لاشك في أن المتأمل في الحياة الدنيا وما يدور فيها من حركة سرمدية يدرك ان الكلمة فيها هي مناط هذه الحركة من الأزل إلي الأبد وعلي هذا الاساس تنتظم حركة الحياة إذا انتظمت الكلمة وتتعثر إذا تعثرت. والمتابع لحياتنا الثقافية المعاصرة وما يدور فيها من محاورات ومجادلات ومصادمات قد يري فيها ظاهرة إيجابية من ناحية أنها علي الاقل دليل يقظة وحيوية وخاصة إذا تخلصت من هواة الشهرة وفرسان الإثارة ومدعي العلم والمستأجرين لتضليلنا عن المسيرة المعاصرة التي وصلت بها فينا العولمة إلي حد أن نكون أو لا نكون. والأمر الذي لاشك فيه أن الحوار الرفيع بالكلمة الطيبة هو وسيلة الانسان المثالي الذي يجيد استثمار ما ميزه الله به من طبيعة بشرية يرتفع بها عن جميع المخلوقات بما في هذه الطبيعة البشرية من عقل ولسان وهذه الطبيعة نفسها فطرها الله علي التنوع والاختلاف ولم يجعلها أمة واحدة, وذلك لكي تحقق بحريتها وإرادتها الذاتية الدور الانساني في صياغة الحياة الدنيا بإدراك الحقيقة الكاملة من جميع زواياها المتعددة المختلفة والارتفاع بالبشر إلي المستوي الرفيع جدا الذي أراده الله له ووضعه فيه ليكون خليفة الله في الأرض. وبما أن الحياة الدنيا بإرادة الله أيضا فيها الخير والشر وفي نطاقها يدور الصراع بينهما وأن الإنسان بحريته وإرادته اختار أن يحمل الأمانة التي أشفقت من حملها السموات والارض والجبال, ولذلك وجب عليه ان يخوض تجربة الحياة علي مسئوليته فإذا نجح وكسب الخير دخل الجنة وإذا اخفق وغلبه الشر دخل النار. ومن رحمة الله بالانسان وحبه له تداركه في مراحل الحياة الدنيا المختلفة بين الحين والآخر بأن ارسل له الكتب السماوية علي يد الانبياء والرسل لهدايته الي الحق والخير وكانت الرسالة السماوية الخاتمة هي القرآن الكريم علي لسان نبينا الكريم محمد صلي الله عليه وسلم ويمتاز ديننا الاسلامي الحنيف بانه دين الانسانية كلها وانه الدين الخاتم وان قرآنه الكريم بلسان عربي مبين ضمن الله له الخلود ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وفي كل زمان ومكان تثور القضايا المختلفة وتتعدد حولها الآراء والافكار وعندنا في الأثر الصالح الثابت أنه علي رأس كل قرن يقيض الله للأمة الاسلامية من العلماء والدعاة الصالحين القادرين من يصوب لها خطوات الحياة المعاصرة علي هدي الاسلام( ما فرطنا في الكتاب من شيء) وتشاء إرادة الله ان تبتلي أيامنا المعاصرة بكثير جدا من القضايا التي تثور حولها الخلافات في الرأي وتثير الكثير جدا من الضجيج والعجيج الي حد إثارة الغبار الذي يخفي تحته الحقيقة ويستفيد منه أهل الباطل والعياذ بالله. وعلي سبيل المثال هناك قضية الخلاف بين الدولة الدينية والدولة المدنية علي أن الحقيقة أن الدولة واحدة وهي تصرف شئون الدنيا علي هدي قواعد الدين الراسخة التي أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها مهما تطورت الأزمان بالحياة المعاصرة وعندنا من تعليمات النبي الكريم صلي الله عليه وسلم لكل المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها( لكم شئون دنياكم) مادام الايمان بالله وكتبه ورسله راسخا والمجتهد المؤمن إذا اجتهد وأخطأ فله أجر وإذا اجتهد وأصاب فله أجران فهل بعد هذا سماحة ويسر ؟ ومن القضايا المثارة أيضا الخلاف حول تفسير كلمة العلمانية بفتح العين وهي في حقيقتها كفر بالخالق حسب نظرية( دارون) القديمة التي تدعي ان الكون أوجد نفسه دون قوة خارجة عنه وفي الإسلام( ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين فجعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين). فهل بعد هذا خلاف ؟! وقانا الله شره. المزيد من مقالات محمد التهامى