يقول د. عبد المعطى بيومي، أستاذ العقيدة بكلية أصول الدين «جامعة الأزهر»، كما أن الحياة بدون إيمان بوجود إله خالق، يراقب المحسنين والمسيئين، المؤمنين والملحدين، ويحاسبهم، فسوف يصبح الكون كله قائما على فكرة العبثية، ففكرة وجود الله هى التى تعطى الوجود والحياة معنى. والقرآن يفسر الوجود فى الآية الكريمة: «أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون»، فإذا جاز أن يخلق الكون نفسه فيمكن للإنسان أن يخلق نفسه، فكيف يوجد نفسه من العدم وهو معدوم؟ مضيفاً: أن «دارون» صرح فى كتابه «أصل الأنواع» بأن التطور الذى يحدث للكائنات هو بفعل خالق مبدع، وهو الذى يحدث هذا التطور، ومفسرو نظرية دارون من الملحدين فسروها من وجهة نظرهم، أما هو فقد كان «لا أدرى»، كان يقول عما يحدث ما وراء الطبيعة «لا أدري»، لكنه قال إن التطور يحدث بفعل الخالق، إذن المشكلة قد انتهت، ولم يعد للملحدين حجة فى نظرية «دارون». ولأن النبى «صلى الله عليه وسلم» كان أمياً، لا يقرأ ولا يكتب، فلم يطلع على ثقافات وحضارات وأديان الأمم السابقة، إنما تلقى القرآن الكريم من الله تبارك وتعالى الذى أخبر «غلبت الروم فى أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون فى بضع سنين»، فلم يصدق أهل مكة هذه الآية وقت نزولها، فقد كانوا يعتقدون أنه لن يهزم الروم الفرس إلا بعد مائة عام، فكلمة «بضع سنين» تعنى لدى العرب العدد من «3 إلى 9»، وشاء الله أن ينتصر الروم قبل مضى 9 سنوات على نزول الآية، يدلل بهذا د. بيومي، ويقول: فى كتاب «الله يتجلى فى عصر العلم» ألفه مجموعة علماء فى الفيزياء والكيمياء من غير المسلمين، يعرضون الإعجاز العلمى للقرآن الكريم، ويعرضون القضايا بعلم وافر. بيومى يضيف: المؤرخ البريطانى «جين» يقول عن آية «غلبت الروم...» «لو لم يكن بالقرآن دليل على أنه من الله إلا هذا الدليل لكفي»، ويستشهد «بيومي» بأن الله «تبارك وتعالي» يترك للإنسان حرية الاختيار، ليصل الإنسان السوى إلى اليقين، فالحياة كلها اختبار، ليرى رسالة الإنسان فى الحياة ودوره فيها، «ليبلوكم أيكم أحسن عملاً»، ليحقق مسئولية الإنسان، ثم يمحو الله الظلم ويتعقب الظالمين، ليملى لهم ويرخى لهم الحبل، فإذا أخذهم لم يفلتهم، وكثيراً ما رأينا الظالمين يؤخذون على غرة، وما حدث فى مصر «ثورة 25 يناير» مثال على ذلك. ودور الأديان إرشاد الإنسان إلى أشياء لا يستطيع العقل أن يصل إليها وحده، بيومى يقول: كنت أناقش وفداً يابانياً - منذ فترة- وكانوا يرددون أقوال الملاحدة، فسألتهم عن وجهتهم التى كانوا يريدون السفر إليها، فقلت لهم: ماذا لو لم تكن هناك إرشادات تدل على ذلك الطريق؟ فقالوا: لن نصل، فقلت: هذا هو دور الدين، الإرشاد، ودور الإسلام أن يدل البشر، ففى بداية سورة البقرة «ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين»، والأديان تهدي، وبلا أديان قد يضل العقل فى أشياء فوق طاقته، والمتاهة التى تمر بها البشرية دليل على قصور العقل البشري، وإذا تركنا البشرية «على عماها» لا يقوم العدل فى العالم، فالإنسان لا يستطيع أن يقوم نفسه بنفسه، ولا يستغنى عن الإيمان بالله. ويختتم د. عبد المعطى بيومى كلامة قائلاً: علينا أن نُرجع الملحد بالبراهين العقلية، وإن لم يرجع فإنه بانتظار شيء يرده للإيمان ويعرفه أن هناك إلها، وإذا كان لديه فطرة سليمة فسيعود إلى الله، ولا يلحد إلا أصحاب الفطرة الصدئة التى لا تستطيع أن ترى الخالق، جل جلاله.