بعد إقرار قانون التظاهرات، قالت الحكومة للثوار: أبوكم السقا مات، و»أمكم في العش ولا طارت يا بهوات»، وأصبح أقوى حزب أو جماعة سياسية معارضة، ولا تستطيع إلى اليمين أو اليسار الالتفات، لأن القانون قد جرم كل حركة من الحركات، إلا بإخطار مسبق وإذن مثبت، وأختام كثيرة وإمضاءات، ولم ينجُ من هذه المواد وما وضعته من اشتراطات سوى التيارات الإسلامية وأحزابها، ومن فيها من الإخوة والأخوات، لأنهم لا ينظمون إلا التظاهرات المؤيدة للحكومة والمسيرات، اللاعنة ل «سلسفيل» المعارضة، وما لها من جبهات، وكل من فيها من الشخصيات. ومع أن القانون قد جرم مثل تلك الأفعال الشنيعة وعدها من المنكرات، إلا أن الحكومة قد رأت أنها من قبيل الأفعال البسيطة والهفوات، لذا فقد صمت آذانها عنها، وغضت الطرف وأغمضت عيونها «المفنجلات»، ولم يكن من المنطقي أن يلجأ الثوار إلى خصومهم من الجماعات، حتى يشرحوا لهم كيف ينظمون دون اعتراض من الحكومة ما يقومون به من تظاهرات، لذا فقد انقطعت التظاهرات المعارضة بعد القانون لعدة سنوات، فكل من تحدى القانون قد تم سجنه وتغريمه بمقتضى القانون قراقوشي الصفات، حتى كاد اليأس يصرع كل الآمال والتطلعات. وسمع الثوار بأن عدة تظاهرات قد نجحت لبعض الشبان «الفرافير»، وزميلاتهم من «الفرفورات»، وأنهم قد افتتحوا مركزا يعرضون فيه تجاربهم تلك الناجحات، وما حازوه من جوائز ودروع في جميع المحافظات، لجودة التنظيم وعدالة المطالب دون أي مخالفات، وأنهم قد افتتحوا المركز تحت اسم «سنتر ميدو وميشو الفتوات.. لتأمين المسيرات وتنظيم التظاهرات»، لذا فقد انتدبت جبهة الإنقاذ حمدين صباحي ومحمد البرادعي لمقابلة أصحاب السنتر الفتوات، لتنظيم تظاهرة لإسقاط النظام يوم الجمعة القادم بميدان التحرير، وننقل لكم ما دار من حوارات: البرادعي مخاطبا حمدين: إ إ إنت و و واثق يا حمدين في العيال دول وإنهم ف ف فاهمين القانون كويس ومش ها يعرضونا لأي مسئولية؟ حمدين مؤكدا: إمال يا بوب.. عيب عليك يا مان.. دول منظمين ييجي عشرين تظاهرة بعد افتتاح السنتر بتاعهم.. دا غير تظاهراتهم الخاصة اللي أخدوا عليها دروع وجوايز.. إحنا لازم نفكر نضمهم لجبهة الانقاذ عشان المد الثوري المقدس وحركة الشعوب المقهورة. البرادعي متضايقا: يا حمدين حرام عليك.. ص ص صدعتني.. قلت لك لما نكون لوحدنا بلاش الكلام بتاع الستينات ده.. جدار برلين سقط والاتحاد السوفيتي انهار من زمان يا راجل.. خلينا في اللي احنا فيه. حمدين متضايقا: ماشي يا بوب، ولو إن النضال واجب قومي، والكفاح مستمر، و.. ولا أقولك نكمل كلامنا بعدين خلينا نشوف المصلحة الأول. ميشو: تعالى يا ميدو... بسرعة أنا مش مصدق عينيا.. عمو البرادعي وعمو حمدين في السنتر بتاعنا..«ويلكوم» يا جماعة. البرادعي وقد دخل في الموضوع مباشرة: بص يا ميدو انت وميشو.. احنا عندنا «جمعة غضب» بعد بكرة في كل ميادين مصر.. وعايزينكم تنظموا التظاهرات دي بخبرتكم عشان الحكومة ترضى ترخصها لنا وفقا لصحيح القانون بتاع التظاهرات الأخير.. وعلى الرغم من كونه غير دستوري، ويتعارض مع جميع حقوق الإنسان والمواثيق الدولية لجمعية الأممالمتحدة، لكن نعمل إيه المضطر يلجأ لميدو وميشو. ميدو: ولو إني حاسس إن كلام سعادتك فيه حاجة مش «نايس».. بس شوف يا عمو إنت اتأخرت كتير، النهاردة الأربع وانت بتقول التظاهرة الجمعة.. يعني كان لازم سعادتك تجيلنا عشان نلحق نخطر السلطات المختصة قبل كده بخمسة أيام، وفقا للمادة الخامسة من القانون، بس ما تقلقش.. حلها عندي، إحنا ممكن نسميها برضه «جمعة الغضب» اللي ها تطلع يوم الاثنين القادم.. ويبقى اسم كودي بين الثوار.. وبكده يبقى بنتماشى مع صحيح القانون..لأن القانون لم يحظر التسميات الخاصة والاصطلاحية. حمدين معجبا: يا ابن الجنية.. مش قلت لك خبرة يا بوب. ميشو: «سوري» يا ميدو عدّت عليك دي.. إنت نسيت انهم ممكن يتلككوا عشان موضوع «جمعة الغضب».. ده اسم مش ظريف وليه ذكريات «سو باد» عند الحكومة، يقوموا ما يصرفوش الترخيص.. وده للأسف وفقا للمادة التاسعة من القانون، أنا باقترح تسميتها «جمعة الرضا» اللي ها تطلع يوم الاثنين.. ودا اسم مش ممكن تعترض عليه الحكومة لأنها ها تفتكر انكم طالعين تشكروها.. فهمت يا عمو. البرادعي موجها كلامه في غضب جارف لحمدين صباحي: ب ب بيقول إيه الشيء دا يا حمدين؟! دا عايز يفقدنا مصداقيتنا لدى الجماهير... جمعة رضا إيه دي اللي ها يخرجوا فيها؟!!.. الناس ها تقول البرادعي اتجنن هو والجبهة بتاعته.. وباسم يوسف ها يستلمنا الجمعة الجاية.. والتاريخ وفيس بوك مش ها يرحمونا. حمدين مهدئا من غضبه: معليش يا بوب.. بيقول لك القانون كده.. طيب نعمل إيه يعني؟ يا كده ها نخش السجن صحبة جميعا.. واحنا مش ناقصين، غير الغرامات وخراب البيوت.. أمرنا لله.. استنى إما نشوف بقية البلاوي.. قول يا بني. ميدو: ويا ريت اللافتات المرفوعة تكون مهذبة ومحترمة زي «يا حكومة يا حلوة.. غني لنا غنوة»، «إديها كمان حرية.. يا حكومة يا إخوانية»، «الشعب يريد تثبيت النظام»، «خليكو معانا وما تسيبوناش.. آدي النهضة ولا بلاش».. وزيادة في التمويه «لا برادعي ولا حمدين.. يغوروا في داهيه يا مصريين».. وبكده أضمن لكم إن الترخيص من بكرة يكون عندكم وتعملوا براحتكم كل اسبوع تظاهرات، وتعيشوا في تبات ونبات، وتخلفوا صبيان وبنات. البرادعي صارخا وقد ارتمى على الأرض: إ إ إل لحقني يا حمدي .. العيال دول جابوا لي ذبحة.. انقلني دار الفؤاد حالا قبل ما أموت. حمدين وقد حمله بين ذراعيه «متلهوجا»: بعد الشر عليك يا بوب، مش قلت لك عندهم خبرة.