صمتت رغدة دهرا ونطقت كفرا فى حوارها مع إبراهيم عيسى خلال برنامجه «الديكتاتور».. على مدى 30 عاما لم تترك رغدة قضية عربية إلا وهى حاضرة تنحاز إلى حق الشعب فى تحديد مصيره، إلا أنها منذ اندلاع الثورة السورية فى منتصف مارس اختارت الصمت كأن هذه الدماء والأرواح التى يزهقها النظام السورى ليست دماء ولا أرواحا.. فى أول أيام الثورة كان عدد من الفنانين السوريين مثل دريد لحام وجمال سليمان وبسام كوسا ومنى واصف وسولاف فواخرجى وسوزان نجم الدين وغيرهم يجمعون توقيعات وأصدروا بيانا توفيقيا، فهم مع الحرية، ولكنهم فى نفس الوقت مع بشار الأسد، مع طموح الشعب فى تحقيق أحلامه، ولكن مع تأكيد أن مفتاح الأحلام فى يد بشار! لم أقرأ اسم رغدة بين الموقعين، توقعت وقتها أنها رفضت أن تتحول إلى محلل شرعى يرسخ الحكم للطاغية.. كم خيبت رغدة ظنى بعد عرض هذه الحلقة عندما شاهدتها مدافعة شرسة عن الديكتاتور وهى لا تملك سوى أن تكرر كل ما ردده نظام بشار، فإذا كان الشباب المصرى والتونسى قد دفعوا دماءهم ثمنا لهذه الثورة فإن من نراهم فى سوريا هم مجموعة من البلطجية والجيش تصوب فوهات المدافع إلى صدورهم لتطهر الشعب من «الجراثيم» كما وصفهم بشار فى واحدة من خطبه! النظام السورى يضع فنانيه، وتحديدا الذين يعملون فى مصر، تحت منظار دقيق، ولهذا لا يرضى بأقل من التأييد المطلق.. وهكذا تجد أن سولاف وجمال وسوزان كانوا من أكثر الأصوات حماسا للنظام السورى، ومنحوه شرعية قتل المتظاهرين.. فى كل أحاديثهم يدافعون عن الحرية والكرامة للشعب، إلا أنه لا حرية ولا كرامة تتحقق بعيدا عن أبدية بشار! هل تصدق رغدة حقيقة الأمر أن الثورة السورية هى مجرد صورة «بالجرافيك» كما ذكرت صراحة ذلك فى حوارها، أم أنها تريد أن تثبت للنظام كم هى خاضعة؟ هل تجرؤ رغدة بعد ذلك على أن تنظر فى عين أم شهيد من بين أكثر من ألفى أم وارى ابنها التراب دفاعا عن حرية بلاده؟ فى الحياة كثير من المواقف التى لا تتحمل أن نمسك العصا من المنتصف.. كل الشعوب العربية فى ثورتها لا ترضى بأقل من تغيير النظام.. الطغاة الذين تم إسقاطهم، بن على ومبارك، أو الذين فى طريقهم للسقوط، القذافى وصالح وبشار، قالوا جميعا فى اللحظات الأخيرة إنهم سوف يمنحون بلادهم الحرية والعدالة الاجتماعية على شرط أن يمنحونهم فرصة للبقاء.. كل الطغاة يحاولون اللعب فى الوقت الضائع معتقدين أنهم سوف يسيطرون مرة أخرى على زمام الأمور، وبعدها يثبتون أنها لم تكن ثورة بل أجندة أجنبية والثوار ما هم إلا عملاء! القبضة الحديدية فى سوريا تسيطر حتى على أنفاس الناس، إلا أن هذا لم يمنع أن نرى بعض الفنانين يشارك بعضا فى المظاهرات ويقولون «لا للطاغية» ويدفعون الثمن، نبيل المالح ومحمد ملص ومى سكاف وكنده علوش وأصالة وفارس الحلو وحكم البابا، وآخرين وقفوا مع الشعب، والناس لا تنسى! مؤخرا اكتشف الملحن عمرو مصطفى أن الثورة المصرية ما هى إلا زجاجة «بيبسى كولا»، بينما رغدة اكتشفت أن الثورة والمظاهرات السورية مجرد حيلة اختلقوها فى الفضائيات عن طريق الكمبيوتر «جرافيك».. وسلم لى ع البتنجان!