«نزرع الأرض رز ولا نوفر الميه، إيه الأولى نشرب ولا ناكل رز؟» هذا الشعار استخدمته وزارة الموارد المائية والرى، في فيديو لتحذير المزارعين المخالفين لقرار الحكومة بزراعة الأرز خارج النطاق المسموح به، بإزالة زراعتهم وتغريمهم ماليًا، بعد أن قررت تخفيض مساحات الأرز المنزرعة من مليون و100 ألف فدان إلى 724 ألفا و200 فدان فى محافظات الوجه البحرى، وحظر زراعته بمحافظات الوجه القبلى، بالتعاون مع وزارة الزراعة. نقيب الفلاحين: قرار جائر «قرار جائر على الفلاح، ولا يراعي العدالة الاجتماعية، فهل ستخفضوا مساحات القصب والموز» هكذا وصف حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، قرار خفض مساحة الأراضي المنزرعة، موضحًا أنه سأل وزارة الزراعة عن سبب اتخاذ القرار، ولكنهم أكدوا أن وزارة الري هي من اتخذت القرار، وبسؤال مسئولي وزارة الري، قالوا إن القرار بسبب سد النهضة. وأكد نقيب الفلاحين أن هذا القرار لن يوفر المياه، فالأرز يحتاج 120 يوما فقط لحصاده، في الوقت الذي تحتاج المحاصيل الصيفية الأخرى وقتًا أطول للحصاد، بالإضافة إلى أن غالبية الأراضي تروي الأرز بمياه الصرف الزراعي، وليست مياه الشرب. وطالب أبو صدام، مسئولي وزارة الزراعة، بضرورة إعادة دراسة هذا القرار، من كافة جوانبه، وفي حالة الاستقرار على القرار، فمن الضروري توفير بدائل مناسبة للفلاح، وتوفير سبل إنجاحها. وعن البدائل لمحصول الأرز، قال نقيب الفلاحين، يعد القطن هو أبرز البدائل، ولكن هناك الكثير من المشاكل التي تواجه الفلاح، أهمها أن الربح في محصول القطن منخفض، فالفدان يتكلف قرابة 22 ألف جنيه، في الوقت الذي يعطي إنتاجية قرابة 10 قناطير، أي نحو 30 ألفا، أي أن ربح الفلاح في الفدان بالكامل لا يتجاوز 8 آلاف جنيه في أربعة أشهر. وهناك أيضًا الذرة ولكنها لا تعطي إنتاجية كبيرة في الأراضي ذات الملوحة العالية، والتي يتم زراعة الأرز بها، مشيرًا إلى أن الخضراوات تزرع أيضًا في نفس الفترة. ولكن حسين أبو صدام، قال إن الفلاح لن يغامر بزراعة محاصيل جديدة، إلا إذا توافر إرشاد زراعي جيد، يشرح له الطرق المثلى في زراعة محاصيل جديدة عليه، وأفضل الأنواع، وقطعًا هذا لن يحدث، نظرًا لكون أصغر مرشد زراعي بالوزارة عمره يتجاوز ال56 سنة، وعددهم قليل جدًا. وأضاف أبو صدام أن غالبية الفلاحين التي لا تصلح أراضيهم سوى لزراعة الأرز، سيزرعون أرزًا رغم فرض الغرامة، ولكن كل ما أخشاه أن تنفذ الدولة تهديداتها بإزالة المحصول وليس الغرامة فقط، وهذا ما سمعته من عدد من المسئولين. واختتم نقيب الفلاحين، حديثه قائلاً: «الزراعة هي أمل مصر، لازم الدولة تتعامل معاها بتخطيط ودراسة أحسن من كده، ومينفعش عشان نستصلح مليون فدان، نبوّر مليون زيهم». أين البديل؟ «أين البديل الذي يحقق نسبة ربح مماثلة للأرز، وهل أنتم وفرتم مستلزمات الإنتاج للمحاصيل البديلة» هذا التساؤل، وجهه رائف تمراز، وكيل لجنة الزراعة والرى بمجلس النواب، للحكومة ممثلة في وزارة الزراعة، مؤكدًا أن من يتحدثون عن محصول القطن، فهل حددتم للفلاحين أسعار مناسبة للطن يحقق لهم ربحا جيدا؟ فالسعر الذي حددته الحكومة -سعر القنطار 2400 جنيه-، فهو غير كافٍ بالمرة، ويحقق خسائر للفلاح، والسعر العادل هو 3500 جنيه. وأضاف وكيل لجنة الزراعة والرى بمجلس النواب: «وهل وفرتم لهم ماكينات جني القطن؟، فالجميع يعلم أن مشكلة القطن في عملية جنيه، أم ستتركونهم يواجهوون مصائرهم بمفردهم». وأشار رائف تمراز، إلى ضرورة توفير سلف زراعية بدون فائدة بنكية، وشراء ماكينات جني القطن، وغير ذلك ستحدث مشكلة للفلاحين، وبدورنا الرقابي لن نقف مكتوفي الأيدي. أكد هشام الحصري، وكيل لجنة الزراعة والرى بمجلس النواب، أنه من الوارد أن يتم إزالة محصول الأرز في الأراض المخالفة لقرار وزارتي الزراعة والري، وعدم الاكتفاء بالغرامة المالية المقدرة ب3660 جنيها للفدان الواحد، التي قد يتم رفعها خلال الفترة المقبلة. أزمة لن يحلها سوى الاستيراد قال رجب شحاتة، رئيس غرفة صناعة الحبوب باتحاد الصناعات، ورئيس شعبة الأرز، إنه رغم أن ما لدينا من الأرز يكفينا حتى نهاية العام الجاري، فإنه إذا تم تنفيذ هذا القرار بحذافيره، قد يتسبب في حدوث أزمة، لن يحلها سوى الاستيراد من الخارج، وقطعًا ستشهد أسعار الأرز ارتفاعًا ملحوظًا، وهو ما سيقابله انخفاض شديد في استهلاك المواطنين، واللجوء لسلع بديلة أسعارها منخفضة. وأضاف رئيس شعبة الأرز أنه في حالة عدم التزام الفلاحين بالقرار، وزيادة المساحة المنزرعة، لن تكون هناك مشكلة في تغطية الاستهلاك المحلي البالغ 3.3 مليون طن، فالوزارة تعلم جيدًا أنه سيكون هناك مخالفون للقرار، حيث تصل إجمالي المساحة إلى نحو مليون ونصف المليون فدان، وفي هذه الحالة لن نجد أي مشكلة. أكد مصطفى النجاري، رئيس شعبة الأرز في المجلس التصديري للحاصلات الزراعية، أن هذا القرار سيؤثر على أسعار الأرز والكميات المتوفرة منه، مشيرًا إلى توقعه فتح نقاش حول زيادة تلك المساحة المنزرعة، وإلا سيلجأ الفلاحون لمخالفة القرار، أو توجيههم لزراعات صيفية بديلة بشرط أن تحقق لهم ربحا مناسبا. وأضاف النجاري أن استهلاك الفرد من الأرز في مصر انخفض من 40 كيلو، إلى 30 كيلو سنويًا، بسبب ارتفاع سعر الكيلو، مشيرًا إلى أن الأسعار مستقرة حاليًا في الأسواق، وتتراوح ما بين 7 جنيهات ونصف الجنيه و10 جنيهات ونصف، لافتًا إلى عدم وجود أي ارتفاعات في الأسعار لوجود السلع في السوق بوفرة. الأرز أكثر ربحية للفلاح.. ولكن أكد الدكتور نور عبدالمنعم نور خبير المياه، أن السبب الرئيسي في اتخاذ هذا القرار هو العجز المائي الذي تعاني منه مصر، فدان الأرز يستهلك ألف متر مكعب مياه، وتخفيض 350 ألف فدان، أي توفير 3.5 مليار متر مكعب، وهي ما تكفي لزراعة مليون فدان حبوب وخضراوات. وأشار عبدالمنعم، إلى أن حصتنا من المياه 55 مليار متر مكعب، في الوقت الذي تبلغ احتياجاتنا من المياه نحو 76.5 مليار متر، أي أن هناك عجزا 21 مليار متر، فنأتي بهم من إعادة استخدام مياه الصرف الزراعي والصناعي، والمياه الجوفية، وأصبح متوسط نصيب الفرد من المياه 550 متر مكعب مياه سنويًا، أي أننا تحت خط الفقر المائي، دون النظر للتوسعات العمرانية والزراعية الجديدة. وتابع: «لذا كان لابد من وضع مخطط مائي حتى 2050، يعتمد على ترشيد استخدامات المياه، عبر تقليل المحاصيل الزراعية ذات الاستهلاك الشره للمياه». وأضاف أنه بالرغم من أن محصول الأرز مربح للفلاح، أكثر من الذرة والغلال والبطاطا والخضروات، لكننا مضطرون ولا بديل عن تقليل المساحات المنزرعة، موضحًا أن المساحة التي تم إقرارها -724 ألف فدان- تنتج من 3 ملايين إلى 3.5 مليون طن أرز. أما سعد نصار، محافظ الفيوم الأسبق ومستشار وزير الزراعة الأسبق، فأوضح أن هذا القرار جاء بسبب ندرة المياه التي نعاني منها، وتم الاستقرار على زراعة الأرز في الأراض التي يجب أن يُزرع بها الأرز فقط -شديدة الملوحة- لغسيل التربة، في وسط وشمال الدلتا. وأشار نصار إلى أن هذه المساحة من الممكن أن تكفي الاستهلاك المحلي بالكاد، ولكن لن يكون هناك تصدير للأرز، مضيفًا أن وزارة الري مصممة على تحصيل الغرامات من المخالفين.