أنا البحرُ في أحشائِهِ الدرُّ كَامِنٌ فَهَلْ سَأَلُوا الغَوَّاصَ عَنْ صَدَفَاتي فيا وَيْحَكُمْ أَبْلَى وَتَبْلَى مَحَاسِني وَمِنْكُم وَإِنْ عَزَّ الدَّوَاءُ أُسَاتي ما تقدم هما بيتان من قصيدة طويلة لأمير الشعراء أحمد شوقى كان ينعى بهما اللغة العربية، حين أدرك أنها تحتضر على ألسنة المصريين، ممن هجروها إلى لغات أجنبية، أو من متنطعين يدعون الثقافة، وهم أجهل الناس بأبسط قواعد لغتهم. والآن ..حيث تنتظر مصر حاكما جديدا، فهل يكون الرئيس القادم ممن يمتلكون ناصية لغة الضاد، أم من الذين ينتهكون شرفها بجهل لا يدانيه جهل؟ وفى متابعة دقيقة جدا لأداء مرشحى الرئاسة عبر لقاءاتهم التليفزيونية والجماهيرية، خلال الفترة التى سبقت إجراء الانتخابات، بدا أن عمرو موسى والدكتور محمد سليم العوا، هما الأفضل مستوى فى اللغة العربية، نطقا وأداء ونحوا وصرفا، فالأول –رغم سنه المتقدمة- إلا أنه لا يكاد يخطئ فى اللغة العربية، ويبدو دائما أنه متحكم فيها. أما د. عبد المنعم أبو الفتوح، فالكلام ينفرط من لسانه دون ضابط أو رابط، بينما العوا، ذو السبعين عاما، فإن خلفيته الدينية والقانونية، وعمله فى مجال المحاماة، مكناه من ضبط لغته، فلا يكاد يخطئ فى نطق لفظ أو ضبطه،. وباستثناء «موسى والعوا»..فإن من تبقى من المرشحين لا تشغلهم اللغة فى شيء ، فمنهم من «يتهته» مثل الفريق أحمد شفيق والفريق حسام خيرالله، ويبدو أن الرجلين، بحكم عملهما الأساسى، لم يعتادا على التحدث أمام حشود كبيرة من الجماهير. وعلى غير بعيد منهما يقف الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، الذى لا يمتلك لسانا مفوها، يشبهه فى ذلك الدكتور محمد مرسى، الذى يتدفق الكلام من بين شفتيه دون ضابط أو رابط ..إلا قليلا. أما المرشح الناصرى «العروبى» حمدين صباحى، فإنه لا يشبه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر سوى فى عدم الإتقان الكامل للغة العربية، ولم يستفد من عمله الصحفى الطويل فى ضبط لغته.