ماذا فعلت أسماء لكى تكون نهايتها هكذا؟ ماذا ارتكبت كى تقتل بتلك الطريقة الوحشية؟ ثم ماذا فعلت لكى يتم خنقها بإيشارب طوله متر ونصف ملفوف بقوة مفرطة حول رقبتها؟ ماذا جنت طالبة الأزهر لكى تفارق الحياة دون أن تخبرنا بوصية لها قطعاً حرمت منها؟ تفاصيل مثيرة ترويها «التحرير» عبر السطور المقبلة، بعد زيارة مسرح الحادث الذي شهد مقتل طالبة كلية التمريض بجامعة الأزهر، داخل مسكنها بالحى العاشر في مدينة نصر، على يد سائق توك توك. داخل العمارة 57 بمنطقة مساكن أطلس، انتقلت أسماء الرفاعي، الطالبة الأزهرية، للعيش مع مجموعة أخرى من زميلاتها المغتربات قبل نحو شهر فقط، أملاً أن تنهي دراستها الجامعية على خير، إذ لم تكن لتتحمل مشقة السفر يومياً من بلدتها بمركز دكرنس بالدقهلية إلى القاهرة مقر دراستها، وطوال الشهر لم يسمع لها صوت، حتى أطلقت آخر صرخة لها ووجهها ينظر بكل أسى وحزن ووجع للقاتل، الذي تسللت من عروقه أقل معاني الرحمة ليحل محلها الانتقام والإجرام. توصلت «التحرير» إلى شاهد رؤية اطلع على جثة المجني عليها، إذ يقول أحمد ممدوح، طالب في الفرقة الرابعة بكلية الآثار جامعة عين شمس، جار المجني عليها، إنه سمع صوت صراخ من الجيران، فظن أن حريقا قد نشب في إحدى الشقق، فهرول مسرعًا، ليجد الجارة المقيمة بالطابق الأرضي بالعقار، تصرخ فور رؤيتها شيئا ما داخل الطابق الرابع. يضيف أحمد، موضحا أنه أصيب بالهلع فور رؤيته جثة المجني عليه ملقاة في أرضية الشقة، مشيرا: «كانت لابسة هدومها وإيشارب طويل متر ونصف ملفوف حوالي متر منه على رقبة البنت المرمية على الأرض، ولقيت حاجات غريبة خارجة من فمها». وتابع: «المنظر كان فظيع، حسبنا الله ونعم الوكيل.. تأكدت إن القاتل كان داخل يسرق ولما خاف لحسن يتفضح أمره خلص على جارتنا المسكينة.. وكمان هو أكيد كان عارف إن مافيش حد في البيت لأن الوقت كان بدرى الساعة 10 تقريباً، كان فاكرهم في الجامعة بتاعتهم أو راحوا مشوار معين.. لكن الحظ السيئ إنها كانت لوحدها.. عشان تلاقي مصيرها المحتوم». التقطت مدام فاطمة إبراهيم، مدرسة وتسكن في العقار المقابل لشقة المجني عليها، أطراف الحديث، مشيرة إلى أن أسماء الرفاعي، جاءت للعيش برفقة بعض الطالبات المغتربات بالشقة التي شهدت الحادث منذ شهر تقريباً، وعقبت: «كانت في حالها ماحدش بيسمع صوتها، كانت ممكن تسلم على ولادي الصغيرين من وقت للتاني لما تشوفهم واقفين في البلكونة بالصدفة». وألمحت إلى أن الحادث وقع في التوقيت ما بين العاشرة إلى الحادية عشرة صباحاً، و«القاتل لما دخل العمارة كان متوقع إنه ماحدش هيكون صاحي من السكان في الوقت ده، لأن المنطقة عبارة عن بلوكات ومنطقة هادية الحركة فيها خفيفة». «بنفكر نجيب كاميرات مراقبة في الشارع بعد الحادثة البشعة دى»، تعلق فاطمة، المدرسة، مشيرة إلى أنه جرى اتفاق بينها وبين باقي السكان في الشارع لتركيب كاميرات تحميهم من جرائم السرقة وتساعد في كشف اللصوص وأرباب السوابق، خاصة مع انتشار بعض جامعي الخردة بالمنطقة. يعاود أحمد ممدوح حديثه قائلاً: «إخواتها جم من البلد ونقلوا الجثة مع الشرطة للمستشفى، لغاية ما طلع قرار من النيابة بدفنها.. والحكومة كانت مالية المنطقة كلها من يوم الحادثة لغاية ما عرفنا إن القاتل هو سواق توك توك وصلها قبل كده أكتر من مرة لمكان سكنها عشان كان عايز يسرقها». وتابع مشيرا إلى أن القاتل سرق هاتف الضحية غير أنه ولحظه العثر لم يتخلص من شريحة أسماء، لكى تكتب مباحث مدينة نصر نهاية الحادث البشع، وتتمكن من القبض عليه، ليعترف بالجريمة النكراء. تجدر الإشارة إلى أن الحادث لاقى اهتماماً كبيراً منذ وقوعه من جانب شيخ الأزهر ووزير الداخلية، الذي تابع سير فريق البحث الذي ترأسه العميد محمود هندي رئيس مباحث قطاع شرق القاهرة، حتى نجح رجال المباحث برئاسة المقدم خالد سيف، رئيس مباحث قسم شرطة مدينة نصر أول في الإيقاع بالمتهم، لتأمر النيابة العامة بحبسه على ذمة التحقيقات. وقالت مديرية أمن القاهرة في بيان لها، إن شرطة النجدة تلقت بلاغاً بالعثور على جثة فتاة داخل شقة بالحي العاشر، تبين أنها ل"أسماء رفاعي السعيد"، 21 سنة، طالبة بكلية التمريض جامعة الأزهر، وتعمل ممرضة بمركز طبي، وأصل بلدتها دكرنس بالدقهلية، مسجاة على ظهرها بأرضية صالة الشقة وترتدي ملابسها كاملة وبها إصابات عبارة عن (كدمات بالوجه وملفوف حول رقبتها قطعة من القماش)، وتبين كسر باب الشقة وبعثرة محتوياتها وسرقة الهاتف المحمول الخاص بالمجني عليها. وضعت مباحث القاهرة خطة بحث بمعاونة ضباط وحدة المساعدات الفنية، وأشارت التحريات إلى أن وراء ارتكاب الحادث "فرحان.ع"، 22 سنة، سائق، تم ضبطه في أحد الأكمنة وعثر بحوزته على الهاتف المحمول المستولى عليه، ومفك. أقر المتهم بأنه نظرا لعمله سائق دراجة بخارية "توك توك"، وقيامه بتوصيل المجني عليها وزملائها بالسكن عدة مرات، ولعلمه بعدم وجود أي منهم بالشقة إقامتهم خطط لسرقة محتوياتها، حيث قام بكسر باب الشقة باستخدام المفك المضبوط بحوزته وعقب دخوله الشقة فوجئ بوجود المجني عليها فاستغاثت بالجيران، ونظرًا لكونه معلوما لديها وخشية افتضاح أمره تعدى عليها بالضرب وخنقها باستخدام إيشارب كانت ترتديه، حتى تأكد من وفاتها، واستولى على الهاتف المحمول وفر هاربًا، قبل أن تأمر النيابة العامة بحبسه على ذمة التحقيقات.