المسرح شيدته شقيقة عبد الحليم حافظ على نفقتها الخاصة.. وكان يحضر إليه الفنانون كل صيف لإحياء الحفلات به لأهل قريته لكن يد الإهمال طالته تحت شعار «التطوير» على بُعد أمتار من مدخل قرية «الحلوات» التابعة لمركز الإبراهيمية بمحافظة الشرقية، وما أن تطأ قدماك القرية حتى تسمع عن حفلات الصيف التي كانت تقام بها، قبل عدة أعوام، والذي كان يحضرها نجوم ونجمات الصف الأول من المطربين والمطربات كل عام لإحياء حفل ساهر لأبناء قريته فوق «خشبة المسرح» المعروف وسط أبناء قريته ب«مسرح العندليب الأسمر»، والكائن بالنادي الرياضي بالقرية، والذي شُيد بالجهود الذاتيه من قبل أهالي القرية، بالإضافة إلى أن «علية شبانة»، شقيقة الفنان الراحل كان لها النصيب الأكبر بالمساهمة في بناء هذا المسرح تخليدًا لذكرى أخيها. شتان بين مسؤول يدرك قيمة الأثر ويحافظ عليه لقيمته التاريخية للأجيال الآتية، وآخر يرى أن التاريخ أولى بالنسيان، وهو ما ظهر جليا في مسقط رأس العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ في الشرقية، إذ ساق الحظ السيئ لمسرح «العندليب» أن تؤول ملكيته إلى مَن لا يُقدرها، لينتهي المطاف بالمكان الذي كان شاهدا شتان بين مسؤول يدرك قيمة الأثر ويحافظ عليه لقيمته التاريخية للأجيال الآتية، وآخر يرى أن التاريخ أولى بالنسيان، وهو ما ظهر جليا في مسقط رأس العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ في الشرقية، إذ ساق الحظ السيئ لمسرح «العندليب» أن تؤول ملكيته إلى مَن لا يُقدرها، لينتهي المطاف بالمكان الذي كان شاهدا على إحياء الحفلات والليالي الساهرة في القرية إلى ملعب كرة، لم يعد فيه ما يمت بصلة لذكرى حليم سوى لافتة تحمل اسمه «مسرح عبد الحليم حافظ». انتقلت عدسة «التحرير» إلى المسرح عسى أن ترصد ولو ذكرى تمثل قيمة لكل من يهوى العندليب وتاريخه، لكن للأسف، فإن التاريخ بات وكأنه يُمحى بممحاة ترأسها القواعد وتمسك بها اللوائح والشعارات الرنانة للمسؤولين، بحسب مصطفى إبراهيم، أحد أهالي القرية، والذي أشار إلى أن الحفلات كانت تقام بصورة سنوية، إذ كان يُحضر زملاءه من الفنانين لإحياء الحفلات لأهالي قريته. إبراهيم أوضح ل«التحرير» أن الحفلات توقفت بوفاة العندليب، إذ بدأ كل شيء يذبل وكأن التاريخ يتم مسحه، حتى الاحتفالات التي كانت تقام سنويا لإحياء ذكرى رحيل «حليم» توقفت هي الأخرى، بينما تم ضم المسرح إلى مركز شباب القرية، قبل أن تمتد أيادٍ مقصرة في حق الفن إلى المسرح لتعبث به وتحيله إلى خلفية مرمى لملعب خماسي ضمن أنشطة الرياضة الجديدة بالنادي. الحال لم يكن مختلفا أو يلقى ردا يخفف من وطأة حديث الأهالي عن إهمال تاريخ «حليم» من ناحية المسؤولين عن المركز، الذين ما أن شاهدوا مراسلي «التحرير» يقومون بتصوير الجزء الباقي من أثر المسرح مُمثلا في لافتته، حتى علت أصواتهم: «إيه اللي بتعملوه دا»، قبل أن يتابع أحدهم حديثه لأحد المراسلين بأن المكان بات بمنزلة البيت الخاص، وأن من يدخل البيت عليه الاستئذان أولا، متناسيًا في ذلك أن مراكز الشباب بمختلف أنحاء الجمهورية ملكية عامة، يحكمها اتفاق غير معلن بأن تكون أماكن للتنفيس عن الشباب وإخراج طاقاتهم في الرياضة وغيرها من الألعاب المتاحة. تصريحات المسؤولين عن المركز لم تتوقف عند حد الرد بأسلوب يحمل ألفاظًا نابية، أقل ما يقال عنها إنها كانت بمنزلة الطرد لكل مَن يحاول الاقتراب أو التصوير. من جانبه، وفي أول تعليق على إزالة المسرح وما جرى له، قال وائل الألفي، وكيل وزارة الشباب والرياضة بمحافظة الشرقية، إن الأمر بمنزلة تطوير تمت دراسته بعناية من الجهات المختصة، منوهًا بأن المكان لم يعد ملكية خاصة، بل هو ملكية حكومية، وأن التطوير «مدروس» وتم وفقا للقواعد واللوائح المنظمة لذلك، على حد وصفه. وأشار الألفي ل«التحرير» إلى أن مديرية الشباب والرياضة تمد يد المساعدة والعون في أي حفل أو احتفالية من شأنها أن تخلد ذكرى «حليم»، موضحًا: «لو عاوزين حفلة بنوفر أي مكان في مركز شباب أو أي مكان تابع للمديرية»، في تصريح يتنافى مع ما حدث بالفعل من هدم ما تبقى داخل المركز من ذكرى لم يعد يتبقى منها شيء سوى لافتة بالكاد تظهر بين ثنايا الحديد المُغطي لسقف المركز، تحمل اسم صاحبه ومشيده، وكأنها تطل برأسها للسماء تدعو على من تسبب في الإهمال ولو بالخطأ. اقرأ أيضًا: وحيد ممدوح يعيد روح العندليب في جدة بأغنية «التوبة» (صور) عبد الحليم حافظ.. العندليب الذي قاد أمة بصوته