفريقين سقط فيه أكثر من 150 مصاباً. ما تفسير هذا السلوك العدوانى من قبل جماعة الإخوان المسلمين!، لهذا السلوك العدوانى جذور تاريخية منذ نشأة الجماعة عام 1928 حين أسس الشيخ "حسن البنا" "الجهاز السرى" لردع خصوم الجماعة السياسيين بالعنف، بل واغتيال بعضهم كما تم اغتيال "النقراشى باشا" رئيس الوزراء، والمستشار "الخازندار" الذى حكم على بعض أعضاء الجماعة ممن مارسوا الإرهاب، وإذا كان الجهاز السرى قد تم حله، إلا أن جزءاً من ممارسات الجماعة المستمرة في إعداد شبابها لممارسة العنف ضد خصومها فى الوقت المناسب. ولعلنا نذكر قضية "ميليشيات الأزهر" وهو العرض القتالى الذى قدمه عدد من شباب الإخوان المسلمين داخل جامعة الأزهر وأثار صخباً شديداً، ولفت النظر إلى الميول العدوانية للجماعة فى التعامل مع خصومها. وإذا كان بعض الكتاب من أنصار الجماعة زعموا أنه كان مجرد عرض رياضى لا ضرر منه، إلا أن الأحداث الأخيرة بعد ثورة 25 يناير تؤكد أن الجماعة جاهزة بميليشيات لمواجهة خصومها بالعنف، ولعل إحاطة هذه الميليشيات لمجلس الشعب منذ فترة لمنع المظاهرات أن تحتج على الأداء المعيب للمجلس دليل على ميل الجماعة لاستخدام العنف. الآن المظاهرات الأخيرة فى ميدان التحرير قد كشفت القناع عن الوجه الحقيقى لجماعة الإخوان المسلمين، والذى يتمثل فى استخدام العنف ضد الخصوم السياسيين. لقد أثبتت معركة يوم الجمعة الماضى أن الانقسام السياسى فى المجتمع قد تعمق، حيث نجد فى جانب القوى الليبرالية وفى الجانب الآخر جماعة الإخوان المسلمين والتى تسير بخطى نشطة فى مجال "أخونة الدولة وأسلمة المجتمع"! ويشهد على ذلك مؤخراً سعيها الخائب لإزاحة النائب العام المستشار الدكتور "عبدالمجيد محمود" من موقعه، حتى يحتله أحد كوادرها أو أحد المتعاطفين معها على الأقل. من الخطورة بمكان نفاذ جماعة الإخوان المسلمين إلى مؤسسات الدولة الكبرى وهى القوات المسلحة والشرطة والقضاء، لأن ذلك كفيل بتدمير الدولة المدنية التى تقوم على أساس سيادة القانون.